مراجعات

محمد حسني

أنتيجون لا تنحنِ.. لا تكن "سوپر مهاجر"

2021.04.01

أنتيجون لا تنحنِ.. لا تكن "سوپر مهاجر"

في مهرجان تورنتو عُرض الفيلم الكندي أنتيجون Antigone للمخرجة صوفي ديراسبي Sophie Deraspe، الفيلم مستوحى من حادثة وقعت في ٢٠٠٨، وقد استلهمت المخرجة الإطار الدرامي من مسرحية "أنتيجون" لـسوڤوكليس .

تعيش أنتيجون Antigone (نعيمة ريتشي) من عائلة هيبونوميس Hipponomes في إقليم كيبك Québec بكندا، مع أختها أسيمين Ismène (نور بلخيرية)، وأخويها إيتوكيليس Étéocle (رواد الزين) وبولينيس Polynice (حكيم الإبراهيمي)، تحت رعاية جدتهم مينيس (رشيدة أسعدة). يتضح من رواية أنتيجون في عرضها قصتها في المدرسة أنهم عائلة من اللاجئين، أتت هربًا من الجزائر، بعد أن تعرض والداهم للقتل على يد الجماعات المسلحة بمنطقة القبائل.

بينما يتضح أنها مندمجة في مدرستها وتخطو نحو مستقبل واعد، بشكل أفضل من جميع أسرتها، فالجدة ربة منزل، والأخت تعمل في محل تجميل للسيدات، في حين الأخ الأكبر إيتوكيليس لاعب كرة، أما الأخير بولينيس، فعاطل متسكع، ونعرف أنه رهن الإفراج المشروط ومثار قلق للأسرة.

في أحد الأيام يلهو الفَتَيان مع أقرانهما في الجوار، فتهاجمهم الشرطة فور أن تلمحهم، وتطرح مونوبيليس أرضا وتكبله، وما إن يقترب الأخ الأكبر إيتوكيليس منهم يطلقون النار عليه فيسقط قتيلاً.

تداهم الأسرة صدمتان؛ الأولى بمقتل الأخ الأكبر، والثانية باعتقال الأخ الثاني، تمهيدًا لترحيله. وتقرر أنتيجون أن تخاطر؛ تستغل درجة الشبه بينها وبين أخيها، فتقص شعرها وترتب أن تتبادل معه المكان وتساعده على الهرب، بينما تنتظره ¬الأخت الثانية أسيمين لتساعده في استقلال حافلة متجهة نحو الحدود الأمريكية.

المحاكمة

يكتشف أمر أنتيجون وتُحاكم، ولكونها قاصر، كانت تنتظر إيداع في الإصلاحية. خلال التحقيق معها يضغط عليها ضابط الشرطة، يقدم لها ملف تحريات زاعمًا أن أخيها الهارب موزع مخدرات لصالح عصابة "حبيبي"، وأنه تسبب في موت حدث بجرعة كوكايين.

يزيد من ضغطه زاعمًا أنه حتى الأخ القتيل كان عضوًا في عصابة "حبيبي"، ولم يذكر دليلاً سوى أن القتيل كان يكسب مالاً يدفع منه إيجار المنزل. وتصر على عدم الاستعانة بمحامٍ وعلى الاعتراف. يحضر الجلسة عدد من زملائها ويخلون بالنظام بحركات صبيانية. وتودع أنتيجون في دار للرعاية، كما يقبض على الجدة مينيس. وفقًا للقانون يُفوَّض محام للدفاع عن أنتيجون، والذي ينبهها أنها تواجه مشكلة حقيقية وأنه حتى بعد الإفراج عنها سوف تظل عالقة وتواجه مضايقات وتُحرم من مميزات كثيرة في التعليم والعمل. نكتشف أن أنتيجون ربما لم تفكر في إجراءات الحصول على الجنسية وأن الأسرة بأكملها في وضع "مقيمين دائمين".

في جلسة النطق بالحكم، وبعد التوصل إلى إصدار حكم مخفف مع إيقاف التنفيذ، يدخل ضابط الشرطة مفاجئًا الجميع بالأخ الهارب، لتنهار أنتيجون. وتصرخ في المحكمة منددة بالدولة والمحكمة وقوانين الهجرة والجنسية. يحاول والد هيمون، كريستيا -وهو سياسي محلي- أن يقدم مساعدة بقبول الوصاية على أنتيجون ورعايتها ماديًّا وقانونيًّا حتى تنهي دراستها، إذ قررت الجدة المغادرة مع بولينيس. تقرر أنتيجون أن ترحل معهما، بينما ترفض أسيمين وتواجهها بأنها تريد حياة عادية "أن تستقر وتحصل على قرض لتفتح محل تجميل خاص بها وتتزوج من رجل محترم وتُكَوِّن أسرة".

ينتهي الفيلم بمشهد الترحيل بالمطار، بينما تسترجع أنتيجون مشهد مجيئهم وكأنها تراه بعينها بالفعل.

عُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي لعام ٢٠١٩ وفاز بجائزة المهرجان لأفضل فيلم كندي. وفي ٢٠٢٠ حصد الفيلم خمس جوائز محلية. وحسب موقع Rotten Tomatoes حصل الفيلم على تقييم ٩٢٪. لقي الفيلم احتفاءً من النقاد والمحللين، فقد وُصف بأنه "مفجع" وأنه "نقد حاد لاختلال توازن القوى بين المواطنين والمهاجرين" .

قضية فريدي ڤيلانوڤا

في ٩/٨ /٢٠٠٨ تعرض فريدي ألبرتو ڤيلانوڤا Fredy Alberto Villanueva للقتل برصاص شرطة مونتريال وأصيب آخران. أشعل موت ڤيلانوڤا (١٨ سنة)، احتجاجات في مونتريال.

فريدي ڤيلانوڤا من أسرة لاجئين مهاجرة من هندوراس، بعد تعرض والده لمحاولتي قتل.

كان الأخوان فريدي وداني برفقة ثلاثة آخرين يلعبون النرد في الحديقة، اشتبه رجال الشرطة في أن بعضهم أعضاء في عصابة الشوارع Bloods. حدثت مشادة وخلال محاولة الشرطي تكبيل داني، تحرك الآخرون لنجدته، فأطلق الشرطي النار عليهم ليسقط فريدي ويموت في المستشفى بعد ساعتين تقريبًا. وخرج بيان الشرطة ليدين الشباب .

واندلعت الاحتجاجات في شوارع مونتريال، وأدت إلى حوادث حرق ووقوع إصابات خلال المصادمات مع قوات مكافحة الشغب. اعتُقل ٧١ شخص، ولم توجه اتهامات للضابطين المتورطين في الواقعة، بينما لاحقت شرطة الهجرة داني ڤيلانوڤا، وهددته بالترحيل. أُغلقت المحكمة الدعوى التي رفعتها أسرة ڤيلانوڤا وأسر بقية الضحايا، بعد ٧ سنوات من تداولها، دون جدوى.

وقد ذكرت المخرجة في حوار صحفي أثر الحادث عليها، كما أنها في تصويرها لردود الفعل على قضية أنتيجون، وضعت مقاطع تُذكِّر بقضية ڤيلانوڤا.

مسرحية سوفوكليس:

تبدأ مسرحية "أنتيجون" لـسوفوكليس في أعقاب موت أوديب، الذي ترك وراءه أربعة أبناء: إيتوكيليس، بولينيس، أنتيجون، أسيمين. يتصارع الشقيقان على الحكم، ويجران البلاد لصراع أهلي، حتى يلقيا مصرعهما. يصعد الخال كريون للحكم ويقرر أن أحد الأخوين إيتوكيليس يستحق التشريف بعد موته، بينما الآخر بولينيس سيحرم الدفن، وسيُترك جثمانه تنهشه الجوارح، وهو يمثل إسقاطًا لِحَق المواطنة عنه حسب الأعراف الإغريقية.

تأبى أنتيجون أن يكون ذلك مصير أخيها، وتحاول التحايل من أجل دفنه، تكرر المحاولة مرتين، وتساعدها أسيمين على مضض. يلقى القبض عليها وتُقدَّم للمحاكمة. يُمثل كريون سلطة الدولة والقانون، بينما تتمسك أنتيجون بالحق الإنساني لأخيها في الدفن بكرامة. يطالب كريون بطاعة القانون قبل كل شيء، سواء أكان صوابًا أم خطأ. يقول إنه "لا يوجد أسوأ من عصيان السلطة".

حظيت مسرحية أنتيجون لـسوفوكليس بعشرات المعالجات الحديثة. كما أنها استخدمت للإسقاط على الواقع المعاصر في نقد الفاشية والنُظُم القمعية. بينما اعتبر بعض النقاد أنها على الرغم من قوتها، فإن إسقاط القصة القديمة على الواقع الحالي في كيبيك، لم يكن متسقًا بما يكفي.

في حوار لصحيفة seventh-row، مع المخرجة صوفي ديراسبي، قالت إنها وقعت بالفعل في حب الشخصية، بذكائها وكرامتها، على الرغم من وقوفها ضد القانون، لأنها اعتقدت أنه الصواب. وفي مرحلة لاحقة تابعت حادثة ڤيلانوڤا بتفاصيلها التي سبق تناولها، وهالتها التصريحات العنصرية على الحادث.

انطلقت ديراسبي من قصة أسرة، للكشف عن أجندة ضخمة من الفقر وعدم المساواة في الفرص والعنصرية إلى الألوان الحقيقية لمجتمع يبدو أنه يهيئ المهاجرين للفشل ثم يعاقبهم عندما يحدث ذلك. وهو في أقصى الأحوال لا يراهم، وذلك ما عبر عنه مشهد الطبيبة النفسية التي ترتدي نظارة شمسية سوداء ضخمة على الرغم من أن المحادثة تجري في غرفة. حتى تخلعهم أخيرًا ويتضح أنها، في الواقع، كفيفة.

انعكس عمل المخرجة كمصورة على الجانب البصري، إذ تقول إنها أرادت الفيلم شابًا ملونًا صارخًا، في مقابل الألوان الحيادية في المحكمة ومؤسسة الرعاية، ثم تعود الألوان مع احتجاجات الشباب. حين يعبر أصدقاء إتيوكليس عن حزنهم على مقتله تدور في الخلفية أغنية عن عنف الشرطة ضد الرجال السود بقلم "نيت هوسر" فنان الهيب هوب أفريقي الأصل في مونتريال.

ويمتدح الناقد الكندي بيتر هويل، قدرة المخرجة على المزج بين الهيب هوب واللافتات، ومقاطع من مواقع التواصل الاجتماعي دون إرباك لحواس المشاهد.

ذكرت ديراسبي أنها رغبت في أن تكون أنتيجون بطلة أسطورية، وأرادت أيضًا أن يتواصل معها الجمهور كإنسانة عادية وأن يتناسوا اسمها الإغريقي.. "لستَ مضطرًا لقراءة المسرحية قبل مشاهدة الفيلم. إذا قمت بذلك، فستحصل على طبقة أخرى، ولكن إذا لم تفعل ذلك، فستظل قائمة بذاتها. لكنك على حق. احتفظت بالأسماء الإغريقية لأنني لم أرغب في فقد الارتباط مع سوفوكليس" .

في السنوات الأخيرة، ظهر اهتمام خاص بأفلام تتناول قضايا المهاجرين. في نهاية ٢٠١٨، انعقدت الدورة الثالثة لمهرجان الهجرة الدولي بعنوان "الوعي وتحدي الهجرة، والمساهمات الإيجابية التي يقدمها المهاجرون لمجتمعاتهم"، إذ نظمت المنظمة الدولية للهجرة عروض متزامنة في أكثر من ١٠٠ دولة. كما أطلقت وزارة الثقافة الإيطالية مسابقة تهدف لنشر الوعي بقضايا الهجرة، شارك فيها ٢٣ مشروعًا سينمائيًّا. وشهد مهرجان برلين السينمائي في العام نفسه مشاركة بارزة لقضايا اللاجئين. تزامن عرض الأفلام مع دعوات من أحزاب يمينية ألمانية، في مقدمتها حزب "البديل" لطرد اللاجئين من ألمانيا، وبخاصة في مشاورات تشكيل الائتلاف الألماني الحاكم.

ومن بين الكثير من الأفلام التي تناولت قضايا الهجرة، تميز الفيلم بموقف البطلة والذي يظهر مقارنة بأعمال أخرى، اخترت منها فيلمي "المواطن" و"اسمي خان".

"المواطن Citizen"

البطل إبراهيم جراح، (خالد النبوي)، مواطن لبناني منكود، هرب في صباه من الحرب الأهلية إلى سوريا، ومن ضيق العيش إلى الكويت، ليدمر الغزو العراقي طموحاته. بعد سنوات من السعي للحصول على الـ Green Cadr يصبح أخيرًا على أعتاب "الحلم الأمريكي". يتضح كل ذلك من التحقيق الفوري الذي يجريه معه ضابط الهجرة بالمطار، والذي يحرص على التأكد من أن له قريبًا بالبلاد.

بالمصادفة يتعذر لقاؤه بابن عمه، فيخطو خطواته الأولى وحيدًا، ربما لا يصحبه سوى "حظه العاثر" ففي اليوم التالي تقع أحداث ١١سبتمبر، التي يحول أن يواجهها بتفاؤل غير مبرر، يظهر في حوار مع مهاجر هندي يتصادف دخوله إلى محلّه في حين يتعرض للاعتداء من أمريكيين ساخطين.

ثم يصادف عملية اعتداء عنصرية من جانب مجموعة من البِيض المتطرفين ضد شخص يهودي وخطيبته، وعندما يتدخل يتعرض للطعن، ويفيق في المستشفى بجوار ذلك الشخص. وكنوع من الاعتراف بالجميل يوفر له والد الضحية عملاً في شركة سيارات. وحين يشعر إبراهيم أن "أخرة صبره خير" يفاجأ باستدعاء جديد وأمر بالمغادرة. وفي المحاكمة، يوجه له محامي الادعاء سيل من الأسئلة والاتهامات، ويقف بأنف مرفوع وفم ممتعض ليعلن أن إبراهيم (وأمثاله) خطرٌ على الوطن والمواطنين. بمساعدة محام متطوع، وعدد من المتضامنين، يحتشد لإبراهيم الدعم الجماهيري، ومن بينهم كل من أسدى لهم معروفًا بشهامته: صديقته، والمشرد، والشاب اليهودي. في النهاية يصدر حكم المحكمة بأنه "لا يمثل خطرًا على الولايات المتحدة الأمريكية".

اسمي خان:

يعاني رضوان خان (شاروخان) من متلازمة إسبرجر، يسافر إلى شقيقه بالولايات المتحدة، ومن اللقطة الأولى في الفيلم يواجه في المطار معاملة قاسية ومهينة بسبب أصله وديانته، والسخرية بسبب حالته، مع أنه لم يرتكب أية مخالفة. يركز الجزء التالي من الفيلم على الحالة الإنسانية ومحاولته التواؤم مع الحياة في المجتمع الأمريكي، ويتعرف بمهاجرة هندية، مطَلقة ولديها ولد، يحبها خان ويتزوجها، وببساطته وتلقائيته يحبه كل من حوله، وبشكل خاص سمير ابن زوجته، الذي يفرح بأن اسمه سيصبح "سمير خان".

يحدث التحول الدرامي، كالفيلم السابق، بأحداث ١١سبتمبر، وبشكل متسارع تتوالى الأحداث، بعدما يسقط جارهم، والد صديق سمير، في أفغانستان، وما تتعرض له أسرة خان من رفض خلال جنازته. وفي غمرة صدمتها تعتبر الأم (مانديرا) أن السبب هو اعتقاد الطلاب أن سمير مسلم بسبب حمله لقب "خان"، تصرخ في زوجها "رضوان خان" وتطلب منه الخروج من حياتها، يحاول خان استعطافها، بأنه لا ذنب له، فتطلب منه بانفعال أن يقول ذلك لكل مواطن في الولاية، بل ولكل مواطن في أمريكا، وحتى للرئيس الأمريكي، قل له "سيدي الرئيس، اسمي خان، وأنا لست إرهابيًّا".

رضوان خان، شخص شديد الذكاء، لكنه من الناحية الاجتماعية يعاني من مشكلات في التواصُل، يميل للبساطة والمباشرة، إنه لا يستطيع التفاعل إلا مع التعبير الواضح، وهو بالنسبة للآخرين صادق بشكل صادم. لذا يعتقد أن ما قالته مانديرا شرطًا لرجوعه، هو شرط حقيقي، ومن هنا يبدأ مشوار شاق عبر الولايات المتحدة ليقابل الرئيس چورچ و. بوش. ولا عون له في طريقه الشاق سوى قدراته غير العادية، حيث يقف على الطرق رفعا لافته "أُصلح أي شيء"، وبعد محاولات مضنية يقف بين المحتشدين في انتظار الرئيس بوش، ويصيح "سيدي الرئيس، اسمي خان، وأنا لست إرهابيا". لكن الآذان المحيطة لا تلتقط، وربما لا تريد إلا أن تلتقط كلمة "إرهابي"، فيتعرض للاعتقال والتعنيف، وفي الخارج يتبنى صحفيان حملة لنجدته، فما إن يخرج من سجنه، حتى يستأنف بآلية شديدة مشواره لمقابلة الرئيس. وينجح في الوصول للرئيس "الجديد" باراك أوباما ليقول له "سيدي الرئيس، اسمي خان، وأنا لست إرهابيًّا".

"الجوقة"

في الأفلام السابقة، وفي أفلام أخرى عن المهاجرين، نجد أن هناك متضامنين معهم، بشكل فردي، مثل أفلام: الزائر، السيد لزهار، سامبا... أو بشكل جماعي، مثل الأفلام المذكورة في المقال، وغيرها. والمتضامنون دائمًا من أصول مختلفة، آسيوية وأفريقية ومن أمريكا الجنوبية وأوروبا، لاجئون ومهاجرون، ومقيمون مؤقتون.. وأيضًا مواطنون، يشكل هؤلاء "جوقة" فاعلة إن استعرنا المصطلحات المسرحية من تجربة "أنتيجون". إن ما يقوم به هؤلاء شديد الصدق والأصالة، لا شائبة فيه، لكن كل السياقات الدرامية توقفه عند حد مقاعد المشجعين. والمؤسسة تظهر في الأغلب كمنفذة للقانون، وربما ما تعيبه عليها معظم المعالجات، هو المبالغة في التمسك باللوائح، أو الجمود في تطبيقها.

المحكمة والمهاجر المتهم

ثيمة المحاكمة ثيمة مشتركة ليس فقط في الأعمال السابقة، بل وفي عدد كبير من الأفلام التي تتناول اللجوء، المهاجر دائمًا متهم سواء أمام المحاكمة التقليدي، أو في صورة استجوابات أمام هيئة سلطوية.

في فيلم " The Terminalالمحطة" يواجه المواطن الأجنبي ڤيكتور ناڤورسكي (توم هانكس)، تحقيقات متواصلة من جانب ضابط أمن المطار وملاحقة لأيام طويلة في نطاق لا يتعدى صالة الانتظار، لا يتربص به للوقوع في خطأ بل أنه يدبر عمدا لإيقاعه في ذلك، وبطل الفيلم ليس عربيًّا ولا مسلمًا، بل لمجرد إنه أجنبي. الفيلم مقتبس عن قصة مهران كريمي ناصري وهو مسافر إيراني عاش ثمانية عشر عامًا في صالة مطار شارل ديجول.

"أنتيجون"، الذي بدأنا به ونعود إليه، هو واحد من أفلام كثيرة دارت حول قضايا المهاجرين، ولكن ربما ما يجعله متفردًا أكثر، هو نهايته، وبغض النظر عن التماثل مع النص الكلاسيكي، فإن موقف البطلة، وأقصد هنا الإنسانة المهاجرة، اختلف عن أغلب الأفلام؛ فمن بين ملايين المهاجرين يعيشون على الأعتاب في حذر وخوف دائمين، وملايين آخرين يقفون خلف الأبواب يطرقونها في باستجداء، يظهر أن هناك من هو على استعداد لأن يخرج بل وأن يصفق الباب وراءه.