دراسات

سنية البهات

التباسات الكتابة حول حركة تحرير المرأة المصرية إبان ثورة 1919

2019.06.30

مصدر الصورة : ويكيبيديا

التباسات الكتابة حول حركة  تحرير المرأة المصرية إبان ثورة 1919

اقترنت كتابات المؤرخين حول ثورة 1919 بالحديث عن فجر الحركة النسائية، وما منحته الثورة للمرأة المصرية من حقوق، وبزوغ فجر المرأة الجديدة الذي حمل معه أسماء شهيرة في تاريخ الحركة حتى يومنا هذا، أمثال هدى شعراوي، وصفية زغلول، وغيرهما، غير أنه في تاريخ الحركة النسائية وتاريخ ثورة 19 نفسها، مناطق بحث عدة لم يتم الخوض فيها، وتفاصيل لم يتوافر لدى الباحثين والكتاب والمؤرخين، ما يدعمها أو ينفيها، شأنها في ذلك شأن الأحداث الكبرى في تاريخ مصر، إذ اعتمدت غالبية الكتابات على عدد من المصادر، نقل عنها الجميع، أهمها: كتابات عبد الرحمن الرافعي الذي كان عضوًا في الجهاز السري لثورة 19، مذكرات سعد زغلول وقادة الثورة، مذكرات المعاصرين للثورة والمشاركين بها، منهم هدى شعراوي، ومصطفى أمين.

الأمر الذي يجعل الكتابة عن ثورة 19 وما أضافته إلى حركة تحرير المرأة، أو بزوغ فجر المرأة الجديدة كما يطلق عليه بعض الكتاب والمؤرخين، محملًا بالتساؤلات أكثر من تقديمه لإجابات شافية بشأن ما قدمته الثورة لنساء مصر وحركتهن ومنها على سبيل المثال:

هل كانت مشاركة المرأة في ثورة 19 عملًا استثنائيًّا أم متوقعًا؟!

هل يمكن اعتبار هذه المشاركة أحد تجليات التطور الفكري وتغير المناخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي السابق على لحظة تفجر ثورة 19، وكانت الثورة مجرد ظرف تاريخي ملائم، أو لحظة كاشفة للتعبير عن هذا التطور الكامن، لما سيعرف فيما بعد بالمرأة الجديدة؟

هل الثورة وهي تحمل رمزية الرفض للاحتلال جسدت معها بالقدر نفسه رمزية الرفض للصورة السائدة النمطية عن عزلة المرأة ودورها الباهت في المجتمع الشرقي وأن ثقافة وتكوين المرأة المصرية آن أن يكون لها دور مختلف مقارنة بمثلاتها في العالم؟

هل كانت المرأة المصرية بالنسبة لثورة 19، شأنها في ذلك شأن ما تلاها من ثورات، مجرد جيش احتياط يلجأ إليه صانعو التاريخ ويتركونه وقت انتهاء دوره أو مهمته؟

جميعها تساؤلات مشروعة، أو فلنقل فرضيات يمكن للباحث إثباتها أو نفيها، لكنها في كلتا الحالتين ستقدم لنا تفاصيل ظلت متناثرة لا يربط بينها رابط، وتكشف عن جانب من المشهد الكلي لثورة 19 والتاريخ السابق عليها وعلاقته بتحرير المرأة المصرية.

ولأن الحركة النسائية في مصر شأنها شأن حركات المرأة في العالم أجمع، كانت ولا تزال، مكونًا رئيسيًّا في كل مشروعات التمدين والتحديث -إذ تشير القراءات التاريخية إلى ارتباط الحركة النسائية بجميع مشروعات التمدين والتحديث منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم- فإن من الصعوبة بمكان تناول ثورة 19 ودور المرأة فيها، بمعزل عن السياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي في مرحلة ما قبل الثورة والذي صاحب مشروع بناء مصر الحديثة منذ القرن 19 وبعيدًا أيضًا عن البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المساهمة في تشكيل وعي زعماء ثورة 19 وعلى رأسهم سعد زغلول زعيم الثورة ومن سبقه من الإصلاحيين ورموز الحركة من النساء.

تقول نوال السعداوي «ارتبطت حركات الإصلاح النسوية في مصر بالمحاولات التي قام بها المتعاقبون لتحديث بنى البلاد التعليمية والثقافية والإدارية، كذلك بنمو الوطنية ومناهضة الإمبريالية في ظل الاحتلال البريطاني، في فترة ما بعد عام 1882، وعلى خلفية الأحداث التاريخية هذه ينبغي تقييم الثقافات المبكرة التي جرت بشأن حقوق المرأة وظهور الإصلاحيين الذكور الذين ناصروا تلك الحقوق ودور النساء اللواتي كن رائدات أفكار المساواة بين المرأة والرجل».

وفي عام 1832 أنشأ محمد على مدرسة تدرس فيها الفتيات ليصبحن قابلات وكانت البعثات التبشيرية نشطة، فافتتحت مدارس مثل مدرسة سيدة المحبة عام 1846، تلتها مدرسة بعثة تبشيرية أمريكية للبنات عام 1859، وكان تعليم النساء في تلك الفترة جزءًا يرتبط بشكل وثيق بمشروع محمد علي في إنشاء دولة حديثة يكون هو على رأسها بعيدًا عن الإمبراطورية العثمانية، ثم تابع الخديو إسماعيل سياسات سلفه التعليمية مع تحقيق بعض النتائج المفيدة للنساء، إذ افتتحت زوجته الثالثة «جشم عفت خانوم» مدرسة السيوفية للبنات في عام 1873، والتي سرعان ما ضمت 400 تلميذة، وقدمت دروسًا في علم الحساب والجغرافيا والدين، إضافة إلى التطريز والمهارات المنزلية، وافتتحت الحكومة مدرسة أخرى مشابهة عام 1875، قدمت للفتيات تعليمًا ابتدائيًّا على النمط الغربي، لكن الغرض من التعليم النسائي اقتصر على إعداد الفتيات ليكن أمهات مؤهلات وزوجات صالحات، وكانت بنات العائلات البرجوازية الحضارية هن المستفيدات بالدرجة الأولى. 

في فترة ما بعد 1882 وفي إطار ارتباط حركات الإصلاح النسوية بمحاولات التحديث أصبح تعليم النساء قضية مهمة في تلك المرحلة، إذ تعلمت بنات العائلات الغنية في المنازل وتمكنت بنات العائلات الفقيرة من دخول الكتَّاب.

ثم شهدت العقود الأخيرة من القرن 19 وهي فترة هيمنة الإمبريالية العدوانية المنافسة، إعادة إرساء السيطرة البريطانية على مصر، وفي سبعينيات القرن التاسع عشر، أفضت المشكلات المالية لحكومة الخديو إسماعيل إلى تغييرات سياسية عدة، وخلقت التطورات الاقتصادية في تلك الفترة، طبقة وسطى حضارية متأثرة بالفكر السياسي الأوروبي، أصبحت هذه الطبقة أساس حركة وطنية شعبية، إذ أوصل عدم الرضا عن حكم الخديو والاستياء من السيطرة الأجنبية الأمور إلى ذروتها، ما أسفر عن الثورة التي قادها عرابي باشا عام 1882.

وتكشف درية شفيق في كتابها «المرأة المصرية»، الدور الخفي الذي لعبته النساء، والذي أغفله المؤرخون، ولم يتناولوه بالقدر الذي يستحق، كما حدث مع ثورة 19 فيما بعد، وحول هذا الدور كتبت درية شفيق في كتابها «ظهرت جماعتان ثوريتان سريتان، (جمعية حلوان) و(جمعية مصر الفتاة)، كانت الأولى قد وزعت بيانًا في نوفمبر 1879 ضد طغيان رئيس الحكومة وقتذاك مصطفى رياض باشا، وبلغ عدد النسخ التي وزعت منه عشرين ألف نسخة وهو عدد كبير بمقاييس ذلك الوقت، دون أن تتمكن الحكومة من ضبط أحد موزعيه، لأن من كان له الفضل في توزيعه، سيدتان، الأولى هي زوجة إسماعيل راغب باشا، وهو سياسي معروف تولى فيما بعد منصب رئيس الوزراء، وزوجة شاهين باشا كنج، الذي كان يعمل مفتشًا على الأقاليم حينذاك، ومن خلالهما جُنِّد عدد من النساء لمهمة التوزيع، وفي ذلك الوقت كان من الصعب الشك في أن تقوم النساء بهذا، ولا يجرؤ أحد على تفتيشهن. أما حركة (مصر الفتاة) بالإسكندرية فقد تولت مهمة نقل الأنباء». وتضيف شفيق «إن المرأة المصرية ظهرت في وقت الخطر، عندما بدأت البوارج البريطانية تطلق مدافعها باتجاه مدينة الإسكندرية، وعندما ظهرت النساء وأبدين حماسة لفتت الأنظار نالت منهن مدافع المستعمر وسقطن شهيدات».

على الرغم من أن النزعة الوطنية نمت في مصر في أواخر القرن التاسع عشر، فإنها لم تتخذ أي شكل راديكالي، بل عملت ضمن إطار البنى القائمة، فظهر العديد من الإصلاحيين والقوميين المعتدلين على الساحة، كان منهم مصطفى كامل (1874-1908)، الذي تلقى تعليمه في فرنسا وعارض كامل أي فكرة عن تحرير المرأة، لكن معاصريه تبنوا القضية، ودار سجال كبير حول حقوق المرأة في مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. كان أوائل مناصري حقوق المرأة في ذلك السجال إصلاحيين أمثال رفاعة الطهطاوي (1801-1871) الذي كتب عن ضرورة تعليم المرأة وإنصافها من المظالم التي تتعرض لها وكان مثقفًا ومصلحًا رياديًّا، تأثر خلال وجوده في فرنسا بكتابات فولتير وروسو ومونتسكيو، وانضم بعد عودته إلى مصر إلى حملة تحديث التعليم فأسس مدرسة اللغات عام 1835، وكان الطهطاوي رائدًا في قضية تعليم المرأة وقدم وجهات نظره حول ضرورة تعليم النساء في كتابه «المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين» الذي نشره عام 1872، وتلك الفترة بلغ فيها النقاش حول قضايا النساء أشده.

كما بدأ الإصلاحيون المسلمون نقاشًا حول الدين وحقوق المرأة في تلك الفترة، من بين الرواد الشيخ محمد عبده (1849-1905) الذي درس في باريس وتأثر بالأفغاني.

حاول المصلحون المصريون إظهار أن تعاليم الدين ليست هي السبب في إخضاع النساء بل التفسير الخاطئ لهذا الدين. وأصبح محمد عبده مصلحًا رائدًا تأثر به جيل من المثقفين القوميين، لكنه كان شأن الكثيرين في تلك الفترة معتدلًا أكثر منه مصلحًا ثوريًّا، هدفت أيديولوجيته إلى تحديث المجتمع المصري تدريجيًّا بواسطة برنامج تعليمي موجه إلى تغيير الناس ببطء، من خلال الجامعات المجانية والجمعيات الخيرية، وأجهزة الدولة المصرية التي ما زال البريطانيون يسيطرون عليها.

كان الإمام محمد عبد جريئًا في التعبير عن رأيه حول وضع المرأة، فشجب تعدد الزوجات باعتباره مخالفا للإسلام، وأدان الممارسات السائدة من نظام الجواري والمحظيات واستعباد النساء، واستشهد بالقرآن، لصالح تعليم النساء وزعم أن تخلف المرأة العربية ضار بمستقبل الشعوب. حاول الإصلاحيون فصل الدين عن القضايا السياسية بدلًا من شجب الدين وحاولوا إيجاد تفسيرات جديدة للنصوص التقليدية لتتماشى مع ذلك العصر، فتعرضوا لهجوم شديد من رجال الدين المحافظين، لكنهم لم يتراجعوا ولم يترددوا وأعلن محمد عبده أن أخطر أسباب الضعف والسلبية التي أصابت الشعوب العربية هو تخلف المرأة، ثم جاء قاسم أمين (1865-1908) وهو تلميذ عبده الذي تلقى تعليمه في فرنسا، والقاضي من حيث المهنة، ليثير زوبعة عام 1899 عندما أصدر كتابه تحرير المرأة. حاول أمين مستندًا إلى النصوص الدينية أن يثبت أن عزلة المرأة والحجاب والزيجات المرتبة وممارسة الطلاق السائدة ليست إسلامية، ودافع عن حق المرأة في العمل، إضافة إلى الإصلاحات القانونية لتحسين وضعها، زاعمًا أنه لا يمكن أن يتحسن حال الأمة من دون تحسين وضع المرأة. 

أما سعد زغلول صديق قاسم أمين والحاضن لأفكاره حول تحرير المرأة، قال عنه مصطفى أمين واصفًا البيئة الاجتماعية والثقافية التي شكَّلت وعي سعد زغلول ولعبت دورًا مهمًا في تحديد رؤيته للمرأة ودورها في الحياة عندما قال «كانت مريم –والدة سعد- رائعة الجمال، وكان والدها عبد الله بركات من أبرز رجال الإقليم، رزقت بعد سعد بفتحي زغلول، الذي لعب دورًا مهما في تاريخ القضاء المصري ونقل الثقافة الأجنبية إلى اللغة العربية، ولكن مريم فوجئت بوفاة زوجها إبراهيم زغلول، وكان عمر سعد خمس سنوات، وتقدم كثير من عظماء الإقليم ليتزوجوا من الأرملة الفاتنة لكنها أبت أن تتزوج وقالت أصبحت اليوم أمًا وأبًا في وقت واحد» ويضيف مصطفى أمين «كانت امرأة غريبة بالنسبة للنساء الفلاحات في ذلك العصر، لم تكن تقرأ أو تكتب، ولكنها كانت امرأة حكيمة واستطاعت وهي امرأة أن تتزعم الأسرة، وأن تصبح أقوى شخصية فيها بعد وفاة زوجها، فأصبحت المرجع الذي يرجع إليه أولادها من زوجها، وكان بعضهم أكبر منها سنًّا، لكنها ورثت عن أبيها الحكمة والدهاء وقوة الشخصية والصبر والاحتمال والسيطرة على أعصابها وكل هذه صفات قل أن تجتمع في رجل واحد، فما بالك بامرأة.. لم تلبث أن أصبحت أقوى شخصية في القرية ثم في المدينة ثم في الإقليم، كانت الأسرة تسافر إليها لتحتكم إليها في القضايا والمشكلات، وكان للدور الذي لعبته هذه الفلاحة المصرية أثره في تفكير سعد زغلول، فنجد الرجل الفلاح المحافظ، الذي أمضى شبابه في دراسة الدين في الأزهر هو نفسه الذي دفع المرأة المصرية للاشتراك في ثورة 19، وقبل ذلك كان هو الذي وقف إلى جوار قاسم أمين في دعوته المرأة المصرية للسفور، وشجعه على إصدار كتابه «تحرير المرأة» الذي طالب فيه المرأة بنزع حجابها، والذي ما كاد يصدر حتى ثارت مصر كلها وأغلق كبار البلد بيوتهم في وجه مؤلفه قاسم أمين ولكن بيتًا واحدًا ظل فاتحًا أبوابه للمؤلف الجريء وهو بيت سعد زغلول، ولقد قيل لسعد زغلول يومها إنه يعرض مستقبله للضياع بوقوفه إلى جوار هذا الرجل الذي تألبت عليه الملايين، وفي موقف آخر حدث أن قال له الخديو عباس: كيف تطالب بتحرير المرأة إنها ناقصة عقل ودين!؟ ورد عليه سعد بقوله: أمي هي التي جعلتني أؤمن بتحرير المرأة فهي كاملة العقل والدين، وهي في قريتنا أعقل من كل الرجال فيها.

هذا الشعور نفسه هو الذي دفع سعد زغلول لأن يسمح لزوجته أن تتزعم الحركة الوطنية عندما نفاه الإنجليز إلى مالطة وسيشل وجبل طارق، فلم تكن مصر تعهد من قبل أن تعهد امرأة حركة سياسية أو ترأس اجتماع الوفد، أو تخطب في التظاهرات أو تستقبل الزعماء أو توجه للشعب نداءات داعية للثورة والإضراب لكن سعد زغلول كان يؤمن في قرارة نفسه بما تستطيع المرأة أن تفعله وكانت زوجته تشعر بهذه العقيدة فاندفعت في غيابه تقوم بدور الزعيم، حتى أطلق عليها الشعب أم المصريين.

مما لا شك فيه أن فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918) هي من أهم الفترات الصاخبة في تاريخ مصر الحديث، فرغم قصر عمرها فإن وقائعها المتلاحقة أثرت في النضال المصري، إذ أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والوطنية شكلت قوى ضاربة دفعت مصر لتفجير ثورتها عام 1919.

وربما كان ارتباط رموز الحركة النسائية في ثورة 19 بزعاماتها وانتمائها إلى الطبقة الأرستقراطية هو الجديد والغريب على ثورة تقوم في بلد محافظ مثل مصر، إذ أن ثورة عرابي رغم اشتراك المرأة بها، وهي المشاركة التي أغفلها المؤرخون كما أضافت درية شفيق، لم تكن زعاماتها تؤمن بدور المرأة، هذا من جانب، ومن جانب آخر كانت المشاركة النسائية من الطبقة الوسطى والفلاحين فلم يسلط عليها الضوء. ومع أن تنظيمها جاء من قبل زوجات رجال الطبقة الحاكمة، فإن كل ذلك كان غير علني.

جدير بالذكر أن صفات شخصية قيادية مثل مريم أم سعد لعبت دورًا في تشكيل وعيه فيما يخص نظرته للمرأة ودورها، وجاء وعي سعد بمكانة المرأة ودورها مهمًا في الدفع بالحركة النسائية للاشتراك في ثورة 19 وإفساح المجال للمرأة لتقوم بدور ينسجم مع تصوراته وقناعاته عن دور المرأة ومكانتها في حياته.

وقد رافق ظهور إصلاحيين من الذكور ظهور جيل من الكاتبات المؤثرات ساهمت كتاباتهن عن القضايا النسوية في العقود الأولى من القرن العشرين في الدفع بحركة تحرير المرأة وكان من بينهن: ملك حفني ناصف (1886-1918) والتي عرفت بباحثة البادية وهي أكثر كاتبات زمنها تأثيرًا، كانت كتاباتها عن الزواج والطلاق وتعليم المرأة، كان والدها محاضرًا في الدراسات العربية وتلميذًا لمحمد عبده، أما هي فكانت من اللواتي تأهلن مدرسات عام 1900 وانتقلت بعد زواجها من القاهرة لتعيش قرب الصحراء، ومن هنا بدأت في انتقاد العزلة والخضوع البطريركي الذي تعيش النساء في ظله، ولأنها ضحية تعدد زوجات زوجها، فقد تكلمت بوضوح عن شرور هذا النظام علي وجه الخصوص، كانت شهرتها كبيرة حتى أنها تكلمت في عام 1911 أمام المجلس التشريعي المصري مقدمة برنامجًا لتحسين وضع المرأة، تضمن البرنامج مطالب بالتعليم الابتدائي الشامل للبنات وتأهيل النساء ليصبحن طبيبات ومعلمات، أثنى الإصلاحيون المعاصرون على عمل باحثة البادية، إذ ساند قاسم أمين أفكارها حول تحرير المرأة، ووصفها لطفي السيد بأن كتاباتها صورة للكاتبات اللاتي تفوقن على كثير من الكتاب الرجال في تلك الفترة. 

شهدت هذه الفترة رائدات أخريات أمثال: مي زيادة التي عاشت حياة مستقلة واستطاعت أن تفرض شخصيتها على المجتمع الأدبي وأن تخالط الرجال في وقت ضرب فيه الحجاب على مثيلاتها من النساء العربيات. كل هذا المناخ مهد دخول المرأة معترك العمل السياسي ومشاركتها في الحركة الوطنية ضد الاحتلال، وقامت النساء بتظاهرات سياسية في أربع مناسبات عام 1919، كانت العديدات من نساء الحركة من زوجات مؤسسي حزب الوفد، كما شوهدت نساء الطبقة الوسطى يحتججن جهارًا لأول مرة فكانت هدى شعراوي (1882-1947) التي سنعود للحديث عنها باستفاضة لاحقًا، المنحدرة من أسرة غنية، التي تلقت تعليمها في المنزل باللغات الفرنسية والتركية، وكانت واسعة الاطلاع، وافتتحت مدرسة تقدم تعليمًا عامًا للبنات في عام 1910، كان زوجها علي الشعراوي وكيلًا لحزب الوفد، ودخلت هي الأوساط الوطنية ونظمت النساء للتظاهر عقب نفي سعد زغلول وجمعت توقيعات النساء في عريضة لتقديمها إلى المندوب السامي البريطاني، أدانت فيها إطلاق النار على المتظاهرين ونفي سعد ورفاقه، وخرج أول بيان احتجاجي نسائي حسب ما ذكره الرافعي في كتابه عن ثورة 19 يحمل توقيعات شخصيات نسائية فضَّلن الانتساب إلى الزوج أو الأب (كريمة محمود سامي البارودي، هدى شعراوي، صفية زغلول التي وقعت باسم حرم سعد زغلول باشا، حرم قاسم أمين جولييت صليب) ووقعت حرم سعد زغلول عريضة قالت فيها «نحن نساء مصر أمهات وأخوات وزوجات أولئك الذين وقعوا ضحايا الاستغلال والجشع البريطاني نستنكر الأعمال البربرية الوحشية التي وقعت على الأمة المصرية ولم ترتكب مصر جريمة سوى التعبير عن رغبتها في الاستقلال». 

واحتدمت الآراء والكتابات حول مشاركة النساء في الثورة في ذلك الوقت، إذ كانت مشاركتها على ذلك النحو حدثًا غير مألوف، فوصف الرافعي مشهد التظاهرة النسائية قائلًا: «خرجت التظاهرات في حشمة ووقار، وعددهن يربو على الثلاثمائة من كرام العائلات، وأعددن احتجاجًا مكتوبًا ليقدمنه إلى معتمدي الدول، طالبن فيه بإبلاغ احتجاجهن على الأعمال الوحشية التي قوبلت بها الأمة المصرية، لكن الإنجليز لم يمكنوا موكبهن من العبور، فحين وصلت المتظاهرات إلى شارع سعد زغلول قاصدات بيت الأمة ضربوا نطاقًا حولهن ومنعوهن من السير وسددوا حرابهم إلى صدورهن، وبقين كذلك مدة ساعتين تحت وهج الشمس الحارقة، بل تقدمت هدى شعراوي وهي تحمل العلم المصري إلى جندي قالت له بالإنجليزية: نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك إلى صدري لتجعلني مس كافيل أخرى، فخجل الجندي وتنحى للسيدات عن الطريق وجعلهن يعبرن». ومس كافل هي ممرضة إنجليزية أسرها الألمان في الحرب العالمية الأولى وأعدموها رميا بالرصاص، وكان لمقتلها ضجة كبيرة في العالم.

وكتب حافظ إبراهيم أبياته الشهيرة في منتصف مارس 1919، وصف فيها المرأة في الثورة قائلًا: 

خرجن الغواني يحتججن ورحت أرقب جمعهن

فإذا بهن يتخذن من سود الثياب شعارهن

أخذن يجتزن الطريق ودار سعد قصدهن

يمشين في كنف الوقار وقد أبَنَّ شعورهن

وإذا بجيش مقبل والخيل مطلقة الأعنة

إذا الجنود سيوفهم قد صوبت لنحورهن

وكانت هذه التظاهرة هي الأولى التي سرعان ما لحقتها تظاهرات نسائية انتقلت عدواها من الطبقة الأرستقراطية إلى الطبقة الوسطى ومنها إلى الطبقة العاملة التي سقط من بينها شهيدات الثورة وهن: (حميدة خليل من كفر الزغاري بالجمالية، وشفيقة محمد التي قتلها الإنجليز يوم 14 مارس 1919، وسيدة حسن وفهيمة رياض، وعائشة عمر) وغيرهن من فئات المصريات الفقيرات المجهولات.

جاءت روايات أخرى حول مشاركة المرأة في ثورة 19 منها ما كتبه السير فالنتين ستيرول الذي لم يكن عنده سوى فئتين من النساء: الصالحات والطالحات، إذ كتب في صحيفة التايمز اللندنية «في الأيام العاصفة من عام 1919، نزلت النساء إلى الشوارع في مجموعات كبيرة، كانت نساء الطبقات الأكثر احترامًا محجبات وملفوفات بمعاطفهن السوداء الفضفاضة، في حين تسكعت المحظيات من أدني أحياء المدينة، ممن أصبن بعدوى الاضطرابات السياسية من دون حجاب، بثياب أقل احتشامًا، واندفعت النساء في كل  تظاهرة عاصفة إلى المقدمة، كن يسرن في موكب، بعضهن على الأقدام، وبعضهن في عربات يهتفن (استقلال، ويسقط الإنجليز) ويلوحن بلافتات وطنية».

وقد لاحظ العديد من الكتاب حضور النساء من الطبقتين الأرستقراطية والفقيرة على حد سواء، فلم تكن السيدات المحجبات هن من شاركن في الانتفاضة فحسب، بل كذلك نشطت العاملات في المهن الصناعية والزراعية على حد سواء، خرجن جنبًا الى جنب مع الرجال، إلى الطرق الزراعية يقطعن أسلاك التليفون، وينتزعن قضبان السكك الحديدية ليحتجزن قطارات السلطات الإنجليزية، وقد هجمت بعض أولئك النساء على المراكز التي اعتقل فيها بعض المواطنين والثوار المصريين، وسقطت من بينهن قتيلات وجريحات، إن هؤلاء الكادحات الفقيرات هن اللواتي قدمن شهيدات الثورة.

من بين رموز الحركة النسائية المشاركة في الثورة، كانت هدى شعراوي، اسمها نور الهدى محمد سلطان، ولدت بالمنيا في 1879، ومن أهم الناشطات المصريات النسويات في نهاية القرن 19 وحتى منتصف القرن 20، والدها محمد سلطان باشا، كان رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديو توفيق، تعلمت هدى شعراوي في المنزل، مثل كل فتيات طبقتها في ذلك الوقت، وتزوجت في الثالثة عشر من ابن عمتها علي الشعراوي الذي يكبرها بنحو أربعين عامًا، تعلمت اللغة الفرنسة وتعرفت على سيدات من طبقتها، وبدأت تفهم أن أوضاع النساء في طبقتها وبلدها مجحفة وظالمة، وذلك بسبب فرض الحجاب عليها والذي لا يتمثل فقط في الزي، ولكن في فرض بقائها في المنزل طول حياتها، وبعد سفرها لأوروبا، اكتشفت الفرق الشاسع بين وضع المرأة في مصر والبلدان الأوروبية وتعرفت هناك على بعض الشخصيات التي تطالب بتحرير المرأة.

وبدأت هدى شعراوي نشاطها السياسي في ثورة 19 إذ كان لنشاط زوجها علي الشعراوي السياسي المعروف وعلاقته بسعد زغلول دور مهم في انخراطها في الثورة، وتقول في مذكراتها «انتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918 وأعلن الرئيس ولسون مبادئه الأربعة عشر التي كانت تعطي الأمم حق تقرير مصيرها، واختيار الحاكم الذي ترضاه، وظلت مصر تترقب تطبيق هذه المبادئ عليها، خصوصًا وأنها ساعدت الحلفاء مساعدات قيِّمة، كان لها أثر كبير في نتائج الحرب، ولما رأت مصر أنه لا يبدو أن إنجلترا ستفي بوعودها وأن الحال سوف تبقى على ما كانت عليه، تشكل الوفد المصري ليتولى القيام بعمل إيجابي، وقد تكون الوفد، وفي يوم 8 مارس 1919 تم اعتقال سعد باشا ورفاقه، ونفيهم إلى جزيرة مالطة، ولقد شبت الثورة بعد نفي سعد باشا وأصحابه إلى مالطة، وحل محله زوجي الذي كان وكيلا للوفد، وقامت حركة السيدات في ذلك الحين مباشرة، وكنت أنا وزوجي نعمل لخدمة وطننا لا لخدمة الأشخاص، وكان زوجي يطلعني على ما يحدث، وما يُتوقَّع حدوثه ليمكنني من ملأ الفراغ الذي أحدثه نفيه أو سجنه، وكان هو الذي نصحني بالاتصال بحرم سعد باشا وحرم محمود باشا وبعائلات أعضاء الوفد».

وهنا نلاحظ رغم أهمية الدور الذي لعبته هدى شعراوي في ثورة 19 رؤية القادة السياسيين وزعماء الأمة في ذلك الوقت لدور النساء وحركتهن، الذي جاء بحسب تعبير هدى شعراوي «لسد الفراغ الذي يحدثه نفي أو سجن علي الشعراوي».

كما تحكي هدى شعراوي في مذكراتها أيضًا عن تنكر السياسيين في حزب الوفد للنساء بعد انتهاء الثورة، مع أنهن شاركن الرجال في الحركة الوطنية، فتقول «كانت هناك بعض الظروف والملابسات التي دفعتني لأن أكتب رسالة إلى سعد زغلول باشا رئيس الوفد المصري، بشأن هذه الأحداث، فقد تلقيت منه رسالة فيها الكثير من التقدير لجهاد المرأة المصرية والتأييد لموقفها».

وكان نص رسالة هدى شعراوي إلى سعد زغلول «حضرة صاحب المعالي سعد زغلول باشا رئيس الوفد المصري مرسل لمعالكيم برفقة هذا نسخة من قرار لجنة الوفد المركزية للسيدات المصريات يتضمن نظرياتها في مشروع الاتفاق، وهي تكرر لمعاليكم بنوع خاص، تمسكها بتلك التحفظات التي بدونها نكون قد أيدنا على أنفسنا شروط الحماية المقنعة وفقدنا كل حق في المطالبة باستقلال مصر التام وفيه حياتنا، وإنا لنرجو أن ننال على أيديكم غايتنا المنشودة. ثم نلفت نظر معاليكم إلى الاحتجاج الذي اضطررنا لتقديمه وذلك لأن مندوبي الوفد فضًلا عن كونهم قد تساهوا أوًلا عن دعوتنا كباقي الهيئات لإبداء آرائنا في المشروع، قد أظهروا الضجر وعدم الرغبة في أخذ آرائنا عندما قدمنا لهم طلبًا بذلك، مصرحين بأنه لا يجوز للنساء التدخل في الأمور السياسية، ولولا إلحاح مندوبنا الشديد، لما تنازلوا بإجابة طلبنا، وإننا لفي غاية الاندهاش والاستياء من معاملتهم هذه لنا التي تنافي الخطة التي اتبعتموها معنا للآن، وتخالف المعاملة التي عودتمونا عليها بتعضيدكم لنا في مشاركتنا لكم في الحركة الوطنية، وتحبيذكم لعملنا وقت تشكيل لجنتنا بتلغرافاتكم المظللة بأسمى عبارات التهاني والأماني... والذي يزيد من استيائنا هو أن يثبت الوفد بعمله هذا ظن الهيئات الأجنبية بمصر اللاتي أولن نهضتنا بخلاف الحقيقة، إذ قالت: إن اشتراك النساء في الحركة المصرية لم يتم بدافع الوطنية، بل بإيعاز فئة من الوطنيين لاستعمالهن كآلة مؤقتة لإيهام الأمم المتحدة، ولتعتقد هذه بنضوج الأمة المصرية في الرقي وكفاءتها لحكم نفسها بنفسها، وتعضدها في نوال هذه الأمنية ونهضتها كما تعلمون بريئة من مثل هذه التهم، فضلًا عن كونها كسبت ميزة لم تنلها مثيلاتها، والآن وقد قربت القضية المصرية من حل مرض، فلا يليق بالوفد».

وقد رد سعد زغلول على هذه الرسالة برسالة مؤرخة في 27 أكتوبر 1920 والتي نصها «حضرات صاحبات العصمة، رئيسة الوفد النسائي وعضواته المصونات، أتأسف شديد الأسف لعدم تشرف حضرات مندوبي الوفد بعرض المشروع عليكن كما عرضوه على غيركن، ولكني أؤكد لحضراتكن أنهم لم يفعلوا ذلك استخفافا بكن أو إهمالًا لشأنكن ولكن لظروف أجنبية، ولو كنت فيهم لامتنع تأثير هذه الظروف وتعين علي أن أقوم بشخصي بعرض المشروع عليكن وتوضيح معانيه ومراميه، ورغبة في الاستنارة بآرائكن التي لها المقام الأول من الاعتبار عندي، وعند زملائي، ويسرني جدًّا أنكن مع ذلك فهمتن المشروع حق الفهم، وأبديتن فيه تحفظات أراها غاية في الأهمية، وأرى التشبث بها من أخص أحبائي، وإني أول من يرى أنه لا يمكن أن تتقدم هيئة اجتماعية بدون أن يشترك حسكن اللطيف فيها».

وفي عام 1920 عقب انتهاء الثورة قامت هدى شعراوي بتأسيس لجنة الوفد المركزية للسيدات وقامت بالإشراف عليها. وفي عام 1921، وفي أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول قامت هدى شعراوي بخلع الحجاب علانية أمام الناس، وكذلك فعلت سكرتيرتها سيزا نبراوي. وتقول في مذكراتها «ورفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي سيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرًا أبدًا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد».

انتهت الثورة ولم تسفر عن أي احتواء للحركة الناشطة والبازغة للمرأة المصرية ولم يفكر قادتها في الاستعانة برموزها، في مشروعهم السياسي الذي تلا الثورة، بل سرعان ما تخلت عن رموز الحركة الذي استمر نشاطهن بعيدًا عن النشاط السياسي العام، وعلى المستوى العام اختار السياسيون المصريون تجاهل الحقوق السياسية للمرأة عند صياغة الدستور الجديد عام 1924 والتعديلات الوحيدة التي قاموا بها كانت رفع سن زواج الفتيات إلى 16 عامًا، لكن رغم كل ما بذلته المرأة المصرية في ثورة 19 وما قبلها وما بعدها لم يمنحها الدستور حق التصويت أو الطلاق، فنظمت  تظاهرة احتجاجية في مارس عام 1924 عند افتتاح البرلمان إذ طالبت بعض النساء بحق التصويت لكن يبدو أن ذلك كان أكثر ما قدمته الثورة للحركة النسائية.

وفي عام 1923 شكلت هدى شعراوي ونساء أخريات من الطبقة الوسطى الاتحاد النسائي المصري الذي أصبح الجمعية النسائية الرئيسية المعنية بالتعليم والرفاه الاجتماعي، وفي عام 1925 أسست مجلة المرأة المصرية باللغة الفرنسية، وقامت بتحريرها سيزا نبراوي، التي حضرت مؤتمر المرأة في روما، كانت الطبيعة النخبوية لمشروع الحركة النسائية واضحة في تلك الفترة، إذ اهتمت الحركة بعد ثورة 19 بالنساء اللواتي يتكلمن اللغة الفرنسية من البرجوازية المصرية وأثيرت قضايا عديدة مثل تعدد الزوجات، ولكنها جميعا لم تلق أي استجابة من جانب المشرعين، ولم تعبر الحركة عن مشكلات الأغلبية الساحقة من النساء الكادحات، وابتعدت أكثر عن المشاركة في الحياة السياسية العامة، واقتصر نشاطها على الخدمة الاجتماعية والعمل الخيري.

وفي النهاية نجد أنه على الرغم من مشروعات التحديث للبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسات التي سبقت ثورة 19 وإفساحها المجال لاستقبال مشروع نهضوي تكون النساء وحقوقهن وحركتهن في القلب منه، فإن مشاركة النساء في ثورة 19 ومع أهمية الحدث، ظل عملًا استثنائيًّا لم ينته إلى نتائج ترقى لاعتباره نتاج تجليات التطور الفكري، وتغير المناخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي السابق على الثورة، وأن صعود الحركة النسائية المرتبط بحالة الثورة كان رهنًا بزعامات الثورة من جانب، وقيادات الحركة النسائية من جانب آخر، فافتقدت الحركة النسائية وجود قاعدة نسائية عريضة تعي أهمية دورها والمطلوب منها تحقيقه، ومن ثم بمجرد انتهاء الثورة، تخلت زعاماتها عن جيش الاحتياط الذي لجأت إليه وكان على النساء العمل من جديد على تثبيت أركان حركتهن، وغرس أفكارهن، غير أنها وبسبب طبيعة نشأتها، ظلت إلى حد بعيد حركة نخبوية، تفتقر إلى وجود قاعدة جماهيرية من طبقات اجتماعية أخرى بعيدًا عن الطبقة الأرستقراطية، وشهدت حالات صعود وتراجع لازمتها خلال تاريخها.