عدد 13-ملف: على الرصيف.. مع إبراهيم فتحي

إبراهيم فتحي

الحساسية الجديدة.. دعوة محافظة

2019.10.01

الحساسية الجديدة.. دعوة محافظة

هناك ضجة عالية حول "الحداثة" (المودرنزم)، وحول "الحساسية الجديدة" في الشعر والنثر، والشعر المنثور، وما ليس بهذا ولا ذاك. وأصبح المصطلحان كلمتي تقريظ ومديح للذات، بعيدتين عن أي انتساب للأيديولوجيا البرجوازية المعاصرة في الفن، تلك التي تسود بلاد الغرب المتقدم. 

والحداثة مثل الحساسية الجديدة باعتبارهما حكمي قيمة قد تعنيان الانتماء الى الزمن الحديث والانسلاخ عن الطرائق القديمة في الحياة والوعي بها وممارسة الإنتاج الفني جميعًا، أي قد تعميان كذلك رفضًا لمواصلة الحياة بأجهزة حس ومقولات وعي وصيغ كتابة مستعارة من الموتى، دون أن يكون لذلك علاقة بمذاهب وبرامج وأيديولوجيات بل إن ذلك يشترط عند الدعاة المتحمسين استقلالاً للفن عن الواقع والأيديولوجيات بدرجات تتفاوت بين الإطلاق وبين "قلب قواعد الإحالة" ولكن ما العلاقة بين الدعوة والحقيقة؟

وقد لا يختلف أحد حول التجديد أو التحديث والخروج من التخلف واجترار الماضي. وقد لا تكون الحساسية الجديدة مرضًا في الأعصاب أو الجلد كما تذهب فكاهة لفظية مرحة، وربما كانت تشير إلى حاجة ملحة شديدة الإلحاح كانت تغيب وراء غبار ادعاءات قليلة الفائدة. 

الإطار العام للإدراك الحسي

هل نختلف كثيرًا حول أن الإطار العام للإدراك الحسي والتلقي الانفعالي قد طرأت عليه تغيرات حاسمة في عالم اليوم؟ أو حول أن ذلك لا بد وأن يترك أثره في أدوات ووسائل وأساليب التمثيل الفني؟ بل إن تلك التغيرات قد تطرح للتساؤل فكرة "التمثيل الفني" نفسها.

إن تجربة الحياة الحديثة -كما قيل آلاف المرات- قد عصفت بالنمط القديم من التجربة العضوية وعلاقاتها الجمعية العائلية في القرية والحي الشعبي العتيق في المدينة وتزايد انفصال الناس والوقائع والخبرات. لقد علت أصوات تقسيم العمل بين مجالات الممارسات الاجتماعية المتباينة حتى أصبحت تبدو مستقلة تمامًا، وارتفعت الحواجز بين الحياة السياسية "العامة" والحياة اليومية "الخاصة"، وانفصلت الفروع المختلفة للأنشطة الثقافية متباعدة، وكأن كل منها يقطن غرفة مستقلة مغلقة. وفي الظاهر نمت نزعة تخصص بين هذه الفروع ترفض أي تكامل بينها على مستوى أعمق حققه التخصص الخصب. ولم يفلت الأدب بطبيعة الحال، وحاولت الأيديولوجية السائدة في الغرب أن تسجنه داخل غرفته المغلقة، بل لقد حاولت أن تفصل بين أجناسه المتمايزة، ودروب دراسته لتجعل لكل دائرة خلق أو دراسة فرعًا مغلقًا على نفسه أيضًا. 

 وعلى السطح كان يبدو أن هذا الضرب من تقسيم العمل، وهو تقسيم اقتضته العلاقات الرأسمالية وحققت به ازدهارًا لا شك فيه، من ضرورات طبيعة الأشياء والعلم الحديث. وربما حجب ذلك عن الأنظار أن هذا العالم الجديد خلق -على مستوى الإمكان- لأول مرة وسائل لتكامل في الاقتصاد العالمي والمواصلات والاتصالات الدولية والطابع الاجتماعي الشامل لكل أنواع التجزئة والتفكك في الممارسات المختلفة: ترابط فروع علمية كانت منفصلة.. تزايد الصلات بين العلوم الطبيعية والاجتماعية.. ظهور نظريات عابرة لعلوم مختلفة، خلق أسس لتكامل ثقافي اعتمادًا على ما أنجزه التخصص من كشوف، وإمكان التطلع إلى إنسان جديد متعدد الجوانب والأبعاد الحسية والانفعالية والعقلية، إنسان متكامل. 

ولكن ذلك كله ليس إلا إمكانًا.

أما التجربة المعاشة الفعلية في عالم اليوم، فهي تجربة السطح المباشر الذي تدافع عنه قوى الاحتكار والاستغلال، تجربة التجزؤ والتفتت والانفصال والخصوصية الضيقة. لذلك فإن الدارسين كادوا- يجمعون على أن نمط الإدراك الحسي المعاصر يتميز بسيطرة اللحظة على الديمومة؛ أي بسيادة عناصر على عناصر الاتصال، وبالطابع المتجزئ غير المكتمل. أو بعبارات أرنولد هاوزر كما يصوغها الدكتور فؤاد زكريا: بالإدراك العابر لنقاط مرتعشة، وسيطرة الحالة العابرة على السمات الدائمة؛ كأنها موجة يجرفها التيار فالوقع المفكك يتحول أو ينحل إلى عناصر مفتتة متناثرة جزئيًّا. ويؤدي ذلك في "التمثيل" الأدبي إلى إعطاء أهمية لحيوية التفاصيل تفوق أهمية تجانس الانطباع الكلي. وإلى "نظرة" ترى العالم ذرات مستقلة مشحونة بطاقات دينامية هي نظرة الفردية المعزولة في المدينة بين حشد من الغرباء وسط صخب حركة هادرة وتنوع مستمر لا يكترثان بالفرد.

ويبدو ذلك بالنظرة السطحية رفضا لتمثيل الواقع الكلي، واستغلالاً للفن، كما تبدو مشكلات "انقطاع التوصيل" بين الأفراد في الواقع أو زلاته وانحرافاته صفة جوهرية للعلاقة بين العمل الفني والعالم. 

ولا غرابة في أن يحتشد المشهد الأدبي بالشعراء وكتاب الأحوال النفسية وانطباعات الجو واللحظات العابرة والمؤثرات الحسية التي لا تعرف استقرارًا أو تحديدًا في عالم أصبح الإطار العام للإدراك الحسي فيه متسمًا بازدحام الأشياء والعمليات وتبعثرها على سطح مدن ضخمة غير مكترثة تخفي المنطق الداخلي لترابطاتها وآلياتها.

ويذهب والتر بينجامين في "إضاءات" إلى أن الحياة الحديثة تتميز بارتطام لا ينقطع لمدركات حسية غير متصلة تتقافز مبتورة في شذرات مبتسرة لا تصل أبدًا إلى اكتمال، وهو يصل من ذلك إلى أن السباحة في فقاعات السطح ورغوته إذعان لما تفعله الرأسمالية، فهي تمزق الحياة الإنسانية، كما يلاحظ أن الفنانين بحثوا عن مبدأ للترابط بين هذه الأشياء والإحساسات المتغايرة المفككة،  لإحداث "صدمة" تؤدي إلى استبصار، لذلك فهو يرحب بتقنية "المونتاج" باعتبارها مبدأ مهمًا للإنتاج الفني في عنصر تكنولوجي من أجل تجاوز عالم الانفصال والاغتراب.

أيديولوجية الحساسية الجديدة
وعلى العكس من ذلك يرى بعض المبدعين المصريين في هذا "المانيفستو" الشعري أو ذاك أن هذا التلقي السلبي عند ذات فردية منعزلة مترقبة- وهو الإطار العام الذي يفرضه الواقع المعاصر على الإدراك الحسي- بمثابة خصوصية جمالية نقية ترفض الالتزام بالواقع الاجتماعي والمفهومات الفكرية، فالخصوصية الجمالية هنا كما يقول هاوزر تهتم باللحظي الفريد وعزل العناصر البصرية "الحسية" الطارئة والوقع الانفعالي العابر عن التصورات العامة "للواقع".

وعند الشعراء المجيدين قد يتناقض الإعلان النظري مع ممارسة الإبداع فلا تصاب القصائد بالإملاق. أما في أسوأ الأحوال فقد نرى تجارب شعرية مصورة من أجل فوارق مرهفة في درجات اللون والنغمة الانفعالية، تنصب كما يقال على الهنا والآن داخل أسوار الأنا، لابتعاث صوت الأنا الفريد، بعد اقتلاع كل جذور الحياة الاجتماعية والفكرية تغزو الأنا. وقد تكون النتيجة فسيفساء تلفيقية من الصور والإيقاعات وربما كان معظمها في "تناص" يهدف إلى التعبير عن "صميم" التجربة "الفريدة" التي لا تقبل تكرارًا (!!).

ولا يتعارض مع الركود الشعري الآسن في شيء أن تزدحم حذلقات التعبير وتتقاطع وتتوازى في عربدة طائشة، أو عبودية مطلقة لعبث الرياح. فالعالم هنا في أيديولوجية الحساسية الجديدة يتمزق إلى لحظات عابرة، والذات تتدهور إلى انطباعات بلا مركز، والسلبية تتنكر في زينة إنتشاء متورم بالحياة. 

وعلى هذا النحو تصبح الحساسية الجديدة حسًا بسطوح الأشياء، وتصبح "الانطباعات" ستارًا مزخرفًا ملونًا يحجب العالم، وتخليًا عن أي محاولة لزعزعة الظاهر المتصلب في الوعي، أي لتدمير عادات الإدراك الحسي التي نرى بها السطوح المقبولة المعتمدة للأشياء ولأنفسنا. أما الحس الجديد بالفعل فعلى العكس من ذلك يحاول أن يمزق حجب الإدراك الحسي العتيق، والصيغة المذعنة لتوجيهات القوى المسيطرة، والكشف عن الطبيعة الإنسانية للواقع، وعن قدرات الإنسان لإعادة تشكيله من جديد، بدلاً من أن يرى المدينة التي يراها الناس، ويستطيعون إعادة بناء علاقتها كأنها منظر طبيعي ثابت، وبدلاً من أن يرى علاقات البشر ومصائرهم كأنها صلات طبيعية أبدية، تحاكي النهر والبحر وغروب الشمس لا تقبل تغييرًا. ولا جديد في تحويل الإدراك الحسي إلى "مكياج" متجدد النزوات للوجه القديم نفسه.

ولا حاجة إلى تكرار أن "الطبيعة" التي يسقطها بعض الشعراء على العلاقات الاجتماعية ليست إلا أسطورة أيديولوجية تضع حاجزًا لا علاقة له بالفن بين الإدراك الحسي وبين رؤية منابع إعادة التشكيل في العالم والمصير الإنساني. وبهذا الأسطورة تكتسب أوجه الواقع وضع قطعة أدبية مرصعة بما قد تجمد وتخثر.

وليست وحدة الإنسان الأبدية في الكون وتفكك الشخصية واللأدرية العقيمة، والنزعة الفردية إلى عناصر فرضتها قوى معادية للإنسان وللفن، ولا يمكن أن تكون عناصر الازدهار الشخصية الإنسانية وإن تكن ثوابت الحساسية الجديدة.

ولا إنكار لحقيقة أن الحياة الحديثة في تقسيمها للعمل وتجاوزها الطرائق العتيقة الموروثة في الإنتاج المادي والعقلي وتفكيكها بهذه الطرائق إلى مكوناتها قد أتاحت إمكانًا لإعادة تنظيمها من أجل الوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة.

وكذلك الحال مع ما فعلته بالذات الفردية التي تحررت من أغلال الطوائف والتبعيات. لقد تم تقسيم مماثل للعمل بين القدرات الحسية والذهنية للنفس الفردية، ونمت القدرات التي تتطلبها السوق وتخلفت قدرات أخرى، فقد نمت وظائف الحساب والتجريد الفعلي، وتخلفت وظائف المشاركة العاطفية والاستغراق الحسي الكثيف للعالم.

ويقول فريدريك جيمسون في اللاوعي السياسي إن للحواس تاريخًا ولم يمارس الناس في العصور الماضية تجربة معايشة أجسادهم وحواسهم على نحو ما نفعل اليوم. فقد نزع طابع الإدراك الحسي عن العلوم الطبيعية وفرض طابع رياضي على العالم عمومًا، أي أن موضوعات الدراسة القابلة للإدراك الفيزيقي قد حلت محلها كميات مثالية، ويقوم التبادل الاقتصادي كذلك على الكم. ولم تعد لطاقات الإدراك الحسي المتوهجة قيمة تبادلية كافية في اقتصاد تحكمه اعتبارات الحساب والقياس ونسب الربح. لقد أصبحت الحواس خارج المعنى فأصبح لدينا الآن فائض غير مستعمل من الإدراك الحسي لم يعد أمامه إلا تنظيم نفسه في نشاط جديد، قد يبدو في الظاهر أن مستقل قائم بذاته مثل تجريد اللون والتركيز عليه في أنواع من التصوير الانطباعي الحديث، وكذلك الحال مع الصوت واللغة ومع إنتاج الصور.

وتبدو التجربة الجمالية المعاصرة في أحدث أزيائها كأن هناك تناقضًا لا يقبل الحل بين المعنى، أي بين التصورات العميقة وبين ما هو مباشر حسي وكأن المعطى الحسي والمعنى لا سبيل إلى التقائهما، وهي أزياء جمالية نابعة مباشرة عن الخضوع للواقع.

كما قد يكون الإغراق في استقلال اللون والنغمة عن المعنى هو محاولة تعويضية للدفاع عن واقع فرضت عليه الكميات المثالية المجردة، وواقع الاقتصاد والعلم الذي احتكر المعنى.

تزييف التجربة بقوالب جاهزة من الكلمة والصورة

وفي عصرنا لا يشكل الأفراد صورتهم عن العالم بواسطة تجربتهم الحسية المباشرة، أو استنادًا إليها. لقد تحول الواقع في عصر التصوير الفوتوغرافي والسينمائي والتليفزيوني إلى ظاهر مصور. وحينما يتحدث أنصار الحساسية الجديدة عن الموقف الجديد من الواقع رافضين تصوير الواقع، رافضين تصوير الواقع، داعين على خلق عالم جديد فمن المستحسن أن يكونوا على حذر حتى لا يكونوا أصداء لما يرفضونه.

فإنتاج الصور والقوالب اللغوية المصاحبة لها بالجملة في أجهزة الإعلام لا يعكس الواقع، بل يزيف علاقاته لحساب الصفوة السائدة، ويقدم أيديولوجية حاكمة ويحشد ناس للقوالب الحسية واللغوية التي تفكر لهم وتوجههم. ومن الملاحظ أن الطريقة التي تتشكل بها الأساطير الخيالية التي تحكم تصورات الناس عن علاقات الواقع وعن شخوصه وأشيائه هي بعينها المحور الاستعاري "محور التماثل أو الاستبدال" الذي ينسب إليه بعض الناس في العالم وفي مصر الطابع الشعري، وطابع الحساسية الجديدة.

فالصور التي يستهلكها الجمهور على أنها الواقع ترتبط بالطرائق غير المتصلة في الإبصار، ولا تهدف إلى تصوير الواقع في علاقات التجاوز والسببية، وفي علاقات الاتصال، بل تعهد إلى تمويهه بإبراز التماثل بين عناصر الواقع ونماذج تنتمي إلى أقطاب الماضي أو آلهة الأساطير أو نجوم المجالات المختلفة حينما يراد تأكيد تلك العناصر "وبيعها" للناس. أما إن أريد العكس مما يخرج على الأوضاع او يبددها سيبرز تماثله مع التنين والشيطان والكفرة المارقين.

إن قواعد الإحالة إلى الواقع في فلكلور الإعلانات وطقوس السلطة و"صور" المرشحين للرئاسة وتمثيل الشعب هي بعينها قواعد خلق واقع خيالي بديل عند أنصار الحساسية الجديدة في بعض الكتابات النقدية. فصور الثقافة الجماهيرية من سوبر مان ونساء خارقات القوة أو الإثارة الجنسية ونماذج تحقيق الأمنية أو خلق الرغبات الزائفة في المسلسلات التافهة تعتمد على مبدأ التزييف الأيديولوجي لعلاقات الواقع وتناقضاته وراء تماثلات استعارية واستيحاءات أسطورية والإشارة إلى نماذج أصلية أبدية، فهذه الصور في الثقافة "الجماهيرية" المبتذلة وفي أدب الصفوة المعزولة تعتمد على مبدأ أيديولوجي واحد وهو رفض اكتشاف ما في الواقع من أعماق وما في تناقضاته من مناجم عذراء للفعل والخلق وإعادة تشكيل الإنسان لمصيره ولشخصيته ولقواه الحسية والانفعالية والوقوف عند صور واستعارات خرساء دائمًا عمياء دائمًا صماء دائمًا حينما يتعلق الأمر بالصراع الأساسي في عصرنا الحديث بين الإنسانية والبربرية، بين الشهيد والوحش المترقب لافتراسه، ولكن تلك الاستعارة أو تلك الأسطورة ثرثارة لا تكف عن البث والإرسال في محبرات الكتب وموجات الإذاعات المرئية والمسموعة لتؤكد تعايشًا هادئًا وانعدامًا للصدمات وامتصاصًا لها وتنوعًا مدهشة وزوايا مختلفة جميلة لالتقاط صور اغتيال فتيان الانتفاضة وولادة أنثى الحوت في حديقة حيوان وسحر امرأة تستعمل عطرًا من العطور، وموت العشرات جوعًا، وبدلاً من الواجب المطلق الإنساني والفني: إعادة تشكيل المصير الإنساني والشخصية الإنسانية ليصبح تغير الصور والصيغ اللغوية وحرية استهلاكها في تعددها وتعايشها الهادئ مرادفًا للحرية نفسها. إن تقليص الاختيار الحر للمصير (وسجنه في دائرة التخصص السياسي أو تأريخ الأفكار أو البلاغة أو الخطابة أو الكتابة الواقعية التقليدية) واختزاله إلى الاستهلاك الحر للسلع والخدمات (أو الرغبة مجرد الرغبة في ذلك) لا بد أن يتطلب إنتاجًا بلا حدود، واستهلاكًا بلا حدود للصور وللصيغ اللغوية التي تصبح عالمًا بللوريًّا مكتفيا بذات، أزهارًا صناعية تخفي أفاعي عالم واقعي، وفراديس لفظية ملونة للاستهلاك الترفي عند صفوة محدودة "سوزان سونتاج".

وليس "الواقع هو واجهة الحياة العائلية للطبقة الوسطى وأوهام صعودها التي تشيأت في "وقائع" صلبة، وليس سلسلة من الظواهر يمكن للكاميرا تتبعها والتقاطها. إنه ساحة الفعل الإنساني والصراع الاجتماعي والفكري لتطوير الحواس والانفعالات والحاجات الإنسانية بحق وخلق صورة جديدة للشخصية الإنسانية المتحررة من مملكة الضرورة. وليست اللغة إلا الواقع الفعلي الأول للحس والوعي، والشعراء والكتاب هم مبدعو ملامح ذلك الحس العميق.