قضايا

فرح مروان

العمال وثورة 1919.. هل تعادلت كفتا الميزان؟

2021.12.01

العمال وثورة 1919.. هل تعادلت كفتا الميزان؟

قال يحي حقي الذي شارك في جنازة ابن القباقيبي إبان ثورة 1919 طفلاً، وكتب عنها بعد 50 سنة "لم يفهم الساسة الذين فاجأتهم ثورة 1919 وركبوا موجتها من هذه الثورة إلا وجهها الخارجي، اشتغلوا بالبحث عن الحل المتاح ولو كان الثمن قبولهم للتنازلات، لأن السياسة أخذ وعطاء، ولعلهم أخفوا عن الأمة حقيقة موقفهم، وانتهى أمرهم سريعًا بقبول التفاوض مع إنجلترا، فقال سعد زغلول مع الأسف: كيف تطلبون مني ترتيب الأثاث والبيت يحترق. فقد ظن سعد زغلول أن تحقيق العدل الاجتماعي عمل حكومي، يأتي من فوق فهو بالتالي رهن بتشكيل حكومة وطنية بعد الجلاء، ولكن متى؟ الله أعلم. وأنه كان من المنتظر منهم أن ينتهزوا فرصة يقظة الشعب واشتعال الشعور الوطني ليبدأوا في تنظيم تجمع الشعب في مؤسسات شعبية لا علاقة لها بالحكومة". وطرح أمثلة لذلك، كإعادة الجامعة الأهلية، وفتح مدارس شعبية تعلم أبناء الشعب حقيقة تاريخهم، تبصرهم بحقوقهم، وإنشاء نقابات للعمال والفلاحين [1].

كانت ثورة 1919 وما تزال مثار جدل فيما فعلته في العمال ومنظماتهم رغم دورهم المهم فيها. فلم يكتف من جنوا ثمار الثورة من قادة الوفد بأن يلتفتوا عن مطالب العمال الملحة، بل إنه عندما مارس العمال حقهم في الإضراب والاعتصام للمطالبة بتحسين أحوالهم التي ساءت بشدة في أثناء الحرب العالمية الأولى، هرعت حكومة الثورة برئاسة سعد زغلول إلى القضاء على اتحاد العمال وحزبهم، وزجت بقادتهم في السجون. ثم ما لبثت حكومات الوفد المتتالية -مثلها في ذلك مثل بقية الأحزاب والشخصيات العامة ضمنهم أحد أمراء العائلة المالكة- تفكر في كيفية السيطرة على العمال. ففي أثناء الثورة واجه العمال والفلاحون وعامة الشعب جرائم الإنجليز المدججين بالسلاح وإهاناتهم واعتداءاتهم - والتي كانت تحدث على مدار عشرات السنين قبلها- بالعنف، فعلوا ذلك وهم عزل إلا من فروع الأشجار في أيديهم، تستقبل صدورهم الرصاص. فكان هذا العنف الذي دفع ثمنه عامة الشعب المصري، والذين تبارى كبار الملاك إلى وصفهم بالرعاع بسببه، هو ما اضطر الإنجليز إلى إعادة قادة الوفد ومنحتهم الفرصة للتفاوض والمساومة. لقد كان العمال والفلاحون وعامة الشعب المصري وقود الثورة، لكن من وصلوا لكراسي الحكم على أكتافهم تنصلوا منهم ومن نضالهم.

حتى الآن نسمع من يقول - وبعضهم من المؤرخين - لا تحاسبوا ثورة 1919 لأنها لم تحقق المطالب الاقتصادية، وكانت ثورة وطنية بالأساس. وهو ما قاله عبد الرحمن الرافعي؛ أحد المعاصرين للثورة والمشاركين فيها "لم تكن الثورة ذات طابع ديني أو اجتماعي، بل كانت ثورة سياسية بكل معنى الكلمة، فأهدافها سياسية، وتطوراتها سياسية، وأسبابها العامة سياسية، على أن لها جانب ذلك أسبابًا أخرى، اقتصادية واجتماعية، كان لها دخل في التمهيد لها، وفي ظهورها وتطورها"[2].

لذا بعد الاطلاع قدر المستطاع على الكثير مما كتب عن الثورة، فكرت في التركيز على أهم النقاط التي دار حولها الجدل، مثل: هل حقًا قامت الثورة لأسباب وطنية فقط، وهل يمكن فصل الوطني عن الاقتصادي والاجتماعي، من الذين قامت الثورة على أكتافهم ودفعوا ضريبتها، العمال والثورة (دور العمال في الأحداث الوطنية)، تكسير منظمات العمال ومحاولات الهيمنة عليها.

قبلها سأعرض سريعًا لبدايات تشكل الحركة العمالية والنقابية، ودور الحزب الوطني ومحمد فريد في ذلك. ثم مقدمات الثورة.

بدايات تشكل الحركة العمالية والنقابية ودور الحزب الوطني ومقدمات الثورة

كانت بداية إنشاء الصناعة في عهد محمد علي، لكن لم تتشكل حركة نقابية وقتها، لأن العمال كانوا فلاحين جلبوا من الأرض عنوة، وكذلك الحرفيين الذين أجبروا على ترك حرفهم. كانوا جميعًا يتقاضون أجورًا ضعيفة ويسوقهم عسكريون، لذا كانوا يهربون لحياتهم السابقة، وذلك رغم تأخير أجورهم لعدة شهور لإجبارهم على البقاء. أما العمال الأجانب والذين أتوا بخبرتهم النضالية فكان عددهم قليلاً، وكان يتم التخلص منهم بمجرد أن يتعلم المصريون الحرفة، ومن ثَم لم يكونوا ذا بال. تدهورت الصناعة في آخر عهد محمد على خصوصًا بعد أن أُجبر على تخفيض جيشه، والتي قامت الصناعة لتلبية احتياجاته بشكل أساسي [3]. وكانت بداية الاستعمار الإنجليزي في 1882، ولكي يسيطر المستعمر على الاقتصاد المصري، حطم الصناعات الوطنية القائمة، من خلال إغلاقه للمصانع الحكومية وبيعه للمغازل ومصانع القطن التي كانت موجودة منذ عهد محمد علي، حطم الحرف الصغيرة من خلال فرض ضرائب باهظة على الحرفيين، وذلك لكي يصبح المجتمع المصري سوق لبضائعه [4].

لذا كانت بداية ظهور الحركة العمالية المصرية في أحضان المشروعات الصناعية ومشروعات المرافق العامة التي أقامتها رؤوس الأموال الأجنبية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. كان العمال يعملون في ظل شروط وظروف عمل صعبة، لذا نشأت حركتهم من جراء المطالبة بتحسين تلك الشروط. كما كان هناك تفاوت كبير بين العمال المصريين والأجانب في الاجور، واستأثر الأجانب بالوظائف الإشرافية دون المصريين حتى لو تساويا في الخبرة والإنتاج، مما كان له أثره على كراهيتهم للاستعمار [5].

حفل العقد الأول من القرن العشرين بالإضرابات التي كان منظموها أساسًا من الأجانب شارك فيها العمال المصريون حسب وجودهم. أتاحت تلك الإضرابات الفرصة للطبقة العاملة المصرية للوقوف على أساليب العمل الجماعي في مواجهة رأس المال، لزيادة الأجور أو تقليل ساعات العمل والمطالبة بأيام وساعات راحة، واحتساب الأيام المرضية إجازة مدفوعة الأجر. على الرغم من ضآلة ما حققته تلك الإضرابات من مكاسب ضئيلة فقد جعلتهم يشعرون بمزايا اتحادهم وترابط مصالحهم [6]. في عام 1908 كان إضراب لفافي السجاير فأعادوا إحياء نقابتهم، وأضرب عمال شركة ترام القاهرة، كانت مطالبهم خاصة بالأجور وساعات العمل والفصل من العمل، ومنع ضرب وإهانة الموظفين (ومعظمهم من الأجانب) للعمال، وفتح باب الترقي للعمال المصريين. انتهى الإضراب دون أن يجني العمال مكاسب اقتصادية وتمت محاكمة مئات العمال، إلا أنهم استطاعوا تأسيس نقابة خلت من الأجانب [7].

كانت مجزرة دنشواي في 1906، إيذانًا باشتعال الحركة الوطنية، فأخذت تنظم صفوفها وأعلن عن تكوين الحزب الوطني في أكتوبر 1907. ارتفع صوت مصطفى كامل في خطبة الافتتاح واضحًا أنه قطع الأمل في العون الأجنبي، وعون الكبار والذوات، وانقطع ما بينه وبين الخديو، ولم يتبقَ إلا الشعب. تابع محمد فريد زعامة الحركة الوطنية إثر موت مصطفى كامل، موجهًا الحركة إلى مزيد من الشعبية توجهت الحركة الوطنية للربط ما بين المثقفين وحركة الطبقة العاملة الناشئة، فزاد اهتمام الحزب الوطني بإنشاء مدارس الشعب الليلية لتعليم الصناع، يتطوع شباب الحزب بالتدريس فيها. وبدأ الاستعمار يدرك خطورة هذا الربط، فبدأ حملة الاعتقالات لقيادات الحركة الوطنية وشدد القيود على الصحافة وتعطيلها، وأُعلن قانون النفي الإداري، فاستبعد الكثير من العناصر الثورية العمالية إلى الريف، كما نفي العناصر الأجنبية من العمال الواعين، وشرد كثير من قادة العمال المخلصين [8].

ومع بدأ الحرب العالمية الأولى 1914 وإعلان الحماية على مصر، قُيدت الحريات العامة وحرية المنظمات الشعبية، وأعلنت الأحكام العرفية، فأغلقت الصحف ودور النقابات، وتوقف الحركة العمالية خلال الحرب، خصوصًا بعد سفر محمد فريد سرًّا بعد تعرضه للعديد من المضايقات والمتاعب من قبل الحكومة [9].

ما الذي أشعل الثورة؟

للإجابة على هذا السؤال سنستعرض ما اجتمع عليه المؤرخون فيما يخص الأوضاع منذ بداية الاحتلال، ثم ما أضيف إليها في أثناء الحرب العالمية الأولى، وما زادت من غضب الشعب، فأدى لاشتعال الثورة.

منذ البداية سيطر الاستعمار على مقاليد كل شيء، بدأ بإلغاء الدستور الذي أُقر عام 1882، والبرلمان المنتخب، مرورًا بتحطيم الجيش ومعاقبة كل من اشتركوا مع عرابي، وجعل الجيش ووزارة المالية والمعارف والقضاء والنائب العام تحت سيطرة الإنجليز. كان سند الاحتلال هم الإقطاعيون الذين تضاعفت ملكيتهم في عهده على حساب الفلاحين، ومنهم جند الوزراء. وألغيت مجانية التعليم وزادت تكاليفه، أغلقت الصحف ولم يتبق سوى الصحف التي تمجد الاحتلال. زادت أعداد الإنجليز في الوظائف العليا وتقليل أعداد المصريين[10]، ويقابلها في المصانع والشركات تقلد الأجانب للوظائف الإشرافية دون المصريين.

طوال سنوات الحرب الأربعة، رزح الشعب تحت نير الحكام العرفية وما صحبها من وضع الرقابة على الصحف، وتعطيل الجمعية الشرعية، ومنع الاجتماعات، وفتح المعتقلات والمنافي دون محاكمات. التجنيد الإجباري لما يربوا على مليون من العمال والفلاحين جندوا وعوملوا كمعتقلين، مقيدين بالحبال، ونقلوا في عربات الحيوانات، ولم يُهتم بصحتهم ولا بغذائهم، فمات منهم كثيرون، وأصيب أكثر بالأمراض والعاهات. وقد حكي من عاد منهم لبلده ما عانوه، فكان أكبر دعاية ضد المستعمر. كما صادرت السلطة العسكرية المحاصيل الزراعية والمواشي بأبخس الأثمان[11]. وأساء جنود المستعمرات للمصريين، فقد حكى يحي حقي كيف كان الجنود الاستراليون وحوشًا يفعلون كل شيء؛ بدءًا من خطف الفول السوداني والتين الشوكي من عربات الباعة حتى رمي نساء ماخور في شارع "وش البركة" من النوافذ بعد أن أخذوا منهم بغيتهم [12]. كل ذلك مما جعل الشعب يتذمر من حالته الذل والهوان ويصبو للحرية والاستقلال.

وبسبب الحرب تضاعفت الأسعار، أورد المؤرخون في كتبهم صفحات عن ارتفاع نسب التضخم، سنورد ما قاله يحي حقي من ارتفاع ثمن زجاجة لمبة الجاز من مليمين إلى خمسين مليمًا، واضطرار الناس لقص زجاجات البيرة ليحل نصفها الأسفل محل الكبايات [13].

لقد انعكست ظروف وآثار الحرب العالمية الأولى بصورة متناقضة على حياة القوى الاجتماعية والسياسية وحركتها. فقد خلقت فرص الرخاء لكبار الملاك الزراعيين بسبب تضاعف أسعار المنتجات الزراعية في أثناء الحرب، وفتحت آفاق نمو وازدهار للرأسمالية الوطنية بسبب انقطاع الواردات، إلا أنها تركت المزيد من المرارة في حياة الطبقة العاملة المصرية والفلاحين والفقراء عمومًا بسبب الغلاء والبطالة، والإذلال والاستخدام الجبري في فرق العمل المصرية التي كانت تخدم في الجيش الإنجليزي [14].

أما للرأسمالية الوطنية في الريف والمدن فقد علمتها الحرب وانقطاع الواردات مقدار الأرباح التي من الممكن أن تجنيها، فباتت تتطلع إلى السلطة السياسية التي تحقق مصالحها الاقتصادية، وازداد التناقض بينها وبين المستعمر[15].

من الذين قامت الثورة على أكتافهم ودفعوا ضريبتها؟

عندما أذيعت الاخبار عن تشكيل الوفد المصري للسعي للاستقلال في نوفمبر 1918، ومقابلة ثلاثة من أفراده للمندوب السامي البريطاني، بعثت في نفوس المصريين أملاً في مستقبل أفضل.

 رُفض سفر الوفد، فأصدر الوفد صيغة توكيل المصريين له في السعي للاستقلال، وبعث بصور التوكيل إلى المحامين والأطباء والمهندسين، وإلى غيرهم من أرباب المهن الراقية المختلفة لتوقيعها. كما أرسلت لمجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية، وإلى العُمد والأعيان، فإذا بعشرات الألوف من التوقيعات تنهال من كل جانب، ذلك كون وزارة رشدي باشا جعلت المديرين والمأمورين يشجعون على جمع التوقيعات. وألقي القبض على أربعة من أعضاء الوفد مساء يوم 8 مارس، وفي الصباح التالي كان ميدان الأزهار (الفلكي الآن) قد امتلأ بالكامل بالمتظاهرين من جميع الطبقات طلابًا وعمالاً وأفندية، وفي أيدي كثيرين منهم فروع أشجار ضخمة اقتلعوها من الشوارع التي مروا بها، وإذا هم يميلون على عربات الترام التي تمر بالميدان يحطمونها ويقلبونها، ولم تمض لحظات حتى رأينا قوة من الجنود الإنجليز تحاصر قصر البستان مخافة أن يدخل المتظاهرون أفنيته، ولم تغرب شمس ذلك اليوم حتى جاءت الأنباء بأن الاضطراب ساد البلاد المصرية كلها، من الإسكندرية إلى أسوان، وأن ثورة عجبًا انتشرت في كل مكان، وأن خطوط السكة الحديد أتلفت وكثيرًا من خطوط التلغراف قطعت، وأن الأوامر العسكرية صدرت بحظر الانتقال إلا بتصريح خاص. في الأيام التالية تمردت بعض قرى الجيزة القريبة من القاهرة، فعاقبها الجنود الإنجليز باستباحتها وإحراقها، وانتشر الخبر، وترتب على انتشاره أن أحاط الأهالي المصريون بجماعة من الجنود البريطانيين وقف بهم القطار في محطة ديروط، فقتلوهم ومثلوا بهم أشنع تمثيل وشربوا من دمائهم، وأعلنت بعض الجهات النائية بعض الشيء عن القاهرة استقلالها، واحتل شبان من المحامين دواوين الحكومة، وتولوا بأنفسهم أمور الحكم والمحافظة على الأمن والنظام. وأضرب المحامون في أنحاء القطر احتجاجًا على تصرفات السلطة البريطانية. واجه الإنجليز التظاهرات بالرصاص، وهددوا بقية الوفد ممن لم ينفوا بتحميلهم تبعة الاضطراب، فأصدروا بيانًا دعوا فيه للتهدئة، ولكن كان الأمر قد خرج من أياديهم، فأضرب الموظفون عن العمل الحكومي، وأيدها من كان الإنجليز يعتبرونهم أكثر الناس اعتدالاً، وأبعدهم عن الاشتراك في الخروج عن القانون. أيدها مستشارو الاستئناف، وأعضاء البيت المالك ببيانات أعلنوا فيها صراحة أنهم يؤازرون الشعب في طلب الاستقلال ولا يبغون عنه بديلاً[16].

ففي يوم 24 مارس أصدر من تبقى في مصر من الوفد مع علماء الأزهر وبعض الوزراء السابقين والأعيان، بيانًا دعوا فيه للهدوء والسكينة، وحَرموا الاعتداء على الأنفس والأملاك وقطع طرق المواصلات[17]. فقد بلغ خوفهم من الشعب الذي نفض الخوف، حد وصفهم له - مثلما فعل الاحتلال - بالغوغاء والرعاع، دون الإشارة إلى جرائم المستعمر. مضت الثورة لا تعبأ.. يسقط كل يوم منها شهداء، فقد كانت قيادة الثورة سياسيًّا وفكريًّا للوفد، لكن القيادة الفعلية اليومية للتحركات الثورية كانت في يد الطلية وصغار التجار والمحامين وبعض متوسطي ملاك الريف، فاستمرت قرابة ثلاثة أعوام، على فترات متقطعة؛ تشتغل ثم تهدأ لتنفجر من جديد.

على أكتاف الملايين قامت الثورة، ومنهم سقط الشهداء، وحكم بالإعدام والأشغال الشاقة والسجن على آلاف[18].

وقدر بعض المؤرخين الشهداء بـ 3 آلاف، وإن كانت الخارجية البريطانية والمندوب السامي قد حاولوا التقليل من الحدث، فذكروا أعدادًا متناقضة ما بين 800-1000 فقط، يكفي ما حدث لبلدة ميت القرشي - بجوار ميت غمر - في يوم 23 مارس للتدليل على جرائم المستعمر، فبينما كان الأهالي يقومون بتظاهرة سلمية حول البلدة، ونزل جنود بريطانيون على مقربة من البلدة وفتحوا النار على المتظاهرين بدعوى قطعهم السكة الحديد بالقرب منها، فاستشهد من أهلها مئة[19].

بعد أن فشل الاحتلال في إخماد الثورة بالقوة، قرر العمل بنصيحة اللنبي، مندوبهم السامي باستخدام اللين والمهادنة، فأفرج عن سعد وزملائه وسمح لهم، ولكل من يرغب، بالسفر. كان ذلك بعد أن ضمنوا رفض مؤتمر الصلح الاستماع للوفد، واستوثقوا من أنه ستقر الحماية البريطانية على مصر في معاهدة الصلح[20]. لم يتقدم استقلال مصر خطوة جراء سفر الوفد وإقامة أعضائه سنة كاملة في باريس، وسفر أحدهم لأمريكا، بل إن مركز إنجلترا في مصر ازداد استقرارًا[21].

العمال والثورة

يرى أمين عز الدين أن الطبقة العاملة كان لها السبق في فتح معركة مع المستثمرين ومعظمهم من الأجانب، إذ أن بوادر عودتهم للإضراب في أغسطس 2017، للمطالبة بحقوقهم، والاتجاه نحو إحياء النقابات التي شلت في أثناء الحرب. سعت حركة الوفد للاستقلال وإنهاء الحماية، وكانت حركة العمال ضد رأس المال الأجنبي. ولكنهما لم تلتحما لسببين؛ الأول هو عدم تضمين الوفد أيًا من القيادات العمالية أو ممثليهم، فقد كان الوفد يتكون من كبار الملاك الزراعيين المحافظين في ثوريتهم، والثاني هي اتباع الوفد للطريقة السلمية والمخاطبات للتفاوض من أجل الاستقلال، والبعد عن استخدام الأسلوب الثوري [22]. فإن الوفد اضطر للبعد عن الأسلوب السلمي الضيق، والانفتاح على قطاعات أوسع من الجماهير عند جمع التوكيلات. ومع أن الوفد لم يضع العمال في اعتباره، فإن العمال من وسعوا قاعدة جمع التوقيعات.

 وقد أدت سلمية الوفد لاعتقاد السلطات بعدم قدرته على الصمود، فقبضت على أعضائه ونفتهم، فتفجرت الطاقة الثورية لدى الجماهير بشكل لم يكن يتوقعه لا الاستعمار ولا الوفد نفسه. استمر من تبقى من الوفد بنفس الطريقة السلمية والمخاطبات، متبرأين من الانفجار الثوري.

كانت مشاركة العمال والحرفيين في الثورة بطريقتين، منفردين بمئات الآلاف في التظاهرات التي كان دعا إليها وقادها الطلبة والمثقفون في كل المدن، ودل على وجودهم كونهم أغلبية من الشهداء والمعتقلين. أو بمشاركة جماعية بالإضراب والتظاهر، كان ذلك في القاهرة والإسكندرية حيث تمركزت القيادات العمالية المنظمة.

اشترك العمال في الكثير من المواقع رافعين شعارات المطالبة بالاستقلال جنبًا إلى جنب مع مطالبهم الاقتصادية. بدأت المشاركة الجماعية للعمال بإضراب عمال الترام وسيارات الأجرة 11 مارس، تلاهم عمال عنابر السكة الحديد معلنين الإضراب العام، مما أدى لشلل الحركة داخل القاهرة. لم يستطع الكثير من العمال المشاركة في التظاهرة الوطنية للمثقفين والطلبة يوم 17 مارس إذ كانوا محاصرين في بولاق والسبتية، فقام عمال العنابر والمطبعة الأميرية بتظاهرة في اليوم التالي مستهدفين كسر الحصار. فتحت القوات البريطانية النار على المتظاهرين فسقط الكثير من القتلى والجرحى والمعتقلين. كما دخل عمال السكة الحديد في الإسكندرية، وعمال الموانئ والفنارات. أدى قيام الفلاحين بقطع خطوط السكة الحديد وإحراق المحطات مع إضراب عمال الورش إلى إيقاف مرفق السكة الحديد، مما أزعج للسلطة العسكرية البريطانية[23]. أظلمت القاهرة إثر إضراب عمال النور يوم 16 مارس، كان العمال والحرفيون يتظاهرون ليلاً حاملين المشاعل والأعلام [24]. فيما بعد دخل مجال المشاركة الجماعية عمال الجمارك والموظفون.

استمر وجود العمال في كل الأحداث الوطنية المهمة، ففي 1930 تزعم حزب الوفد حركة مقاومة حكومة صدقي لفضه الدورة البرلمانية، واستبدال دستور 1923 بدستور جديد، وإصدار قانون جديد للانتخابات يعمل على استبعاد العمال والفلاحين من المشاركة في انتخاب أعضاء البرلمان، لضمان عدم وصول الوفد للبرلمان [25]. فأضرب العمال في الكثير من الأماكن في مايو 1931، وقتل واعتقل الكثيرون، ودفنت الجثث في الصحراء [26]. وفي نوفمبر 1935 كان العمال ضمن المتظاهرين وفي الإضراب العام، احتجاجًا على تصريح وزير خارجية بريطانيا المتعلق بعدم إعادة الدستور [27].

وفي ديسمبر 1945 بعد رفض الحكومة البريطانية للطلب الذي تقدمت به حكومة النقراشي بفتح باب المفاوضات لإعادة النظر في معاهدة 1936 واستبدالها بالدفاع المشترك، وخرجت تظاهرة ضخمة من طلبة جامعة فؤاد الأول في 6 فبراير 1946، وأصيب 84 طالب نتيجة المصادمة مع البوليس عند كوبري عباس، وقامت تظاهرات في الأقاليم وقام البوليس بقمعها بعنف. فاستقال النقراشي وتولى إسماعيل صدقي الوزارة [28]. وجاء في شهادة ثريا أدهم أن الطلبة فكروا في تكوين "اللجنة الوطنية للعمال والطلبة" لمواجهة الضغط الإرهابي من الحكومة عليهم، لكي تشاركهم الطبقة العاملة التي كانت تخوض حركة إضراب واسعة لتحقيق مطالب اقتصادية. كانت اللجنة منتخبة مباشرة من الطلبة في الكليات والمدارس الثانوية، ومن العمال في المصانع. كان أول نشاط للجنة في 21 فبراير فتوقفت كل وسائل المواصلات، خرج من جامعة القاهرة، وتحرك العمال من شبرا الخيمة، على أن تلتقي التظاهرتان أمام قصر عابدين [29]

تحطيم تنظيمات العمال ومحاولات الهيمنة عليها

بدأ التفات العمال لمطالبهم الاقتصادية بعد الإفراج عن سعد وزملائه، قادت النقابات حركة إضراب كبيرة، احتلت المصانع، ورفعت فيها الأعلام الحمراء. فتأسس الحزب الاشتراكي عام 1920، والذي ساعد في تأسيس اتحاد عام للعمال في نفس العام، ثم تأسس الحزب الشيوعي 1922[30].

فزعت البرجوازية من موجة الإضرابات التي قامت بها نقابات الاتحاد، كذلك من برنامج الحزب الذي نادى بالاستقلال وتأميم قناة السويس ومصادرة الملكيات الزراعية. فقامت أول حكومة وفدية في 1924 بحل الاتحاد، وبتقديم قيادات الحزب للمحاكمة، بل واغتيال بعضهم. كما فُصِل العمال وكل من له صلة أو تعاطف مع الحزب [31].

لم تكن حكومة الوفد لتترك فراغ يسمح بقيام عناصر يسارية جديدة تنظم العمال، فقامت بتأسيس "الاتحاد العام لنقابات العمال في القطر المصري" 1924 بزعامة عبد الرحمن فهمي، ووضعت له لائحة نزعت فيها حق النقابات في إعلان الإضراب، وأعطته للاتحاد وحده بأغلبية أعضاء مجلس إدارته. لم يستمر الاتحاد طويلاً، إذ أدى مقتل سردار الجيش المصري، إلى استقالة حكومة سعد زغلول والقبض على رئيس الاتحاد واتهامه بالقتل، بالإضافة للإجراءات التي قامت بها حكومة زيور أدت للقضاء على الاتحاد [32]. اكتفى الوفد حتى 1929 اكتفى الوفد بوجود قياداته في النقابات، وما أن تولي الوزارة سنة 1929 حتى بدأ العمل على إقامة اتحاد آخر توقف مع استقالة الحكومة بعد فشل مفاوضات (النحاس- هندرسون) 1930.

ظهر عباس حليم في معركة السخط على حكومة صدقي، لأنه من الأمراء الذين كانوا في صف الشعب، فجردته السراي من اللقب، ومن امتيازات أبناء أسرة محمد علي، فكسب شعبية كبيرة جعلت حزب الوفد يتعاون معه في إنشاء اتحاد للعمال يكون برئاسة عباس حليم، يعمل من خلفه رجال الحزب. لكن طموح عباس حليم جعله حريصًا على أن تكون له السيطرة التامة على الاتحاد، فرفض السماح بتسلل الوفديين إلى مجلس إدارة الاتحاد. بقي الصراع بينهما مستتر خلال الفترة 1931- 1935، إذ تعرض الاتحاد للحرب من الحكومة فأغلق مقره وحورب النقابيون في رزقهم وزج بهم في السجون [33]. وانشقت الحركة لنصفين بتأسس الوفد "المجلس الأعلى للعمل" 1935، فكانت الفرصة الذهبية للبوليس السياسي للقضاء على الاتحادين.

انفصل عباس حليم عن العمال وتنصل من مهامه إثر عودة امتيازات العائلة المالكة له. فبدأ الاتحاد يتداعى، ويزج بقياداته في السجون، ويحرض البوليس الشركات والمصانع على فصل أعضائه، وإغلاق مقرات النقابات، فانفرط عقد الاتحاد وعادت النقابات تناضل منفردة. شهد عام 1936 موجة كبيرة من الإضرابات بسبب سوء الأحوال الاقتصادية للعمال، اتخذت الإضرابات طابع عنيف كتكسير الماكينات والمرافق، مما أدى إلى إطلاق النار على العمال بسكر الحوامدية والترام. في 1937 أسس قادة العمال الذين تمرسوا على العمل النقابي في حجر الاتحادات "هيئة تنظيم الحركة العمالية" بهدف إعادة نشاط النقابات. حاول عباس حليم العودة للسيطرة على الحركة 1938، لكنه تمت تنحيته بعد شهر. أنهت الحرب العالمية الثانية 1939 المحاولة، حيث طاردت الحكومة قياداتها، ومنعت الإضرابات في ظل الأحكام العرفية [34].

في أثناء الحرب حاصر الإنجليز الملك، وأرغموه على أن يكلف النحاس باشا بتشكيل الحكومة 1942، فسخط الشعب لقبول الوفد ذلك، واسترضاء للشعب شرعت الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات الضرورية، فأصدرت بعض التشريعات العمالية[35]. وقد أدت ظروف الحرب إلى نقص الواردات، مع زيادة الطلب لوجود ربع قوات الحلفاء في مصر، ولتصدير بعض البضائع لعدد من الأقطار المجاورة، فكانت فترة رخاء على الصناعة المصرية. فتوسعت الطبقة العاملة نتيجة لذلك وكذلك نتيجة لإلحاق مئات الآلاف من العمال المصريين بورش المصانع الحربية التابعة للقوات البريطانية. مع انتهاء الحرب أغلقت تلك المصانع، وكذلك المصانع التي نشأت في أثناء الحرب، فتفاقمت مشكلة البطالة، وجرى معها انخفاض في مستوى الأجور برغم الارتفاعات المطردة في الأسعار. أصدرت الحكومة كادر لأجور لعمال الحكومة 1944، فأسست النقابات "مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية" كجبهة من أجل توحيد النضال للتطبيق نظام الكادر عليهم. اكتسب المؤتمر شرعية دولية بحضور مندوبيه للمؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي في باريس 1945، وضع ضمن أهدافه مسألة التحرر الوطني، وتوطيد أركان الديمقراطية وتدعيم أسس الأمن الدولي. كذلك شمل برنامج "لجنة العمال للتحرير القومي" التي تأسست في أكتوبر 1945، من قبل جماعة من النقابيين الشيوعيين ممن خرجوا من المنظمات على كل المطالب الوطنية الخاصة بالاستقلال والتمصير، ومكافحة الصهيونية، المساواة بين الجنسين، بالإضافة لأهداف تخص مجانية التعليم وتحسين وضع الفلاحين بنزع الملكيات الكبيرة وتوزيعها عليهم. تقدمت اللجنة بعريضة إلى أعضاء مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة 1945 للمطالبة بالاستقلال [36].

أدت مشاركة "مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية" في النضال الوطني 1946 إلى علو شأنه، فسعي لتأسيس "مؤتمر نقابات عمال مصر". جاء ضمن أهدافه كل ما سبق ذكره من أهداف في مؤتمر نقابات عمال الشركات الأهلية، ولجنة العمال للتحرير القومي. فشل البوليس في منع انعقاد المؤتمر 1 مايو 1946، ألقت حكمت الغزالي كلمة باسم "رابطة العاملات بالقاهرة". أرسل المؤتمر مذكرة بمطالب العمال لرئيس الوزراء، وواصل نضاله من أجل تحقيقها. كان ضمنها تحديد يوم للإضراب العام، فإن الحكومة نجحت في استمالة عمال النقل وجعلهم لا يشاركون في الإضراب فلم ينفذ. وتم إلقاء القبض على قيادات المؤتمر، ضمن موجة الاعتقالات التي شملت صحفيين وطلبة وسياسيين، وذلك للقضاء على الحملة المعارضة لمشروع معاهدة بيفين- صدقي، واتهامهم بالعمل على قلب نظام الحكم والترويج للشيوعية. كما تم حل النقابة العامة لعمال النسيج الميكانيكي في شبرا الخيمة بسبب نشاطها ضد إغلاق المصانع وتشريد العمال [37].

تبلور النشاط العمالي فيما بعد حل المؤتمر في نقابات المؤسسات، بدأت النقابات تتحرك لمحاولة تكوين اتحاد 1950، كان للقادة النقابيين الشيوعيين دور مهم في ذلك، امتدادًا لدورها منذ عام 1945، مما جعل الحكومة توجه لهم الضربات الموجعة.

تأسست "اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لنقابات العمال في القطر المصري"، ضمت ما لا يقل عن مئة نقابة. أوفدت اللجنة مندوبين عنها للاتحاد الدولي للنقابات، ومؤتمر اتحاد عمال السودان. أعدت الترتيبات لتأسيس المؤتمر في 27 يناير 1952، لكن حدث حريق القاهرة في اليوم السابق، فأعلنت الأحكام العرفية وتم القبض على قيادات المؤتمر. في مايو من نفس العام أعيد تشكيل اللجنة تحت اسم "اللجنة التأسيسية لاتحاد نقابات العمال المصرية"، تحدد 14-16 سبتمبر 1952 موعدًا لعقد المؤتمر الذي سيناقش ويقر اللائحة ويعلن التأسيس، لكن بعد قيام حركة الضباط 1952 لم تسمح السلطات بانعقاد المؤتمر [38]، وتلك قصة أخرى لمرحلة أخرى.

هوامش

[1] - يحي حقي، صفحات من تاريخ مصر، المقالات الأدبية: 5، الهيئة العامة للكتاب، 1989، مقال بعنوان "هذا العام" كتبه سنة 1969، ص 213

[2] - عبد الرحمن الرافعي بك، ثورة سنة 1919: تاريخ مصر القومي من سنة 1914-1921، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة النهضة المصرية، 1946، ص 44.

[3] - رؤوف عباس حامد محمد، الحركة العمالية في مصر: 1899-1952، المجلس الأعلى للثقافة، 2016، ص 55-56

[4] - شهدي عطية الشافعي، تطور الحركة الوطنية المصرية (1882-1956)، الطبعة الأولى 1957، مطبعة الدار المصرية للطباعة والنشر والتوزيع، ص 5

[5] - رؤوف عباس: ص 58-60

[6] - رؤوف عباس، ص 62

[7] - رؤوف عباس، ص66-67.

[8] - شهدي عطية، ص 20-25.

[9] - رؤوف عباس، ص 73- 75، 78

[10] -شهدي عطية الشافعي، ص 12-13

[11] -عبد الرحمن الرافعي، ص 45- 46

[12] - يحي حقي، مقال بعنوان " 11 نوفمبر..."، كتبه عام 1961، ص 202

[13] - يحي حقي، مقال بعنوان "11 نوفمبر..."، كتبه عام 1961، ص 199

[14] -أمين عز الدين، الطبقة العاملة وثورة 1919، الفصل السابع من كتاب " القارعة" دراسات مختارة من ثورة 1919"، تحرير وتقديم: د. نجلاء المكاوي، تحرير: تامر وجيه، دار المرايا، الطبعة الأولى 2019، ص 2019.

[15] - شهدي عطية الشافعي، ص 29

[16] - د. محمد حسين هيكل، مذكرات في السياسة، الجزء الأول: من سنة 1912 إلى سنة 1937 " من الحماية إلى معاهدة إلغاء الامتيازات الأجنبية"، دار المعارف، 1951، ص 75- 80

[17] - عبد الرحمن الرافعي ص 187-188

[18] - شهدي عطية الشافعي، ص 40-42.

[19] - عبد الرحمن الرافعي، ص 169- 171

[20] - عبد الرحمن الرافعي، ص 216.

[21] - د. محمد حسين هيكل، ص 90.

[22] - أمين عز الدين، الطبقة العاملة وثورة 1919، الفصل السابع من كتاب " القارعة" دراسات مختارة من ثورة 1919"، تحرير وتقديم: د. نجلاء المكاوي، تحرير: تامر وجيه، دار المرايا، الطبعة الأولي 2019، ص 219- 224

[23] - أمين عز الدين، ص 224-232

[24] - رؤوف عباس، ص 80- 81.

[25] - رؤوف عباس، ص 101-102.

[26] - شهدي عطية الشافعي، ص 79.

[27] - رؤوف عباس، ص 116-117.

[28] - رؤوف عباس، ص 136-139.

[29] - من تاريخ الحركة الشيوعية في مصر، شهادات ورؤى، الجزء السابع، تقديم عاصم الدسوقي، مركز البحوث العربية والأفريقية- لجنة توثيق الحركة الشيوعية المصرية حتى عام 1965، ص 53-54

[30] - شهدي عطية الشافعي، ص 43- 44.

[31] - من تاريخ الحركة الشيوعية في مصر، حسونة حسين عن الحزب الشيوعي المصري الذي تأسس عام 1922، ص 74-75.

[32] - رؤوف عباس، ص 212-213

[33] - رؤوف عباس، ص 102- 114

[34] - رؤوف عباس، ص 119-123

[35] - رؤوف عباس، ص 222

[36] - رؤوف عباس، ص 129-136، 309- 313

[37] - رؤوف عباس، ص 139-151

[38] - رؤوف عباس، ص 152-155