هموم

دار المرايا

كاملة أبو ذكري: الرقابة على الأفكار وغياب الحرية مشكلة الدراما المصرية

2021.06.01

كاملة أبو ذكري: الرقابة على الأفكار وغياب الحرية  مشكلة الدراما المصرية

- ما مشكلات الدراما المصرية الآن؟

المشكلات الحقيقية واضحة، وتتمثل في الرقابة على الأفكار، وعدم وجود حرية.. الحرية أكثر ما يشغلني في الدراما لأن الفن يعني حرية، لا أتصور فنانًا دون حريته، وبسبب هذا من الصعب تقديم عمل فني جيد في ظل تلك الظروف.. وأتمنى حدوث تغيير لهذه الأوضاع وأن يسمح للجميع بتقديم ما يريدونه، لأن الفن متنفس للمتفرج وللمبدع أيضًا.

الدراما تعاني أيضًا من أفكار مكررة وساذجة، يحدث أن يكون هناك إنتاج ضخم لأعمال كثيرة، لكن الفكرة مكررة أو قديمة، فتسأل نفسك هل من المعقول أن تنفق كل تلك الأموال على أعمال بهذا الشكل؟ لست ضد العمل على أفكار قديمة مثل الثأر وغيره، ولكن يجب تناولها بشكل يليق بـ٢٠٢١ والزمن المختلف والجيل الجديد الذي يتابع المنصات ولا يشاهدنا.. المشهد يجعلك، رغمًا عنك، تتجه إلى منصات مثل شاهد ونتفليكس فتشعر بالغيرة، كيف للسعودية أن يكون لديها هذا البراح في الأفكار والأعمال ومصر لا، هذا الشيء يأزمني كثيرًا، المحاذير الرقابية كثيرة جدًا.. مصر هي أم الفنون هي الكبيرة، كيف تكون الكبيرة وضعها بهذا السوء!

- وكيف كانت تجربتك الدرامية خلال ٤ أعمال لاقت جميعها نجاحًا كبيرًا؟

قدمت "ذات، سجن النسا، واحة الغروب، بـ ١٠٠ وش" ولكن هناك اختلاف في التوقيت مما جعل بعض الأعمال تخرج في ظل حرية مطلقة ومن تلك الأعمال "ذات، وسجن النسا"، "ذات" تحديدا كان المجال مفتوحا، وصدى الثورة ما يزال يدوي في كل مكان، وكل من يريد قول شيء يقوله، حتى إنه في نفس العام أنتج مسلسل "ذات" وخرجت معه أعمال مهمة وجيدة مثل "موجة حارة، وبدون ذكر أسماء"، وقتها لم أقابل صعوبات بسبب التوقيت، لم يكن هناك تزمت أو كبت حريات، أو سيطرة على الأفكار، الأمر اختلف بالطبع فيما بعد، أشير إلى هذا لأن الفن يحتاج إلى حرية كي يكون هناك فن من الأساس، من الصعب أن تجدي فنانًا متزمتًا، الفنان دائمًا يريد تكسير كل القيود وكل التابوهات، ولديه أحلام كبرى لبلده، أتمنى أن يعطونا مساحة للحرية أكبر من هذا كي نقدم دراما على مستوى الوقت وتاريخ الدراما المصرية.

 - هل يمكن أن تذكري موقفًا تعرضتِ له أثناء أعمالك في الدراما وارتبط بقيود معينة؟

المشكلة أن التقييد أحيانًا يكون على أمور تافهة أتذكر في مسلسل بـ"١٠٠ وش"؛ شخصية سباعي شخصية مفرطة في شرب الكحوليات لكنهم "عملوا مشكلة"، فتساءلت ماذا يحدث أنا لست في معركة لفيلم "البريء"، يجب أن ننتبه أن جزءًا من رفضنا وخوفنا من جماعة الإخوان كان بسبب احتمالات تحويلنا لبلد متزمت وليس به حريات، وأتمنى اختلاف الأمر الأيام القادمة.

- ما مقياس نجاح الأعمال الدرامية في تقديرك؟

النجاح مقياسه صعب لأنه نسبي، فمن الممكن أن تقدمي عملاً مهمًا وبه كل عناصر النجاح والجمهور لا يحبه، الفنان لا يدري إن كان سينجح أم لا، على سبيل المثال مسلسل "سجن النسا" إذا عُرض الآن في ٢٠٢١ قد لا ينجح مثلما حدث عام ٢٠١٤، لأن الجمهور قد لا يتحمل جرعة الحزن المكثفة، أيضًا "بـ١٠٠ وش" نجح العام الماضي لأن الجمهور كان في حاجة إلى ابتسامة خاصة في ظل أزمة الكورونا والظروف الاقتصادية الصعبة، وفى النهاية يبقى أن نقدم ما يمليه علينا الضمير الفني والإنساني ونترك باقي المعادلة للحظ.

- كيف ترين الدراما في ظل سيطرة جهة منتجة بعينها على المشهد وهي الحالة الأقرب إلى الاحتكار؟

بالطبع الاحتكار يتسبب في مشكلات كبيرة، فإذا كنت المخرجة الوحيدة في مصر، لن يكون لديَّ تحد لأكون أفضل في ظل منافسة وأعمال مختلفة لمخرجين أخرين.. نفس الفكرة في الإنتاج، تعدد جهاته يمنحك ثراءً في الأفكار، الصورة، التكنيك، وحتى في اختيار الفنانين، وجود شركة واحدة يقلل المنافسة والأفكار، ويجعل الأجواء ليس لها طعم والمسلسلات تكون شبيهة ببعضها بعضًا.. ولكن الحقيقة أرى هذا العام الأمر اختلف قليلاً من الواضح أن هناك انتباه للفكرة السابقة، أرى شركات أخرى وإن كانت قليلة في اللعبة.

- هل هناك شعرة بين إنتاج الدولة للأعمال الفنية وبين احتكار الصناعة؟

إنتاج الدولة في السابق ارتبط بإنتاج أفلام في ظل وجود أفلام أخرى؛ فمثلاً كان الأستاذ داوود عبد السيد يذهب بفيلمه للدولة حتى تنتجه، لأن الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة لديها استعداد لتمويل أفلام لا تشبه السوق وطبيعته، لكن الأمر وقتها كان مختلف فالدولة لم تفرض على باقي المنتجين الجلوس في البيت، لم تفرض عليهم أداءً بعينه، لأنها كانت الملجأ الوحيد لنا، لكن لم يكن هناك احتكار للصناعة، وكانت تعطي لغيرها مساحة، بالنسبة للدراما، الحكومة أو ماسبيرو طول الوقت تنتج، ولكن نحتاج إلى تعدد الشركات كي تتعدد الأفكار، وتعطينا الفرص والمساحة الأكبر وتخرج فنانين ومواهب.

- كيف لم تقع كاملة أبو ذكري في فخ ضغوط المنتجين على المخرجين لفرض أسماء بعينها أو التحايل على السيناريو الجيد؟

لم يحدث معي إطلاقًا، معظم أعمالي مع "العدل جروب" ولم يفرض أحدهم أي اسم أو يتدخل في عملي، بل هناك ثقة، ووعي بما أراه وأومن به، وهناك نقاش محترم بشكل دائم، قد يحدث أن أطلب ممثلة ما ولكن سعرها أغلى من المتاح وهي الحالة الوحيدة التي أقبلها فأبحث عن غيرها، المنتج دائمًا يعطيني الثقة ويعلم أني أتعامل بضميري ومعياري الوحيد العمل الجيد.

- هل هذا يعني أنه إذا تدخلت إحدى شركات الإنتاج لفرض اسم بعينه أو اللعب في السيناريو سترفضين؟

لا أستطيع قبول هذا التدخل، حتى إذا كان يعجبني الاختيار، لأن المخرج والمنتج هناك علاقة بينهم تحتاج إلى ارتياح وثقة وفهم، ولا أشعر بارتياح في حالة فرض شيء بعينه.

- لديك ثلاث تجارب لتحويل أعمال روائية إلى دراما، هل العمل على نصوص أدبية صعب؟

بالطبع، هناك صعوبة كبيرة على قدر المميزات، بخاصة لو كانت رواية مهمة ومقروءة فيكون لديَّ حِمل نقلها بأمانة وضمير وعدم التقليل منها أو تغيير وجهة نظر الروائي نفسه، الصعب في تقديري أن أحول رواية مكتوبة بهذا الجمال إلى عمل مرئي، بخاصة إذا كانت رواية مثل "ذات" لا تتخيل حين تقرأها أنها ستتحول إلى عمل فني، لا يتصور أحد أن فصلاً كاملاً في الرواية يتحدث عن رغبة البطلة في تغيير سيراميك الحمام يمكن تحويلها إلى مشاهد يهتم بها ويتعاطف معها الجمهور، لكن الحمد لله! 

- هل الملامح الجديدة للدراما المصرية وطبيعة المشهد قد تغير من الممثل؟

الممثل الجيد موجود أيًّا كان وضعه، مجتهد وموهوب أيا كانت الأجواء، هذا العام هناك كمية ممثلين "يفرحوا"، رغم الأجواء لكن هناك أعمال جيدة جدًا، بمختلف تنوعاتها.

- ما رأيك في فكرة استخدام الدراما بشكل موجه في قضايا كبرى؟

مهم جدًا، وطبيعي أن يكون موجود، وهو فن موجه لقول الحقيقة، لا للتزييف، العالم كله لديه فن موجه، أنا أحببت مسلسل "الاختيار" جدًا، والبداية كانت حبي لكريم عبد العزيز ومكي ورغبتي في مشاهدتهم كثنائي فبدأت أنجذب للحدوتة وتعرفت على أشياء مهمة، البعض علَّق على صفحتي الشخصية أنه فن موجه، ما المشكلة في هذا؟ أنا لا أطرح أفكارًا مثل أفكار أمريكا التي استخدمت الفن لنشرها عن العرب وأنهم همج، أو أنني أقدم فن لأغسل يدي من دم أطفال كما تفعل إسرائيل، هل وأنا أشاهد الاختيار محمد مبروك لم يقتل؟ كلها أحداث حقيقية، قد يكون هناك بعض السخرية من الناس حول ملائكية الشرطة المقدمة أو زيادة الجرعة في المسلسلات من هذا النوع، ولكن المبدأ جيد، وأطلب من ابنتي المشاهدة لتعلم.

- سبق وصرحتِ تصريحًا مميزًا "لن أتحول إلى آلة" متى يحدث هذا للمخرج؟

حين يضع الكاميرا في المكان لينفذ ولا يفعل شيئًا سوى أن ينفذ، ليس لديه إحساس بما يفعله، التعامل بعدد الدقائق وعرض كمية كبيرة في شهر رمضان مثلاً يحولك إلى آلة، أتذكر أنني وصلت للعمل وتصوير ٢٢ دقيقة في اليوم وأنا مستيقظة لمدة ٣ أيام فتحولت إلى آلة؛ أخرج مشاهد، وأنفذ فقط لا أستمتع بالمشهد أو أحلم به، لأن هناك سكينة على الرقبة تسمى العرض في رمضان، صورت ١٢ حلقة خلال شهر رمضان الماضي وكان أمرًا مرهقًا للغاية، كنت أمنتج الحلقة وأنا منهكة ولم أنم، لكن الإحساس والمشاعر والاستمتاع والإيمان بالمشاهد كلها أمور مفتقدة في تلك الأجواء.

- معادلة الصناعة الجديدة التي فُرضت منذ فترة حول بدأ تصوير أعمال رمضان قبلها بـ٤ شهور فقط من المسؤول عنها؟

المنتج لا يريد دفع أي تكاليف إلا في أثناء العمل، ولا يريد العمل قبلها، لا يريد المجازفة، أتمنى أن يجدوا لنا حلاً في هذا لأنه أمر مرهق ومؤذٍ للمهنة نفسها، في الخارج العمل على السيناريو يحتمل شهورًا من أجل سيناريو جيد مراجع مكتمل، في مصر ندخل التصوير بعشر حلقات أو ٣ حلقات وباقي الحلقات ينتهي منها السيناريست في أثناء التصوير، إذا رفضت هذا هل أرفض بمفردي؟ للأسف أصبح نظامًا يعمل به الجميع، إذا رفضت قد يصنفونك "المخرجة دي دمها تقيل أو تشترط أن يكون لديها ٣٠ حلقة".

- هل يختلف العمل الدرامي في حالة أن يكون بين يدي المخرج ٣٠ حلقة كاملة قبل التصوير؟

طبعًا، تصور لديك الحلقات مكتملة، تعلم أولك وآخرك، وأماكن التصوير، والممثل يعلم تطور الشخصية، حتى إنتاجيًّا يكون المنتج على علم بمصروفاته، لأنه أحيانًا يحدث أن تصور مشهدًا في البداية داخل مكتب، وينتهي ويعود المكتب في الحلقات الأخيرة فتضطر إلى البحث مرة أخرى  وتجهيزه أو إيجاره وهو ما يكلفك الكثير ماديًّا وبدنيًّا.

السينما لا يحدث فيها ذلك أبدًا؛ أنا بنت سينما، والتليفزيون لجأت إليه لأن السينما أغلقت تقريبًا. إضافة إلى ذلك فإيقاع المسلسل يتأثر في الحلقات العشر الأخيرة، ولا يمكنك الاعتراض، لأن هناك عملاً يعرض الآن على الشاشة، حتى الممثل قد يكمل رغم عدم محبته لما كُتب، ولا يمكن التعديل، هذه المعادلة مر بها أفضل مسلسل في السنوات العشر الأخيرة وأسوأ مسلسل، ولم ينجُ منها أحد.

- هل حل المشكلة قد يكون فيما يطلق عليه "مسلسلات الأوف سيزون"؟

أتمنى.. ولكن المشكلة أن النجاح والانتباه والمشاهدة في رمضان، أنا شخصيًّا لا أشاهد التليفزيون إلا في شهر رمضان، فالحل في التحضير المبكر، لماذا لا نستعد لرمضان ٢٠٢٢ من الآن؟ لماذا قبلها بأربع شهور؟ 

- هل لدينا أزمة ورق؟ هل هناك مشكلة في كتابة السيناريو؟

أزمة الورق هي الأزمة الحقيقية، الأفكار الجديدة والسيناريست الجيد شبه مُختف، أصبحوا حرفجية، لا نريد ملء ورق، ليس لدينا أسامة أنور عكاشة أو وحيد حامد.

- هل يتحول السيناريست الجيد في فترة إلى سيناريست آلة؟

نعم يحدث ويتحول إلى آلة أيضًا، "الفلوس حلوة" وبالتالي فكرة الرفض غير سهلة، كيف يكون لديك القوة أن ترفض الفلوس أو ترفض وجودًا مستمرًا للحفاظ على موهبتك،  قد تدفع ثمنًا حتى تستمر موهبتك وهو أمر ليس بسهل، أنا شخصيًّا رفضت أكثر من عمل بعد نجاح بـ١٠٠ وش، ومعروف أنه عقب كل نجاح تزدحم العروض، كان ممكن أن أضع رجلاً على رجل وأطلب ما أريد، لكني وجدت أن ليس لدي ما أقوله، أرغب في الهدوء وترتيب أوراقي، أحترم من يستطيع أن يقول لا، الفلوس لا تسيطر عليَّ بالشكل الجنوني.

- ما رأيك في ورش الكتابة؟

لم أعمل بها من قبل، وأجد بعض الأعمال الكبرى في العالم نتاج ورش سيناريو، ومسلسلات ناجحة عالميًّا اعتمدت عليها بالفعل، وبعضها يكون على طريقة كتابة أن يكتب كل سيناريست حوار شخصية واحدة بنفس إحساسها وخط سيرها، ورش الكتابة طريقة مختلفة لكن المهم ألا تكون "استعباطا". 

- هل تطلبين بشكل مباشر من الممثل مذاكرة الشخصية؟

نعم، وأحيانًا الممثل نفسه ينتبه ويبحث، مثلاً نيللي كريم جلست مع سجانات كثيرة لتقدم شخصية "سجن النسا"، وأحمد داوود وملاحظته لسائقي الميكروباص، كي يشبهه ويستطيع تقديمه، لأن مفرداتنا مختلفة لا بد أن يراه على الطبيعة، وهناك شخصيات تحتاج إلى مشاعر فقط لا مذاكرة.

- ما رأيك فيما حدث في مسلسل أحمس؟

اندهشت من الإعلان؛ حرام عليهم.. الخطأ ليس خطأ الممثل لكن خطأ من سمح له بترك الدقن، والملابس أصلاً رومانية، ومن يرد على الانتقادات للمسلسل بأن يوسف شاهين أخطأ في صلاح الدين الأيوبي، أرد أنا عليه بأنه هناك فرقًا بين خطأ مقصود مرتبط بوجهة نظر ورؤية أريد وضعها، وخطأ من باب الاستهبال والاستعباط، وفرحت أن الناس أدركت هذا ورفضته، لأن المسلسل مرتبط بأكثر الأشياء التي نستند إليها جميعًا؛ وهو تاريخ المصريين القدماء، هو يستسهل ويعتقد أن الناس تتقبل أي شيء؟ هل قرأت الرواية واتجننت بأحمس؟ هل عرفت تاريخه، أنت تعتقد فقط أنه فيلم أكشن، أنا ضد المنع، إذ صرفت أموال كثيرة، ولكن من البداية الاختيار كان خطأ، وهو مسؤولية الإنتاج والإخراج، وأعتقد أن المسؤولين حين رأينا نقل المومياوات، لقد شعروا بالفرق بين من اجتهد ومن استسهل.

- لو افترضنا أنك مسؤولة عن الدراما المصرية من بابها، أي قرارات تأخذينها؟

تبتسم "الله".. أصنع تصنيفًا عمريًا بشكل حقيقي في أوقات معينة لأعطي مساحة من الحرية بشكل أكبر، سأجعل هناك قسمًا للأدب المصري، وأستخدم أعمال نجيب محفوظ وعبد القدوس وإدريس وغيرهم، أصنع ورش أفكار مختلفة من شباب جدد، أعطي مساحة لممثلين ومخرجين جدد وأراهن عليهم، أحرص على وجود أعمال تاريخية كل عام، وإن كانت تاريخ بسيط، قصة حب حدثت في وقت قديم، أعطي الحرية للعاملين بشكل أكبر في طرح أي أفكار، أقدم أعمالاً استعراضية وأعيد الفوزاير، أشكل لجنة قراءة وأختارهم من أفضل الأسماء.

- هل هناك ما يُسمي بالكيمياء المشتركة في الدراما؟

طبعًا، أن يتم التعامل مع أشخاص تفهم بعضها بعضًا، مدير تصوير، مونتير، مؤلف، الممثل نفسه من المهم أن يكون بيني وبينه كيميا.. من مجرد النظرة يعلم ما المشكلة، وهناك ممثل جيد جدًا والمخرج جيد جدًا ولكن ليس هناك كيمياء مشتركة للتعامل.

- كيف تقيمين عبارة "إنتاج للأسرة المصرية" التي تكتب أحيانًا قبل بدأ العمل الدرامي؟

لا أفهم تلك العبارات؛ فهناك تصنيف عمري يمكننا اللجوء إليه، إنتاج الأسرة المصرية أضعه حين أبيع غرفة سفرة، لا عملاً دراميًّا، أي أسرة تتحدث عنها.. عبارة دمها تقيل. 

- كيف ترين المنصات الجديدة "شاهد، نتفيلكس، واتش إت"؟

هي باب فتح للجميع، ولكن أتمنى أن يفتح في مصر مثله بأيدي مصرية وإدارة مصرية، لا أحب أن يمتلك شغلي دولة أخرى لهذا أتمنى أن تصنع مصر منصة خاصة مثل تلك المنصات، قد أتعامل معها ولا أشعر بثقل على قلبي.

- هل تنزعجين من تصنيف البعض لما يسمى "كتابة نسائية، مخرجة المرأة"؟

هي كلمة مزعجة لا أريد هذا التصنيف بأنني سيدة أعمل أفلام عن السيدات، ما يحدث أنني سيدة قد أشعر بمشكلات السيدات بشكل أكبر رغما عني، حاولت أخرج من هذا في واحة الغروب وملك وكتابة و١٠٠ وش، بعد أن أطلقوا عليَّ مخرجة المرأة.

- هل من الممكن أن تتعاوني مع محمد رمضان؟

بعد أن تعامل مع الإسرائيليين لا.. قبل هذا كان من الممكن أن أتحمل جنونه، لكن الفصلة التي بيني وبينه أنه وضع يده في يد من يقتل أطفالنا، الدم ليس وجهة نظر، ولكن ما حدث أن يصور مع إسرائيليين ومتخيل أنها ستمر لا، لا أضع يدي في يد إسرائيلي أبدًا،  أو في يد شخص موافق على الكيان الإرهابي، هل أضع يدي في يد من يفجر كنيسة؟ إنهم أساس الإرهاب؟ كيف تضع يدك في يد من يقتلون جارك!

- هناك مشروع فيلم مقتبس من رواية نجيب محفوظ "تحت المظلة" ما آخر تطوراته؟

أحاول الآن أن أجد له منتجًا، كنت أريد أن يكون فيلمًا ولكن واضح أن السينما متوقفة. 

- هل ننتظر كاملة أبو ذكري رمضان ٢٠٢٢؟

لا أعلم، ولكني لن أعمل داخل سيستم ٤٠ ساعة.. لن أكرر التجربة بهذا الشكل مرة أخرى.

لست ضد العمل على أفكار قديمة مثل الثأر وغيره، ولكن يجب تناولها بشكل يليق بـ٢٠٢١، الزمن اختلف والجيل الجديد الذي يتابع المنصات لا يشاهدنا

تعدد جهات الإنتاج يمنح ثراءً في الأفكار، الصورة، التكنيك، وحتى في اختيار الفنانين، ووجود شركة واحدة يقلل المنافسة، ويجعل الأجواء ليس لها طعم والمسلسلات متشابهة

إنتاج الدولة في السابق ارتبط بإنتاج أفلام في ظل وجود أفلام أخرى، لأن الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة لديها استعداد لتمويل أفلام لا تشبه السوق وطبيعته

 النجاح والانتباه والمشاهدة يكون في رمضان، أنا شخصيًّا لا أشاهد التليفزيون إلا فيه، والحل في التحضير المبكر، لماذا لا نستعد لرمضان ٢٠٢٢ من الآن؟ لماذا قبلها بأربع شهور؟

 هالة خليل إحدى أبرز المخرجات المصريات التي استطاعت فرض اسمها فنيًّا بقوة، عبر أعمال قد تكون قليلة لكنها أثرت في المشهد الفني المصري بقوة، واقتنصت لتلك الأعمال رقمًا على الخريطة، واستطاعت الحصول على جوائز مهمة منذ عملها الأول، وبمرور الوقت تحولت جُملها السينمائية والدرامية إلى أيقونات تعيش سنوات وسنوات..

خاضت هالة خليل تجربة العمل في الدراما بعد تجارب سينمائية شديدة الأهمية، وفي هذا الحوار نركز معها على رؤيتها لحال الدراما، صناعة وإنتاجًا.. كمًّا وكيفًا، وكيف ترى الإنتاج المقدم على الشاشات، والمشكلات خلفها.

- لماذا اختفت هالة خليل من السباق الدرامي بعد تجربة "بالحجم العائلي"؟

لم يكن مقصودًا، كان لديَّ مشروع فني أعمل عليه منذ فترة، وحين عُرض عليَّ مسلسل "بالحجم العائلي" أجلت مشروعي، لأنني لم أستطيع رفض عمل مع الأستاذ يحي الفخراني، فهو يمثل نقطة ضعف لي، وبعدها عدت مرة أخرى إلى تجهيز العمل المؤجل.

- كيف ترين هموم الدراما المصرية الحالية التي قد تصنع ملامح جديدة للمشهد؟

أهمها في رأيي فكرة أن يكون العمل ٣٠ حلقة، بجانب أن طريقة العمل نفسها لتحضير الدراما بها الكثير من المشكلات التي تحولت إلى أمر معتاد، قد يكون بالفعل حجم الإنتاج كبيرًا، وهناك أعمال درامية كثيرة وحالة من السباق، وهو ما يعني منافسة أكبر وبيزنس واستثمارًا أكبر في المجال، وتنشيطًا للصناعة نفسها.. وكلها أمور إيجابية لا أرفضها ولست ضدها، فالأعمال الكثيرة أقرب إلى بوفيه كبير في توقيت واحد وهو شهر رمضان، ولكن من غير المنطقي أن تتناول البوفيه كله مرة واحدة.

-   ما سبب تلك الحالة في رأيك؟

لا أعرف السبب في تلك المعادلة، ولو أنها في الأغلب مرتبطة بالإنتاج نفسه، ودورة رأس المال ولكنه أمر مؤذٍ للصناعة، فطول العام لا نفعل شيئًا وينتج عن هذا التسرع والجدول الغريب دخول مصطلحات جديدة في المشهد، منها على سبيل المثال أن يدخل على المخرج مخرج أول وثان وثالث للمساعدة في تصوير المشاهد لإنجاز العمل، وهو أمر كان في السابق يعد جريمة "ما معنى أن يدخل مخرج يشيل مع مخرج تاني!". هذا بخلاف مشكلات الكتابة نفسها، يبدأ تصوير العمل والورق غير جاهز.

هناك مسلسلات هذا العام مكتوبة جيدًا، وواضح أن الكتابة أخذت حقها، ولكنها ليست سمة غالبة للأسف، في الخارج الخواجة لا يصور عمل جيد قبل "درافت ١٠"؛ أي بعد تعديلات كثيرة ونسخ متعددة من الكتابة، وهو ما يمنح العمل جودة مطلوبة، نحن نذهب لمرحلة التصوير من نسخة الكتابة الأولى غير المكتملة في الأساس، الكتابة غاية في الأهمية لأنها يجب أن تكون ناضجة ومعدلة ومرضيًا عنها وبها تعديلات كثيرة، وإذا لم يحدث فقد تهاونت في أهم عنصر في الدراما.. لدرجة أن هناك بعض الأعمال التي تتغير فيها النهايات في أثناء العرض، لذلك فعنصر الكتابة بالنسبة لي هو العنصر الأهم على الإطلاق، وهو أكثر عنصر مظلوم، وهو العنصر الذي إذا أخذ وقته "يشيلك" في أثناء التنفيذ لأن الأساس قوي، أما الأعمال المكتوبة باستعجال، والمخرج يصور حتى إذا كان يفهم في الورق لا يكون لديه طاقة يعطيها للتعديل ولا يخرج العمل في أحسن حال، لكن للأسف الواقع الحالي فرض تلك الملامح.

- هل حدث معك هذا في أي وقت؟

كان لديَّ مشكلة أخرى وهي محاولتي الابتعاد عن فكرة المخرج الثاني، وقد حاولت قدر استطاعتي عدم الاستعانة به، و"قتلت نفسي في العمل"، ولم أضطر إلى هذا إلا في المشاهد التي صورت في ألمانيا خلال مسلسل "بالحجم العائلي"، وفيما عدا ذلك لم يحدث.

- هل كسرت الدراما الحالية مبادئ العمل في المهنة؟

بالطبع، هناك ملامح جديدة مختلفة وترسخت للأسف، مثلاً خلال التنفيذ نفسه يمنتج المسلسل والمخرج مشغول في التصوير، وهو أمر خارج المبادئ التي تربينا عليها في عملنا، وكسرت في الدراما الحالية، أيضًا الممثل المشارك في أكثر من عمل في نفس الموسم مما يؤثر على جودة العمل نفسه وتركيزه فيه، وإلمامه بالشخصية.

- هل تمنحك فكرة الكتابة والإخراج معًا إشباعًا لرؤيتك الخاصة؟

الفارق يكون في علاقتي بالحكاية نفسها، أصبحت مخرجة لأن لديَّ ما أريد أن أقوله، أريد أن أتحدث إلى الناس وأعبر عن رأيي، حين دخلت معهد السينما قدمت فيلم "طيري يا طيارة"؛ وهو روائي قصير كان عن تجربة البلوغ لدى الفتاة المصرية ونظرة الأنثى إلى نفسها ونظرة المجتمع إليها.. بعدها عملت "أحلى الأوقات" وكان أيضًا عن تجربة شخصية حين تنقلت من حي إلى آخر، وبعدها قدمت "قص ولزق" وكان مولود من تجربة لي حين جهزت أوراقي للهجرة وعمري ٢١ عامًا، وعبرت عن أزمة الشباب المستمرة حتى الآن، فهو غير قادر على الحب لأنه لا يمكنه دفع ثمن الحب، وأيضًا كان فيلم "نوارة" عن تجربة مشاركتي في ثورة يناير.. وحتى العمل الذي أعمل عليه الآن "شرط المحبة" أعده من منطق معايشة ما، وهكذا فكل أعمالي من باعث شخصي وليست عن قصة حياتي، وهناك فرق.. وبعد أحلى الأوقات شعرت بالحاجة إلى تعلم كتابة السيناريو جيدًا، فاشتريت كتبًا من الخارج وحضرت ورش للسيناريو ولا زلت أتعلم، فالتعليم لا يتوقف عند حد بعينه، وأهتم بالكتابة أكثر من الإخراج نفسه، لأنني أري أن المشكلة في الورق أكثر من التكنيك.. ففكرة "إزاي أحكي الحكاية" هي الأهم في رأيي. 

- أطلقتِ سؤال عبر صفحتك الشخصية على فيسبوك منذ عامين حول عدم وجود منتجين لأعمالك رغم نجاح أفلامك والجوائز التي تحصل عليها السيناريوهات التي تكتبينها.. هل كل المخرجين يعانون مثلك من تلك المشكلة؟

هناك نوع من المخرجين يريد عمل سينما تخصه، ولديه أسلوب يريد العمل به وفرضه، وشيء ما يريد قوله، وهذا النوع من المخرجين لديه مشكلة في العالم كله، وإنتاجه قليل، بخاصة في الدول التي بها صناعة سينما كبيرة على عكس توقعات الكثيرين، ومصر بها صناعة كبيرة، ولكن المنتجين ينظرون أكثر إلى المكسب التجاري، لا يريدون عمل فيلم يخص المخرج نفسه بل صناعة فيلم يخص المنتج، فيأتي الممثل الفلاني ويصبح المشروع إنتاجيًّا أكثر منه إخراجيًّا، من قبل كان من الممكن حدوث توافق بين المخرج والكاتب على قيمة بعينها ويخرج العمل ممتازًا، ويحدث "دويتو" بديعًا بينهما، مثلما حدث مع المنتج حسين القلا وأفلام الأستاذ محمد خان، الآن الموضوع اختلف، والدويتو السابق لم يعد موجود، ولدينا ٣ شركات مسيطرة على المشهد والمنتج الصغير ليس لديه قدرة على التغيير في المعادلة بسبب ضخامة الشركات الكبرى المسيطرة.

- البعض رد على سؤالك بإجابات شبيهة بـأنك "خارج السياق، وهناك شلة " كيف رأيتِ تلك الإجابات؟ 

أيا كانت الإجابات أو الواقع أنا لا أيأس، ولا أستسلم، قد أكون خلال ٢٠ سنة قدمت ٣ أفلام فقط، وقدمتهم بصعوبة، وكنت أعثر على منتج بصعوبة أكبر، وهناك سيناريوهات لم أجد لها منتجًا، لكني شخص لا يمل المحاولات.

 - هل يحتاج هذا التصالح منك إلى مجهود؟

يحتاج إلى أشياء أقوم بها طوال الوقت وهو ما يحدث بالفعل، فيومي مزدحم ما بين قراءة وكتابة ومشاهدة، ولا أترك فرصة للتفكير أو تقييم بناءً على المعايير الحالية، كما أن رحلة الفيلم أو العمل تأخذ مراحل كثيرة، كل مرة أقوم بمونتاج فيلم تولد فكرة فيلم آخر، أسير خلفها بشغف.. ورحلة الكتابة في أي سيناريو لديَّ لا تقل عن عام حتى تنضج الفكرة، وبعدها أبدأ رحلة البحث عن منتج، ووقتها "أنا وحظي"، فقد يستغرق إيجاد منتج عامًا أو عامين، وأطرق كل الأبواب ولا أترك جهدًا لإخراج السيناريو إلى النور، لأنه شغلة المخرج أن يجد إنتاجًا، كما حدث في نوارة؛ إذ ظللت طوال عامين أبحث عن منتج، ثم قررت إنتاجه بنفسي، وأنشأت شركة إنتاج، وكلمت منة شلبي وكل الناس، وقد اختاروا أن يتبرعوا بجزء من أجرهم من أجل الفيلم، ثم ظهر منتج أخيرًا في اللحظة الأخيرة، هي رحلة طويلة لا تجعلني أنتظر شيئًا فخلق عالم بشخصياته يخصك، ويمثل أي هم من همومك أمر يستحق التعب، لا أشعر أنني في حالة انتظار، وأعطي لورقي مهلة سنتين، لأن بعض الناس تقع في شرك أن تظل رهينة تنفيذ فيلم واحد، لكني لا أفعل هذا؛ أتركه بعد عامين إن لم أجد منتجًا وأكتب فيلم آخر وأقول: له وقته قد يأتي!

- متى أنهيت داخلك الصراع ما بين كيف وكم ومعادلة تخصك بمفردك؟

أنهيت تلك القصة بعد "أحلى الأوقات"؛ حين عرضت عليَّ أفلام كثيرة جدًا، وكانت أنواعها إما أفلام ٣ بنات، أو أفلام مقتبسة من أفلام أمريكاني، أو أفلام ضعيفة جدًا، وجلست بيني وبين نفسي وطرحت سؤال "أنت بتخرجي ليه؟" هل لأصبح مشهورة، أم لأجمع فلوس كتير، أو حتى يتكالب عليَّ المنتجون أو لأصنع أفلامًا تخصني؟ وكانت الإجابة الأخيرة هي الحقيقة، وهو ما يعني أنني قد لا أجد منتجين بسهولة، وأنني أمام هذا أصنع أعمالاً أظل أحبها طوال عمري وفخورة بها، وأكون المنظور الخاص بي، وهو ما حقق لي أمرًا جيدًا منها أن تناقش أعمالي مع جنسيات مختلفة في أثناء ندوات وحضور مهرجانات كبرى، وهو تعويض كبير جدًا، أكتفي به فلا يوجد من يحصل على كل شيء في الحياة، هو اختياري وأكمله، ولا أجري مع التيار السائد. 

- ما رأيك في فكرة الاحتكار في الدراما المصرية؟

لا يوجد احتكار جيد يعطي ثقل لجهة عن الأخرى، وفكرة الدويتو بين المخرج والمنتج لعمل مشروع لم تعد موجودة.

- كيف ترين المنصات الجديدة التي ظهرت مثل نتفليكس وغيرها؟

متفائلة بتلك المنصات لأنها ستغير المشهد والخريطة تمامًا، فبداخلها منصات عالمية تنافس المنصات المحلية وتفتح منفذًا للعاملين إذا لم يجدوا لهم مكانًا في الداخل، وأتمنى أن يؤثر وجودها على الكواليتي نفسه، والمنافسة تجعلك تبحث عن معايير عالمية، لأن التليفزيون لم يعد له مستقبل، الجميع ينسحب إلى المنصات، ليشاهد ما يريد في أي وقت وبالتالي سيتحول الجميع إلى دراما المنصات. 

- ما البوصلة التي تقودك؟

أفعل ما أومن به فقط، وأكون حريصة طوال الوقت أن أقدم عملاً جيدًا يحترم الجمهور وقريبًا منهم، يلمسهم لأني منهم وأشبههم.

- هناك تعبير للمخرج الكبير داوود عبد السيد يقول فيه إن السينما التجارية حولت المخرج إلى "سائق تاكسي".. أين يقف المخرج في تقديرك؟

الأستاذ داوود أستاذنا كلنا، وطبعًا رأيه يحترم، لكن السينما التجارية في العالم كله منتج استهلاكي، ولا بد من التفكير ماذا يريد الناس، حتى في الدول التي بها صناعة سينما جيدة، لكن تلك الدول تضع قوانين تحافظ على نوع آخر من السينما بجانب هذا، مثل فرنسا وغيرها.. حتى إن بعض الدول العربية تفعل ذلك، ويظهر في المنح التي تقدم لمشروعات السيناريوهات ذات القيمة الفنية كي يصبح لها مكان، وتدعمها أيضًا بجانب الأفلام الأخرى المحسوبة على السينما التجارية. 

- كان لك تجربة لم تر النور لتحويل رواية إلى سيناريو وكانت "تغريدة البجعة"، لماذا عدلت عن التجربة وأعلنت أنه سيناريو غير جيد؟

لا يجب حين أحول نصًا أدبيًّا للسينما أن ألتزم بالنص المكتوب، وقتها من كثرة غرامي بالنص التزمت به، وهذا خطأ.. لأن أدوات الحكي السينمائي تختلف تمامًا عن الحكي الأدبي، ولدينا تجربة عظيمة وبها مثال كبير جدًا للتحرر من النص، هي فيلم "الكيت كات" عن رواية مالك الحزين لإبراهيم أصلان؛ فلم يكن الشيخ حسني بطلاً أساسيًّا في الرواية، ولكن الأستاذ داوود عبد السيد أخذ الشخصية وبنى عليها عالمًا سينمائيًّا عظيمًا، وهذا ضروري، لأن الأدوات مختلفة، وعناصر الجذب مختلفة عن عناصر الجذب في الأدب. 

- في تقديرك ما ملامح العمل الدرامي الذي يتفاعل معه الجمهور بشكل جيد؟

سؤال صعب لا يمكنني الإجابة عليه.. لأن الجمهور يفاجئ الجميع كل فترة بذائقته، سواء جمهور التليفزيون أو السينما، لهذا اعتدت أن أسأل الناس في الشارع أو المحلات عما يشاهدونه الآن ويعجبهم، وأحاول بقدر الإمكان أن أراهم جيدًا وأقترب منهم لتقديم ما يناسب ذوقهم ويهمهم. 

- ما حكاية مشروعك الحالي "شرط المحبة"؟

هو عمل سينمائي في طور الإعداد، وهناك فيلم آخر مع العدل جروب اسمه "ليلة الحنة" ولكن أموره الإنتاجية لم تضبط بعد، وبالتالي شرط المحبة سابق له، ولم أستقر بعد بشكل نهائي على أبطاله، وقد نبدأ العمل فيه بعد العيد.

- هل تفضلين السينما أم الفيديو؟

أحب حدوتة الساعتين عن حدوتة الـ١٥ ساعة.. إذ لا تجد حدوتة لا يمكن حكيها في ساعتين، وهناك حواديت لا يجوز حكايتها في ١٥ ساعة، لذا أفضل الحكي المكثف.. يستهويني أكثر.

- هل تفضلين العلاقة بينك وبين الممثل تعتمد على عفوية الممثل أم ذكائه؟

بالنسبة لتجاربي الشخصية في التعامل مع ممثلين كبار منهم ليلى علوي ومنة شلبي ومحمود حميدة ويحي الفخراني وحنان ترك وهند صبري وغيرهم، تجربتي واحدة؛ إذ يحدث التالي، الممثل كما لو كان يمتحن المخرج ليرى ما إذا كان يترك له القيادة أم لا؟ وهو أمر منطقي لأن أي شخص يترك القيادة لشخص لا بد أن يكون قد اقتنع به، وبالتالي تتحدد شكل العلاقة طوال العمل، وأري أنه يجب عليَّ كمخرجة أن أطمئن الممثل بأنني أقود العمل بنسبة ما، من خلال شرحي للورق ولأسلوبي، وبأن لديَّ إجابات على كل شيء، وبعد لقائين أو ثلاثة يسلم لي نفسه، ومن المهم أيضًا سماع الممثل ووجهات نظره ومناقشته، فهذا يعني أنه منتمٍ للمشروع ومؤمن به لا يفعل ما يقال له فقط.

- وكيف تحددين حجم الانفعال المطلوب منه؟

بالطبع لا بد أن أخبره في وقت ما إذا كان الانفعال لا يناسب بالمشهد، فالممثل يشعر أن المخرج هو المرآة الخاصة به، وحين يسمع كلمة "ستوب" تذهب عيناه إلى المخرج فورًا.. والممثل لا يشعر بالأمان في حالة عدم توجيهه في مشهد انفعال أو أمر غير مريح.