دراسات

محمد مسعد

مواقع الأقلية في المسرح المصري خلال النصف الأول من القرن العشرين (نص البربري في الجيش نموذجًا)

2020.09.01

مصدر الصورة : ويكيبيديا

مواقع الأقلية في المسرح المصري خلال النصف الأول من القرن العشرين

(نص البربري في الجيش نموذجًا)

في إطار تأكيده على حالة الاختلاط والتنوع العرقي التي كانت تسود مدينة القاهرة الخديوية في مطلع القرن العشرين، يصف اللورد كرومر في كتابه «مصر الحديثة» مشهدًا لشارع ريفولي يجمع الفلاح المصري، البدوي، الكاتب القبطي، الأزهري، التركي، الشركسي، السوري، اليهودي، اليوناني، بالإضافة إلى الأرمن والتونسيين والجزائريين والسودانيين والمالطيين والخلاسيين مختلفي الأوصاف، وكذلك الأوربيين (1).

إن ذلك التنوع العرقي الكبير الذي كان يسود المدينة الحديثة، كان يقابله قدر من السيادة الكبيرة لسكان القاهرة من المسلمين (والأقباط) في المدينة القديمة التي كانت تتقاطع وتتواصل وتتصارع مع المدينة الخديوية، ذات الصبغة الأوربية الحديثة، وهو التناقض الذي لا يشير إليه نص اللورد كرومر، لكننا نجد حضوره بشكل واضح في كتابات الأجانب من المقيمين أو الزائرين لمدينة القاهرة، الذين قاموا على اختلافهم بتأكيد الانفصال الثقافي بين المدينة القديمة، التي ظلت محتفظة بطابعها المعماري المميز وتكوينها الثقافي المتماسك، والمدينة الحديثة التي كانت تمتاز بطابعها الطبقي والتعددي، ولعل ملاحظة «سينثيا مينتي» حول التكوين الطبقي والعرقي المميز للمدينة الحديثة يمكن أن يكون كاشفًا عن خريطة العلاقات الرابطة بين الطبقة الصاعدة، ومشروع الحداثة، إذ تقول إن «خريطة القاهرة الحديثة تضم أصحاب الأطيان، ورجال الصناعة، والتكنوقراط، والنخبة المصرية من أبناء مصر، وكذلك الأتراك والفرنسيين والبريطانيين – بطبيعة الحال إلى جانب البلجيكيين والنمساويين واليونانيين والأمريكيين، والأرمن، والإيطاليين، واليهود من فيينا وليفورنو وأزمير والعرب من منطقة الشام العثمانية»(2).

لقد تأسست المدينة الحديثة التي وضع قواعدها الجديدة الخديو إسماعيل تحت الشعار الشهير «مصر قطعة من أوروبا» والذي كان يعبر عن طموح المشروع الحداثي الخاص بالدولة المصرية الحديثة، أو مجتمع الحداثة بشكل عام الذي يتخذ من المدينة الأوروبية الحديثة نموذجه الأساسي، ويتمثل أنماط الحياة المختلطة والمتنوعة داخل المدينة الكوزموبوليتانية للمدن الأوروبية الكبرى (باريس ولندن على وجه التحديد كما يشير اللورد كرومر)، مدينة تتخذ من الطرز المعمارية الأوربية والعثمانية الجديدة نموذجها المثالي، كما تؤسس للمباني الحكومية الضخمة التي تمثل حضور مؤسسات الدولة بالإضافة إلى المسارح التي ظلت تمثل الوجه الثقافي والترفيهي للمدينة الحديثة، حتى نمت السينما وبدأت في اتخاذ موقعها داخل المدينة كأحد عناصر تكوين فضائها بعدما خرجت من المقاهي والأماكن المؤقتة واستقرت في دور خاص بها. 

فوق تلك الأرض القائمة على التنوع ولد المسرح المصري الحديث الذي تشكل في حاضنة تلك المدينة الحديثة والذي ظل لفترة مرتبطًا بالأقليات العرقية والدينية في مصر، حيث ظل على هامش أشكال الترفيه والثقافة المجتمعية التقليدية التي كانت تُحَاصَر داخل المدينة القديمة، أو في الأطراف التجارية مثل صالات روض الفرج، ولعل النصوص الروائية (مثل روايات نجيب محفوظ) والمقالات التي نشرت في الصحف خلال تلك المرحلة يمكن أن تمثِّل جزءًا من وثائق تحديد لطبيعة موقف المجتمع المصري التقليدي من المسرح، والذي كان يحاصره بإدانة أخلاقية، وربط بالثقافة الغربية، في مقابل الخطاب الذي كانت تتبناه وسائل الإعلام والدولة بشكل عام، والذي قدم المسرح بوصفه متغلغلاً في التكوين الاجتماعي والترفيهي لسكان العاصمة والأقاليم خلال تلك المرحلة.

في وسط تلك الأجواء المشحونة بالتوتر خلال الربع الأول من القرن العشرين؛ تقدم المسرح المصري بخطوات بطيئة مدعومًا برؤى وطنية وخطاب الطبقة الوسطى التي نجحت في النهاية وتحت نمو الخطاب القانوني والأخلاقي والثقافي الداعم للمسرح في ترسيخه اجتماعيًّا في مقابل تلك الأشكال الأدائية التقليدية التي تمت محاصرتها (مؤديي الشوارع بكل تنوعاتهم)، لقد انتصرت البرجوازية المصرية وتم تبني وتضمين المسرح اجتماعيًّا، من قبل الأغلبية الذين تم في النهاية تذويب مدينتهم في المدينة الحديثة، داخل إطار عملية تفاوضية، تخلت بموجبها كل مدينة منهما عن طابعها المميز.

لكن ذلك التقدم ارتبط على مستوى آخر بذلك العالم شديد التنوع الذي يصفه اللورد كرومر في مذكراته، إذ يمكننا أن نجد تجلياته في طبيعة وحجم المسرح خلال الفترة الممتدة من الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحتى نهاية العشرينيات من القرن العشرين، فعبر تتبع سريع للبنية العرقية للمسرحيين يمكننا ملاحظة وجود تصنيف أساسي (وضعه د. سيد على إسماعيل(3)) يقوم على تقسيم الفرق المسرحية بين فرق احترافية (يقوم معظمها على مسرحيين من الشام) إلى جانب مجموعة من الفرق (الأجواق) الفرعية لجاليات (فرنسية – تركية – أرمينية – إيطالية)، وفي مقابل تلك المسارح الخاصة بالجاليات ظهرت الجمعيات الدينية المصرية (القبطية- اليهودية) التي تمثل طموح البرجوازية المنتمية إلى تلك الطوائف، بالإضافة إلى مجموعة من الجمعيات ذات الخلفيات الأدبية، وأخيرًا النشاط المدرسي ودور العرض التي ترعاها الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر. ذلك التصنيف يمكن أن يكون دالاً على طبيعة وتوجه الحركة المسرحية المصرية في تلك اللحظة المبكرة، في نهايات القرن التاسع عشر، والتي تطورت مع ظهور الفرق المصرية التجارية، ونموها خلال الربع الأول من القرن العشرين، إذ ظلت السمة المميزة للمسرح هي اعتماده على خليط من المؤدين المصريين القادمين من عوالم الأشكال الأدائية التقليدية (النِمر والاسكتشات التقليدية)، مثل علي الكسار وشرفنطح، بالإضافة إلى مؤدين متنوعين دينيًّا وعرقيًّا، قادمين من مجالات أدائية مشابهة، أو مسرحية وفق النمط الغربي، ومن ثَم فقد ترك ذلك الخليط أثره بعمق على المسارح المصرية خلال الربع الأول من القرن العشرين، حينما تضافر مع نمو الهوية الوطنية المصرية.

لقد برزت مجموعة من السمات المميزة للمسرح المصري خلال الربع الأول من القرن العشرين، حين تجاورت الرغبة في بناء هوية وطنية قوية ومؤسسة للدولة، مع ظهور أول ملامح التمرد على المركزية الأوروبية بالدراما المصرية، وفي المقابل كانت المرجعيات الفنية والثقافية، بالإضافة إلى نسبة من الفاعلين في المجال المسرحي، قادمين من أرض مغايرة لتلك التصورات الوطنية.

إننا هنا أمام أحد أعمق الطبقات التي تحمل الدراما المصرية، وتربطها بخطاب مستمد من تطور وعي الدولة المصرية الحديثة بهويتها، وعلاقتها بالعالم، والذي تجلى في المشروع النهضوي منذ أن تقلَّد محمد علي الحكم في 1805. وذلك لأن المسرح الذي نقوم بوصفه هنا لم يكن يستهدف الانغلاق على الأقليات والجاليات الأجنبية بشكل كامل، وبمعزل عن الأغلبية المصرية المسلمة العربية، بل هو شكل من أشكال التواصل مع تلك الأغلبية؛ وتحديدًا مع الطليعة البرجوازية المتعلمة، التي اتجه المسرح نحو تبني خطابها وأفكارها حول مفهوم المواطنة والهوية الوطنية بوصفها حالة انتماء إلى دولة وليس إلى عرق أو ديانة.

ولنكتف الآن بالإشارة إلى أن الأشكال المسرحية المناهضة أو الخارجة عن المبنى المسرحي الأوروبي، ظلت، خلال رحلة انزوائها وخفوتها التدريجي؛ هي الفضاء الأكثر قابلية للتعبير عن الأصوات المهمشة والمقموعة في مقابل المبنى المسرحي؛ إذ اتسمت تلك التجارب بقدر عالٍ من الانفتاح الأخلاقي (التي كانت محط إدانة من الطبقة البرجوازية الصاعدة، والتي كانت تسعى غبر خطابها للتأكيد على الطبيعة الأخلاقية للفن المسرحي)، كما تميزت تلك التجارب بكونها ذات طبيعة عدائية تجاه الأقليات والأجانب، في مقابل المسرح الذي هو أحد المؤسسات التي تبرز وتتجلى فيها بوضوح عمليات الاستبعاد والتضمين التي تمارسها السلطة –بمستوياتها المختلفة– داخل المجتمع.

في المقابل كانت طبيعة الخطاب الموجه لمتفرج الأقلية؛ ذات توجه يستهدف تحقيق أعلى قدر من الإدماج والتضمين للمتفرج ضمن سياق الدولة (الهوية) الوطنية، وطرحها بوصفها البديل الأكثر ملائمة لنمو الأقلية والأغلبية، وتحقيق أعلى قدر من عمليات إذابة الهويات المتنوعة لصالح هوية وطنية وثقافية واحدة وثابتة ونهائية، ولا موقع فيها لثقافة فرعية أو هامشية، بل سيادة تامة وكاملة للثقافة العربية، لكن ذلك لم يؤدِ بالضرورة إلى نفي أي ملمح من ملامح الاهتمام بتأكيد الاختلافات الإقليمية أو العرقية أو اللغوية، واعتبار الحدود الوطنية هي حدود جغرافية وإقليمية وعرقية وثقافية خاصة بالمنتمين إلى الدولة المصرية، ولتأكيد تميز الطبقة الوسطى القاهرية وأحقيتها بقيادة المجتمع وصياغة مشروعه لبناء دولة الحداثة.

من المؤكد أن جميع تلك القوى الخاصة بالأقلية والأغلبية قد وجدت، خلال مرحلة ثورة 1919، البوتقة التي يمكن فيها تشكيل التصور الوطني الخاص بالدولة المصرية الحديثة، التي تقوم على أكتاف هوية مصرية مناهضة للتنوع الطائفي أو العرقي، وتحتفي بالتجانس والتمازج، وهو ما تم بشكل سريع على المسارح المصرية، والتي كانت قد حققت قدرًا من النجاح في إدماج مجموعة من العناصر المختلفة:

1 - العناصر المتعلمة والمنتمية إلى المسرح الغربي وتقاليده. 

2 - العناصر المسرحية التي نمت وتطورت في المسرح بصيغه الأوربية، والنِمَر والوصلات الساخرة بالملاهي الليلية. 

3 - العناصر القادمة من التقاليد الأدائية التقليدية (النِمَر، القافية، العوالم والغناء الشعبي). 

4 - العناصر الخطابية المنتمية إلى المشاريع الأيديولوجية (الوطنية أو القومية أو الأممية).

إن تلك العناصر (أو الخيوط الأساسية التي تتشابه وتتداخل وتتقاطع) هي التي شكَّلت النموذج الوطني للمسرح المصري الذي امتد بعد ذلك، واتخذ شكل تيارات مسرحية في مراحل تالية. كما أن تلك الخيوط الأساسية يمكن أن نجدها في الدراما المسرحية السائدة (خلال النصف الأول من القرن العشرين)، والتي اهتمت بالتأكيد على عمليات تشكيل الهوية الوطنية الجديدة، وتأكيد الانتماء للدولة عبر سلاسل مسرحية مثل (كشكش بيه لنجيب الريحاني، وعثمان عبد الباسط لعلى الكسار)، إذ استمدت تلك الأنماط الشهيرة والتي تمثل تنويعات على الهوية المصرية، كما كان يتم تصورها في النصف الأول من القرن العشرين، فالأول (كشكش بك) ينتمي إلى طبقة الملاك في الريف، ويهبط إلى المركز حتى يستمتع بحياة الليل والنساء والمدنية، أما الثاني فينتمي إلى البرابرة (وهو توصيف واسع يضم النوبة الكبيرة والسودان، وإن كان قد أصبح بالتدريج يشير إلى النوبة المصرية قبل أن يتم التخلص منه بوصفه علامة عنصرية، وتأكيدًا على الاختلاف العرقي، وذلك عبر الخطاب الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي). ويمثِّل النموذجان غير المنتمين إلى الطبقة الوسطى المهيمنة هدفًا للسخرية والاستبعاد، عبر تأكيد النقائص التي يتميز بها كل منهم (كشكش بك/ العجوز المتصابي، عثمان/ الغافل).

فكل من كشكش بك وعثمان عبد الباسط ينتميان إلى الأطراف المهمشة (الريف، الجنوب)، ويمتلكان القدرة على النزوح إلى المدينة الحديثة، القائمة على التنوع العرقي المميز للمدينة الحديثة التي توجد بها الطبقة البرجوازية العليا، والأجانب والمسارح ودور اللهو، وقبل كل ذلك مركز الدولة. ومن ثَم فهما هدفان للهجوم والسخرية، وعرضه للخداع والنصب. كما أنهما أبرياء غير قادرين على التعايش مع المدينة الكوزموبوليتانية على الرغم من انجذابهما إليها، ومن هنا يتم الهجوم عليهما، بل وتستمر محاولات استبعادهما من النظام الاجتماعي الوليد الذي ينمو ويتشكل في ظل الهوية الجديدة.

الأول يهبط للمدينة ليقوم بإنفاق أمواله على النساء ودور اللهو، بينما ينزح الثاني للقاهرة بهدف العمل والزواج، ويتورط النمطان في مجموعة من المواقف التي تنتهي في العادة بحالة تصالحية، وتأكيد على الهوية الوطنية الناشئة.

ربما يبدو الأمر هنا أن الطبقة الوسطى الصاعدة تقوم بدفع الأطراف المهمشة، والأقليات التابعة لها خارج نطاق المدينة (والأهم خارج نطاق مشروعها السياسي والاجتماعي)، ومن ثَم فإن النموذجين يستخدمان للترفيه عن متفرج الطبقة البرجوازية القاهري الذي يضحك على اللهجات الإقليمية، وعدم التمدن والتخلف الحضاري، الذي يُسقِط النمطين في الأزمات والمفارقات الكوميدية داخل المدينة، لكن النمطين يشيران بالمقابل إلى حدود الهوية الوطنية، كما تتصورها مخيلة الطبقة الوسطى التي تهيمن بأيديولوجيتها على الدولة، وتقوم ببنائها. فالريفي والبربري هما الأجزاء الأكثر قلقًا داخل مشروع تلك الدولة الناشئة، البرجوازية المصرية، فهما خارج نطاق السيطرة، وغارقان في ثقافتهما الخاصة المعادية لمشروع الدولة الوطنية الحديثة، أو على الأقل غير الفاعلة فيه بشكل كبير، بحسب رؤية تلك الطبقة. 

ولعل عمليات التأريخ لثورة 1919 قامت بدور في التأكيد على مركزية القاهرة في قيادة ودفع الحراك، وأن الأطراف كانت تتبع وتؤيد ذلك الحراك الذي قادته البرجوازية المصرية، مع إشارات قليلة إلى دور الأطراف في تشكيل الحركة، ودفعها ذلك «أن المصادر التي يمكنها أن تكشف عن تلك الأصوات وعن «الوعي السياسي» لأولئك الذين كانوا جزءًا من الحركات التي تقع خارج المَيل الوطني الساحق (وأحيانًا في معارضته) قليلةٌ ومتفاوتة»(4).

إن المعضلة بين موقع الريفي، والبربري القلق، ومركزية موقعهما في تأسيس الهوية الوطنية المصرية كانت تجد طريقها إلى المسرح بالضرورة عبر السخرية منهما، وتصويرهما بوصفهما الهامش الأكثر ضعفًا داخل منظومة الدولة، ومن ثَم دفعهما إلى تبني خطاب الهوية الوطنية بشكل واضح.

  إن تلك الحاجة إليهما كانت أكبر من الرغبة في استبعادهما النهائي، ذلك أن النمطين يُضمنان داخل الهوية الوطنية، ويصبحان تعبيرًا عنها، ويمنعهما من الاندماج الكامل إلا عدم انتمائهما الواضح والصريح للهجة وأيديولوجية الطبقة الوسطى، وهو ما يحولهما إلى موضوع لتفجير الكوميديا بالأساس، حيث تنتمي تلك الأنماط إلى الهوية الوطنية الجامعة والعامة المتجاوزة لكل اختلاف أو مغايرة، لكنهم وعلى الرغم من ذلك يتحولون إلى أنماط كوميدية تثير ضحك متفرج الطبقة الوسطى، عبر مخالفتهم للنموذج المثالي للمواطنة، وهو امتلاك اللهجة القاهرية الخاصة بالطبقة الوسطى، ولعل ذلك ما يمكن أن يعيدنا إلى تحليل جرامشي في بداية القرن العشرين لبيرانديللو «وبشكل خاص عن مسرحيته الأخيرة ليولا (Liolà)، والمسرح المقدم باللهجات المحلية، إذ كان ذلك المسرح يقدم بوصفه مناقضًا للمسرح «البرجوازي» [وتحديًا ومقاومة] قويًّا للتجانس في الثقافة «(5).

لكن في مسرح الكسار والريحاني (وعلى الخلاف من بيرانديللو) تستخدم اللهجات الإقليمية في المسرح لمناهضة التنوع، ولدعم أيديولوجيا الطبقة البرجوازية، وتأكيد تمايزها وتفوقها الطبقي والأخلاقي والمعرفي، بالإضافة إلى تفريغ التوترات التي تنتج عن الاختلافات والتمايزات وتعميم عمليات الاستيعاب للهوية المركزية التي تتمثل في المواطن المنتمي إلى الطبقة الوسطى القاهرية.

من خلال كل ما سبق يمكننا أن نصل إلى أن نمطي الهامش والأقلية (كشكش/عثمان) هما وجهان للتفاوض المستمر والدائم بين قوى الحداثة التقدمية داخل الطبقة الوسطي، ومواقع القلق التي تستبعد عبر تسفيهها، وتضمينها عبر إلحاقها بالهوية الوطنية، إنهما التناقض الحقيقي والعميق لمشروع الطبقة البرجوازية في تأسيس دولتها الذي أنتجته خلال تلك المرحلة، خصوصًا إذا ما أكدنا أنها طبقة من التكنوقراط والبرجوازية الريفية والتجارية وليست برجوازية صناعية.

سوف نترك هنا نموذج (كشكش بك) لكونه يمتاز بمجموعة السمات التي تؤهله للتضمين داخل هيكل الطبقة المهيمنة فهو (عمدة، يمتلك أرض زراعية، مسلم سني) ومن ثَم فإن إمكانية تضمينه أكثر سهولة ويسرًا بالنسبة لمتفرج الطبقة الوسطى المصرية، وسوف نتوقف أمام النموذج الأكثر بروزًا وتعقيدًا وهو نمط البربري (النوبي)/ (السوداني) الذي قدمه على الكسار، والذي يمكن من خلاله استكشاف كيفية بناء موقع المهمشين اقتصاديًّا، وموقع الأقلية العرقية واللغوية الأكثر بروزًا داخل المجتمع المصري، والكيفيات التي تمت عبرها عمليات تضمينها، وتخليق موقع لها ضمن الهوية المصرية. 

عثمان البربري بين التضمين والاستبعاد

بشكل متزامن مع تقديم مسرحية "الأمير عبد الباسط" كان هناك "صراع سياسي بين حكومة سعد زغلول باشا وبين الاستعمار الإنجليزي في مصر حول السودان، فقد كان الاحتلال يسعى في هذا الوقت إلى فصل السودان عن مصر، ولكن سعد باشا وقف ضد هذا المخطط بكل قوة، وأصبحت القضية مثارة في كل أنحاء مصر. ومن هنا قامت الفرقة بدورها الوطني بصورة فنية، عندما أدارت موضوع المسرحية حول زواج عثمان السوداني من عزيزة المصرية، وجعلت ختام المسرحية لحنًا تقول كلماته:

أهم الاتنين دول رمز أملنا، اللي احنا بنسعى في تحقيقه

بكره مسيرنا نكيد عذالنا، مهما يجوروا علينا ويسيئوا

بلاش تقولوا سوداني ومصري، خلوا النيل ديمًا يجمعنا

ودا مبدأ لازم يسري، وبه نرجَّع مجد بلادنا

مدام كلنا من دم واحد، ماتدخلش اللون في الجنسية

وأدي إحنا كلنا بنجاﻫد، في سبيلك يا حرية" (6)

إن عملية التضمين هنا تتخذ موقفًا غاية في الوضوح، إذ يتم زواج عزيزة المصرية من عثمان السوداني لتحقيق الوحدة الوطنية التي لا يمكن للون البشرة أن يصبح فيها مؤشرًا على الجنسية، وفي المقابل تُرفع هوية الدم والتراب بوصفها قاعدة بناء الهوية الوطنية، فعلى الرغم من الإشارة إلى عدم وجود علاقة بين الهوية العرقية والهوية الوطنية، إلا أن الأغنية تقوم بالتأكيد على وحدة الأصل (الدم الواحد) الذي يربط بين مصر والسودان من جهة، وعلى وحدة التراب الوطني من ناحية أخرى.

لكن تلك الوحدة ربما تزعزعت في مواقع أخرى، على سبيل المثال نص "البربري في الجيش" من تأليف أمين صدقي (1923)، والذي يحتل فيه عثمان عبد الباسط موقعًا شديد التميز، ففي النص يلتحق عثمان عبد الباسط بالجيش المصري في حلفا، لكونه من أب سوداني وأم نوبية، يُجند لكونه سوداني الأب (حيث يشير النص صراحة إلى عدم إلحاق النوبيين بالجيش خلال تلك الفترة).

يتناول الفصل الأول مقاومة ورفض عثمان الخضوع لقواعد الضبط الجسدي التي يفرضها الجيش عليه، وفي المقابل ينطلق الخط الدرامي الأساسي الذي يقوم عليه النص من علاقة صداقة بين طبيب الوحدة (محسن)، والطبيب البيطري (دكتور فودة) الملتحق حديثًا بالجيش والذي يرى صورة أخت الطبيب، ويقرر أن يستبدل الأدوار بينه وبين عثمان، كي ينال قبلاتها التي وعدت بها عثمان نتيجة إنقاذه لأخيها من الموت حرقًا، إذ يتبادل الأدوار معه خلال رحلتهما للقاهرة. في الفصل الثاني ينتقل النص إلى مدينة القاهرة، حيث تحدث مجموعة كبيرة من المفارقات الكوميدية القائمة على عمليات انتحال فودة لشخصية عثمان أمام زوج (درية/ شقيقة الدكتور محسن)، ثم انتحال الزوج (حلمي) لشخصية عثمان أمام (هيبت باشا) اللواء التركي الأصل (وعم دُريَّة) الذي ينتسب إلى الجيش المصري، والقادم من مقر قيادته لوحدته في القدس حاملاً ثروة للزوجين. وأخيرًا انتحال الدكتور فودة لشخصية الزوج أمام هيبت باشا وأمام زوجته (دولت) التي يفاجأ أنها صديقة طفولة لدرية.

كَم كبير من عمليات القلب والخلط والإخفاء وسوء الفهم، يقوم فيها عثمان بدور المركز، ويقودها في النهاية نحو حل تصالحي يضمن للطبقة الوسطى المصرية (هم هنا أطباء وضباط) الوصول إلى لحظة تصالح اجتماعي، وعودة لقواعدهم الطبقية دون خسائر من ناحية، كما تضمن لعثمان التضمين داخل بنية المجتمع في النهاية. 

ويمكننا أن نتوقف هنا (وبعيدًا عن التعقيدات الكوميدية المستمدة من تقاليد الكوميديا الغربية التقليدية) أمام مجموعة من المشاهد التي تكشف عن مراحل عملية التضمين الاجتماعي والسياسي لعثمان نصف النوبي/ نصف السوداني.
"العمدة: أهم موجودين بره فيهم واد أفندي خرع كده اسمه جاد عبد الموجود، وواحد بلا قافية بربري اسمه عثمان عبد الباسط.

الرئيس: بربري؟ بربري ازاي؟ تبقى عمدة ابن عمدة ولا تعرفش أن البرابرة معافين من الخدمة العسكرية؟

العمدة: لا، أصل الوله عثمان ده بربري خليط.

الرئيس: خليط! خليط يعني إيه كمان؟

العمدة: أيوه أنا أقولك سبب خلطانه، بقي الوله عثمان ده، أمه بربرية وأبوه سوداني، عندنا احنا يبقى اسمه خليط.

الجميع: آه قول كده"(7).

إن إعفاء النوبيين من أداء الخدمة العسكرية على عكس السودانيين؛ ربما كان يرتبط بالكثير من الأسباب التاريخية في مقدمتها كون النوبة من التخوم غير المنسجمة عرقيًّا ولغويًّا مع الطبيعة العرقية واللغوية المميزة للدولة المصرية، إذ تنتمي النوبة للدولة سياسيًّا لكن سكانها في وضع غير مستقر بالنسبة للدولة، إلى جانب محاولة تعويض سكان النوبة عن إغراق خزان أسوان للكثير من الأراضي النوبية، أو وقوعهم ضمن الحماية الإنجليزية كما يشير البربري في النص... لكن ما يهمنا هنا هو موقع الجيش بوصفه أحد قواعد بناء الهوية، والدولة الوطنية المصرية الحديثة، حيث يمثل ضم البربري للجيش انتقالاً يدخله ضمن المؤسسة التي تقوم بتطويع جسده، عبر الفرز الطبي والانضباط العسكري، قبل أن يدخل في مجموعة من العلاقات التي تؤسس لهوية جديدة للبربري.. هويته بوصفه مصريًّا، وفي المقابل يرفض استبعاد الأفندي المختل عقليًّا.. ولعل تلك المفارقة بين استبعاد الأفندي المختل وضم البربري؛ عنصر أساسي في بناء عملية التضمين وتشكيل موقع للأقلية بوصفهم مواطنين، وهو ما يصل في المشهد النهائي إلى عملية تضمين وقبول بالتضمين متبادلة كما نجد في الأسطر الحوارية التالية.

«هيبت: .... زي النهاردا تمام، تكونوا خلفتو حلمي صغير وفودة صغير ولما يكبروا نبقى ندخلهم الجيش.

عثمان: وأنا كمان يا أفندم.

هيبت: أنت إيه؟

عثمان: يا أفندم.. زي النهاردا تمام أهلف حتة عثمان عبد الباسط صغير.. ولما يكبر يبقى البربري في الجيش». (8)

إن ذلك التحول الذي يطرأ على موقف الشخصية بين المقاومة والرفض للانضمام للجيش، وعدم القدرة على قبول عمليات الضبط الجسدي له، يتحول في نهاية النص إلى رغبة في إلحاق ابنه بالجيش، بالطبع فإن النص لا يقدم مبررات درامية لذلك التحول في موقف الشخصية، بل ربما يكون الدافع لذلك الموقف الختامي هو التأكيد على الهوية الوطنية، بالإضافة إلى تخليق نهاية تصالحية تقوم بفك التناقض الذي يخلقه عنوان النص (البربري في الجيش) لدى المتفرج، كما يشير ذلك أخيرًا إلى النزوع المبكر لدى الطبقة الوسطى نحو مزيد من التماهي مع الجيش بوصفه المؤسسة الوطنية الأكثر بروزًا، وتأكيدًا على الهوية المصرية، ومن ثَم فإن انضمام عثمان له وتصريحه برغبته في إلحاق ابنه (الذي سوف ينجبه مثل أبناء الطبقة) بالجيش، إنه خطاب الطبقة الوسطى، والموجه لها بالأساس، إذ شُكِّل النص، وقدِّم إلى تلك الطبقة لا للنوبيين، بل إن علي الكسار ذاته الذي يقدم تلك الشخصية، هو قاهري يطلي وجهه باللون الأسود. وهو ما يعني هنا أن النوبي لا يظهر ليقدم خطابه الخاص، بل يجسد ليحمل خطاب الطبقة الوسطى.

في المقابل من وجود سخرية واستبعاد للأقلية لعدم قدرتهم على التكيف مع المؤسسة السلطوية للجيش، فإن هناك رغبة في تضمين تلك الأقلية، ودمجها في المجتمع عبر دفع ممثل الأقلية نفسه إلى التعبير عن رغبته في الانضمام إلى دولة الأغلبية، والقبول بالخضوع للضبط الجسدي، والترابيات التي يقوم عليها الجيش، كي يتحول إلى مواطن كامل الأهلية، ومستحق للانضمام للجماعة الوطنية.. ولعل ذلك ما يعيدنا من جديد إلى عمليات التهميش والسخرية والاستبعاد التي تتضافر مع عمليات التضمين السياسي والاجتماعي للمهمشين والأقلية كما سبق أن أشرنا.

على مستوى آخر يمكن أن نرصد مواجهة لخطاب اجتماعي مناهض للسودان والنوبة داخل النص خلال أغنية ختام الفصل الثاني، والتي تتضمن تهنئة اللواء هيبت بالانتقال من القدس إلى وادي حلفا.

«المجموعة: ازاي المصري المتمدن يقدر يا أبو خليل، يعيش ويَّا السوداني لا لا لا يستحيل

هيبت: ازاي بيستحيل.. إزايبيستحيل، دا المصري يا إخواني

برضو زي السوداني، يا رب خلي لنا نهر النيل» (9)

 إن ذلك الصوت الذي يحاول التمييز بين المصري المتمدن (المنتمي إلى القاهرة هنا تحديدًا) في مقابل السوداني يواجه بشكل مباشر عبر القائد العسكري، والذي يقوم بالتأكيد على المساواة بين المصري والسوداني، انطلاقًا من الأخوة، والدور الذي يلعبه النيل في ربط الشمال بالجنوب. 

إن ربط ذلك الخطاب بطبيعة التكوين الطبقي والجغرافي الذي يطرحه النص للشخصيات الأساسية، يمكن أن يكشف لنا عن تناقضات داخلية وصراعات بين الرؤى الوطنية لشرائح منتمية إلى البرجوازية الناشئة والمندفعة نحو بناء الهوية المصرية المتمدنة على النمط الغربي (الآلفرنكه كما يصفها النص) والمتأثرة بالتصورات الغربية البيضاء والراغبة في الالتحاق الحضاري بها، وذلك في مواجهة خطاب مقابل تتبناه شرائح أخرى داخل تلك الطبقة، والداعي لتأكيد هوية الدولة وتوسعة مفهوم المواطنة لتحقيق أهداف وطنية واقتصادية وسياسية تدعم الدولة المصرية بوصفها كيانًا سياسيًّا، في مقابل المحتل الإنجليزي من ناحية، ولدعم تلك الدولة وسلطتها السياسية والاجتماعية وأدوارها داخل حدود القطر المصري أو في السودان.

يتأكد ذلك الخطاب الذي يتبناه النص ويتجذر عبر عمليات الانتحال المركبة لشخصية عثمان، الذي يشارك في النهاية التصالحية بالانصياع برغبته في بنية الجيش المصري، ومن ثَم التحلل من الحماية البريطانية، والانضمام الطوعي للدولة المصرية التي كانت تكافح لنيل استقلالها الوطني، والحفاظ على السودان بوصفها جزءًا منها. 

إن تلك الأمثلة السابقة تشير إلى عدم تخلص المسرح خلال النصف الأول من القرن العشرين، من تلك السمات المميزة لمركزية الهوية بسهولة، في مقابل محاولة تمديد وتوسعة تلك الهوية، وتضمين الأطراف كمصادر لبناء وتشكيل تلك الهوية الوطنية، ففي النهاية كان النزوع مزدوجًا نحو المركزية الغربية لبناء هوية الدولة القومية، وفقًا لنموذج الدولة القومية الأوروبية، يبلغ منتهاه، في مقابل نزوع لمناهضة المركزية الغربية ذاتها التي تمثل أحد أهم مصادر المرجعية في تشكيل تلك الدولة.

لكن ذلك النمو لم يكن يتحرك بشكل منتظم، إذ شهدت الثلاثينيات والأربعينيات تآكل نمطي البربري والريفي (كشكش بك)، فتحوَّل نجيب الريحاني إلى تبني شخصية البرجوازي الصغير في تلك المرحلة، مع تزايد الضغط على تلك الطبقة التي أصبحت أكثر انفتاحًا على الفن المسرحي من ناحية، وتزايد أزمتها مع الأزمات الاقتصادية نتيجة الأزمة الاقتصادية والحرب العالمية الثانية.

بالمقابل «لم يستطع الكسار أن يلبي احتياجات الطبقة الجديدة، ومن ثَم فقد الأرض التي يستطيع الوقوف عليها، فانصرف عنه جمهور: الطبقة الراقية والمتعلمون، وجمهور الطبقة الوسطى.. وانتقل الكسار منذ عام 1934م إلى روض الفرج، وراح يقدم أوبريتاته القصيرة، وبعض النِمَر التي تعتمد على الرقص والموسيقى والمونولوج». (10)

لم يعد البربري مركز اهتمام أو ترفيه عن الطبقة البرجوازية، التي أصبحت تمتلك تصورات أكثر وضوحًا حول هويتها، وموقعها، ومن ثَم أصبح غير قادر على التعبير عن طموحاتها ومشكلاتها، ومن ثَم تراجع في مقابل نمو كوميديا بديلة أكثر تعبيرًا عن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها تلك الطبقة... كما أن عملية تضمين (البربري) سياسيًّا كانت قد اكتملت من ناحية أخرى. 

بالمجمل فإن ميلاد السودان والنوبة المصرية، كما نعرفهم اليوم في المخيلة المصرية، هو أمر حديث مرتبط بالدولة المصرية الحديثة التي قررت أن تتمدد جنوبًا لأسباب متنوعة، منها ما هو اقتصادي كالسيطرة على منابع النيل والذهب وفتح طرق للتجارة.. إلخ. ومنها ما هو متعلق بالمخيلة الاستعمارية للدولة المصرية الحديثة، والتي كانت ترى في السودان وبر الشام (فلسطين وسوريا الكبرى) مناطق نفوذ وتوسع طبيعي لها، يمكنها من تحقيق مشروعها السياسي. ومنها ما هو مرتبط ببناء الجيش المصري، كما نجد في نص البربري في الجيش بشكل عابر الإشارة إلى هيمنة الجيش المصري على القدس وحلفا بوصفها حقوقًا سياسية وأدوارًا للدولة المصرية وتشكل الجيش المصري من عناصر منتمية إلى أصول مختلفة ضمن هوية وطنية واحدة.

لقد سعى ذلك النمط الشهير (عثمان عبد الباسط) نحو تأكيد موقع النوبي/ السوداني؛ بوصفه جزءًا من الوطن ومنتميًا إلى التراب الوطني خلال الربع الأول من القرن العشرين، إذ قُدم على المسرح وفقًا لتصور طبقي واجتماعي للنوبي والسوداني، ينطلق من كونه منتميًا إلى الدولة المصرية، خاضعًا لسلطانها ومرتبطًا بها ومجندًا في جيشها، لا يملك نوازع انفصالية أو معادية للدولة، وهو مسالم، يحظى بقبول واستيعاب اجتماعي لدى الغالبية العظمى. بالإضافة إلى أنه منتمٍ إلى الفقراء (عثمان في الأصل سفرجي) وجزء منهم.. إلخ، علاوة على أنه مسلم سني؛ كما يشير اسم الشخصية، وبربري من أب سوداني، وأم نوبية، لكنه جندي في الجيش ومسلم.  

ومن المؤكد أن ذلك الخليط لم يكن ليصلح مع الأقباط المسيحيين؛ الذين تم تضمينهم لأسباب أخرى، وبأساليب أكثر تعقيدًا نتيجة موقعهم الأكثر تداخلاً مع الأغلبية.

في النهاية ربما كان ذلك الموقع الذي احتله عثمان عبد الباسط (البربري) في تاريخ الدراما المصرية، بوصفه أحد أشهر الشخصيات النمطية التي ظهرت على المسرح، وفي السينما، دليلاً على الكيفية التي بنيت بها الهوية الوطنية المصرية الحديثة، وموقع الأقليات داخلها ضمن عمليات تفاوض مستمرة وحيوية.

الهوامش: 

1 - انظر: اللورد كرومر – مصر الحديثة (المجلد الثاني) - ت: صبري محمد حسن – المركز القومي للترجمة – ع: 2157 – القاهرة – 2015 ص 164

2 - مينتي.سينثيا- قاهرة إسماعيل (باريس على ضفاف النيل) - ت: أحمد محمود- المشروع القومي للترجمة (ع:1186) – المركز القومي للترجمة – القاهرة -2008- ص 21

3 - راجع: د. سيد على إسماعيل – تاريخ المسرح في مصر في القرن التاسع عشر -الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة - 1998

4 - عليا مسلم – الوجه الآخر لثورة 1919 المصرية (ثورة فلاحي الهمامية).

https://www.bidayatmag.com/node/1052?fbclid=IwAR1aew0f_-LLwqMGbI5I1s30vnN1ZYmiX-zCH5mkGxyXzSlHca2NDeJbkjs

5- Verdicchio.Pasquale, Sophisticating Action: Gramsci and Theatre, or Can the Subaltern Act? Differences on Stage(2013) Edited by :Alessandra De Martino, Paolo Puppa and Paola Toninato, Cambridge Scholars Publishing. UK, p: 

6 - د. سيد على إسماعيل – مسرح على الكسار (الجزء الأول) «على الكسار ومرحلة الصمود الفني» – نسخة إلكترونية من إصدار مؤسسة هنداوي – المملكة المتحدة - 2018

7 - المرجع السابق – غير مرقم 

8 - المرجع السابق- غير مرقم 

9 - المرجع السابق- غير مرقم

10 - فكري، محمد (1981). المسرح والكوميديا من نجيب الريحاني إلى اليوم، كتاب الهلال، العدد 361 يناير، القاهرة: دار الهلال، ص135 (عن: د. أحمد نبيل أحمد- الشخصية النمطية وتحولات الحكاية في المسرح المصري «عثمان عبد الباسط نموذجًا» – مؤتمر همزة وصل – القاهرة 2018).