هموم
دار المراياهكذا غاب "التتر" الجيد عن الدراما
2021.06.01
هكذا غاب "التتر" الجيد عن الدراما
نعم، كنت أعتبر تترات المسلسلات بمثابة حائط الصد الأخير عن الأغنية المصرية، وبخاصة عندما انتشرت بعض شركات وافدة وجهت إنتاجها ناحية المشهد الغنائي المصري، وسيطرت ودفعت الغالي والنفيس لتفريغ الأغنية المصرية من كل قيمة، بل وصل الأمر أحيانًا إلى احتكار أهم الأصوات بمبالغ طائلة، ثم وضعها في خزائنها لسنوات طوال، وأسهمت في الدفع إلى السوق بأنصاف وأرباع المواهب، وغلبت كُتاب الأغنية على شعراء بعينهم بعد أن أحدثوا نقلة نوعية بمعاونة ما يعرف بجيل الوسط.
هذا الجيل من المطربات والمطربين الذين فزعوا من الموجة الجديدة واهتزت الأرض تحت أقدامهم فسقطوا في مغازلة السائد وأداروا ظهورهم لكتائب المبدعين الذين أسهموا في نجوميتهم. على كل حال كنت ضمن قلة نأت بنفسها عن المشهد وحاولت دخول أرض الغناء الدرامي مبكرًا، بالضرورة كان هناك جيل الرواد الذين مهدوا الأرض ووضعوا أسسًا للأغنية الدرامية فتمثلناهم، عن نفسي كانت لي بعض الملاحظات لعل أهمها تجاوز نغمة المقدر والمكتوب، وراهنت منذ البداية على زلزلة الثوابت ومحاولة النظر إلى المأثور الشعبي من زاوية جديدة "قال إيه يا بخت اللي يبان مغلوب واللي يرد الباب في وش الريح، ماشيين في دنيا ماشية بالمقلوب والطيبين في الدنيا دي مجاريح". وكنت أحرص أيضًا على إثارة السؤال "مين ده اللي كاره دنيتك وبيشتهي موتك"، وإعادة النظر فيما استقر من قيم "بنهمل الأيام وننسى ونلوم على المكتوب، واللي صبر ع المر ناعسة ياخلق مش أيوب". لكن وللأسف الشديد حدث أن استعانت شركات الإنتاج الدرامي بأبطال من نجوم الطرب الذين يحتلون الساحة فجاؤوا بطبيعة الحال بفرسانهم في التأليف والألحان، وأصبح تتر المسلسل أغنية باهتة ليست لها أدنى علاقة بموضوع العمل، وقد استطاعوا إزاحة عمر خيرت وميشيل المصري ومحمد على سليمان وياسر عبد الرحمن، وكتيبة من الشعراء أمثال جمال بخيت وطاهر البرنبالي ومسعود شومان وفؤاد حجاج، وكان من الطبيعي أن يتصدع حائط الدفاع الأخير عن الأغنية المصرية، ناهيك بما يحدث مؤخرًا من جراء احتكار شركة واحدة للمشهد الفني برمته مستعينة بفرقها من العناصر المطيعة والمستأنسة.