يمضي بنا هذا الكتاب في رحلة مدهشة وغرائبية لسبر محاولات القوى الأوروبية المختلفة في اكتشاف نهر النيل منذ أن وطئت أقدام الإسكندر الأكبر مصر (332) ق.م.) ، حتى المساهمات الأوروبية الحديثة في حركة.
الكشوف التي بادرت بها مصر خلال القرن التاسع عشر في عهد أسرة مـ علي، ويرصد السياقات والتقلبات التاريخية الصاخبة التي أحاطت بتلك المحاولات، وهي سياقات تجاوزت عند إعادة قراءتها بشكل مكثف وموجز حواجز التصورات التقليدية عن "الاستعمار الحديث" ودوافعه ودينامياته ما يساعدنا على فهم أعمق لطبيعة العملية الاستعمارية للقارة الإفريقية كمحصلة النشاط معرفي منهجي ومتراكم سعيًا ضمن عوامل أخرى إلى اكتشاف نهر النيل والاستيلاء على موارده واستعماره في أواخر القرن التاسع عشر.
يتنقل الكتاب خلال هذه الرحلة بين مدن وأقاليم على امتداد قارات العالم القديم، بينما تشكل القاهرة والإسكندرية القلب النابض لمجمل تفاعلات الرحلة، إذ كاننا نقطتين لانطلاق ولمغادرة أغلب الرحالة والمستكشفين الذين حاولوا اكتشاف منابع نهر النيل والبلاد الواقعة خلف الشلال الأول جنوبي مصر على مدار العصور. ويتنقل أيضًا بين عمليات الكشوف وإنتاج المعارف
الممهدة لتلك المحاولات مثل الكارتوغرافيا وعلم الملاحة ونقد كتابات الرحالة ومشاهداتهم. ويقوم الكتاب بريط كل ذلك بخلفيات المراحل التاريخية المفصلية مثل: الانتقال من الحكم المملوكي إلى العثماني في مصر، وتحولات المملكة الحبشية ونشاطات قوى الاستعمار الأوروبي الحديث المبكرة في الشرق الأدنى والبحر الأحمر (وما اتصل بهما من سواحل إفريقيا على المحيط الهندي قبيل إحكام قبضتها على مجمل حوض نهر النيل.
د. محمد عبد الكريم أحمد، باحث متخصص في الشؤون الإفريقية، قدم عديدا من المؤلفات والكتب المترجمة والدراسات في تاريخ الحركة العمالية الإفريقية، وقضايا الإرهاب والفكر الإفريقي. حاصل على جائزة أفضل كتاب في فرع العلوم الإنسانية من معرض القاهرة الدولي للكتاب 2018 .