تفتح الرواية نوافذ متقابلة على التاريخ العربي المعاصر، بإطلالها على الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت، بعيون مستشرقين، وأجيالٍ فلسطينية عاشت في الإمارة منذ بدايات تأسيسها حتى منعطف تسعينيات القرن الماضي، وقاسمت الكويتيين نظرتهم إلى مجريات الأحداث التي مرت بها بلادهم والقضية الفلسطينية.

تتداخل تفاصيل عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي ليكتشف متلقّي الرواية عوالم لم يتناولها التاريخ الرسمي، رغم ظهورها في الأرشيفات المفرج عنها، ومراسلات المستعمرين الذين تركوا بصماتهم على واقع البلاد والعباد في العقود اللاحقة.
يتقصّى الروائي مسيرة المستشرق هارولد ديكسون، الذي عرف المنطقة وعرفته منذ عشرينيات القرن الماضي وكيلاً يضبط حياة الأهالي على الإيقاع الاستعماري، لتأبيد تبعية الشرق العربي للغرب. وفي الرواية سعيٌ ملحوظ لتفكيك ذهنية المستعمر الغربي ورؤيته للشرق، من خلال تناول نماذج المستشرقين الذين ساهموا في وضع أسس تقسيم البلاد العربية وتبعيّتها.

وهارولد ديكسون هو  ضابط عسكري وسياسي ومؤرخ بريطاني ألف عدة كتب عن الكويت وشبه الجزيرة العربية، خدم في سلاح الفرسان البريطاني حتى 1915، حيث نقل إلى الإدارة السياسية وعمل وكيلًا سياسيًا في الناصرية والبحرين ثم وكيلًا سياسيًا في الكويت عام 1929 حتى تقاعده عام 1936  ليصبح ممثلًا محليًا أعلى لشركة نفط الكويت حتى وفاته.

تشكلت، استنادًا إلى رؤى وسياسات المستشرقين في المنطقة، متغيّراتٌ في الحياة السياسية والاجتماعية الكويتية، كما ظهرت آثار هذا الأساس على الوجود الفلسطيني الكثيف ــ والمختلف على طبيعته ــ في الإمارة بعد النكبة والنكسة الفلسطينيتين؛ وهو الأمر الذي تعالجه الرواية بنَفَس مختلف، من حيث الأسلوب الفني وقدرة الطرح على الإقناع.

تُظهر الرواية تداخلاتٍ لا يمكن فهمها دون الوقوف عند تفاصيل العلاقات التي ربطت بين الفلسطينيين والكويتيين على مدى عقود، لتفتح هامشًا واسعًا لإعادة التفكير في الكثير من المسلَّمات.
وقد اقتضى الوصول إلى "الرواية ـ الرؤية" الاطلاع على كتابات المستشرقين، ومراسلات المستعمرين، ودراساتٍ ويوميات، ولا يخفى اطّلاع الروائي على تجارب روائية عربية وغير عربية تناولت تاريخ المنطقة المسكوت عنه.