ما الذي تمثله القاهرة لكاتب سكندري احتك بالحياة الثقافية وتفاعل معها على مدار سنوات التسعينيات –وحتى اليوم؟  في كتابه "كرنفال القاهرة، مشاهد من عقد التسعينيات" أراد الكاتب علاء خالد أن يوثق مشاهداته من أجل تأريخ المدينة من منظور فلسفي ثقافي أدبي. 
في البداية، يقدم الكاتب ملمحًا فلسفيًا لمدينة القاهرة والذي يطلق عليه "القاهرة الوجودية"، يسترجع خلالها قاهرة الحرافيش لنجيب محفوظ وعالم الحارة الرمزي الذي يعيش بمعزل عن المدينة الحديثة. 

وعبر فصول الكتاب القصيرة، نتعرف على مشاهد من أرشيف الكاتب الشخصي الذي يلتحم بالتاريخ العمراني والثقافي وبشكل خاص في عقد التسعينيات، وهو مرحلة مفصلية في الأدب المصري بصفته عقد الاعترافات الحميمة، في القصيدة والرواية وفي كتابة الذات. يلتحم الذاتي بالعام والموضوعي ليعرض على القارئ المراحل والخطوات الأولى التي خطاها الفتي -الذي كانه- في دوائر الفن والثقافة والكتابة.

يكشف لنا طبقات من التاريخ الثقافي للمدينة، عمرانها وعمارتها، ومخيلتها الجمعية، وجماعاتها الفنية وتجمعاتها الأدبية والتي تتماس جميعا، بطبيعة الحال، مع التاريخ الشخصي. فنتعرف من خلال عيون الكاتب على عالم الصحافة والحلقات الأدبية، أو على جغرافية وسط البلد بطبيعتها المعمارية الخاصة من خلال الفنادق والبنسيون الذي تردد عليهم، قاهرة الخمسينيات من خلال أعمال جيل الستينيات.

هذا الميراث الذي آل إلى جيل التسعينيات من الكٌتاب والأدباء والفنانين والذي ساهم في تشكيل وعيهم وجعلهم جيلًا بلا بطولات أو جيل يتبرأ من الزعامة جعله يتوقف عند شخصيات محورية أثرت ليس في تكوينه فقط ولكن في جيل كامل من مبدعي التسعينيات مثل الكاتب إبراهيم أصلان والفنان أنور كامل والشاعر مجدي الجابري والباحث عبد العزيز جمال الدين وغيرهم.