نظر

خالد يوسف

أطباق السم المعسول.. الإعلان السياسي بين البروباجاندا والسلعة

2020.04.01

أطباق السم المعسول..  الإعلان السياسي بين البروباجاندا والسلعة

شيئان مسموح برؤيتهما «غالبًا» في قاعة المحاضرات الأساسية بكلية التجارة في جامعة عين شمس، خلال فترة منتصف التسعينيات. الأول هو أقدام الطلبة بمختلف أنواع أحذيتهم، والأمر الثاني هو السقف الذي تسكنه بشكل كامل مختلف أنواع الطيور التي فضلت المبيت من الليلة السابقة.

السبب الرئيسي لاقتصار مدى الرؤية على هذين الأمرين يعود بشكل أساسي إلى أنك «غالبًا» لن تملك فرصة للجلوس في أثناء المحاضرة سوى على الأرض. خصوصًا مع وجود ما يقرب من ألف طالب داخل القاعة، يصنعون عوالم مختلفة وأنشطة موازية، وطبقات مختلفة من المعاناة تحاكي طبقات جحيم دانتي. تلك العوالم الموازية توقفت للمرة الأولى منذ فترة طويلة بمجرد بدء أستاذ جديد، قادم لتوه من فترة عمل في الولايات المتحدة محاضرته بسؤال من خارج المقرر، دون نية منه للتعرف على الإجابة «هل تعرفون ما هي قيمتكم الآن؟»، الصمت لم يستمر سوى بضعة ثوان، ثم تفضل هو بتقديم الإجابة «الآن الخمسة منكم بشلن.. وفي الغد ثمنكم سيكون ببلاش».

الشباب والفتيات وطيور السقف أنصتوا تمامًا لما كان البلد بأكمله يحاول إخبارهم به، دون أن تحصل تلك الحقيقة على كامل انتباههم إلا عندما نزل بها ذلك البروفيسور كالمطرقة، كما أنه أتبع ضربته بجملة ختامية وبنبرة أكثر هدوءًا «حاولوا أن تصنعوا لنفسكم سعرًا».

كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرف فيها هؤلاء الطلبة على ملامح الموجة الجديدة للنيولبيرالية المصرية، التي بدأت في اكتساح الأجواء الأكاديمية المصرية منذ مطلع التسعينيات ببطء وثبات. حتى انتقلت لتصبح المرجعية الأساسية للصاعدين الجدد في لجنة السياسيات بالحزب الحاكم، والمادة الأساسية لصنع خطاب سنوات الرخاء المنتظر لعقود.

وكما هي العادة، لا تسمح الأوضاع الأكاديمية المصرية بأي اهتمام لتحليل وتفسير التحولات الفكرية التي تنثرها النخب في الفضاء العام؛ تحديدًا على مدار نصف القرن الأخير. خصوصًا في ظل الاكتشاف المتأخر أن مجموعة من أبرز الأكاديميين المصرين في كليات السياسة والاقتصاد أو التجارة أو الإعلام كانوا بمثابة عَرَّابي الحرس الجديد للحزب الحاكم خلال الـ 15 عامًا التالية. وليس من قبيل المصادفة أن يكون هذا التأثير حاضرًا في سياقات سياسية أكثر تعقيدًا، وربما يكون المثال على ذلك هو التأثير الملحوظ لأستاذين جامعيين مثل كورنيل ويست سياسيًّا وداريك هامليتون على تطور الخطاب لدي بيرني ساندرز المرشح للرئاسة الحالي عن الحزب الديموقراطي.

مأساة أصحاب الياقات البيضاء

بدا الأمر في تلك القاعة وكأن فكرة التسويق الشخصي، أو عمليتي التسليع والتسعير الذاتي، دخلتا القاموس اليومي لمجتمع الطلبة ذلك اليوم في سياق خالٍ من تسويق الأفكار والمشاريع السياسية. ولا يعد ضربًا من المبالغة الإقرار بأن مقولة «من لا يمكنه صنع ثروة قبل سن الخامسة والأربعين لن يمكنه أبدًا كسب أي مبالغ من النقود في حياته» الخارجة من فم أحد رجال الأعمال المصريين هي منتج طبيعي لما يقرب من عقدين من التعامل المتعمد مع قطاع كامل على أنه مجتمع من ”الفكة“. في توازٍ مثير للاهتمام مع ملاحظة تذكيرية بالإعلان الشهير للجيش البريطاني والذي صممه وكتبه أدريان هولمز عام 1987، واضعًا صورة أرشيفية لخروج المئات من أصحاب الياقات البيضاء وموظفي البورصة إلى قطارات الصباح في الطريق إلى أعمالهم، مصحوبة بعنوان «مطلوب أناس لن يمكنهم خوض معركة واترلوو أبدًا»، في سخرية من الحياة الرتيبة والمملة لهؤلاء التعساء من المضاربين، والذين لن يحظوا أبدًا بشرف دخول التاريخ الإنساني، كأسلافهم من محاربي معركة واترلوو قبل أكثر من قرنين من الزمان.

المفهوم نفسه يبدو متشابهًا إلى حد بعيد مع الإعلان الذي صممه ديفيد أبوت عام 1989 لصالح مجلة الإيكونومست، ومفاده جملة على لسان شخص ما تقول «أنا لا أقرأ الإيكونومست أبدًا» مع ملاحظة تشير إلى صاحب المقولة بأنه رجل في الـ42 من عمره، ما يزال يعمل تحت التمرين في مجال الإدارة. في إشارة صريحة للمستوى الفكري والمعيشي لهؤلاء الخاسرين من المتعاليين على الإيكونومست، الذين ينتظرهم مستقبل من الفشل المهني.

وفي مجتمعات تقبع في حالة الفراغ السياسي، يصبح الإعلان في حد ذاته بمثابة بيان حالة سياسية مستتر، لا يعد فقط تسويقًا لمنتج، بل لتوجه مجتمعي قد يخجل البعض من التصريح به علانية. ويمكن إلقاء نظرة على الأسلوب التسويقي لأكبر المطورين المعماريين في مصر على مدار العقد الأخير، والتي تجعل من مجتمعاتهم العمرانية الجديدة بمثابة سفن نوح، التي قد تمثل طوق النجاة الأخير من طوفان العوام، في دعوة مفتوحة «للانضمام إلى النخبة». والتعلق بـ»سبنسة» قطار الناجين.

إعصار بلومبرج

في المجتمعات التي تشتبك سياسيًّا مع أزماتها الكبرى، يصبح الإعلان أكبر من مجرد بروباجاندا صريحة، ليضحي وسيلة لتسويق وضع حتمي على الأرض وربما فرضه، في إعلان صامت لحالة طوارئ تتطلب تدخلًا تنظيميًّا أو حزبيًّا، وربما شخصيًّا كما هو حال الحملة الإعلانية الكاسحة لتايكون نيويورك مايك بلومبرج، الذي يدك منازل الأمريكيين حاليًا بمئات الموجات الإعلانية عن ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، في كل مرة يدخلون فيها موقع You Tube والتي يظهر فيها ذلك الإمبراطور مرشحًا وحيدًا لهزيمة ترامب. بلومبرج صاحب الأيادي البيضاء على موظفيه من الأقليات، حلَّال الأزمات، محب الحيتان، المقاتل ضد الاحتباس الحراري، المهتم لأمر من حوله من السيدات، نصير الأطفال بسلسلة كاملة من الرسوم المتحركة، المستقل غير المحتاج لأموال تبرعاتكم، الوجه الرابح للحزب الديمقراطي (على الرغم من أنه قضى أغلب حياته السياسية عضوًا في الحزب الجمهوري). 45 مليون دولار ضُخَّت على شكل إعلانات عبر الفيسبوك، حققت ما يقرب من مليار ونصف المليار مشاهدة، لتبقيه حصانًا متماسكًا حتى الآن في السباق، على الرغم من أدائه الكارثي في مناظرتين مفتوحتين، وعجزه حتى مطلع مارس عن كسب تأييد مندوب انتخابي واحد بالمقارنة مع فرسي المقدمة بيرني ساندرز وجو بايدن، ما يذكر بمتلازمة الانتخابات الماضية في الحزب الجمهوري؛ عندما حظي المرشح الكارثي بين كارسون بأفضل حملة إعلانية تليفزيونية، وأكثرها عفوية في تعاطيها مع الناخب العادي.

علاء الدين والعفريت

تقليد الإعلان السياسي الذي عرف تحولات راديكالية عقب الحرب العالمية الثانية، أصبحت ملامحه متداخلة مع حملات تسويق السلع اليومية، كسلعة يمكن استهلاكها لإشباع رغبة ما، إلى الحد الذي فضلت معه الوكالات الإعلانية العملاقة استخدام المضمون السياسي في الترويج لمنتج صناعي استهلاكي تقليدي، كما طبقه ديفيد أبوت عام 1969 لوكالة دي دي بي اللندنية لصالح فولسكفاجن للسيارات، مستغلة وجه الممثل البريطاني مارتي فيلدمان بخلفيته العمالية، وانتمائه شكلًا ومضمونًا إلى طبقة اقتصادية ومهنية أقل حظوظًا من طبقة نجم مثل ستيف ماكوين، في إعلان مفاده أن تلك السيارة الضئيلة ربما ليست أكثر جمالًا وجاذبية من نظيراتها، ولكنها حتمًا «الأكثر موهبة»، وكما وضع أبوت عنوانًا للقطعة «إذا كان بمقدوره (فيلدمان) أن يصبح ناجحًا، فإن فولكسفاجن يمكن أن تفعلها أيضًا»، مع التلميح اللغوي الدائم لاسم السيارة بأنها تنتمي إلى «الشعب» اسمًا ومضمونًا.

هذه الاستراتيجية نفسها لجأ إليها أبوت أيضًا في الترويج لأسواق سنسبري لبيع المنتجات بسعر الجملة، مستغلًا قصاصة من صحيفة الميرور عام 1992، لمستشار الخزانة البريطاني حاملًا حقيبة بلاستيكية لسنسبري، تحوي وجبة غدائه اليومية، في إشارة صامتة ليس فقط إلى الجودة، بل أيضًا إلى أن سنسبري خيار اقتصادي موفر.

وقد يكون الشكل أكثر جرأة هو التعبير عن موقف سياسي وأخلاقي واضح كما كان الحال مع الإعلان الذي صممه تيم ديلاني عام 1991 لصالح شركة تمبرلاند للملابس، والتي حاولت الترويج لخطوط أحذيتها الجديدة، المستوحاة من صلابة أحذية محاربي قبائل السكان الأصليين للأمريكيتين، مع عنوان عريض يمكنه أن يخرج من فم مفكر تقدمي مثل هوارد زِن «لقد سلبناهم أرضهم، ثم سرقنا ماشيتهم، وخطفنا نساءهم. الآن نعود للاستيلاء على أحذيتهم».

الخط ذاته لجأ إليه ألفريدو مارك أنطونيو مع قطعته الترويجية لكاميرات أوليمبوس، عن طريق قصاصة أخرى تحمل صورتين لتوني بين ودينيس هيلي المرشحين الرئيسيين اللدودين عن حزب العمال لانتخابات رئاسة الوزارة البريطانية. وكلاهما يقوم بتصوير الآخر في مبادرة حميمية مع استخدام كلمة «التقاط الصور»، كمقاربة للفظ «إطلاق النار» Shooting.

هذه هي فلسفة المنتج المعبر عن الطبقة ذاتها التي يلجأ إليها نيل فرينش في تصميمه لإعلان عن مشروب شيفاس ريجال الكحولي، بصفحة بيضاء تمامًا خالية من الصور. فقط فقرة مكتوبة مفادها «هذا إعلان عن تشيفاس ريجال. إذا كنت لا تعرف شكلها بالفعل فأنت لا تتحرك في الدوائر الاجتماعية المناسبة، إذا كنت لا تعرف مذاقها فأنت في حاجة لعيش تجربتها، إذا كنت لا تعرف قيمتها فأنت لا تملك ثمنها. اقلب الصفحة أيها الصبي!».

نيل فرينش كان بحاجة فقط إلى جملة واحدة لركوب الموجة الاحتجاجية لعام 2004 من أجل الإعلان عن أقراص مسكن بانادول، مستعينًا بصورة واحدة كبيرة لبوش الأب وابنه في صورة عائلية، مع جملة «واحد فقط يكفي جدًا».

في المقابل قد تلجأ الهيئات غير الربحية إلى خطاب سياسي تلتقطه العين، وتميزه الأذن في الحال، كما كان الحال مع تصميم ديفيد أبوت لصالح الجمعية الملكية لتلافي القسوة مع الحيوانات عام 1989، والتي تحتج عبر إعلانها على قرار الحكومة البريطانية بإلغاء أي تراخيص جديدة لتسجيل الكلاب الأليفة، وهو القرار الذي شكَّل عبئًا على الجمعية أرفقه أبوت بصورة لأكوام جثث الكلاب المتراكمة مصحوبًا بتعليق «عندما قررت الحكومة إلغاء تراخيص الكلاب، تركت لنا مهمة قتلهم»، في مناشدة على هيئة منشور سياسي ينقل للمجتمع المدني رغبة الجمعية في التوقف عن القيام بالمهام القذرة، النابعة من تلك القرارات الكارثية للحكومة.

في المقابل، لم يجد سايمون ديكيتس أفضل من إغلاق فم صمويل بيكيت بقطعة من القماش للإعلان عن خدمات مؤشر الرقابة لحرية الصحافة عام 1968، بنص إعلاني كانت جملته الرئيسية «لو ولد صمويل بيكيت في تشيكوسلوفاكيا، لظل منتظرًا لجودو حتى يومنا هذا».

نفس الحيلة لجأ إليها جيريمي سينكلير في تصميمه عام 1969 الخاص بمجلس التعليم الصحي البريطاني، بوضع صورة لرجل حامل في شهره التاسع مع جملة تحذيرية عن أهمية العواقب الوخيمة لاستهتار الذكور في التعامل مع العلاقات العابرة التي تفضي إلى حمل الفتاة، مفادها «هل كنت ستصبح أكثر حذرًا لو كنت أنت المسؤول عن الإنجاب؟»

على الجهة الأخرى، استخدم تيم ديلاني مفارقة سرية حسابات البنوك السويسرية، والتي ظلت مرادفًا للنشاط المالي المستتر لأباطرة السياسية في العالم خصوصًا الطغاة منهم، بمقطع إعلاني يعرض خدمات بنك بيكتيت السويسري عام 2008، يتضمن صورة لرواق فخم يخترقه جسد شخص ما يركض إلى خارج الإطار مع جملة «إذا رغبت في معرفة المزيد عنا، فلن نصبح مشهورين بسرية حسابات عملائنا».

ولم يجد إندرا حينها مشكلة في الاعتماد على صورة مثيرة للجدل في إعلان لسكوتلاند يارد، لأحد المطلوبين وهو يبصق على شرطي تابع للمؤسسة، في إعلان مروج لمبادئ ومراحل ضبط النفس الشرطي في التعامل المباشر، حتى تحت أشد أنواع الاستفزاز.

واحدة من المفارقات التي لا يمكنني إهمالها في هذا الشأن هو الدور المزدوج الذي تقوم به وكالة سكاتشي وسكاتشي، بداية من إرضاء زبونها المفضل من أبناء حزب المحافظين في حملات الهجوم وتلطيخ السمعة تجاه التيارات اليسارية البريطانية، قبل أن يتم الاستعانة بهم عام 2017 لتصميم حملة مضادة لتعليمات التجنيد التي تقوم بها منظمات اليمين المتطرف لاستقدام أعضاء جدد من المراهقين.

سكاتشي بقيادة مصمم الإعلانات أندرو راثرفورد لعبت على أوتار المزاج العام الحانق من حكومة العمال، وتحديدًا في أعقاب «شتاء الكرب» مطلع 1987، من خلال الاستعداد للانتخابات العامة في العام التالي بالملصق الدعائي للعشرات الواقفين في طابور ثعباني من العاطلين، مع عنوان «حزب العمال لا يعمل». في تطبيق عملي لما عبَّر عنه كاتب الإعلانات بول سيلفرمكان بأنه في بزنس الدعاية يصبح «الزبون هو علاء الدين، فيما تصبح الوكالة هي العفريت محقق الأماني». مع التأكيد على إسداء نصيحة مبشرة مفادها «ابتهج.. فحزب العمال لن يعمر طول الوقت».

وكالة اليمين للاغتيال المعنوي

النتيجة الباهرة بفوز ثاتشر أعطت الضوء الأخضر لسكاتشي للاستمرار على النهج نفسه، من خلال حملات اغتيال معنوي للعمال في حملة عام 1983 بوضع مانفيستو حزب العمال أمام مانيفيستو الحزب الشيوعي، في رسالة واضحة للناخب بأن قراره بالتصويت لأي طرف غير المحافظين سيكون كارثة قومية، عارضًا تطابق سياسات الحزبين من خلال 11 بندًا من بنود سياسات الحزب.

وكان على تلك الاستراتيجية الإعلانية من شيطنة المنافس أن تصطدم بحائط الواقع؛ مع وضع صورة لتوني بلير ولهيب النار يخرج من عينيه في انتخابات 1997، تحت عنوان «حزب عمال جديد، خطر متجدد»، في محاولة بائسة لتقليد حملة الانتخابات الكندية لحزب المحافظين والتي سخرت من عيب خلقي عند جان كريتان مرشح الليبراليين، وفي المرتين كانت الخسارة من نصيب الطرف البادئ في التنمر.

ربما تغيرت طبيعة الزبون المستهلك للإعلان السياسي في أعقاب الانتخابات الأمريكية 2016، في ظل سطوة وسيطي تويتر وفيسبوك وتشابكهما، إلى جانب البارانويا المحيطة بها، بين تواطؤ قادة تلك الشركات في إخفاء طريقة استهداف الناخبين كما في حالة بريكست، وبين التدخل الخارجي الصريح لروسيا بوتين. مرورًا باعتماد المحتوى الساخر المعروف بالـ«ميم» Meme وسيلة لتكثيف الرسالة إلى حدها الأبسط، وبشكل يمكن نشره لعشرات الآلاف دون الكثير من الشرح، وبعد ساعات قليلة للرد على حملات المنافسين. مثل تلك الحملة التي رد بها جو بايدن ساخرًا من لجوء بلومبرج الدائم والمفرط إلى استخدام صوت وصورة أوباما في مواقف عدة أثنى فيها الرئيس السابق على المرشح الحالي. إذ لجأ بايدن إلى الاعتماد على نسق محادثات الواتساب ونشر مقاطع الفيديو لكل الإجراءات التي تناقض تمامًا ما يخرج من فم بلومبرج. دعاية استمرت لنحو دقيقة فقط، كانت بمثابة ضربة للنصف مليار دولار التي خصصها بلومبرج لشراء عشرات الساعات من اهتمام الزبائن أو جمهور الناخبين.

أما الوضع في الحالة المصرية فقد أصبح عكسيًّا، خصوصًا فيما يتعلق باعتماد الدعاية الحقيقة لمنتجي السياسة على الهواة في المقام الأول (علاء الدين والعفريت أضحيا شخصًا واحدًا هو الجمهور)، وذلك في ظل الغرق الكامل في بحر الكليشيهات التي تسبح فيه القطاعات الرسمية، وإن كان يصعب تحديد ما إذا كانت «فلسفة النجاة» ما تزال هي محركها الأساسي، ومراوحة المكان بين الهروب من مصير «الخمسة بشلن» و«التميز بالانضمام إلى النخبة»، وإن كانت في الأغلب تقبع في مكان ويروَّج لها وتُختبر جيدًا في قاعة محاضرات ما.

هناك طريقتان للحديث عن كل شيء في مجال الإعلان: الأولى هي «المرأة لا تأخذ حقها من التقدير»، أما الثانية التي نستخدمها هي «جينجر روجرز تفعل تمامًا كل شيء يفعله فريد أستير، ولكن بظهرها وبحذاء عالي الكعب».

* كاتب الإعلانات شون دويل