الحركة النسوية المصرية
سارة نجاتيالتحرش الجنسي.. بين لوم الضحية والعنف الاجتماعي
2018.10.01
مصدر الصورة : آخرون
التحرش الجنسي.. بين لوم الضحية والعنف الاجتماعي
التحرش الجنسي جريمة ترتكب في جميع أنحاء العالم، ولكنها في مصر تحمل طابعًا خاصًا جدًا، ليس فقط لتحولها إلى ممارسة يومية منتشرة انتشار النار في الهشيم، ولكن أيضًا لهيمنة الخطاب اللائم للضحية والمهوِّن من فعل التحرش، لذا لا بد وأن يكون هناك أسباب لتحول التحرش في مصر إلى ظاهرة مجتمعية تمارس ضد نسبة كبيرة من النساء.
كيف يستقبل المجتمع التحرش؟
تشترك الغالبية العظمى من ردود الفعل على جرائم التحرش في لوم الضحية مهما تشابهت أو تباينت طرق اللوم. وتنقسم ردود الفعل تلك بين رأي يرى أنه على المرأة أن تقبل بالتحرش، ورأي يرى أن المرأة تستحق التحرش. ويستند الرأي الأول لتصور متخيل، لا علاقة له بالواقع، عن شكل العلاقات بين النساء والرجال في الغرب. وهو التصور الذي يفترض أن خروج المرأة للعمل، وارتداءها ما تشاء كما تفعل النساء في الغرب، يفرض عليها أن تقبل أشكال تودد الرجال للنساء في الغرب، وأشكال التودد في الغرب، على حد تصورهم، تتبع منهج «العرض والطلب» حتى وإن طبقوا مبدأ العرض والطلب بمطاردة النساء في الشارع! وهذا الرأي المستتر وراء الرغبة في التحرر ومحاكاة النمط الغربي ظهر في ردود الفعل التي انتشرت في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول واقعة التحرش الشهيرة في التجمع الخامس التي سجلتها صاحبة الواقعة على كاميرا الفيديو الخاصة بهاتفها المحمول. والتغريدة الآتية هي لفتاة في العشرينيات من العمر ولها عدد لا بأس به من المتابعين:
«نو أوفينس بس أنا مش شايفة الراجل بتاع أون ذا ران ده متحرش ولا الموضوع كان يستدعي الڤيديو، كل ما في الموضوع أنه شاف سترينچر جذابة شدته وقرر ميضيعش الفرصة التي قد تؤدي لحاجة كويسة في وقت لاحق من الزمن ويستجمع شجاعته ويدعوها لاحتساء كوب من القهوة بأدب في أون ذا ران زي في الأفلام»
وكتب شاب في أحد التعليقات على الفيديو بالفيس بوك:
«ما هو طالما عايزين حرية مرأة، يبقى لازم تفهموا أن الدول اللي فيها حرية مرأة، وبتلبس فيها الست زي ما البنت بتاعتة الفيديو دي لابسه، عادي جدا أن يجي واحد يقولها تعالي نشرب قهوة، أومال ح يتعرف عليها ازاي يعني»
يتسم هذا التصور السطحي عن شكل الحرية الجنسية في الغرب بالتناقض الشديد في تكوينه؛ فهذا الشاب الثلاثيني، العامل بمجال البترول، وخريج مدرسة على الأرجح تدعى WXYZ والجامع لمعلوماته عن الغرب من مسلسل How I Met your Mother (كيف قابلت والدتك)، لا يرى أي مشكلة في مطاردة امرأة بسيارته في الشارع للحصول على موعد معها من نافذة السيارة، ويعتبر هذا السلوك طبيعيًّا بل إنه الطريقة العصرية للتعارف بين الرجل والنساء. إلا أن هذا الشاب المصري نفسه العامل بمجال البترول، خريج الـ WXYZ، الذي جمع معلوماته من How I Met your Mother، قد يكون على أتم استعداد لارتكاب جريمة قتل إذا ما قبلت والدته الذهاب مع رجل لا تعرفه، وهي في طريقها للسوق، لاحتساء القهوة معه على الطريق الصحراوي، وهذا لأنه يرى في قبولها لدعوة الشاب انتقاصًا من عرضها وشرفها، وعرضه وشرفه هو.
وهذا النموذج «المتحرر» منتشر أيضًا بين بعض «مثقفي» و»ناشطي» و»مدوني» و»فناني» وسط البلد بالإسكندرية والقاهرة، والذين يجدون تحرر المرأة في قبولها للتحرش، بل وفي استجاباتها الفورية لطلباتهم الجنسية الصريحة التي يعبرون عنها بالقول أو الفعل أو من خلال الرسائل الإلكترونية بكل أريحية، مستغلين بذلك «انفتاحهم» ودعواهم «للحرية» واعتقادهم في ضبابية الحدود بين التحرش والغزل! وهذا إن عكس شيئًا فإنما يعكس ضبابية وهشاشة منظومة التفكير لديهم، وإسهامهم المقنع بثياب الحرية، في إعادة إنتاج دوائر من القمع لا تنتهي. والمشكلة أن بعضهم هم من يكتبون وينشرون وينتجون أعمالاً فنية وينسجون المشهد الثقافي بمصر. المحزن أنهم بينما وجدوا في الفن والثقافة ملاذًا من ظلمات العصر الذي نعيشه، ووجدوا في قبولهم الآخر عرقيًّا ودينيًّا تحضرًا، لم يجدوا للمرأة مكانًا في «انفتاحهم» خارج سراويلهم البوهيمية الفضفاضة، مما لا يجعلهم مختلفين تمامًا عن أصحاب الخطاب الديني المتشدد الذين يهاجموهم بكرة وأصيلاً.
رد الفعل الثاني الذي يرى أن المرأة تستحق التحرش هو الأكثر انتشارًا، ولا يكترث أصحابه لادعاءات أبناء الطبقة الوسطى الخاصة بالتحرر الجنسي ومحاولات محاكاة النمط الغربي. ويتمثل رد الفعل في التعليقات التالية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي اعتدناها بالفعل «وهي ايه اللي وقفها في الشارع؟ ما ما كانت تمشي»، «ما هو دي أخرة التبرج، هو شاف واحدة مش محترمة نفسها، ح يحترمها ليه؟». وهناك أيضًا الكثير من التعليقات التي اكتفت بشتم الفتاة بحدة وإيجاز على شاكلة «يا عاهرة».. إلخ. ويرتبط رد الفعل هذا بمرجعية دينية ومجتمعية ترى في التمسك بالدين (المتمثل في الزي الإسلامي)، والعادات والتقاليد ( المتمثلة أيضًا في الزي الإسلامي وفي تقنين الخروج من المنزل) نجاة وحماية للمرأة، بينما ترى في «تبرجها» تفريطًا في العرض. ويتراوح مفهوم التبرج بين ارتداء الحجاب مع عدم تغطية القدمين حتى إظهار الشعر والذراعين، وبالتالي فإن من فرطت في عرضها، وهن كثيرات حسب التفسيرات المختلفة للتبرج، تستحق ما يلحق بها من تحرش، وينكر أصحاب هذا الرأي وجود أي حالات تحرش بمرتديات النقاب والخمار؛ على عكس ما تظهره الإحصاءات من تعرضهن للقدر نفسه من التحرش.
وترتبط ردود الفعل تلك بنموذجين للعيش، ولرؤية العالم، ولتحديد القيم والمثل وهما: النموذج الغربي المائل للتحرر، والنموذج الإسلامي المائل للمحافظة بطبعه. ولأن المشروعين خذلا المصريين، سياسيًّا واجتماعيًّا، نرى أن كليهما لم يتخلصا من جذور القمع والإقصاء المميزة لهما حيث يتسم الاتجاهان بالتعامل مع المرأة ككيان جنساني بالمقام الأول، فالمرأة، في النمط الداعي لحرية زائفة مستباحة باسم الحرية، وفي النمط الداعي للتمسك بالدين والعادات والتقاليد مستباحة أيضًا، لتفريطها في عرضها المتمثل في الزي الملتزم والحركة المقننة.
جذور الأزمة
من الصعب إرجاع أزمة التحرش لسبب واحد، أو اختزالها في كونها أزمة أخلاق، لأنه حتى أزمة الأخلاق هذه لها جذور واعتبارات تاريخية واجتماعية كثيرة. فقد أصبح التحرش الجنسي في الشارع وفي أماكن العمل وفي المواصلات العامة أحد مظاهر «أدائية» الرجولة، والأدائية (performativity) في علوم الجندر ترى أن الهوية الجندرية تتأثر في تكوينها بالسياقات الاجتماعية والتاريخية المحيطة بها، ولا يمكن فهم الهوية الجندرية إلا في ضوء خصوصية العلاقات التي نشأت فيها. والرجولة، على الرغم من الحقائق البيولوجية المرتبطة بها، في تغير مستمر نتيجة لاختلاف المنظومات الثقافية والاجتماعية التي ينشأ فيها الذكر منذ الصغر.
لذا فالأدائية تفترض أن الجندر بطبيعته مفهوم أدائي؛ أي أنه يٌنَظم عن طريق الأداء المتكرر لبعض السلوكيات بعينها. وتطرح جوديث بتلر أن الأدائية ليست فعلاً وحدثًا، ولكنها طقس ينتج من خلال وتحت سطوة قيود مجتمعية معينة وتهديد بالنبذ أو حتى العنف في حالة عدم الامتثال لها. ولذلك فإن الأدائية لا «تحدث» ولكنها عملية إنتاج طقسية مستمرة.
ويصبح جسد الذكر ساحة لتلبية الأدائية المتوقعة منه، مما يجعل الأدائية مفهومًا جسديًّا بالمقام الأول. فالجسد الفاعل القادر هو السبيل لممارسة الرجولة وتجسيد لها في الوقت نفسه، ولذا فالقدرات المقترنة بهذا الجسد ذاته معيار لرجولة الرجل، فعلى سبيل المثال لا تربط الرجولة فقط بالقدرة على العمل الشاق وحمل أوزان ثقيلة في الجيم، بل اقترنت أيضًا بالقوة الجنسية، والقدرة على تناول كميات كبيرة من الخمور أو الحشيش.. إلخ. وبالتالي يتحول السٌكر أو «السَطل» أو التعبير عن الفحولة المتمثل في استباحة المرأة (الجسد الآخر الذي يحتاجه لإثبات رجولته) دليلاً دامغًا على تفوق رجولي. ولذلك نجد كيف أن الكثير من الشباب يقومون بممارسة التحرش في جماعات وسط تهليل وتشجيع بعضهم البعض. وتعتمد الرجولة في نشأتها، وممارستها وتأكيدها بشكل كبير على انتماء لمجموع، قد يكون هذا المجموع هو «الشباب اللي ع القهوة»، أو ألتراس فريق ما، أو أبناء المنطقة نفسها.
ولكن السؤال يبقى: لماذا ارتبطت أدائية الرجولية بالعنف بشكل عام وبالعنف ضد المرأة بشكل خاص؟ خصوصًا وقد تفشى التحرش في الشارع المصري بشكل حديث نسبيًّا. فالعنف ضد المرأة ما هو إلا انعكاس لعلاقات اقتصادية واجتماعية أكثر شمولاً وتعقيدًا، فعندما يحكم العلاقات الإنسانية والممارسات السياسية والاجتماعية مبدأ البقاء للأقوى، يتحول العنف بين أطراف هذه العلاقات (الدولة – الشعب / رب العمل - المرؤوسين/ الرجل - المرأة.. إلخ) إلى أمر طبيعي، معتاد، يكاد لا يكون مرئيًّا نتيجة لعمقه وتوغله في بنية المجتمع. ولا يتم القضاء على علاقات الاستغلال تلك بسن قوانين منصفة للمرأة، ولا بإجبار إمام المسجد على التخلي عن ربط المرأة بالمصاصة المكشوفة تارة وبالمصاصة المغلفة تارة أخرى. فالقوانين، والخطاب الديني السائد، وكذلك وسائل الإعلام، لا يخلقون علاقات القمع والاستغلال ولا يستحدثوها من عدم حتى وإن كانوا مساهمين في استمرارها، فهم مجرد أبواق لعلاقات الاستغلال والقمع الموجودة سلفًا، وقد يجعل البوق صوتك أعلى ولكنه لن يمنحك صوتًا إن كنت أخرس.
وكلما أصبحت السبل لعيش حياة الكريمة أكثر إذلالاً للكرامة وإهدارًا للإنسانية، كلما أصبح العنف بكل أشكاله ولا سيما العنف الجنسي أمرًا طبيعيًّا. فالتحرش بالسلطة، والتحرش بثروات الشعوب، والتحرش بالحريات.. إلخ، قد ساهموا جميعًا في خلق مساحات من القمع مضاعفة للفئات الأكثر ضعفًا وتهميشًا في المجتمع كالمرأة في المجتمع المصري حاليًا.
وهذا لا يعني أن المتحرش بالضرورة عامل كادح، فقد يكون المتحرش رجل أعمال ثري أو نائب في البرلمان، ولكن رجل الأعمال أو النائب هذا أيضًا جزء من منظومة تعمل على تطبيع العنف والاستغلال، فأطر القمع تتميز بقدرتها على تطبيع الممارسات غير الإنسانية اللصيقة بها.
وقد تحدث يوهان جالتونج، عالم الاجتماع والمؤسس لعلم دراسات السلام والصراع، في ستينيات القرن الماضي، عما وصفه بالعنف الهيكلي، وقد عرفه بكونه هذا العنف الممنهج، المحتضن من قبل الأنظمة السياسية والمؤسسات الاجتماعية والذي يمنع الأفراد من تحقيق السلامة النفسية والبدنية ويعوق تحقيق كامل إمكاناتهم، وقد وصف العنف الهيكلي أيضًا بكونه غيابًا للعدالة الاجتماعية. وقد اعتبر جالتونج أن جميع الممارسات التي تهدر كرامة الفرد ممارسات «عنيفة»؛ فقد اعتبر الفقر عنفًا، وكذلك غياب الرعاية الصحية.. إلخ.
ويميز جالتونج بين العنف الفردي المباشر والعنف الهيكلي من خلال مثال عن العنف ضد المرأة، فيقول جالتونج إنه إذا ضرب رجل زوجته فهذا عنف فردي مباشر، لكن إذا وجدنا أنه في بلد ما يقوم مليون رجل بضرب مليون زوجة، فنحن بصدد عنف هيكلي، حيث إن انتشار حالات العنف ضد المرأة على نطاق واسع هو بمثابة عنف هيكلي، ويعكس في الوقت نفسه وجود عنف هيكلي أعمق وأشمل في المجتمع (ويتمثل الأخير في غياب العدالة الاجتماعية كما ذكرت من قبل). لذا فإن العنف الذي تمارسه السلطة عن طريق غياب سبل الحياة الكريمة، وسيادة الاستغلال، مما له من آثار بدنية ونفسية على الفرد هو عنف هيكلي متغلغل في ثنايا المجتمع بجميع أطيافه، ومن ثم، يصبح العنف من أكثر الأمور اعتيادية، بل والعملة الوحيدة التي يعرفها أفراد المجتمع للتواصل مع بعضهم البعض، وأسلوب الحياة الذي لم يختبروا غيره. ويترتب على ذلك أن يعيد أفراد المجتمع إنتاج العنف الهيكلي الممارس من أعلى في علاقاتهم بينهم البعض، وتقوم كل فئة بممارسة العنف ضد الفئة الأكثر ضعفًا.
ولا نستطيع أن نفصل العنف الهيكلي بما يرسخه من علاقات استغلال عن الخطاب المجتمعي والديني المحافظ الذي يختزل المرأة في وظائف جنسية وأدوار اجتماعية تجعل منها بالضرورة إنسانًا أقل مكانة من الرجل. فالفكر الديني المتشدد القادم من شبه الجزيرة العربية في بداية السبعينيات والمستمر حتى الآن ساهم في تعزيز وتبرير العنف ضد المرأة، كما لن ننكر أيضًا أن هذا الفكر بعيد -إلى حد كبير- عن الاعتدال الذي طالما عُرف عن المصريين. إن تضافر الخطاب الديني المحافظ مع علاقات الاستغلال المتوغلة في المجتمع ككل والمتمثلة في العنف الهيكلي جعلت من التحرش الجنسي وباءً وجعلت ردود الفعل عليه مخزية.
ويعتبر أحد مظاهر سيادة العنف الهيكلي هو تصاعد الإحساس بعدم الأمان، وتحول قوانين الغابة لأمر طبيعي وأساسي في حياتنا اليومية؛ فأصبحت البلطجة ميزة، ومدعاة للمباهاة، كما أصبحت مقياسًا للقوة والقدرة على رد الحقوق أينما انتهكت. فالبلطجة هي القدرة على البقاء وعلى الحفاظ على المكانة الاجتماعية، بل وتعتبر في أحيان كثيرة مقياسًا للقدرة على الترقي الاجتماعي. ومن المضحك أن تقوم وسائل الإعلام باتهام ممثلين كمحمد رمضان وغيره من الفنانين بتحبيب ثقافة البلطجة للناس من خلال أعمالهم التليفزيونية والسينمائية، فمحمد رمضان وغيره لم يأتوا ببدعة، فالبلطجة أصبحت من أهم مؤهلات البقاء، بل وإنها القانون الحقيقي السائد في الشارع.
إن تحول البلطجة من أمر بغيض -فأسوأ صوره كانت شخصية عباس الزفر في فيلم (إسماعيل يس في الأسطول) عندما كان محمود المليجي هو الأكثر شرًّا على الشاشة- إلى أمر عادي يحظى بنجاح وشعبية كبيرة وتعاطف أكبر عندما يجسد على الشاشة؛ مثلما حدث مع محمد رمضان في الأسطورة، يعكس احتضانا حقيقيًّا لفكرة البلطجي. فالعنف هو أمل التمكين لمن لا مكانة أو مكان لهم، ومن ثم فإن النتيجة الطبيعة هي ردود الفعل التي لا تري في العنف المتمثل في التحرش ضرر ولا ضرار، فالأجساد التي يتم انتهاكها من القائمين على حمايتها هي الأجساد نفسها التي تبحث عن متنفس من هشاشتها من خلال انتهاك جسد الحلقة الأضعف، المرأة.
الخلاصة
ينبثق السلوك الجنسي غير السوي من عدم سواء العلاقات الجندرية في المجتمع ككل. إن عدم سواء العلاقات الجندرية الواضح في معدلات العنف ضد المرأة، في المنزل وخارجه، ينبع من فكر يرى في المرأة كائنًا منقوصًا. التيارات المحافظة التي تري عفة المرأة في ملبسها ووظيفتها في التكاثر، وشرها في غوايتها، وجدت في مصر تربة خصبة لتنمو فيها، وهذا نتيجة لأنماط الحياة في مصر القائمة على الاستغلال، وسلب الإنسانية، واستضعاف من يمكن استضعافه. سيظل التحرش الجنسي قائمًا في الشوارع والمواصلات وأماكن العمل، وستظل ردود الفعل حول هذه الأمر أكثر جرمًا من الجريمة ذاتها إن انتظرنا قوانين جديدة، وشيوخًا أكثر استنارة ووسائل إعلام أكثر نزاهة، فمحاولات التغيير من أعلى لن تخلق شارعًا آمنًا لنساء مصر، بل ستخلقه ثورة أيديولوجية تعيد النظر في أكثر أمور حياتنا بداهة: الاستغلال. الخلاصة: لن تتحرر المرأة في مجتمع من العبيد!