رؤى

مصطفى بسيوني

ماذا تبقى من دولة يوليو؟

2018.11.01

مصدر الصورة : ويكبيديا

ماذا تبقى من دولة يوليو؟

 

موعدان مرا على مصر في يوليو، فصل بينهما أكثر من ستين عامًا. الأول كان في الثالث والعشرين من يوليو 1952، والثاني كان في الثالث من يوليو 2013. كان الموعد الأول موعد هدم الدولة القديمة، ومحاولة بناء دولة وطنية حديثة. وكان الثاني موعد إنقاذ الدولة، التي باتت قديمة.

ما جرى في23 يوليو 1952 كان الحدث الأبرز في التاريخ المصري الحديث، بحيث يمكن التمييز بوضوح بين ما قبله وما بعده. ولكن المكانة التي احتلها هذا التاريخ لا يمكن فهمها إلا في سياقها التاريخي؛ فحركة الضباط الأحرار التي أطاحت بالملك فاروق في هذا التاريخ لا يمكن اعتبارها إلا واحدة من حركات التحرر الوطني التي تصاعدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. تلك الحركات التي كان التحرر من الاستعمار مدخلها لبناء الدولة الوطنية الحديثة، والتي تأخر بناؤها في المستعمرات، بسبب بطء تطورها أولاً، ثم بسبب الاستعمار نفسه ثانيًا. لذا كان التحرر من الاستعمار خطوة ضرورية لبدء عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة.

من هنا حظيت أنظمة الحكم عقب التحرر الوطني بمكانة خاصة في بلدانها، ووصلت مكانة زعماء حركات التحرر الوطني لدرجة التقديس، فلم يكونوا مجرد رؤوساء أو قادة، بل اعتبروا بناة ومؤسسين للأوطان، ينطبق هذا على عبد الناصر مثلما انطبق على تيتو وغاندي وهوشي منه وجياب ونيكروما وبومدين، وغيرهم من زعماء العالم الثالث في تلك الفترة.وبغض النظر عن التعريفات المتنوعة للثورات، على أساس أهدافها وآلياتها وقياداتها وجماهيريتها، لا يمكن اعتبار 23 يوليو سوى واحدة من ثورات التحرر الوطني وقتها. وإن لم تكتسب 23 يوليو طابعًا ثوريًّا من الآلية التي اعتمدتها، تنظيم من عشرات الضباط ينظم حصارًا للقصر الملكي ويستولي على الإذاعة ويبث بيان الثورة، فقد اكتسبت تلك الصفة أولاً من ارتباطها بموجة التحرر الوطني وقتها، والتي كانت إحدى حلقاتها، وثانيًا من الإجراءات التي بدأتها فور سيطرتها على السلطة.

كان العنوان الرئيسي لما بعد 23 يوليو بناء الدولة الوطنية الحديثة، ولكن القيام بتلك المهمة كان يستدعي مهمة أخرى، وهي هدم الدولة القديمة. كانت الدولة القديمة ترتكز فعليًّا على التوازن بين الملك والسفارة البريطانية، لذا كان إلغاء الملكية وتحقيق الجلاء ضروريان لبدء بناء الدولة الجديدة، وهو ما بدأته ثورة يوليو بالفعل في خطواتها الأولى، فعزل الملك وتولية نجله تحت الوصاية كان انتقال عملي للسلطة إلى الضباط الأحرار، قبل أن تلغى الملكية رسميًّا بعد عام واحد في 18 يوليو 1953، لتعلن الجمهورية وتصبح الإطار الدستوري للدولة الجديدة.

على صعيد التحرر من الاستعمار، بدأت مفاوضات الجلاء في أبريل 1953، وسبقها توقيع اتفاقية السودان التي أقرت له حق تقرير المصير. المفاوضات التي استمرت حتى توقيع اتفاقية الجلاء في أكتوبر 1954 دعمتها السلطة الجديدة بمساندة العمليات المسلحة ضد قوات الإنجليز في مدن القناة، وفرض قيود على التجارة والعمل مع الانجليز. وهكذا اتضحت ملامح دولة يوليو كجمهورية مستقلة بعد أن تمكنت من هدم الدولة القديمة. والملاحظ أن الأهداف الثورية ليوليو جرى تنفيذها على نحو تدريجي وغير صدامي بشكل عام، فقد حرصت على إجلاء الملك من مصر وتولية نجله، قبل أن تعلن نهاية الملكية، كما حرصت على تحقيق الجلاء عبر خطوات تفاوضية، بدأت باستقلال السودان ثم مصر. وعلى الرغم من استخدام الضباط الأحرار لأدوات ضغط تبدو صدامية، مثل حصار القصر الملكي، وتهديد عبد الناصر بحرب شاملة ضد القوات البريطانية في القناة، إلا أن المسار التدريجي هو الذي اعتمده مجلس قيادة الثورة في هدم الدولة القديمة بشكل عام.

المرحلة الأولى لبناء وتثبيت دولة يوليو اتخذت طابعًا هجوميًّا على الملكية والاستعمار، حتى مع الطابع التدريجي لهذا الهجوم، وبالطبع تضمن ذلك الهجوم عددًا من الإجراءات ضد القوى الداعمة للملكية والاستعمار، مثل إلغاء الألقاب، وحل القسم المخصوص بوزارة الداخلية ومصادرة أراضي كبار الملاك المرتبطين بالسرايا، وخفض نفقات الديوان الملكي.

لم يكن لدى تنظيم الضباط الأحرار، الذي وجد نفسه في السلطة، تصور مسبق عن شكل السلطة التي سيمارسها، فضلًا عن أن أعضاء التنظيم أنفسهم لم يكونوا رجال سياسة قبل وجودهم في السلطة.وكان حسم شكل السلطة الجديد هو الخطوة التالية لثورة يوليو والتي شهدت خلافًا بين محمد نجيب، والذي كان ينحاز لعودة الجيش للثكنات وإجراء انتخابات، وعبد الناصر الذي كان رافضًا لعودة الأحزاب ومؤيدًا لاستمرار سلطة “الشرعية الثورية”. حسم الصراع لصالح عبد الناصر في مارس 1954، مؤسسًا بذلك نظام الحكم السلطوي المبني على صلاحيات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية، في ظل غياب أي شكل من أشكال التعددية السياسية أو الرقابة. وهكذا أصبح الطريق مفتوحًا أمام دولة يوليو لترسيخ وجودها عبر بناء التحالفات الإقليمية والدولية، وبدء مشروعات التنمية الاقتصادية، والتقدم على مسار بناء الدولة الوطنية الحديثة.

على الرغم من الصورة الشائعة عن دولة يوليو، والتي ارتبطت بالعداء للغرب «الاستعماري» والتحالف مع الكتلة الشرقية «الاشتراكية» والنهج «الاشتراكي» الذي سلكته في مشاريعها للتنمية والبناء، إلا أن المسار الذي سلكته دولة يوليو كان عمليًّا بالأساس وليس أيديولوجيًّا. فقد كانت خيارات السلطة الجديدة توجهها معطيات اللحظة والضرورة أكثر بكثير من الاعتبارات النظرية والفكرية، ولعل مبدأي الاستقلال الوطني وبناء الدولة كانا هما الاعتباران الوحيدان الحاكمان لمواقف السلطة وخيارتها.

الطابع العملي لتأسيس دولة يوليو يبدو منطقيًا ومتفقًا مع طبيعة تنظيم الضباط الأحرار، والذي لم يكن له طابع فكري أو سياسي موحد، وكان أقرب للجنة إنقاذ وطنية تهدف لتحقيق مهمة واحدة وهي إنقاذ البلاد من الملك والاستعمار. واللافت أيضًا أن التنظيم الذي قام بحركة 23 يوليو كان تنظيمًا حديثًا للغاية، فقد تأسس فعليًا في عام 1949، عقب عودة عبد الناصر من حصار الفالوجة، وخلال ثلاثة أعوام فقط كان يستولي على السلطة دون أي مرجعية سياسية أو فكرية، فقط على أساس المبادئ الوطنية، فالعمر القصير للتنظيم يحول بكل تأكيد دون تأصيل نظرية فكرية وسياسية وبناء تماسك فكري داخله. وربما يعبر شعار هيئة التحرير التي تأسست في يناير 1953 «الاتحاد والنظام والعمل» والذي كان أقرب للشعارات الأخلاقية من الشعارات السياسية أو الفكرية، عن منهج تفكير الضباط الأحرار، فما يحتاجه المجتمع هو الانضباط والعمل وليس الأفكار والنظريات.

قبل إعلان قوانين يوليو «الاشتراكية» في 1961، كانت الدولة قد وضعت ثقتها في القطاع الخاص «الرأسمالية الوطنية» في خطة التنمية الأولى، وهو ما فشل بالكامل تقريبًا، لذا انطلقت دولة يوليو للقيام بالدور الذي كان مُسندًا للقطاع الخاص، كما أن فشل المفاوضات مع البنك الدولي لتمويل بناء السد العالي دفع دولة يوليو لتأميم قناة السويس والصدام مع إنجلترا وفرنسا. هكذا سارت خطوات دولة يوليو على نحو عملي وفقًا لمقتضيات كل لحظة وليس وفقا لمنهج نظري أو خطة مسبقة.

دولة يوليو التي بدأ تأسيسها على نحو هجومي ضد الملكية والاستعمار، سرعان ما انتقلت إلى وضع دفاعي. فالخطة الخمسية الأولى التي استمرت حتى 1965 أفضت إلى أزمة اقتصادية عميقة ولم تنجح في تحقيق الأهداف المرجوة، على الرغم مما أنجزته بالفعل من الشروع في تأسيس بنية صناعية وقاعدة إنتاجية واسعة. ومن جانب آخر كشفت حرب يونيو 1967 عن درجة عالية من هشاشة مؤسسات الدولة الناصرية وغلبة الجانب الدعائي والتعبوي على حساب الاحترافية والأداء المؤسسي المحكم.

كان شعار «إزالة آثار العدوان» هو الشعار المسيطر على المرحلة الدفاعية التي دخلت فيها دولة يوليو، وهو الذي ظل حاكمًا لمسار الدولة بعد رحيل عبد الناصر وتولي السادات، والذي بدأ مبكرًا في إجراء تغيرات في سياسة دولة يوليو. وكانت الخطوة الأولى التي قام بها السادات هي إزاحة الحرس القديم من طريقه في مايو 1971، ما أطلق عليه «ثورة التصحيح»، وانتهاج سياسة أكثر مرونة تجاه الصراع العربي الصهيوني، عبر محاولة فتح قنوات مع أميركا للتوصل إلى حل تفاوضي. وقد كان الوصول لحل تفاوضي دون عمل عسكري شبه مستحيل، بسبب الموقف الشعبي المطالب بحرب التحرير، والذي عبر عن نفسه في التظاهرات الطلابية، وكذلك لأهمية إحراز تغيير في توازن القوى مع إسرائيل قبل الوصول لمحطة التفاوض.

التغير في سياسة دولة يوليو مع السادات لم يقتصر على الموقف من الصراع العربي الصهيوني والموقف من أميركا، ولكنه شمل أيضًا تغييرات في السياسة الاقتصادية، فقوانين الاستثمار وقرارات الانفتاح الاقتصادي التي أصدرها السادات كانت تمثل تحولاً موازيًا على الصعيد الاقتصادي.قد يمثل السادات تحولًا مهمًا في مسار دولة يوليو، ولكن هل كان يمثل ميلاد دولة جديدة، ونهاية دولة يوليو؟

قد يرى الكثيرون ذلك ولكن من الصعب تجاهل عدة أمور. أولها، أن دولة يوليو نفسها كما سبق لم تكن ذات طابع أيديولوجي، ولكنها تحركت دائمًا بشكل عملي وحتى تجريبي سواء على صعيد السياسة الخارجية أو الاقتصادية، وخيارتها مثلت في كل مرة ضرورة مباشرة ولم تكن خيارات فكرية وأيديولوجية.ثانيًا، لم يكن السادات على أي حال من خارج دولة يوليو، بل هو أحد رجالها، وعبد الناصر هو من ولاه نائبًا له، واحتمال توليه الرئاسة لم يكن مستبعدًا بالمرة. والحقيقة أن عبد الناصر في خطاب التنحي في التاسع من يونيو 1967 أعلن أيضًا تولي نائبه زكريا محيي الدين مكانه، وهو الذي كان معروفًا بأنه أميركي الهوى، وما كانت سياساته لتختلف في الأغلب عما أقدم عليه السادات. ولا يعني ذلك أن تحولات السادات كانت حتمية، أو أنه لم تكن هناك خيارات أخرى، ولكن يصعب اعتبارها أيضًا نهاية لدولة يوليو وبداية دولة جديدة، ولكنه استمرار لنفس الدولة بسياسات أخرى.

تجدر الإشارة هنا إلى أن التغيرات الاقتصادية التي أجراها السادات لم تهدم أسس دولة يوليو على الصعيد الاجتماعي، على العكس استمر دور الدولة كما هو تقريبًا في الدعم والتشغيل والخدمات، وفقًا لما يشير إليه سامر سليمان في كتابه «النظام القوي والدولة الضعيفة». كانت طبقة جديدة تنمو في المجتمع متمتعة بالمزايا التي تمنحها السياسات الجديدة ولكن دون هدم الأوضاع السابقة. وقد كانت التغيرات الحادة السريعة التي أجراها السادات أحد أسباب نهايته الدرامية على نحو ما، لكنها لم تغر مبارك. فقد ابتعد مبارك عن الهزات العنيفة في السياسة والاقتصاد، على الرغم من التزامه بسياسات السادات نفسها، سواء على صعيد السياسة الخارجية أو على صعيد السياسة الاقتصادية والاجتماعية، ولكنه التزم النهج المتدرج والبطيء. كان يمكن للتدرج الذي انتهجه مبارك أن يؤجل الأزمات؛ ولكنها كانت ستأتي حتمًا، فمع مطلع تسعينيات القرن العشرين وقَّع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي تضمنت إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، وهو ما كان يعني بداية التدخل في أوضاع الطبقات الاجتماعية التي خلقتها دولة يوليو عبر سياسات الخصخصة، والتي أثرت بشدة على أوضاع العاملين بالقطاع العام، ولكن الكتلة الأكبر من العمال والموظفين، العاملين بالدولة، لم تشهد أوضاعها تغيرًا مباشرًا جراء تلك السياسات.

على الصعيد الخارجي بدت سياسة الدولة أكثر اندماجًا في السياسة الأميركية، وهو ما كان أكثر وضوحًا بمشاركة مصر في حرب الخليج الأولى «عاصفة الصحراء»،وكذلك المشاركة المباشرة فيما بعد في حصار غزة والضغط على المقاومة الفلسطينية. ولم يمثل مبارك أيضا تحولًا حقيقيًّا عن دولة يوليو، على الرغم من المسافة الشاسعة بين سياساته وسياسات الستينيات. فقد كان الحزب الوطني في عهد مبارك هو الوريث الحقيقي للاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب، حتى أن أبناء الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب كانوا أنفسهم رجال مبارك في الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة المختلفة. واستمر هذا الوضع طوال عهد مبارك، حتى قرب ثورة يناير. وربما التغير الأهم في المرحلة الأخيرة من حكم مبارك هو بزوغ نجم جمال مبارك ومجموعته، حيث مثلوا تهديدا حقيقيًّا للحرس القديم وطبقة البيروقراطية التي بنتها دولة يوليو.

يمكن القول إن أول تهديد جدي لدولة يوليو كان من تلك الطبقة الرأسمالية التي نمت منذ عهد السادات حتى المرحلة الأخيرة من عهد مبارك. فمجموعة رجال الأعمال المحيطة بجمال مبارك، والتي تمتعت منذ مطلع الألفية بالثروة المرتبطة بالنفوذ السياسي، والقرب من السلطة، ووصلت للمشاركة في السلطة مباشرة، على حساب الحرس القديم ورموز بيروقراطية الدولة، بدأت تسعى للحصول على كل السلطة في صيغة انتقال الحكم من مبارك إلى جمال. التهديد الأهم لدولة يوليو إذن جاء من يمينها، من طبقة رجال الأعمال المرتبطة بالسلطة السياسية. واللافت هنا أن دولة يوليو الشائخة لم تبدُ قادرة على مقاومة التحول الذي كان ينذر بنهايتها، والذي كان يجري خارجها وداخلها في الوقت نفسه. والمفارقة الدرامية أن إنقاذ دولة يوليو جاء من معارضيها، فثورة يناير والتي كان مشروع التوريث أحد أهم دوافعها هو ما أنهى حلم جمال مبارك وفريقه، ولكن لتصبح ثورة يناير نفسها هي التهديد الأهم الذي يواجه دولة يوليو منذ نشأتها.

لم يدم تهديد ثورة يناير لدولة يوليو طويلاً بنفس الدرجة، فالدولة التي بدت هشة في 28 يناير وبدت مهزومة في 11 فبراير، كانت في واقع الأمر مشغولة بكيفية امتصاص الصدمة واستعادة زمام الأمور، والثورة التي ظهرت عاصفة وفتية، بدت مرتبكة وحائرة ولم تعرف ما الذي تفعله بفوزها في الجولات الأولى؛ إذ كان وضع قوة إصلاحية كعازل بين الثورة والدولة، هو الخطوة الأولى والأهم التي قامت بها دولة يوليو، لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوراقها. وكانت جماعة الإخوان المسلمين، الأكثر جاهزية لجني الثمار بعد سقوط مبارك بالحصول على كتلة برلمانية معتبرة وخوض الانتخابات الرئاسية، وكانت هي المرشح الأقوى للعب دور العازل بين الثورة والدولة. فبدأت عقب 11 فبراير تعمل على وقف اندفاع الثورة الساعي لاستكمال هدم النظام، ليتسنى لها جني الثمار عبر الانتخابات وصياغة الدستور. ومنح ذلك الدولة الفرصة الكافية لاستعادة زمام المبادرة وترتيب أوراقها حتى تمكنت في نهاية الأمر من الإطاحة بالاثنين، الإصلاحيين والثوريين، لتبقى في النهاية دولة يوليو.

هكذا تمكنت دولة يوليو من البقاء رغم كل ما تغير؛ دولة يوليو التي أطاحت بالملكية وحققت الجلاء، قبل أكثر من نصف قرن بقيت، ولكن لم يبق منها الكثير. فليس العداء للملكية والاستعمار ما بقيا منها، وليس مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة هو ما استمر مشروعًا لها. فالدولة التي ولدت مع موجة التحرر الوطني، وسعت لبناء الدولة الحديثة، لم يبق لديها ما تقدمه فعليًّا سوى الصراع مع المجتمع ومحاولة القضاء علي آخر فرصة لصنع التغيير.