هوامش
محمد جادما الذي ينتظر اقتصاد العالم بعد كورونا؟
2020.09.01
ما الذي ينتظر اقتصاد العالم بعد كورونا؟
في يوليو الماضي (2020) بدت أسواق المال الأمريكية متفائلة بسبب الأنباء عن قرب ظهور لقاحات لمواجهة وباء كورونا الذي أصاب الاقتصاد العالمي بأكبر انكماش شهده منذ ثمانية عقود. لكن خبراء الاقتصاد أحبطوا مضاربي البورصة، وقالوا إنه حتى في حال ظهور دواء للحماية من هذا المرض خلال النصف الثاني من 2020، فلن نعود بسرعة إلى الوضع الطبيعي، كما أن ملامح الاقتصاد التي تغيرت خلال الأزمة ستدوم معنا لفترة طويلة.
كيف سيكون شكل الاقتصاد العالمي إذن بعد هذا الوباء، وما تأثير ذلك على مصر؟
ملامح الأزمة الراهنة
في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي، حاول البنك الدولي أن يقارن أزمة وباء كورونا بالأزمات التي مرت على الاقتصاد منذ القرن التاسع عشر، وانتهى إلى أن الأزمة الراهنة تختلف في كثير من الأوجه عن الأربعة عشر أزمة التي عاشها العالم منذ 1870. وربما تساعدنا قراءة البنك تلك على استيعاب طبيعة ما نمر به وقراءة مستقبله.
بداية، يتحدث البنك عن أن الانكماش الاقتصادي الذي ستنتجه الأزمة الحالية خلال 2020 لن يكون في الحدود التي اعتدناها خلال الأزمات الأخيرة، بل سيكون أكبر انكماش حدث منذ الحرب العالمية الثانية، بنسبة 5.2%، وذلك على الرغم من حزم مساندة وتنشيط الاقتصاد الضخمة التي أطلقتها بلدان عدة منذ بداية الأزمة.
كما أننا نتحدث عن الأزمة الاقتصادية الأولى في تاريخنا الحديث المدفوعة بشكل رئيسي بانتشار وباء، إذ كانت الأزمات السابقة أزمات مالية، مثل أزمات 1876 و1930-1932 و2009، أو ناتجة عن تحركات عنيفة في أسعار النفط، مثل أزمات 1975 و1982، أو عن الحروب، مثل الحربين العالميتين.
وتتسم الأزمة الحالية بأنها تطال مساحة واسعة جدًا من العالم؛ إذ تشمل البلدان النامية والناشئة والبلدان المتقدمة، فكلا المجموعتين ستشهدان هذا العام أكبر انخفاض في معدلات نموهم الاقتصادي خلال الستين عامًا الماضية؛ إذ سينكمش اقتصاد العالم المتقدم بنسبة 7 %، والعالم النامي والناشئ بنسبة 2.5 %.
وهي أيضًا أزمة سريعة جدًا في تحقق آثارها التدميرية، كما أنها واسعة النطاق، بمعنى أنها تصيب قاعدة عريضة من الأنشطة الاقتصادية، فخلال الأزمات السابقة كان قطاع الخدمات عادة هو القطاع الأكثر تماسكًا، لكن الأزمة الحالية تسببت في توقف العديد من الأنشطة الخدمية والتجارية، وأثَّرت بقوة على النشاط الصناعي، وعلى استهلاك النفط، وصعدت بالبطالة إلى مستويات قياسية.
لكن بالإضافة إلى هذه الملامح السوداوية للأزمة، هناك جانب قد يبدو باعثًا للتفاؤل؛ وهو أن مدى هذه الأزمة قصير للغاية، فتوقعات البنك الدولي أن الركود الاقتصادي سينتهي بنهاية 2020، ويرى البنك أن الاقتصاد العالمي سينمو العام القادم بنسبة 4.2 %، ويبني توقعاته تلك على أساس أن الوباء سيتراجع خلال النصف الثاني من العام الجاري، بما يسمح بتخفيف تدابير التباعد الاجتماعي، وهو ما لا يزال مجرد احتمال غير مؤكد، فهناك مخاوف من موجة جديد أشرس من الفيروس قد تظهر في شتاء 2020 القادم.
الآثار طويلة المدى
ولكن حتى إن سلَّمنا بهذا السيناريو المتفائل، فإن عودة اقتصاد العالم للنمو لا يعني أننا عدنا إلى وضع ما قبل الوباء، إذ يقول البنك إن النمو المتوقع في 2021 لن يصل بالناتج الإجمالي العالمي إلى المستويات التي كان يتوقعها البنك لهذا العام قبل تفشي الوباء.
كما أن البنك يتخوف من الآثار طويلة الأمد التي سيخلفها الوباء، أو «الندبات الدائمة « التي ستبقى في وجه الاقتصاد، بتعبير البنك.
أزمة بهذا العنف وبهذه السرعة في التحقق قد تتسبب في تعطل حركة تراكم رأس المال البشري، لأن الوباء تسبب في توقف مفاجئ لأنشطة التدريب والتعليم.
ويحذر صندوق النقد الدولي من أن آلية العمل من المنزل التي أصبحت شائعة بعد الوباء ليست مناسبة لكل أفراد الطبقة العاملة، فهناك مهن بطبيعتها لا يمكن أن تتم عبر الإنترنت،على سبيل المثال الخدمات الفندقية، ويوجد عمال في البلدان النامية لا يمتلكون أجهزة كمبيوتر خاصة، وتوجد فئات هشة يسهل التخلص منها وقت الأزمات، مثل من يعملون بدوام جزئي part time .
ويقدِّر الصندوق أن هناك نحو 100 مليون عامل في 35 بلد متقدم وناشئ قد يواجهون مخاطر مرتفعة بسبب عدم قدرتهم على العمل من المنزل، وهو ما يعادل نسبة 15 % من القوى العاملة في هذه البلدان في المتوسط.
وكذلك فإن حركة الاستثمار بالتأكيد أصابها شيء من الإحباط في هذه الأجواء، وهو ما يخلف آثارًا طويلة الأمد، بالذات على الاقتصادات النامية والناشئة التي تعتمد على استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر كأحد مصادر النقد الأجنبي ودوافع التنمية الاقتصادية.
وحتى على المستوى الشخصي، يستشعر البنك القلق من أن تتسبب الأزمة الراهنة في تغيير عادتنا الاستهلاكية؛ بالتأكيد أصبحنا أكثر حرصًا خلال الأيام الماضية، وتغيرت أولوياتنا الاستهلاكية، ولن نعود إلى عاداتنا السابقة بمجرد ظهور لقاح كورونا، بل سنحتاج إلى فترة غير قصيرة حتى نستعيد ثقتنا في قدرتنا على الكسب والإنفاق مثلما كان الحال قبل كورونا.
ثلاثة مخاطر أساسية
هناك إذن مخاوف من آثار قد تبقى معنا، تشبه تلك المتاعب التي يتحدث الأطباء عن أنها تبقى في جسد ضحايا كورونا بعد التعافي من الفيروس. وإذا أردنا أن نلخص تلك المخاطر، يمكننا تقسيمها إلى ثلاثة مخاطر أساسية؛ الأولى تتعلق بإمكان تلاشي المنشآت الاقتصادية، والثانية تتعلق بالمخاطر المالية، وأخيرًا ما يتعلق بالسياسات النقدية.
بالنسبة للنوع الأول من المخاطر، ثمة مخاوف من أن تتسبب الأزمة في إغلاق منشآت اقتصادية مما يجعل من الصعب استعادتها مع عودة الركود الاقتصادي.
وعن ذلك يقول راجورام راجان Raghuram Rajan، الاقتصادي الهندي، إن عددًا كبيرًا من المشروعات الصغيرة لن يعود بسهولة للاقتصاد مع انحسار الوباء، لأن «مع استمرار (الأزمة) المزيد والمزيد من أنشطة الأعمال تجد أنها تقضي وقتًا طويلاً دون إيرادات، مع تحمل تكلفة كبيرة، مما يعني ببساطة أنه ليست لديها الفرصة وأنها ستتجه للإغلاق».
وتحذر الكثير من الأصوات من أزمة محتملة في العالم المتقدم، لأن الأوضاع المالية للشركات قبل الوباء لم تكن على أحسن حال. ويرى المحلل الماركسي مايكل روبرتس Michael Roberts إن ربحية رأس المال في الاقتصادات الكبرى كانت في مسار تراجعي من قبل وباء كورونا، أي أن الوضع كان ضاغطًا حتى وإن لم يظهر المرض. ويعزي ذلك إلى قانون ماركس الشهير عن التناقص الحتمي لأرباح رأس المال في المدى الطويل، ويتحدث عن أنه تحت هذه الضغوط مع انخفاض الفائدة لفترة طويلة بعد أزمة 2009، اتجهت الشركات إلى التوسع في الاستدانة.
ويوضح روبرتس إنه قبل ظروف الحظر التي فرضها الوباء كان 10-20 % من الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا تحقق أرباحًا كافية بالكاد لتغطية النفقات الجارية والديون، لذا فهو يرى أن هذه الشركات التي يطلق عليها وصف «الزومبي» ستكون في أزمة مع الضغوط التي خلقها الوباء في الوقت الراهن.
وتتحدث أيضًا الكاتبة الصحفية كاتي ولسون Katie Welson عن أنه منذ نهاية 2019 وهناك تحذيرات من تصاعد ديون الشركات في الولايات المتحدة، ونسبة مهمة من هذه الديون عالية المخاطر، لذا توجد توقعات بأن ترتفع حالات التعثر في تلك الديون تحت وطأة الأزمة.
إن رغبة الحكومات في تجنب سيناريو إغلاق المنشآت بسبب الخسارة دفع البعض، وبالذات في الدول المتقدمة، إلى تبني برامج ضخمة للإنفاق على مساندة الاقتصاد في مواجهة الجائحة، وهو ما أسهم في زيادة الدين العام.
وبسبب اعتماد العديد من البلدان النامية على تصدير السلع الأساسية التي انخفضت أسعارها خلال الوباء، أو على أنشطة مثل السياحة أو على تحويلات عامليها في الخارج، فقد اضطرت تلك البلدان أيضًا إلى التوسع في الاستدانة لمواجهة هذا التراجع المفاجئ في إيراداتها من النقد الأجنبي.
تفاقم الدين العام واحد من أهم «المخاطر المالية» التي تتصدر مخاوف الاقتصاديين هذه الأيام، وعن هذا يقول صندوق النقد إن «جائحة كوفيد- 19 الجارية استدعت استجابة ليس لها نظير على مستوى المالية العامة، بلغت قيمتها نحو 11 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم (...) ولكن الاستجابة على مستوى السياسات أسهمت أيضًا في بلوغ الدين العام العالمي أعلى مستوياته المسجلة على الإطلاق، بنسبة تجاوزت 100 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتخطت مستويات الذروة المسجلة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية (...) من المتوقع أن يشهد عام 2020 ارتفاعًا في عجز المالية العامة بأكثر من خمسة أضعاف في الاقتصادات المتقدمة، وبأكثر من الضعف في اقتصادات الأسواق الصاعدة، مما يسفر عن حدوث طفرة غير مسبوقة في الدين العام تبلغ على التوالي 26 نقطة مئوية و7 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي».
وما يخفف قليلاً من القلق بشأن تفاقم المديونية العامة تحت الأزمة الراهنة، هو أن الأزمة شجعت البنوك المركزية في العالم على تخفيض أسعار الفائدة، بهدف توفير قروض رخيصة للمستثمرين، الأمر الذي يقلل بدوره من تكلفة الديون.أما فيما يتعلق بمخاطر السياسات النقدية، فعلى عكس ما يتوقعه البعض من أن تسهم سياسات التنشيط الاقتصادي في خلق موجة تضخمية، فإن الاقتصاديين يخشون من التضخم السلبي Deflation.
في استطلاع ضخم أجرته وكالة رويترز مع 160 اقتصاديًّا انتهى إلى اتفاق أغلب هؤلاء الاقتصاديين على أن «وباء كورونا من المرجح أن يخلف وراءه أسعارًا ضعيفة أو منخفضة للسلع والخدمات، أكثر مما قد يتسبب في تضخم عالمي».
وتوضح الوكالة إنه في الوقت الذي كانت هناك تصورات بأن تعطل أنشطة الإنتاج بسبب الوباء سيتسبب في نقص المعروض في السوق ومن ثَم ارتفاع الأسعار، فإن هناك توافقًا بين الاقتصاديين على أن المشكلة الأكثر إلحاحًا هي ضعف الطلب الناتج على تغير الظروف المعيشية لملايين من البشر خلال تلك الأزمة.
ويمثل التضخم السلبي مشكلة للعديد من البنوك المركزية، خصوصًا التي تنتمي للبلدان المتقدمة، حيث تعاني تلك البلدان من ضعف التضخم، الذي يحمل تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي. كما أن مخاطر التضخم المرتفع لا تزال تلوح في الأفق أيضًا، كما تؤكد رويترز، خصوصًا وأن العديد من الحكومات تبنت سياسات لمساندة الاقتصاد في مواجهة الوباء انطوت على برامج ضخمة للإنفاق المالي، وهذا الإنفاق الواسع عادة ما يتسبب في زيادة التضخم.
من يتعافى أولاً؟
على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي وافق في يوليو على حزمة ضخمة لمساندة بلاده ماليًّا في مواجهة تداعيات كورونا، بقيمة 750 مليار يورو، فإن هناك من يرى أن الاتحاد تأخر عن الولايات المتحدة في اتخاذ هذه الخطوة، إذ اعتمدت أمريكا حزمة لمساندة الاقتصاد بـ 2.2 تريليون دولار تحت قانون CARES منذ مارس الماضي. لذا توجد تخوفات من أن صعوبة اتخاذ قرار موحد بين دول الاتحاد يعوقها عن التوسع في هذا النوع من أشكال المساندة، مقارنة بالولايات المتحدة.
لكن في المقابل هناك من يرى أن ألمانيا على وجه التحديد وضعها في هذه الأزمة أفضل من الولايات المتحدة، ويورد مستثمر دولي في مقال بصحيفة نيويورك تايمز «ولأن ألمانيا واجهت الوباء (وهي تتمتع) بفائض حكومي، يمكنها دعم اقتصادها تحت حظر التجوال بمدفوعات مباشرة للعائلات، وتخفيضات ضريبية، وقروض تجارية ومساعدات أخرى بما تصل قيمته إلى 55 % من الناتج المحلي الإجمالي، أو تقريبًا أكثر من أربعة أضعاف حزمة الإنقاذ في الولايات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي».
بصفة عامة، فإن ما يظهر حتى الآن من مؤشرات اقتصادية هو تفوق أوروبا على أمريكا، ففي يوليو ارتفع مؤشر مديري المشتريات للصناعة والخدمات لمنطقة اليورو من 48.5 نقطة في الشهر السابق إلى 54.8، وفي ألمانيا تحديدًا سجل المؤشر نتائج قوية بـ 55.5، بينما زاد في الولايات المتحدة من 47.9 إلى 50 نقطة فقط.
ماذا عن مصر؟
نحن إذن أمام أزمة غير مسبوقة، من حيث قوة تأثيرها وسعة انتشارها، وهذه الأزمة قد تغادرنا بسرعة كما جاءت بشكل خاطف، ويعود العالم كما كان في 2021، وقد تبقى معنا لفترة أطول في حال تطور الفيروس، أو قد تضغط على أي من الملفات الهشة في الاقتصاد العالمي فتسهم في خلق أزمات جديدة.
وفي قلب هذا العالم المضطرب تبدو مشكلات مصر قريبة من طبيعة التحديات التي تواجه العالم النامي؛ فهي تعتمد على إيرادات خارجية شديدة التأثر بأزمة كورونا.
من أبرز هذه الإيرادات بطبيعة الحال السياحة، والتي أصيبت بشلل تام خلال الأشهر الأولى من الأزمة، ثم بدأ الفتح التدريجي لها، وسيرتبط تعافي هذا القطاع بشكل كبير بتعافي الاقتصاد الأوروبي، بالنظر إلى أن الأوروبيين يمثلون أكثر من نصف السياحة الواردة لمصر.
هناك أيضًا إيرادات قناة السويس التي قد تتأثر بالتباطؤ المتوقع للتجارة الخارجية، وتحويلات العاملين في الخارج، والتي تعادل نحو 5 أضعاف إيرادات القناة، وستتأثر بطبيعة الحال بالقيود على السفر والعمل في بلدان الخليج بسبب تداعيات كورونا.
لكن في المقابل، ما يظهر من البيانات المبدئية عن التجارة الخارجية لمصر في فترة ما بعد كورونا يعكس عدم تأثرها بقوة بتداعيات الوباء، بل ربما تكون الصادرات المصرية قد استفادت من تراجع صادرات دول منافسة لها بسبب الأزمة؛ إذ ورد في بيان للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات أن الصادرات غير البترولية لمصر تراجعت خلال النصف الأول من 2020 بنحو 5.5 % فقط.
ويبدو أن صادرات مواد البناء كانت من القطاعات النشطة خلال الفترة الماضية، إذ تذكر الهيئة أيضًا أن قيمتها زادت في يونيو الماضي الضعف تقريبًا، من 297 مليون دولار في يونيو 2019 إلى 546 مليون دولار، كذلك شهدت الصادرات الغذائية زيادة ملحوظة في الفترة نفسها.
ويرتبط مصير تجارتنا الخارجية كذلك بتعافي الاقتصاد الأوروبي؛ فالاتحاد يستحوذ على النسبة الأكبر من صادراتنا، على سبيل المثال في 2018-2019 كان مجمل صادراتنا للعالم بقيمة 28.4 مليار دولار، أخذ منها الاتحاد الأوروبي سلعًا بقيمة 10.1 مليار دولار.
ويلي الاتحاد الأوروبي في الأهمية الاقتصادات العربية، التي صدرت لها مصر في العام المذكور سلعًا بقيمة 6.1 مليار.
ويأخذنا كل ذلك إلى أهمية تعافي اقتصادات الخليج التي تمثل موردًا مهمًا للسياحة في مصر ولتشغيل العاملين بالخارج ولاستيراد السلع المصرية.
وتبدو منطقة الخليج من أكثر المناطق تضررًا من أزمة كورونا، بالنظر إلى اعتماد اقتصادها على صادرات خام النفط، وانهيار أسعار الطاقة خلال تلك الأزمة.
وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي فإن اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ستسجل انكماشًا بـ 7.1 % خلال 2020، ولكنه سيتحول إلى النمو بـ2.1 % في 2021 .
مع الأخذ في الاعتبار أن توقع مستقبل الصادرات المصرية ليس مرهونًا فقط بحالة اقتصاد شركائنا التجاريين، ولكن بعوامل أخرى منها طبيعة الطلب على السلع التي نتميز في تصديرها؛ فهناك صادرات مثل الصادرات الزراعية ليس سهلاً على المستهلكين أن يقللوا الطلب عليها في أوقات الأزمات، على عكس السلع المصنعة.
وهناك عامل آخر يرتبط بأن أزمة كورونا هي أزمة عرض أيضًا لا أزمة طلب فقط، بمعنى أنه لو كنا نعتمد على بلد ما في إنتاج جزء من مكونات إنتاج سلعة صناعية نقوم بتصديرها، وهذا البلد أصبح عاجزًا عن إنتاج هذا المكون بسبب هذه الأزمة، أو أصبح ينتجه بتكلفة مرتفعة، فإن ذلك سيؤثرعلى صادراتنا من السلع الصناعية، وهو تحدٍ غير هين بالنظر إلى أن السلع تامة الصنع تمثل نحو 40 % من صادراتنا.
بصفة عامة، فإن التحدي الأكبر أمام مصر هو طول أمد الأزمة، فكما رأينا كيف أسهمت الأشهر الأولى من هذه الأزمة في خلق توقعات بفجوة دولارية ناتجة عن ضعف إيرادات مثل السياحة وتحويلات العاملين، مما اضطرنا إلى التوسع بقوة في الاقتراض الخارجي، وربما لو انتهت الأزمة سريعًا في 2021 كما يتوقع البعض نستطيع أن نتجنب سيناريو تفاقم الديون الخارجية إلى المستوى الذي يجعل منها خطرًا يهدد الاقتصاد.
ترشيحاتنا
