عدد 2-إسرائيل والعرب: الوعد، الدولة، المقاومة، السلام

المحرر

مقدمة: إسرائيل والعرب: الوعد.. الدولة.. المقاومة.. السلام

2017.11.01

من الوعد إلي الدولة إلي المقاومة إلى «السلام»

 

تحل هذا الشهر -نوفمبر- الذكرى المئة لتصريح بلفور الشهير عربيًا "بوعد بلفور"، الذي التزمت فيه الحكومة البريطانية علنًا بإقامة بيت وطني لـ"الشعب اليهودي". كذلك تحل الذكرى الأربعون لزيارة الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات إلي القدس طلبًا لـ"السلام" مع إسرائيل. وما بين هذين الحدثين الكبيرين -الوعد بتأسيس الدولة والاستسلام لها- مرت الحركة التحررية العربية، والمجتمعات العربية بعامة، بانكسارات وانتصارات عديدة، لكن الحقيقة الأساسية لم تتغير: إسرائيل لا زالت باقية، والأنظمة العربية لا زالت تتواطأ.

مقدمة

إسرائيل والعرب:

من الوعد إلي الدولة إلي المقاومة إلى «السلام»

في هذه الزاوية الخاصة نقدم خمس نصوص نظن أنها مهمة وكاشفة. الأول هو دراسة لمحمد حسني حول وعد بلفور، الوثيقة والسياق، حيث يلقي ضوءًا على مزيج التطلعات الاستعمارية في الشرق الأوسط وتطورات الحركة الصهيونية في أوروبا، الذي ساهم، جنبًا إلى جنب مع أدوار الطبقات الحاكمة العربية، في الحصول على "الوعد" ثم في السير في طريق تنفيذه.

النص الثاني هو دراسة كلاسيكية لثلاثة من منظري "المنظمة الاشتراكية الإسرائيلية" المعروفة باسم المجلة التي كانت تصدرها (ماتزبن أو البوصلة). هذه منظمة صغيرة نشأت داخل دولة إسرائيل في ستينات القرن العشرين وطرحت مواقف ماركسية جذرية من طبيعة الصهيونية ودولة إسرائيل وارتبطت بقوى وحركات مقاومة وثورية عربية وعالمية. اندثرت ماتزبن في مرحلة لاحقة. لكن هذا النص الكلاسيكي احتفظ بكامل أهميته، حيث يطرح تحليلًا متماسكًا حول طبيعة إسرائيل وكيف أنها لا تشبه أي مجتمع طبقي آخر، من ناحية أن طبقاتها العاملة، والكادحة عمومًا، مندمجة تمامًا في المشروع الصهيوني ولا يمكن توقع ثورتها عليه بدون محفزات حاسمة من المحيط العربي الثوري.

النص الثالث هو حوار ممتع ومهم أجرته مجلة نيو ليفت ريفيو اليسارية البريطانية الشهيرة مع الأديب والصحفي والمناضل الفلسطيني الأشهر غسان كنفاني في مطلع عام 1971، قبيل اغتياله في 1972. ويعد كنفاني، العضو القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، صوتًا جذريًا مميزًا في الحركة الثورية الفلسطينية. وسوف يظهر ذلك في الحوار الذي ننشره هنا. حيث يتحدث كنفاني في أعقاب حوادث اختطاف الجبهة الشعبية للطائرات ومذبحة سبتمبر (أيلول) الأسود، حين هاجمت قوات الملك حسين في الأردن المقاومة الفلسطينية وذبحت وطردت آلاف من أعضائها، كل ذلك على خلفية تأييد عبد الناصر لمبادرة روجرز التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية لتخفيف التوتر بين الأنظمة العربية وإسرائيل في أعقاب الهزيمة الفاجعة في 1967، واندلاع حرب الاستنزاف ومعركة الكرامة.

النصان الرابع والخامس هما مقالان لكل من عماد البطنيجي وهمام يحيي حول زيارة القدس وعملية السلام، وحول التناقض، الذي يدعيه البعض، بين الديمقراطية من ناحية والممانعة والمقاومة من ناحية أخرى. يتحدث البطنيجي في مقاله عن سياسات الظن المعتمدة على فهم للسياسة بوصفها فن الممكن، أي فن قبول الأمر الواقع والتكيف معه، معتبرًا أن السادات عبر عنها بأفضل شكل في زيارته للقدس وإبرامه لمعاهده سلام مع إسرائيل. أما همام يحيى فيطرح أمامنا إشكالية المفارقة المفترضة بين الديمقراطية والمقاومة، فاتحًا الباب للمزيد من المناقشة حول هذه المسألة.

وأخيرًا فإن هذا الملف هو مجرد بداية للحوار حول مسألة التحرر في المنطقة العربية. إذ تظل مسألة مستقبل إسرائيل وحركة التحرر الفلسطينية والأنظمة العربية مطروحة بقوة في هذه اللحظة. فرغم انكسارات الثورات العربية (ما يُطلق عليه الربيع العربي)، إلا أن الحقيقة الناصعة هي أن الشرق الأوسط برمته يمر بمرحلة تحول كبرى، لا يمكن اعتبار لحظتها الراهنة، على قسوتها، هي نهاية المطاف فيها.