دراسات

مجدي جرجس

أرشيف بطريركية القبط الأرثوذكس بالقاهرة.. أكثر من تاريخ

2021.04.01

أرشيف بطريركية القبط الأرثوذكس بالقاهرة.. أكثر من تاريخ

في عام 1991م، كنت طالبًا في مرحلة تمهيدي الماجستير بقسم الوثائق والمكتبات، بكلية الآداب جامعة القاهرة. وكانت مادة طرق ومناهج البحث يتولى تدريسها المرحوم الدكتور مصطفي أبو شعيشع. وأخذ الرجل يحدثنا عن طرق التعامل مع الأرشيفات والقائمين عليها، دون أن يتطرق للمناهج أو للبحث. وتعجبت وقتها من هذا المدخل الغريب لمادة بهذا العنوان. على أنني تبينت بعد ذلك أنها كانت من المواد القليلة التي أفادتني في هذا التخصص. وكانت حاسمة في جوانب كثيرة من مسيرتي العلمية. وما من شك أن كل المتابعين للبحث العلمي يدركون الدور الكبير الذي يلعبه القائمون على الأرشيفات التاريخية، وكيف أن فهمهم لأهمية ووظيفة الأرشيف يشكل حقلًا معرفيًّا مهمًا وهو أنثروبولوجيا الأرشيف؛ وفي نفس الوقت قد يشكل دافعًا ومعضدًا لمنظومة البحث العلمي، أو بطريركية القبط الأرثوذكس بالقاهرة.

في إحدى المحاضرات، فاجأني الدكتور مصطفي أبو شعيشع بسؤال عن أرشيف البطريركية! ماذا تعرف عن هذا الأرشيف، وما محتوياته وكيفية الوصول إليها؟ كان أستاذي يظن أنني كقبطي ومتخصص في مجال الأرشيف والوثائق، لا بد على معرفة ما بهذا الأرشيف. وعندما كانت إجابتي بالنفي، كلفني بأن أتحرى عن هذا الأرشيف وأسبر أغواره. بدأت على الفور في التنقيب عن المعلومات المتوافرة عن هذا الأرشيف في المصادر المختلفة. وبدأت أرسم صورة في خيالي لما يمكن أن يحتويه هذا الأرشيف. وأن هذه المؤسسة العريقة لا بد لها من أرشيف تاريخي ثري يوثق هذا التاريخ الطويل. وفي ضوء ما نعرفه عن تاريخ الموظفين والكتاب القبط، وتخصصهم في المور المالية والإدارية، فلا بد من أنهم قد طوعوا خبراتهم ومهاراتهم في تنظيم وترتيب هذا الأرشيف.

نبذة تاريخية: بطريركية القبط الأرثوذكس من أقدم المؤسسات المسيحية على مستوى العالم أجمع، وانتقل مقر البطريركية خلال عمرها الطويل عدة مرات منذ دخول المسيحية مصر في القرن الأول الميلادي. نشأت أولًا بمدينة الإسكندرية، ثم انتقل مقر البطريركية من الإسكندرية إلى القاهرة في القرن الحادي عشر. وكان الاعتقاد السائد بأن المقر انتقل من الإسكندرية في عصر البابا خريستوذولس (1047- 1077م)، إلا أن دراسات حديثة قد أثبتت أن المقر انتقل في عصر البابا كيرلس الثاني (1078- 1092م). وفي القاهرة تنقل المقر البطريركي بين كنائس مختلفة: كنيسة العذراء المعلقة بمصر القديمة، كنيسة العذراء بحارة زويلة، كنيسة العذراء بحارة الروم، الكنيسة المرقسية بالأزبكية. وأخيرًا دير الأنبا رويس بالعباسية ولا زال به حتى الآن.

كان الميلاد الحقيقي لأرشيف البطريركية في 1853م؛ حين تولى البابا كيرلس الرابع مقاليد البطريركية، وفور توليه هذا المنصب تبنى حركة إصلاحية ضخمة في تاريخ الكنيسة القبطية- بل وفي تاريخ القبط عامة- شملت كل أوجه نشاط الكنيسة وهيئاتها ومرافقها.

وكان من بين هذه الإصلاحات إنشائه ديوان hلبطريركية، عين له المستخدمين الأكفاء، وقسم إدارته إلى قسمين: أ- قسم يختص بالإشراف على الأوقاف ومحاسبة النظار، وألحق به المكاتبات الرسمية والتحريرات وعين لإدارة هذا القسم إبراهيم أفندي خليل. ب- قسم يختص بالأعمال الدينية والشرعية وتولاه أنبا بطرس مطران مصر، وكان تحت رقابة البطريرك شخصيًا. ثم أمر بإنشاء سجلات للبطريركية، ترصد فيها حركتها وأوجه نشاطها، وكان من نتيجة هذا العمل أن وجدت للبطريركية سجلات تمثل كافة الأنشطة. كذلك أنشئ بالبطريركية دفترخانة لحفظ السجلات التي ينتهي التدوين فيها. وكان أول سجل حفظ بالدفترخانة هو السجل الأول من السجلات القضائية، والذي كتب على غلافه من الخارج: «دفتر سجل القضايا بالبطركخانة والترك من غاية باؤونة سنة 1569 قبطية لغاية كيهك سنة 1575، وارد حافظة التسليم للدفترخانة بنمرة 1 واحد». (7 يوليو 1853- 8 يناير 1859م)

الأمر الثاني الذي كان ينم عن ثراء الأرشيف هو ما وجدته في المصادر القبطية من إشارات عديدة إلى ديوان البطريركية «القلاية البطريركية» ووظيفة «كاتب القلاية» أو السكرتير الخاص للبطريرك، كما يرد ذكر أنواع مختلفة للرسائل والمراسلات التي تصدر عن ديوان البطريركية، مثل رسائل الأرسطاتيكا، والسينوديقا، وأحيانًا ترد نصوص كاملة لهذه الوثائق. على جانب آخر لدينا مجموعة من المخطوطات تتضمن نسخًا من الرسائل الصادرة عن البطاركة في عصور مختلفة منذ القرن الثالث عشر وحتى القرن التاسع عشر، وما من شك بأن أصولها محفوظة في المقر البطريركي.

وهكذا توالت المعلومات عن هذا الأرشيف، وبدأت أتخيل حجم الثراء والتنوع فيه، وصار لدى يقين بأن هذا الأرشيف يعج بكنوز كثيرة. خاصة بعد أن طالعت كم الوثائق والأوراق التي اعتمد عليها توفيق إسكاروس، مؤرخ قبطي في أوائل القرن العشرين، عندما تصدى لكتابة سيرة أعيان القبط في القرن الثامن عشر، وذكر أنه تحصل عليها من أرشيف البطريركة. ومن ثم، تأكدت ظنوني حول ثراء هذا الأرشيف. على أن معلومات أخرى أوردها نفس هذا المؤرخ، أربكتني قليلًا؛ ففي معرض حديثه عن البابا بطرس الجاولي (1809-1852م)، وعن قرار تعيينه بطريركًا، هل يأتي القرار من السلطان العثماني أو من حاكم مصر؟ كتب يقول: «ليت في مكتبة الدار البطريركية أو في محفوظاتها النصوص الرسمية وصور الأوامر الصادرة بتولية الآباء البطاركة، وكيفية كتابتها، والسلطة المعطاة لهم..» ثم علق في الهامش «سألت مرة غبطة الأب البطريرك (يقصد كيرلس الخامس (1874-1927م) عن أوراق من هذا القبيل، فأخبرني بأنه يتذكر أنه رأى عند رسامته دشتًا في زكيبتين ملاتين، ولكن لم يعلم ماذا فعل الزمان بهما فيما بعد..» (توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، ح1 ص 60، 61).. صدمني هذا الخبر! هل وثائق على هذا القدر من الأهمية تعاني مثل هذا الإهمال وتحفظ بشكل عشوائي؟ 

وعلى الرغم من اتفاق جميع المصادر التي اطلعت عليها بأن الميلاد الحقيقي لأرشيف البطريركية كان على يد البابا كيرلس الرابع، وتحديدًا في عام 1853م، ولكني فهمت هذا الأمر على إنه إعادة ترتيب وتنظيم لما هو موجود بالفعل، واستحداث نظام لإدارته واستقبال مواد جديدة. بدأت خطواتي العملية لاقتحام هذا الحصن المجهول، متسلحًا بما جمعته وعرفته عن هذا الأرشيف وتاريخه. بداية حصلت على خطاب بتاريخ 4 ديسمبر 1991م موجه من كلية الآداب جامعة القاهرة إلى البابا شنودة الثالث (1981-2013م)، أطلب فيه تسهيل مهمتي «حيث إن الباحث يقوم بإجراء دراسات عليا في مجال الوثائق المتعلقة بأهل الذمة في مصر» ، دون ذكر «أرشيف البطريركية».

ذهبت بالخطاب إلى المقر البابوي بالعباسية، وقابلت سكرتير البابا شنودة آنذاك القس ثاؤفيلوس الأنبا بولا (حاليًا الأنبا يوأنس أسقف أسيوط)، فتعجب من طلبي واستغربه، وحاولت جاهدًا أن أشرح ما أصبو إليه، دون جدوى. ثم طلب رئيس الديوان البابوي تليفونيًّا وأحالني إليه. قال لي رئيس الديوان «لا يوجد لدينا أرشيف، فقط الأرشيف الحالي الذي يُدار من خلاله الديوان البابوي، وهو أرشيف لأسرار الناس فيه قضايا الزواج والطلاق» . هنا أعطاني رئيس الديوان أول الخيط، فعدت إلى الأب ثاؤفيلوس لأشرح له ثانية أن ما أرغب الاطلاع عليه هو القضايا المطروحة أمام البطاركة قبل عام 1883م (عام إنشاء المجلس الملي). وكانت قراءاتي عن الصراع المحتدم بين الإكليروس والمجلس الملي حول تولي قيادة الطائفة أوحت لي بفكرة مغرية بعض الشيء، وشرحت له وجهة نظري بأن ما أسعى إليه هو الحديث عن سلطات وصلاحيات البطاركة، والتي حاول المجلس الملي اغتصابها. هنا انتبه الأب ثاؤفيلوس، وللمرة الأولى، وبدأ يستمع إلى باهتمام زائد. وعندها اقتنع بوجاهة ما أنا مقدم عليه. عاود الاتصال برئيس الديوان قائلًا «سيدنا وافق على طلب الأستاذ مجدي» . كان لهذه العبارة مفعول السحر، ففتحت أمامي أبواب موصدة، وسهلت لي أمورًا لم تدر بخلدي. أحالني رئيس الديوان إلى موظف الأرشيف المرحوم نجيب وسمن. وأخيرًا تحقق الحلم ودخلت أرشيف البطريركية. غرفة صغير ضيقة، تتناثر على أرففها صناديق قليلة، وبعض سجلات. قابلني الأستاذ نجيب وسمن بامتعاض وارتياب، وسألني «أنت عايز إيه.. ما فيش حاجة هنا هتفيدك» ، ولما بدأت اشرح له لم يعرني أدنى اهتمام، وردد دائمًا «ماعندناش حاجة تفيدك» . على أن القدر كان رحيمًا بي؛ إذ في أثناء حوارنا، دخل أحد الأشخاص مستفسرًا عن مشكلة خاصة بوقف، ومعه صورة مستخرجة من دار الوثائق عصية على القراءة. وعند نقطة ما تدخلت لاستعراض معارفي الفقهية بشؤون الوقف، وقدرتي على قراءة الوثائق القديمة، تناولت صورة الوثيقة من يده قسرًا وأخذت في استعراض مهاراتي في قراءتها وكأنها نص مطبوع. عندها تغيرت لهجة الأستاذ نجيب وسمن، وشعر بأنني ربما أفيده في بعض الأمور. فاطمئن لي، وباح لي بأسرار الأرشيف، وسمح لي بالتجول في غرفه المظلمة، والاطلاع على السجلات والملفات، وشرح لي أن الأرشيف متخم بمئات السجلات والملفات والأضابير التي تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر. ولكن عليك أن تحدد ما تريده بالضبط، فقلت دون تردد «السجلات القضائية» ، فقال «ماذا تقصد بهذه السجلات» شرحت له أنها السجلات التي تتضمن القضايا والمشكلات التي كان ينظر فيها البطريرك قبل عام 1883م. ولكنه أنكر وجود هذه السجلات وكان صادقًا، حيث إن عم نجيب يحتفظ فقط بالسجلات والملفات التي قد تُطلب منه، أو قد يعود إليها في أمور جارية. فسألته هل هذا كل الأرشيف؟ فقال لي «توجد غرفة أخرى أصابتها المياه ولكن جميعها حسابات قديمة غير مهمة وأوراق دشت» . فطلبت الاطلاع عليها. تصيبك رائحة العطن المنبعث من داخل الغرفة بالقرف والرعب، ولكنني صممت على دخولها، ولحسن حظي أن الأستاذ نجيب قذفني داخلها وتركني بين أضابيرها. ومن ثم بدأت رحلتي مع القسم الأول من هذا الأرشيف، وهو قسم السجلات والملفات. أخذت أقلب بين الأوراق والسجلات الملقاة على الأرض، وقليل منها على أرفف متهالكة، كما أن سقف الغرفة (أسفل سلالم الكاتدرائية) متهالك وينشع ماء وتساقطت قشرته على الأوراق. تشاغلت قليلًا ببعض الأوراق، ولكني سرعان ما تحولت للبحث عن السجلات. وكان نصيبي الأول في سجل لعقود الزواج يعود تاريخه إلى عام 1596 للشهداء/ 1880م. 

في اليوم التالي استسمحت عم نجيب أن يفتح لي الغرفة ويتركني بها.. كنت على يقين بأن الأرشيف يحتوي سجلات ووثائق أقدم من ذلك بكثير، ولكن بالفعل لم أجد سوى سجلات وملفات تعود إلى القرن التاسع عشر. قضيت اليوم كله في استعادة السجلات وحصرها، ووجدت كمية كبيرة من السجلات معظمها منذ بدايات القرن العشرين وحتى أربعينياته. ومن ثم انصب تركيزي على إيجاد وحصر سجلات القرن التاسع عشر. وكانت هذه هي الحصيلة الأولى: 

المجموعة الأولى، وهي السجلات القضائية: والمقصود بها السجلات التي مخصصة لتدوين الأحكام والحجج الصادرة عن البطريرك أو ديوان البطريركية، وتتناثر بين صفحاتها أحكام خاصة بالأحوال الشخصية: زواج وطلاق وتبعاته، والمواريث، وأمور الكنائس والكهنة، وإدارة الأوقاف، وأمور أخرى كثيرة. ومن السجلات نفسها ومواد أخرى أرشيفية تمكنت من حصر هذه السجلات، وتحديد الموجود منها والمفقود: الثابت أن البطريركية أنتجت سجلات في الفترة من 1853م وحتى 1883م، الموجود منها أربع سجلات فقط. وهذا بيان هذه السجلات:

1- السجل الأول، يغطى الفترة من 7 يوليو سنة 1853 حت 17 ديسمبر سنة 1858 «موجود».

2- السجل الثاني، يغطى الفترة من 8 أغسطس سنة 1862 حتى12 أغسطس سنة 1865م «موجود».

3- السجل الثالث، يغطى الفترة من 10 سبتمبر سنة 1865م حتى 25 مايو سنة 1869م، عثرنا فقط على ورقتين تتضمن ثلاث صفحات (1، 14، 115). وباقيه مفقود.

4- السجل الرابع، وهذا السجل مفقود بكامله. ولكننا وجدنا إشارات إليه في هذه السجلات تمكننا من خلالها تحديد الفترة التي كان يغطيها: وهي من شهر بابه 1591ش/ نوفمبر 1874م إلى ديسمبر 1877م

5- السجل الخامس، يغطى الفترة من 2 يناير سنة 1878 حتى 4 سبتمبر سنة 1881م. «موجود».

6- السجل السادس، يغطى الفترة من 10 سبتمبر سنة 1881م حتى 29 أغسطس سنة 1883م. «موجود».

 سجلات الصادر والوارد: وهذه السجلات بالغة الأهمية، إذ توضح علاقة البطريركية بالإدارات الحكومية وكيفية تنظم الكنيسة لأبرشيات وهيئاتها. وللأسف لم أعثر سوى على سجل واحد عنوانه «صورت قيد التحريرات الصادرة من البطركخانة القبطية بالدرب الواسع بمصر 1 توت سنة 1582 حتى 2 توت 1583 قبطية»، وقد استفدت يشكل كبير من هذا السجل الوحيد الموجود لقيد الصادر. والواقع أن المفقود من هذه السجلات عدد كبير، إذ يبدو أنه كان مخصص لكل سنة سجل بمفرده، وتوجد إشارات إلى بعض دفاتر الصادر والوارد، نذكر منها: دفتر قيد صادر الدواوين؛ دفتر صادر القسوس.

سجلات حجج الملكيات والوقفيات الخاصة بالبطريركية: وهي ثلاث سجلات ضخمة وكلها موجودة، ويبدأ السحل الأول بنسخ صور وثائق ملكيات ووقفيات من القرن الثامن عشر، ثم يسير تباعًا في تسجل نسخ الحجج الصادرة في القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين.

سجلات محاضر الخطبة وعقود الزواج: الموجود سجل واحد، ولا يمكننا أن نحدد عدد المفقود منها لافتقادنا لإشارات إليها، ويبدو أن المفقود منها عدد كبير جدًا حيث أن السجل الواحد قد لا يستوعب سنة كاملة.

الملفات: بعد أن عدت بهذا الصيد الثمين من تلك الغرفة المظلمة، أخذ عم نجيب يطلعني على كل دقائق الأرشيف، ودخلت غرفة ثانية فسيحة تنتصب على جدرانها أرفف معدنية من الأرض حتى السقف، وتغص بصناديق ورقية في أرقام مسلسلة. بعد أن أخذت اتفحص أوراقها وملفاتها، وقفت على كنز ثمين من الملفات تغطي نواح عدة، والواقع أن تصنيف هذه الأوراق والملفات كانت نتاج عمل لجنة من القبط العاملين بديوان المالية، تطوعت لترتيب وتنظيم هذه الملفات في عام 1920م.

إذ قسمت هذه اللجنة موضوعات الملفات إلى اثنين وأربعين موضوعًا، وأعطت لكل موضوع رقم من 1 حتى رقم 42 وكانت الموضوعات وأرقامها على النحو التالي: (1) كنائس. (2) أديرة. (3) مجالس. (4) مدارس. (5) إعلامات شرعية. (6) قضايا زوجية. (7) نفقات أقارب. (8) قضايا حجر. (9) قضايا وصاية. (10) مستخدمين. (11) زواج أجانب. (12) اشتراكات. (13) نظامات. (14) أملاك. (15) أطيان الشرقية. (16) أطيان الدقهلية. (17) أطيان الغربية. (18) أطيان المنوفية. (19) أطيان البحيرة. (20) أطيان الجيزة. (21) أطيان الفيوم. (22) أطيان بني سويف. (23) أطيان المنيا. (24) أطيان أسيوط. (25) جناين. (26) توريدات. (27) مطرانيات. (28) وزارات. (29) ميزانيات. (30) مرتبات. (31) أشغال متنوعة. (32) حسابات. (33) كساوى. (34) هبات ووصايا. (35) قضايا متنوعة. (36) وقفيات. (37) تركات. (38) مسائل عامة وأطيان. (39) مجامع اكليريكية. (40) أطيان مديرية جرجا. (41) بطريركيات. (42) مشروعات.

ثم داخل الموضوع الواحد رتبت الملفات ترتيبًا هجائيًّا. ولكن بدلًا من كتابة الحرف الهجائي استعيض عنه بكتابة رقم، ورقمت الحروف الهجائية من 1 حتى 28. نضرب مثلًا، الملف الخاص بوفاة الأنبا إبرآم أسقف منفلوط يأخذ رمز (5-1/16)؛ حيث 5 هي رمز الإعلامات الشرعية، 1 رمز حرف (أ) ابرآم، 16 ترتيب الملف داخل حرف (أ). 

وهذه الملفات كنوز حقيقية، تغطي كل أوجه تاريخ القرن التاسع عشر، وتبلغ قرابة الألفي ملف. سأعطي نموذج واحد على قيمة هذه الملفات وتفردها، وهي ملفات التركات؛ إذ اطلعت بصفة خاصة على ملفات تركات أساقفة القرن التاسع عشر، بعض كبار الأعيان، وهي على جانب عظيم من الأهمية وتستحق دراسة منفصلة. والأمر المميز والنادر في هذه المجموعة هو أن جميع أوراق المتوفي كانت تُجمع من منزله، وترفق مع ملف تركته. فتجد بين أوراقه مراسلات شخصية، وعقود عرفية، وشركات، وإيصالات، وحصر تفصيلي بمقتنياته الشخصية، وأثاثه المنزلي، ومخزون طعامه وشرابه. في حين أن التركات الواردة في سجلات محكمة القسمة العربية تأتي فقط على الجرد النهائي لمكونات التركة، وتقييمها وبيعها. فنطالع في هذه الملفات ثروات معرفية ثمينة حول كل دوائر المتوفى وعلاقاته وأنشطته المختلفة، ومستوى لغته وثقافته. وهي أمور قد تعيد كتابة جوانب كثيرة من تاريخ مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. قس على ذلك الأنواع الأخرى من الملفات وثراءها. وهكذا أضيفت إلى الدفترخانة كل الملفات والوثائق، وظل الأرشيف يستقبل ملفات جديدة وسجلات جديدة أنتجها المجلس الملي للطائفة، ولا زال حتى الآن يقوم بهذا الدور.

الجزء الثاني من القصة والوثائق الأقدم تاريخًا (كشف مثير): قبل الانتهاء من رسالتي للماجستير، عرض على رئيس الديوان البابوي العمل في مشروع جديد على حجج ممتلكات البطريركية، وكان الغرض من هذا المشروع تحديد موقع العقارات المنصوص عليها في الحجج على أرض الواقع، وبدأت العمل رسميًّا في 14 يونيو 1997م. وهذا الهدف كان هو المهيمن على فكر الديوان البابوي، وعلى أساسه تم التفكير في قيمة مجموعة الوثائق، والأجدر بالحفظ. وهذه الرحلة كانت هي الأهم في تعرفي على جانب آخر من كنوز أرشيف البطريركية، وفي كشفي لكنز دفين منذ عام 1960م.

سمح لي العمل على هذا المشروع بالاطلاع على جميع الوثائق والمراسلات والسجلات التي ترتبط بمجموعة الوثائق المفردة. وتبين لي سلسلة من المحاولات المضنية التي بذلها الديوان البابوي منذ تأسيسه في عام 1853م لحصر وتنظيم هذه الوثائق، ومحاولات التعرف على الممتلكات التي تمتلكها البطريركية من خلال الوثائق، وتحديد مواقعها على الخرائط الحديثة، حتى تستخدم كأدلة ملكية لهذه العقارات. وهذه المحاولات هي جزء أصيل من تاريخ الديوان وتاريخ هذه المجموعة، وأيضًا التأريخ للتصورات عن قيمة الأرشيف ووظائفه.

جرت أولى هذه المحاولات في عام 1260هـ (1844م)، إثر حريق اندلع في غرفة حفظ الوثائق بمقر البطريركية بالأزبكية، وتسبب في فقد عدد غير محدد من الوثائق، جرى إثره الاهتمام بحصر الوثائق الموجودة بالبطريركية. في عام 1853م، وفور تولي البابا كيرلس الرابع مهام منصبه كمطران عام أولًا، اتجه مباشرة نحو تبني مشروع لمعرفة واقع ممتلكات البطريركية من واقع الوثائق، وحشد لهذا المشروع كل الكوادر القبطية التي يمكن أن تُسهم في هذا العمل، بل إن فكرة إنشاء ديوان للبطريركية وتعيين مستخدمين له، كانت في الأساس مرتبطة بهذا المشروع، وبدأ هذا المشروع بحماس كبير، وتحت إشراف البطريرك شخصيًا، وكانت النتيجة أن حصرت وثائق البطريركية، ورتبت، وأُعطيت لها أرقام مسلسلة.

كوِّن المجلس الملي الأول عام 1874م، وكان من بين أهدافه الرئيسية إصلاح أحوال ممتلكات الوقف، من خلال رصد الوثائق وترتيبها، ومعرفة الأماكن الموقوفة من خلالها، وتم العمل على هذا المشروع لفترة قصيرة انتهت فور تولي البابا كيرلس الخامس (1874-1927م) مهام منصبه، إذ أُرجئت مشروعات المجلس الملي.

في عام 1920م شُكلت لجنة من الأقباط العاملين في نظارة المالية (وزارة المالية) لدراسة وثائق وملفات البطريركية، وأضافت هذه اللجنة إضافة مهمة بشأن الملفات المختلفة، وطرق التدوين في سجلات البطريركية فرتبت كل الملفات، واصطنعت ترتيبًا وترميزًا، لا يزال معمولًا به للآن في أرشيف البطريركية، أما الوثائق فأعادت ترتيبها في رقم مسلسل جديد، ووقفت عند هذا الحد.

في عام 1927م في أثناء تولي الأنبا يوأنس أعمال القائممقام البطريركي، شُكلت لجنة برئاسته وعضوية اثنين من المطارنة، وأربعة من أعضاء المجلس الملي العام، وصدر بها قرار من وزير الداخلية آنذاك، للإشراف على حسابات الأوقاف وأولت اهتمامها بالوثائق، ثم أُهملت الوثائق لعدم تمكن اللجنة من معرفة أماكن العقارات المنصوص عليها بالوثائق. 

في عام 1960م، وقعت كارثة لهذه المجموعة؛ حيث كلف المجلس الملي آنذاك، لجنة من العاملين بالبطريركية، وفوض لها الاستعانة بمن تراه مناسبًا من المتخصصين لدراسة وثائق البطريركية، لمعرفة واقع ممتلكات البطريركية، واصطنعت هذه اللجنة بطاقة لفهرسة كل وثيقة تحتوي على البيانات التالية:

 رقم مسلسل- تاريخ الوثيقة- اسم الواقف- اسم الموقوف عليه- نوع العقار الموقوف- موقع العقار والقسم. وصُنفت الوثائق على أساس تقسيم القاهرة إلى أحياء، وحفظ الوثائق تبعًا لانتمائها (حسب العقار الذي يرد بالوثيقة) لمنطقة بعينها، ومن ثَم استلزم الأمر إعادة ترقيم الوثائق في مسلسل جديد. وهذه اللجنة افسدت كل شيء؛ إذ استبعدت جميع الوثائق التي لا يُنص فيها على وقف، ومن ثَم احتفظت البطريركية بعدد 1468وثيقة من أصل الوثائق الموجودة، وباقي الوثائق وضعت في أضابير ألقيت في دواليب ببدروم البطريركية، وعمل هذه اللجنة ضيع النظام الأصلي الذي تكونت به هذه الوثائق؛ إذ انها عزلت -على سبيل المثال- وثائق تتعلق بشخص واحد أو عقار واحد، حُفظت بالبطريركية كوحدة عضوية واحدة، فأبقت على وثيقة الوقف فقط، واستبعدت وثائق البيع أو الاستبدال أو الأيلولة، وأعطيت أرقام جديدة للوثائق وفقًا للأحياء، بحيث يبدأ الترقيم لكل حي من الرقم (1)، وهكذا. والأسوأ من ذلك أن أعضاء اللجنة استخدموا الحبر الأحمر وهو يفحصون هذه الوثائق ويحاولون قراءتها، فيضعون خطوطًا حمراء تحت أسماء الأشخاص والأماكن، ويستخدم أسهمًا صاعدة ونازلة، ويسجلون ملاحظات على هامش الوثيقة. وهذه المجموعة التي أبقوا عليها من الوثائق هي التي قام المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بتصوير جزء منها في عام 1968م، وتوجد نسخ ميكروفيليمة لهذه المجموعة.

في عام 1984م حصرت لجنة أخري الوثائق وترقيمها، وأنهت مهمتها في 1986م، ولكنها شطبت الأرقام القديمة على الوثائق وأضافت أرقامًا جديدة بخط أزرق كبير زاد من تشويه الوثائق الأصلية.

تتابعت عدة لجان أخري انصب دورها على محاولة معرفة موقع العقارات الواردة بالوثائق، دون التعرض للترتيب الذي وضعته لجنه 1960-61م.

كل هذه اللجان المتابعة تركت أثرًا على الوثائق الأصلية، حيث نجد عدة ترقيمات على الوثيقة الواحدة؛ في 14/ 6/ 1997م كلفت بالعمل في مشروع جديد، الغرض منه معرفة موقع العقارات على الواقع من خلال الوثائق. وفي عام 1997م اقترحت إنشاء قسم يُسمى «قسم الحجج» ، وبالفعل أنشئ هذا القسم ولا يزال قائمًا حتى الآن. وضمت إليه هذه الوثائق، ولكنها ظلت خاضعة لقسم المساحة بالبطريركية، ولا زالت حتى الآن محفوظة تحت إدارة قسم المساحة بالبطريركية. وكان الديوان يحتفظ بعدد 1466 وثيقة تتوزع في أرقام مسلسلة حسب أحياء القاهرة: الأزبكية 639 وثيقة؛ عابدين 147 وثيقة؛ الموسكي 38 وثيقة؛ باب الشعرية 126 وثيقة؛ الجمالية 79 وثيقة؛ السيدة زينب 227 وثيقة؛ مصر القديمة 49 وثيقة؛ بولاق 11 وثيقة. وفي نفس الوقت سجلت هذه المجموعة كموضوع لرسالتي للدكتوراه.

من خلال متابعة الأرقام الموجودة على الوثائق تأكد لديَّ أن هناك وثائق أخري مفقودة. وبعد محاولات متعددة، قال لي عم نجيب بأن هناك غرفة أخرى بها دولاب خشبي قديم، ولكن كل الموجود بها عقود بسيطة ليست مهمة «عقد شركة جاموسة، عقد زراعة نخيل، وحاجات زي كده». طلبت فقط أن ألقي نظرة، وقلت له ربما بالفعل هذه العقود ليست مهمة للبطريركية، ولكنها قد تكون مهمة لموضوع رسالتي. وفتح لي عم نجيب قلبه وهذه الغرفة. وفي أول الأمر أطلعني بالفعل على بعض وثائق خاصة بشراكات زراعة نخيل، فافتعلت الدهشة والانبهار، وقلت له هذا هو ما أبحث عنه! هل من مزيد؟ ففتح لي الدولاب وتركني وخرج. فوجدت أضابير ولفائف من الوثائق، بعضها مكتوب على رقوق ومعظمها على ورق. منيت نفسي بأن أجد نوعًا آخر من الوثائق، أو أن أجد أمامي الوثائق التي تتضمن قرارات تعيين البطاركة ومراسلاتهم القديمة، تلك التي تحدث عنها البابا كيرلس الخامس وقال إنه كانت توجد زكيبتان من الخيش بها هذه الوثائق، ولا يعلم مصيرها.

على أن تصفحي السريع كشفت لي أنها وثائق تتعلق أيضًا بالملكيات، بالإضافة إلى وثائق أخرى تتعلق بجوانب اجتماعية وأمور التركات. بعد هذا الفحص السريع تبينت على الفور أنني أمام كنز جديد من الوثائق، وتيقنت من اكتشافي لمجموعة جديدة من وثائق العصر المملوكي (1258-1517م)، تمثل فتحًا جديدًا في هذا المجال أمام الباحثين على مستوى العالم. كانت الخطوة الأولى هي قراءة سريعة لهذه الوثائق لتحديد طريقة ضمها للمجموعة الأولى، عن طريق تحديد مكان العقار الوارد في الوثيقة، ونسبته لخط من أخطاط القاهرة. كان عدد الوثائق الملقاة بهذا الدولاب أكبر من عدد وثائق المجموعة الأصلية المحفوظة بكثير، حيث وجدت في هذا الدولاب عدد 5859 وثيقة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوثائق الأصلية إلى 7325 وثيقة.

المحتوي الموضوعي: معظم الوثائق تحتوي على تصرفات قانونية صادرة عن قضاة العصر المملوكي، وعن المحاكم الشرعية في العصر العثماني، بالإضافة إلى عدد قليل من الوثائق صادر عن ديوان البطريركية، وتتراوح موضوعاتها ما بين: وقف، استبدال، بيع، إيجار، إسقاط، وبعض وثائق الكشف على أوقاف، بالإضافة إلى عدد قليل من الوثائق الخاصة بترميم الكنائس، وفرمانات متعلقة بشؤون الكنائس أيضًا. كذلك توجد وثائق خاصة بتركات أو تنصيب أوصياء، وهي مرتبطة بأشخاص أوقفوا عقارات على البطريركية، وضُمت وثائق التركة أو تنصيب الأوصياء كجزء مكمل لوثائق الوقف، أو لتحديد نسب المستفيدين من الوقف بعد وفاة الواقف.

الفترة الزمنية: تغطي هذه المجموعة الفترة الزمنية من عام 804 هـ/ 1401م إلى عام 1337هـ/ 1909م، ولا تغطي مجموعة الوثائق هذه الفترة بكاملها، حيث توجد فجوات زمنية. 

اللغة، الخطوط، الرموز: الغالبية العظمى من الوثائق مكتوبة باللغة العربية، وبعض التوقيعات على الوثائق الصادرة عن ديوان البطريركية كُتبت باللغة القبطية، وكذلك بعض التواريخ، كُتبت أرقامها بالحساب القبطي، وعدد 13 وثيقة باللغة العثمانية القديمة.

 الخصائص المادية: غالبية الوثائق مكتوبة على الورق، وتسعة وثائق تعود إلى العصر المملوكي مكتوبة على رق. والكثير من الوثائق التي تعود إلى العصر المملوكي متهالكة من أطرافها العليا، وتحتاج إلى ترميم، ولكن الغالبية العظمي من الوثائق بحالة جيدة جدًا. 

قيمة هذه المجموعة: تتنوع الحقول المعرفية التي يمكن أن تستفيد من هذه المجموعة الثمينة من الوثائق. وحيث إنني أعكف الآن على دراسة مستفيضة ونشر لمجموعة الوثائق المملوكية الفريدة، سأقصر الحديث عنها كنموذج دال على قيمة هذه المجموعة وطرائق توظيفها في البحث العلمي.

مجموعة الوثائق المملوكية: كان المعروف لدى الباحثين في العالم بأن البطريركية تحتفظ بعدد ١٣ وثيقة مملوكية أوردها المرحوم محمد أمين في كتالوجه لوثائق ما قبل العصر العثماني (فهرست وثائق القاهرة حتى عام 923هـ)، والواقع أن محمد أمين أخطأ في نسبة وثيقتين إلى العصر المملوكي، ليكون العدد فقط 11 وثيقة. واكتشف عدد 76 وثيقة جديدة ليرتفع العدد إلى 87 وثيقة. ويمكن فقط أن أشير إلى بعض الجوانب الهامة لهذه المجموعة من الوثائق المملوكية. أولًا، فيما يتعلق بالدراسات الأرشيفية والوثائقية، فإن دراسة هذه المجموعة داخل إطار الأرشيف نفسه، لمحاولة فهم النظام الأصلي للأرشيف، طريقة تراكم المجموعة وحفظها. والوقوف على النظام الأصلي لهذا الأرشيف سيجعلنا نعيد فهمنا وتصورنا عن أرشيفات العصور الوسطى بشكل عام. ومحاولة فهم طرق الضم والاستبعاد، ومن ثم ستكون الفائدة أكبر لمجموعات مماثلة. من ناحية أخرى، تتضمن كثير من الوثائق المملوكية تسجيلات لتصرفات لاحقة في العصر العثماني تمتد أحيانًا إلى القرن الثامن عشر. وهذه الثروة تتيح لنا الوقوف عن كثب على مراحل الانتقال من المملوكي إلى العثماني في مناح شتى، مثل: الإجراءات وفلسفة التشريع، وكيف أن كل مرحلة تحمل سمات معينة، تاريخ القانون، نظم الأرشفة. جانب آخر يرتبط بهذه النقطة وهو أن أرشيف البطريركية يتضمن وثائق لطوائف أخرى، وبخاصة أرمن ويهود، سريان، وملكانيين، وتحمل بعض الوثائق في ظهرها دلائل (بلغات أخرى) على حفظها بهذه الأرشيفات لفترة، قبل انتقالها إلى أرشيف البطريركية. وهذا جانب مهم في فهم عمليات الأرشفة، وطرق حفظ الوثائق في أرشيفات هذه الطوائف. هذا فيما يتعلق بعلوم الأرشيف والوثائق. 

أما الجوانب التاريخية فتفوق الحصر، يكفي أن أشير إلى هذه المجموعة يمكن من خلالها تتبع نوعين من الجينالوجي: الأول هو تاريخ الأمكنة، حيث تمكنت من اصطناع أدوات وصف، تجمعت عن طريقها الوثائق المتعلقة بمكان ما، أو بشخص وأسرة ما، وتمتد الوثائق المتعلقة بالمكان أو الأسرة إلى مئات السنين، هنا يمكن بناء تاريخ لهذا المكان والأماكن المجاورة، وتتبع التغييرات المعمارية وكذلك طبيعة السكان وتصنيفاتهم الطبقة. على جانب آخر يمكن تتيع أجيال مختلفة لأسرة ما من خلال هذه التسجيلات المتوالية. على مستوى التاريخ الاجتماعي أيضًا، تتعلق هذه الوثائق، في الغالب، بنخبة قبطية في أواخر العصر المملوكي، لم يرد عنها شيء في المصادر الروائية وكتب الطبقات، ومن ثم تعد هذه المجموعة بمثابة نافذة مهمة على طبقة اجتماعية معينة، وأنماط حياتها وسكنها وطرزها المعمارية.