رؤى

عادل عوض

طَرقات على باب الكون رحلة في الضوء والزمن

2021.12.01

مصدر الصورة : ويكيبديا

طَرقات على باب الكون رحلة في الضوء والزمن

لطالما نظرنا إلى النجوم ونحن صغار متسائلين: ماذا سنرى لو ذهبنا اليها؟ مم تتكون تلك النجوم؟
للأسف لن نستطيع تحقيق حلم الذهاب إليها في المستقبل القريب. لكن سنذهب إليها بخيالنا مزودين بمعارفنا العلمية، إنها رحلة عقلية، رحلة تأخذنا خارج مجموعتنا الشمسية، بل خارج مجرتنا المسماة "درب التبانة"، كي نتعرف على ذلك الكون الذي نحيا فيه.

 قبل أن نفعل ذلك، من المهم أن يكون بحوزتنا مقياس للطول مناسب للمسافات الشاسعة لتلك الرحلة، لقياس تلك المسافات يستخدم الفلكيون ما نسميه المسافات الضوئية، كالدقيقة الضوئية والسنة الضوئية. الدقيقة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في دقيقة وهي 18 مليون كيلومتر. الضوء يقطع في الثانية الواحدة 300 ألف كيلومتر، هذه هي سرعته المقاسة تجريبيًّا. لنقفز الآن في سفينتنا الفضائية [1] المعدة لنا مسبقًا والتي تسير بسرعة الضوء قاصدين الشمس لتكون نقطة البداية لرحلتنا خارج مجموعتها الأليفة. الآن ننطلق بالسفينة وسرعان ما نقابل عطارد بعد 3.3 دقائق، الزهرة بعد 6 دقائق، الأرض بعد 8.3 دقائق، المريخ بعد 12.7 دقيقة. مجموعة الكواكب السابقة تسمى الكواكب الداخلية ويفصلها عن الكواكب الخارجية منطقة تسمى حزام الكويكبات. هذا الحزام يحتوي على عدد كبير من الكويكبات والنيازك المكونة من الصخور والمعادن والتي يتراوح قطرها ما بين ألف كيلومتر وبضع مليميترات. بعد 43 دقيقة نقابل المشترى، أول الكواكب الخارجية، ثم زحل بعد 1.3 ساعة، أورانوس 2.7 ساعة، ثم نبتون بعد 4.2 ساعة، وبذلك تنتهي مجموعة الكواكب الخارجية. بمرورنا بجانب نبتون ندخل منطقة حزام كايبر؛ وهي مثل حزام الكويكبات مكونة أيضًا من عدد كبير من الكويكبات والمذنبات، إلا أنها مكونة من خليط من الثلوج والأمونيا والميثان. منطقة حزام كايبر هي حدود مجموعتنا الشمسية وأحد كويكباتها هو بلوتو [2]، الذي يقع على بعد أكثر قليلاً من خمس ساعات. تذكر أننا نسير بسرعة الضوء، أسرع المسافرين في الكون. نعبر منطقة حزام كايبر بعد مرور ساعة أخرى.

هدفنا التالي هو أقرب نجم لشمسنا، وهذا النجم يسمى "قنطور الأقرب" أو "Proxima Centauri"وهو نجم غير مرئي بالعين المجردة وعضو في مجموعة مكونة من 3 نجوم. بعد رحلة شاقة وطويلة نصل لهذه المجموعة النجمية بعد 4.3 سنوات، نقترب من النجوم الثلاثة: "رجل القنطور أو "رجل القنطور ب" وهما نجمان في شبابهما كالشمس، ويكونان نظامًا نجميًّا ثنائيًّا بالإضافة إلى "رجل القنطور ج" أو قنطور الأقرب وهو نجم أحمر خافت الضوء ذو كتلة أقل من كتلة الشمس.

بعد أن نترك جيراننا الأقربين ونسير عدة سنين ضوئية أخرى نبدأ في إدراك حقيقة جديدة. أننا نعيش في تكوين أكبر بملايين المرات من المجموعة الشمسية يسمى "مجرة" ويحتوي على عدد هائل من النجوم يقدر بـ400 مليار نجم تقريبًا. وتصنف مجرتنا "درب التبانة" ضمن المجرات الحلزونية [3]، وعرضها نحو 100 ألف سنة ضوئية. لكن ما المجرة؟ المجرة تكوين ضخم يحتوي على مئات المليارات من النجوم. المجرات بدأت تظهر في كوننا منذ أكثر من عشرة مليارات سنة. منها ما هو حديث ويافع ذو نجوم مشتعلة ساطعة ومنها ما هو قديم ذو نجوم باهتة وآفلة، ومنها ما هو كبير جدًا، ومنها ما هو قزم يتبع مجرة أكبر.

بعد مرور أكثر من 25 ألف سنة على رحلتنا (وظهور أجيال متعاقبة من مستكشفي الكون في سفينتنا ذات التكنولوجيا الفائقة)، وقبل أن نخرج من درب التبانة نلاحظ شيئًا غريبًا، أن لمجرتنا عشرات التوابع من المجرات الصغيرة التي تدور في فلكها. لكن الأغرب هو وجود مجرة أخرى على بعد 3 ملايين سنة ضوئية، ولها تقريبًا نفس حجم وعدد نجوم مجرتنا؛ إنها مجرتنا التوأم "أندروميدا"، والتي تتبعها أيضًا عشرات المجرات الصغيرة. هاتان المجرتان بالإضافة إلى توابعهما الصغيرة يكونان ما نطلق عليه "المجموعة المحلية"، وهي مجموعة المجرات القريبة منا. لكن أحد أهم الحقائق المثيرة عن درب التبانة وأندروميدا أنهما في طريق الاصطدام ببعضهما بعضًا، وسوف يحدث ذلك في غضون خمسة مليار سنة. هل معنى هذا أننا مقبلون على كارثة كونية، هل النجوم وكواكبها سوف تتصادم في المجرتين مدمرة بعضها بعضًا؟ لا، هذا غير صحيح، فاصطدام المجرتين سوف يكون كاصطدام سحابتين من الغاز، تمر كل سحابة خلال الأخرى دون أدنى ضرر. الفضاء بين النجوم في المجرتين شاسع جدًا واحتمالية التصادم بين النجوم أو المجموعات غاية في الصغر. نحن نعرف أن اصطدام المجرات هو حدث شائع في الكون ولا يؤثر على الأنظمة الصغيرة مثل النجوم والكواكب، ولكنه يدمج المجرات في مجرة أكبر.

مع استمرار رحلتنا وتعاقب أجيالها من المستكشفين، نجد أن هناك تكوينًا أكبر من المجموعة المحلية وهو ما نسميه "العنقود المجري" والذي يتكون من المئات إلى الآلاف من المجرات وهو أكبر تكوين معروف ويصل عرضه إلى خمس عشر مليون سنة ضوئية. تبدو المجرات كنقاط غبار صغيرة على مسافة 200 مليون سنة ضوئية أو أكبر، ولكنها موزعة في الكون بشكل متجانس عجيب. هذا التجانس هو من أهم خصائص الكون والذي أتاح لنا بناء نموذج دقيق له من خلال النظرية النسبية العامة، مما جعل وصفه كنظام فيزيائي واحد ممكنا. لكن لنترك هذا الموضوع لمناقشة أخرى.

 قد تسأل الآن بعد كل هذه المسافات الهائلة، هل الكون متناه في الكبر أم محدود؟ في الحقيقة لا نعرف إجابة هذا السؤال ومن المحتمل ألا نعرف أبدًا. لكن دعني أقول إن هذا لا يهم! إن عمر هذا الكون 13.7 مليار سنة وبناء على النظرية النسبية فإن الأجسام لا تستطيع أن تتفاعل مع بعضها بسرعة أسرع من سرعة الضوء. معنى ذلك أنه من غير الممكن لمرصد على الأرض أن يستقبل أي إشارة ضوئية أو غير ضوئية من جسم فلكي على مسافة أكبر من 13.7 مليار سنة ضوئية. أي أن حدود كوننا الفيزيائي تقف عند هذه المسافة. لذلك ما نستطيع إدراكه ككون هو كل ما بداخل كرة متخيله نصف قطرها 13.7 مليار سنة ضوئية ومركزها الأرض.

ما نعرفه عن الكون اليوم هو نتيجة للتطور الكبير الذي شهده علم الفيزياء الفلكية في القرن الماضي، علم الفيزياء الفلكية هو أحد علوم الفيزياء ويختص بتفسير سلوك وخصائص الأجسام والتكوينات الفلكية مستخدما ما نعرفه من علوم الفيزياء المختلفة. كي نعطي مثالاً، نبدأ بالسؤال التالي، مم تتكون الشمس؟ هي كرة ضخمة من الهيدروجين والهيليوم، سطحها له درجة حرارة تساوي 5500 درجة مئوية تقريبًا. هنا استخدمنا علم الأطياف الذرية، فتعرفنا على طيف الهيدروجين [4] والهيليوم القادم في ضوء الشمس، بل عرفنا نسبة الغازين في الشمس من شدة طيفهما مقارنة بأطياف العناصر الأخرى. كذلك استخدمنا علم الديناميكا الحرارية لكي نعرف درجة حرارة الشمس تجريبيًّا من الطريقة التي تتغير بها شدة الضوء مع طوله الموجي. سؤال آخر، من أين تأتي الشمس بهذه الطاقة التي تجعلها تشع هذا الكم الهائل من الحرارة والضوء؟ تأتي الإجابة، إن طاقة الشمس هي نتاج الاندماج النووي الذي تتحد فيه ذرات الهيدروجين، عند حرارة تقدر بملايين الدرجات المئوية، فتنتج ذرات هيليوم بالإضافة إلى حرارة. في العقدين الأخيرين تطورت الفيزياء الفلكية وفيزياء الكون تطورًا سريعًا لدرجة جعلتهما في مقدمة العلوم الفيزيائية التي تسبر أغوار المادة والكون. كان ذلك التطور نتيجة التقدم التكنولوجي الكبير الذي حدث في أجهزة الرصد الفلكية. نمتلك الآن أجهزة رصد أرضية دقيقة، بالإضافة إلى معامل رصد فلكية خارج الغلاف الجوي ذات دقة تفوق نظيرتها الأرضية.

 قد تتعجب من مرورنا سريعًا على النجوم دون أن نتحدث عنها. دون النجوم يكون الكون مجرد سحابة ضخمة من الغاز والغبار ليس به حرارة، أو ضوء، أو كواكب، أو أقمار، كون ميت حقًا. نعم، قد حان وقت الحديث عن النجوم ولنبدأ بالسؤال، ما النجوم؟ النجوم شموس بعيدة جدًا لذلك نراها كنقاط صغيرة مضيئة في السماء. بعض النجوم لها مجموعاتها من الكواكب التي تدور حولها كشمسنا والبعض الأخر ليس له أي كواكب. أحيانًا يوجد نجمان أو أكثر معًا في المركز ويدور حولها الكواكب وأقمارها. واكتشف علماء الفيزياء الفلكية منذ أكثر من 50 عامًا أن للنجم دورة حياة! لكن ماذا نقصد بدورة حياة؟ إن النجوم مثل شمسنا لا تستطيع أن تبسط أشعتها ودفئها علينا وعلى الكواكب الأخرى للأبد، بل يأتي وقت تأفل فيه وتموت. النجوم لها مراحل عمر مختلفة سوف نتعرف عليها فيما يلي.

الآن نأخذ سفينتنا ونذهب لرحلة في مجرتنا لندرس عن قرب الآلاف من النجوم ونتعرف على أطوار حياتها آملين في رسم صورة ذهنية لها. هذه النجوم منها ما قد نشأ حديثًا ومنها ما يعيش شبابه ومنها ما يمر بشيخوخته ومنها ما قد مات بالفعل. ما تعلمناه ورأيناه نوجزه: بداية النجم تكون من سحابة ضخمة من الغاز والغبار بحجم أكبر بكثير من المجموعة الشمسية. تدور هذه السحابة نتيجة لعدم تجانس توزيع مكوناتها من الغاز والغبار. مع الوقت تنكمش السحابة بفعل الجاذبية فيزداد الاحتكاك بين مكونات السحابة وترتفع درجة حرارتها أكثر فأكثر. يساعد الدوران السحابة على أن تأخذ شكل قرص تدريجيًّا، يسمى "القرص التراكمي". تساعد الجاذبية القرص على الانكماش ببطء فيزداد الاحتكاك وتزداد الحرارة حتى يشتعل لب القرص مكونًا كرة ملتهبة من الغاز تستقر سريعًا مكونة البذرة الأساسية للنجم. تأخذ هذه العملية 100 ألف سنة تقريبًا لمعظم النجوم. يتجمع حول هذه الكرة المشتعلة المزيد من الغازات والغبار فيزداد الضغط على اللب وتزداد درجة حرارته حتى تبدأ عملية الاندماج النووي. في هذه العمليات يتحول الهيدروجين إلى هيليوم عن طريق الاندماج النووي منتجًا كمًّا عظيمًا من الطاقة التي تزود النجم بالحرارة والضوء. طاقة الاندماج النووي في النجم لا تنفد قبل مرور مليارات السنين لأن وقودها هو الهيدروجين أكثر العناصر وفرة في كرة الغاز.

وجدنا أيضًا أن كتلة النجم فارقة في تحديد طوره المستقبلي، فإذا كانت كتلة النجم بين 13-80 كتلة المشترى يكون النجم قزمًا بنيًّا، وهي نجوم تأفل سريعًا نتيجة لنفاد وقودها النووي في مدة قدرها مئات الملايين من السنين. أما إذا كانت كتلة النجم أكبر من ذلك، مثل شمسنا، فمن المنتظر أن تعيش عشرات المليارات من السنين قبل أن ينفد وقودها النووي.

قبل أن نتحدث عن حياة النجوم وأطوارها، دعنا نتحدث عن كيفية تكوين الكواكب حول نجم كشمسنا. تتكون الكواكب في القرص بعد تكون النجم وخلال فترة زمنية قصيرة مقدارها 10 ملايين سنة. تلك الفترة ما هي إلا الزمن المتبقي من حياة القرص بعد تكون النجم، بعدها يتبعثر القرص في الفضاء للأبد. في البداية تكون حرارة هذا القرص كبيرة ثم تقل نسبيًّا مكونه بعض المركبات الصلبة مثل السليكا، أحد مكونات الرمال. مع الحرارة والاصطدام الدائم لهذه التكوينات الصغيرة ببعضها وعلى مدى ملايين السنين تتكون منها كتل أكبر فأكبر حتى تصير كويكبات صغيرة ساخنة كقلب الأرض. تتصادم الكويكبات هي الأخرى ببعضها لتصبح كواكب أكبر فتتكون مع الوقت الكواكب الداخلية للمجموعة، مثل عطارد، والزهرة، والأرض والمريخ. تكون كمية المركبات الثقيلة، مثل السليكا والمعادن، في القرص التراكمي غير كافية لتكوين كل الكواكب. تبرد الغازات والسوائل في المنطقة البعيدة عن النجم في القرص لتكون كواكب من الغازات والثلج مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون بنفس الطريقة السابقة. كواكب الثلج والغاز لها كتل أكبر عشرات المرات من كتل الكواكب الداخلية لأن مادة هذه الكواكب موجودة بوفرة في القرص التراكمي منذ البداية.

تعلمنا أن حياة كرات الغاز المشتعلة التي نسميها النجوم، مثل شمسنا، تكون مستقرة وتمتد عدة مليارات من السنين. هذا العمر الطويل هو نتيجة وفرة الوقود الهيدروجيني وتوازن القوتين الأساسيتين في النجم: الضغط الناتج عن الحرارة والذي يحاول أن يزيد من حجم النجم (كما نزيد حجم البالون بدفع الهواء فيه) والجاذبية التي تحاول أن تجذب أجزاء النجم للداخل فتقلل حجمه. تساوى هاتين القوتين هو الذي يجعل النجوم مستقرة وذات أعمار طويلة. لكن ما الذي يمكن أن يغير هذا الوضع المستقر. يتغير هذا الوضع عندما ينفد الوقود النووي للنجم بعد عشرات المليارات من السنين.

تعتمد حياة النجم بشكل كبير على كتلته، بدقة أكثر، هناك مجموعتان من النجوم، مجموعة -1، هي نجوم تكون كتلتها 0.1-10 كتلة الشمس وتنتمي شمسنا لهذه المجموعة. مجموعة -2، هي نجوم أكبر من سابقتها ولها كتلة أكبر عشر مرات من شمسنا. ويتطور النجم في المجموعة -1 كالتالي: عند قرب نفاد الهيدروجين ينكمش النجم على نفسه لفترة ترتفع فيها درجة حرارته مرة أخرى فيندمج الهيليوم ليكون عناصر أثقل، وينتج عن ذلك طاقة كبيرة فتزداد حرارة النجم ويتمدد حجمه كثيرًا عن ذي قبل. يسمى النجم حينها العملاق الأحمر ويبتلع معظم الكواكب الداخلية لمجموعته. بعد ذلك بفترة وجيزة يكون هذا العملاق الأحمر كرة غاز غير مستقرة تطرد أجزاءها خارجيًّا ويتعرى لب هذا النجم ويسمى قزمًا أبيض. وهذا النجم ذو لب مستعر لكن الاندماج النووي ليس مصدر طاقته، لذلك يعيش فترة زمنية قصيرة حتى يأفل تمامًا فيكون قزمًا أسود. هذه هي نهاية نجم متوسط الكتلة مثل شمسنا. بالنسبة الى نجوم المجموعة -2، يتطور نجمها الى عملاق أحمر فائق عند نفاد الوقود الهيدروجيني ويكون هذا العملاق حجمه أكبر 1000 مرة من العملاق الأحمر. يكون العملاق الأحمر الفائق غير مستقر أيضًا، وبالرغم من مروره بمراحل تمدد وانكماش عديدة فإنه ينفجر في النهاية انفجارًا عظيمًا. وهذا الانفجار ضخم إلى الحد الذي يجعل الضوء الناتج عنه يفوق ضوء مجرة كاملة بها آلاف الملايين من النجوم الساطعة. يسمى هذا الحدث بـ "السوبر نوفا" وهو من أهم الأحداث الكونية التي نتعلم منها الكثير ليس فقط عن فيزياء النجوم، بل أيضًا عن تطور الكون نفسه كنظام فيزيائي. لكن هل هذه هي النهاية؟ لا ليس بعد، فبعد انفجار النجم يتبقى لبه فيكون إما نجمًا نيوترونيًّا إذا كانت كتلته صغيرة، أو ثقبًا أسود إذا كانت كتلته كبيرة. هذا النجم النيوتروني له كثافة خيالية ومجال مغناطيسي قوي جدًا، فحجم ليمونة من مادة هذا النجم لها كتلة تساوى ثلاث مليارات طن!

أما الثقوب السوداء فهي ببساطة أغرب التكوينات الفلكية على الإطلاق وهي تتكون عندما يصير للنجم كتلة كبيرة تكفي لأن تكون الغلبة لقوى الجاذبية في المعركة النجمية. في هذه الحالة تكون الجاذبية أقوى من أي قوة أخرى، ينهار النجم تحت تأثيرها فيُدك إلى نقطة صغيرة في الفضاء، حولها منطقة غريبة نسميها أفق الحدث. هذه المنطقة يمكن تصورها كسطح كرة متخيله مركزها مركز النجم ولها نصف قطر يزداد بازدياد كتلته. إذا لم تعبر هذا السطح إلى الداخل فأنت آمن، أي إنك تستطيع الهروب من قبضة الجاذبية الشيطانية. لكن إذا عبرت السطح للداخل فليس هناك قوى في هذا الكون بمقدورها أن تشدك للخارج أبدًا. سوف تسحق الى نقطة مع المادة النجمية. حتى الضوء، أسرع الجسيمات، لا يستطيع أن يهرب من قبضة الجاذبية داخل أفق الحدث. معني ذلك أنه إذا وضعنا أي مصدر ضوئي داخل أفق الحدث فسوف يظهر النجم مظلمًا تمامًا، لأن الضوء إذا حاول الخروج سوف ينثني على نفسه ويعود للداخل ثانية!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] حتى الآن لا يوجد سفينة فضائية تسير بهذه السرعة، ولكن من الممكن بناء هذه السفينة مستقبلاً.
[2] صار بلوتو كويكبًا، أي كوكبًا قزمًا منذ أغسطس 2006، بعد قرار مسبب من الاتحاد الفلكي الدولي.
[3] تنقسم المجرات إلى أنواع عديدة منها الكروية والحلزونية، وأنواع أخرى وشكل المجرة مرتبط بعمرها ومراحل تطورها.
[4] كل عنصر له طيف مميز كبصمة أصابع الإنسان، نحصل عليه عندما يمر ضوء أبيض على غاز مصنوع من هذا العنصر ثم يمرر على منشور زجاجي فنرى خطوط سوداء على مسافات مختلفة تكون مميزة للعنصر. فالهيدروجين له مجموعة خطوط مسافاتها مختلفة عن خطوط أي عنصر آخر.