هوامش

محمد أبو الغار

كوارث إنسانية غيرت العالم وسوف تغيره خلال مئة عام

2021.01.01

مصدر الصورة : AFP

كوارث إنسانية غيرت العالم وسوف تغيره خلال مئة عام

الإنفلونزا الإسبانية وكوفيد 19

أصيب العالم بخمسة أوبئة لفيروسات الإنفلونزا وما يشبهها pandemics منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن. الوباء الأكبر والأخطر هو ما سمي بالإنفلونزا الإسبانية، وحدث في أعوام 1918 – 1920 وقتل ما بين 20 إلى 100 مليون إنسان وكان سببه فيروس H1N1. وفي عام 1957 حدث وباء سببه فيروس H2N2 وقتل مليون إنسان، وفي عام 1969 حدث وباء سببه فيروس H3N3 وقتل أيضًا مليون إنسان. وفي عام 2009 حدث وباء أقل حدة (H1N1) وقتل نحو 30 ألف إنسان. ومنذ ذلك الوقت اتخذت هيئة الصحة العالمية احتياطات كبيرة لتفادي حدوث وباء عالمي جديد ولكن هذه الخطط فشلت عندما انتشر وباء كوفيد 19 في نهاية عام 2019 ما يزال مستمرًا خلال عام 2020. 

الإنفلونزا الإسبانية بدأت ربيع 1918 وانتهت في ربيع 1920، وانتشرت في العالم كله وقتلت الملايين في الهند والصين ومئات الألوف في أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وقتلت نحو 180000 نسمة في مصر حين كان تعدادها 13 مليونًا، وهو ما يعني أنه نحو واحد ونصف في المائة من السكان قد قضى عليهم الوباء. كان من أهم أسباب انتشار الإنفلونزا في العالم تحرك الجيوش والمدنيين المصاحبين لهم عبر المحيطات والأراضي في جميع أنحاء الكرة الأرضية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وكانت نسبة الوفيات مرتفعة بين الشباب. لم تكن هناك وسائل للعلاج غير الوقاية بلبس القناع والتباعد الاجتماعي والوجود في الهواء الطلق.

كان لهذا الوباء تأثيرات اقتصادية مهمة أدت إلى نقص متوسط دخل الفرد في العالم بمقدار 10% ونقص استهلاكه بالنسبة نفسها، واستمر التأثير الاقتصادي لمدة خمسة أعوام وحتى عام 1923، وانخفضت البورصة الأمريكية بمقدار 21% خلال هذه الفترة وانخفضت القدرة الصناعية بمقدار 18% بسبب وفاة الأيدي العاملة من الشباب. أما الآثار البعيدة المدى للوباء فكان ضخمة؛ فهناك دراسات تبين أن الأطفال الذين ولدوا في أثناء الوباء كانت قدرتهم على التعلم والفهم وصحتهم الجسمانية أقل، وكان للوباء آثار عصبية ونفسية شديدة. فبالإضافة إلى المرض وفقد الأقارب والأصدقاء اتضح أن هناك آثارًا عميقة طويلة المدى غيرت من تصرفات الإنسانية بسبب الفوضى وعدم الثقة في المجتمع والخوف الشديد. وبعد عدة عقود ظهرت دراسات عن التأثير النفسي والعصبي الذي سببه الوباء وأن الذين نجوا من الإنفلونزا الإسبانية كانوا أكثر تعرضًا لدخول مستشفيات الصحة النفسية، وكذلك القلق والاكتئاب وعدم القدرة على التركيز.

ظهر هذا الوباء في مقاطعة يوهان في الصين في النصف الثاني من عام 1919 وتميز بحدوث التهاب رئوي شديد ونسبة وفيات مرتفعة. أصاب حتى لحظة كتابة هذه المقال نحو 50 مليون إنسان في العالم وتوفي بسببه أكثر من مليون وربع مليون إنسان. وفي أمريكا وحدها أصيب أكثر من 10 مليون مواطن وتوفي ما يقرب من ربع مليون مواطن. وأكبر عدد من الإصابات حدثت في أمريكا والهند والبرازيل وروسيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا. والسؤال الآن: ما هو الفارق بين وباء 1918 ووباء 2019، وكيف أثَّر وباء القرن العشرين في العالم وما هو التأثير المتوقع لوباء القرن الواحد والعشرين في العالم. ولماذا لم يتفادى العالم حدوث وباء الكوفيد وكيف نتفادى الأوبئة في المستقبل؟

في 31 ديسمبر 2019 أُبلغت منظمة الصحة العالمية بالوباء وتم التعرف على الفيروس وتحديد تركيبته الجينية بواسطة السلطات الصينية وعُرفت علاقته بالالتهاب الرئوي القاتل. وفي 11 مارس 2020 أعلنت الصحة العالمية أن هذا وباء عالمي pandemic، وفي مارس أصبحت أوروبا المركز الرئيسي لانتشار الوباء بشدة، وكانت إيطاليا أول دولة تصاب إصابات بالغة بنسبة عالية من الوفيات وتلتها فرنسا. وانتشر الوباء بكثافة في روسيا وبريطانيا وإسبانيا وكذلك في ألمانيا، ثم انتشر بكثافة في الولايات المتحدة، وأصيبت ولاية نيويورك بأكبر الأضرار وأعلى نسبة وفيات. واتجهت جميع دول العالم إلى تطبيق سياسة العزل مع ارتداء الكمامات وغسيل الأيدي والتباعد الاجتماعي. وكانت السويد الدولة الوحيدة في الغرب التي لم يتم فيها إغلاق كامل.

الاستعدادات العالمية لتفادي الوباء:

ألقى الرئيس بوش في عام 2005 خطابًا أمام ستة وزراء وكبار موظفي الهيئات الصحية الأمريكية وممثلي هيئة الصحة العالمية ووضع معهم خطة من ثلاث نقاط:

1. كيفية اكتشاف بداية الوباء

2. تحضير وتجهيز اللقاح المناسب

3. وضع خطة طوارئ لعزل المرضى وعلاج المرض

واشترك في هذه المبادرة 88 دولة و9 منظمات دولية لوضع خطة عاجلة لإيقاف الوباء في جميع الولايات الأمريكية في حالة حدوثه، ويتكلف المشروع بكاملة 7 بلايين دولار، وطالب السيناتور إدوارد كينيدي بزيادة الميزانية لرفع مستوى الأداء.

في عام 2012 تم تحذير الولايات المتحدة بأن الوباء قد يحدث في أي وقد ويدمر الحياة الأمريكية. وفي عام 2015 حذر عزرا كلين، بعد أن تحدث مع بيل جيتس، عن المخاطر الشديدة لوباء سوف يؤدي إلى كوارث لم تحدث من قبل ولا بد من التحضير لمقاومته. وفي نهاية حكم أوباما جاءه هذا التحذير فعقد اجتماعًا طارئًا مع مستشار الرئيس للأمن القومي مع كل الجهات المختصة، لإجراء تدريب عملي لمنع حدوث وباء من فيروس غير معروف وشديد السرعة في الانتشار وهو فيروس قاتل.

وقد نشر مركز مقاومة الأوبئة في أمريكا عام 2018 تقريرًا ملخصه أن هناك توقعات باحتمال حدوث وباء عالمي ضخم، ولكن العالم مستعد له بقيادة أمريكا، لكن ثبت أن ذلك غير صحيح. وضعت أمريكا مع منظمة الصحة العالمية خطة لاكتشاف حالات الإنفلونزا مبكرًا ومحاصرتها، وأنشئت 6 مراكز تابعة للمنظمة في أستراليا والصين واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة بالإضافة إلى 143 مركزًا في البلاد المختلفة تضم 114 عضوًا في منظمة الصحة العالمية، وتوجد بها معامل للفحص الدوري للعينات واكتشاف أي تغيير في جينات الفيروسات، وعليها إبلاغ المنظمة في ظرف 24 ساعة في حالة تشخيص إنفلونزا بفيروس A من نوع جديد. وتقوم المؤسسة الأمريكية CDC بتحليل المعلومات دوريًّا، وهناك تعاون مع وزارة الزراعة لمتابعة الطيور والحيوانات البرية. وثبت أن هذا النظام لا يعمل بكفاءة لأن انتشار كوفيد 19 في العالم كله يعني أنه هناك خللاً في هذا النظام.

وفي عام 2018 بمناسبة ذكرى مئة عام على وباء الإنفلونزا الإسبانية، قام يونج بإبلاغ مستشار الرئيس ترامب للشؤون الصحية بأن وباءً شديدًا قد يحدث، وفي الأغلب سيكون نوعًا من الإنفلونزا، وعلينا اتخاذ الاحتياطات اللازمة. وفي اليوم التالي قام بولتون، مستشار الرئيس للأمن القومي، بعد استشارة الرئيس، بإغلاق الوحدة الخاصة بالتحضير لمنع ومكافحة الوباء المحتمل، وتم إعفاء المختصين والخبراء من مناصبهم.

وفي عام 2018 – 2019 قام مركز جونز هوبكنز لأمان الصحة بالتحضير لاجتماع حضره خبراء الصحة العامة وكبار رجال الأعمال وممثلي الحكومة الأمريكية للتحضير لعمل خطة لمكافحة احتمال انتشار فيروس كورونا في أمريكا وبدء التدريب العملي على الخطة ولم تهتم الحكومة الأمريكية. وبعد شهرين من هذا الاجتماع انتشر وباء الكورونا في ولاية يوهان في الصين. وأبلغت المخابرات الأمريكية في عام 2019 الحكومة الأمريكية بوجود الوباء في الصين ومخاطر انتقاله إلى أمريكا. ولم تفعل الحكومة شيئًا، ولم يحاول ترامب تفعيل الخطط الموضوعة مسبقًا. وبعد حدوث الكارثة قال ترامب إن هذا الوباء شيء غير متوقع لا نعلم من أين جاء. وبهذا وضح فشل نظام الدولة الأمريكية في إيقاف الوباء ومعالجته.

وعندما حدثت الكارثة اتضح أن الرئيس ترامب قد قام بتخفيض ميزانية الصحة العامة وجميع الهيئات المسؤولة عن مكافحة الأوبئة في السنوات السابقة مما أضعف كفاءة الأجهزة في مكافحة المرض. وأغلق قبل الوباء بعام الوحدة التي كان أوباما قد أنشأها لاكتشاف الأوبئة في مراحلها الأولى وتسريح المسؤولين عنها. ولذا عندما انفجر الوباء لم يكن هناك مسؤول معين له صفة للعمل فورًا لإيقاف الوباء.

وعندما انتشر المرض لم يكن هناك مسؤول أمريكي يعرف عدد أسرة الرعاية المركزة في أمريكا، ولا كميات الأقنعة ولا أجهزة التنفس الصناعي حتى حدثت الواقعة. لقد ثبت أن نظام الرعاية الطبية في الولايات المتحدة هو نظام باهظ التكاليف ومتقدم علميًا للغاية ولكن فقط لعلاج نسبة من الشعب الأمريكي تتمتع بأنواع مكلفة من التأمين الصحي الخاص. وعندما انفجر الوباء لم تجد أمريكا حتى الأقنعة الكافية ولا أسرة العناية المركزة ولا أجهزة التنفس الصناعي وأصبحت أمريكا بها أكبر نسبة من الإصابات بالكوفيد وأعلى نسبة من الوفيات. وإذا قورن هذا النظام بالتأمين الصحي الشامل لكل المواطنين في ألمانيا تجد أنه عند بوادر ظهور الوباء اجتمعت المستشارة ميركل مع المسؤولين وتأكدت أن النظام الصحي المجاني لجميع المواطنين مستعد تمامًا لمواجهة الوباء وقلت نسبة الحالات المرضية، وكانت النتيجة نسبة الوفيات الأقل في العالم بنظام طبي للجميع.

الأمريكيون يقولون إن هذا التأمين الطبي العام هو نظام اشتراكي لا يحبونه، ولكن ثبت عند الكارثة أنه أحسن نظام في العالم، والآن هناك أمام المحكمة العليا الفيدرالية الأمريكية قضية مرفوعة من ترامب لإلغاء نظام أوباما كير وهو تأمين صحي ضعيف تم تقليصه من الجمهوريين في مجلس الشيوخ وتغطي نسبة بسيطة من الأمريكيين محدودي الدخل بعد أن فشلوا في إلغائه في الكونجرس بدعوى أنه غير دستوري.

لم يحدث أي تغيير ولو طفيف خلال مئة عام، فالوقاية هي ليس الكمامة والتباعد الاجتماعي والاجتماع في الهواء الطلق ومنع التجمعات بجميع أنواعها وخاصة في الأماكن المغلقة.

حدث تقدم في علاج الفيروس أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات، منها اختراع مضادات الفيروسات، وهناك تقدم في هذا المجال، وفرص لاكتشاف أدوية أكثر فاعلية ضد فيروس كوفيد 19. استخدام المضادات الحيوية الحديثة منع الالتهاب الرئوي الثانوي الناتج عن بكتيريا. استخدام الأكسجين والكورتيزون ومضادات التجلط والتنفس الصناعي أنقذ أرواحًا كثيرة.

هناك أنواع مختلفة من التطعيم يتم إجراء الأبحاث عليها، والمعروف أن 7% فقط من التطعيمات في مراحل التجارب المعملية و20% من التي بدأت التجارب على الإنسان نصل إلى مرحلة النجاح والاستخدام الآدمي. وحتى أول أكتوبر 2020 كان هناك 42 لقاحًا في مراحل التجارب على الإنسان، منها 10 لقاحات في المرحلة الثالثة وهي الأخيرة، وهناك 151 لقاحًا في مراحل ما قبل التجارب على الإنسان. ومعظم اللقاحات يأخذ منها الشخص جرعتين وبعضها جرعة واحدة. وتبغي هيئة الصحة العالمية توفير 2 مليار جرعة خلال عام 2021.

لقاح شركة مودرنا الأمريكي وصل إلى المرحلة النهائية وثبت فاعليته وينتظر الانتهاء من المرحلة الثالثة في نهاية العام. وقد ساندتها الحكومة الأمريكية بمبلغ 2.5 مليار دولار على أن تشتري الدولة جرعات مقابل مليار دولار ودفعت مقدمًا للشراء منها كندا واليابان وقطر.

اللقاح الثاني بيونتك وهي شركة ألمانية تحالفت مع فايزر الأمريكية ونوسي الصينية لإنتاج اللقاح وهم أيضًا في المرحلة الثالثة ومتوقع إنتاج 1.3 مليون جرعة في عام 2021. وقد أعلنت فايزر يوم 9 نوفمبر 2020 أن هذا اللقاح ناجح في الوقاية بنسبة 90% وهي نسبة مبشرة. ومشكلة هذين اللقاحين أنهما يستلزمان الحفظ في درجة حرارة 80 تحت الصفر، وهي مشكلة في شحن اللقاح بالإضافة إلى الحاجة إلى جرعتين للشخص الواحد.

أما اللقاح الثالث (كان سينوبيو) الصيني، وهو في المرحلة الثالثة ولكن تم الموافقة على استخدامه في الجيش الصيني وتجري التجارب في السعودية وباكستان وروسيا.

اللقاح الرابع: الجاميليا الروسي، وأعلن بوتن أنه تمت الموافقة عليه قبل بدء المرحلة الثالثة في الاختبار، واعتبر ذلك مخاطرة كبيرة، ولكن روسيا تراجعت عن استخدامه والآن بدأت المرحلة الثالثة.

اللقاح الخامس: جونسون وجونسون الأمريكي، وهو عبارة عن جرعة واحدة وينتظر أن تنتهي المرحلة الثالثة في نهاية العام الحالي.

اللقاح السادس: أسترا زينكا مع جامعة أكسفورد ومتوقع الانتهاء من التجارب.

اللقاح السابع: نوفا فاكس؛ وهي شركة أمريكية متوقع الانتهاء من التجارب في يناير.

لقاح معهد يوهان الصيني: بدأت المرحلة الثالثة في الإمارات والمغرب وبيرو وقد وافقت الإمارات على استخدامه للعاملين في الصحة مع لقاح آخر صيني ولقاح هندي.

أصبح واضحًا أن هناك عددًا من اللقاحات الناجحة ستكون متوفرة في الأسواق وموافق عليها من الهيئات الصحية العالمية في أوائل الربيع القادم. وبالطبع ستكون الفرصة أكبر للتطعيمات التي تحتاج إلى جرعة واحدة، ولا تحتاج إلى درجة برودة 80 تحت الصفر كي يمكن نقلها بسهولة. ومن المتوقع أن يتم تطعيم نحو 2 مليار مواطن بداية من مارس القادم. وسيكون اللقاح متوفرًا من عدد أكبر من الشركات بنهاية عام 2021. لن يقضي اللقاح على المرض تمامًا ولكنه سوف يوقف الوباء وتبقى بعض الحالات الفردية.

أهم تأثير سياسي للكورونا كان إسقاط ترامب وذلك بسبب التأثير الاقتصادي الضخم لوباء الكورونا، وانخفض متوسط دخل الفرد في أمريكا بين 20 – 30% ووصل عدد الأمريكيين طالبين معونة البطالة إلى 41 مليون عاطل في يونيو 2020. وكان التأثير عنيفًا في قطاعات السياحة والفنادق والطيران ومنافذ البيع للمتاجر الكبيرة. وحدث انكماش بأكثر من 5% في الاقتصاد العالمي يتبعه تضخم في الأسعار يجعل الحياة أصعب. وأصبحت مدن عظمى مثل نيويورك ولندن مدن أشباح. أما دول العالم الثالث الفقيرة، فالتأثير سيكون أكبر والمخاطر أعلى بسبب ضعف النظام الصحي، وعدم وجود شبكة تأمين تغطي الصحة والبطالة ويتبع ذلك زيادة في انتشار الجرائم وقلاقل اجتماعية وسياسية، وهو ما حدث بعد الوباء الذي حدث منذ مئة عام. وسوف يسبب الوباء انتشار الأمراض النفسية والعصبية لفترة طويلة بسبب الخوف من المرض وفقد بعض الأعزاء والعزلة عن المجتمع لفترات طويلة وسوء الأحوال الاقتصادية أو البطالة. كما سوف يحدث تأثير على ظاهرة العولمة التي انتشرت في العالم، وسوف يتم الضغط من الشعوب والحكومات على الشركات الكبرى بتقليل حجم التصنيع خارج الدول الغنية التي كانت تستفيد من العمالة الرخيصة. وبالنسبة للتجارة فإنه من المتوقع أن يغلق نحو 25 ألف متجر كبير في الولايات المتحدة ومنها المتاجر الضخمة الشهيرة التي سوف تعلن إفلاسها لأنها أغلقت معظم الوقت عام 2020. ويتم حاليًا تطوير كبير في طرق التسوق عبر الانترنت وسهولة التوصيل إلى المنزل والدفع بالبطاقات الالكترونية.

معظم الشركات والبنوك تفكر جديًا في أن يستمر عمل نسبة كبيرة من موظفيها من المنزل، ومن الممكن أن يذهبوا إلى العمل ليومين في الأسبوع. والنتيجة أن مساحات كبيرة من المكاتب سوف يتم الاستغناء عنها وسوف يؤثر ذلك بشدة على سوق العقارات. كذلك فإن العودة إلى المؤتمرات الكبيرة سوف يكون صعبًا، وسوف يترتب على ذلك خسائر بمليارات الدولارات للشركات التي كانت تنظم المؤتمرات ولشركات الطيران والفنادق والمطاعم. وقد تتغير خريطة الاجتماعات في العالم تمامًا لتوفير الوقت والمال. أما التعليم عن بعد أمر معروف منذ فترة طويلة ولكن تطبيقه على نطاق واسع أصبح حقيقة وسوف يستمر ويتطور ويكون جزءًا مهمًا من برامج التعليم.

على العالم إذن أن يستعد لتغيرات جذرية سياسية واقتصادية في كل ما يخص نواحي الحياة. ومصر كدولة من العالم الثالث معرضة مثل هذه الدول إلى ارتفاع ضخم للديون ومشكلات اقتصادية تؤثر على كل نواحي الحياة فيها بسبب الوباء. فقدت مصر دخل السياحة المهم، والتي سوف تتعثر عالميًا لعدة سنوات، وينتظر أن ينخفض دخل قناة السويس بسبب انخفاض التجارة العالمية، وكذلك تحويلات المصريين في الخارج والتي تمثل خمسة أضعاف دخل القناة.