عدد 13-ملف: على الرصيف.. مع إبراهيم فتحي

إبراهيم فتحي

موقف حزب العمال الشيوعي المصري من سلطة البيروقراطية البورجوازية

2019.10.01

موقف حزب العمال الشيوعي المصري من سلطة البيروقراطية البورجوازية

حول سلطة البيروقراطية البورجوازية

نشأة وتطور الرأسمالية المصرية:

نشأت علاقات الإنتاج الرأسمالية في مصر داخل إطار التبعية الاستعمارية، أي إطار الرأسمالية العالمية في آخر مراحلها. ولم يكن في استطاعتها أن تكون تكرارًا لنشأة الرأسمالية في الغرب.

وباستثناء فئة «الكومبرادور» أي الوكلاء المباشرين للمؤسسات الاستعمارية، نشأت الرأسمالية المصرية متناقضة المصالح مع الاستعمار تقف على أقدام صنعتها بنفسها، ولم يكن من المتصور أن يرحب رأس المال الاستعماري بنشأة اقتصاد رأسمالي ينافسه في البلاد التابعة له، ولكن هذه الرأسمالية لم تكن تستطيع الإفلات من هذه الدرجة أو تلك من درجات التبعية للاستعمار، الذي كان قد أكمل اقتسام أسواق العالم.

لقد نشأت هذه الرأسمالية من ناحية أساسية مستمدة جذورها من كبار ملاك الأراضي الذين كانت العلاقات البرجوازية تتغلغل في اقتصادهم مع انتشار زراعة القطن. الذي أدخل مصر إلى دائرة التبادل الرأسمالي العالمي، معتمدة على ما يجنون من أرباح نتيجة لبيع القطن.

وقام بعضهم في بادئ الأمر باستثمار ما لديهم من فائض في الشركات الرأسمالية الأجنبية، التي يرتبط نشاطها بالإنتاج الزراعي، ثم تفتحت أمام البعض الآخر آفاق العمل المستقل في الصناعة والتجارة وخصوصًا بعد ثورة 1919. أي أن الرأسمالية القومية المصرية نشأت منذ البداية رأسمالية كبيرة. ونتيجة للظروف، التي أحاطت بمولدها على أيدي كبار ملاك الأراضي، لم يكن أمامها أن تحاول طرح المسألة الزراعية للحل، لخلق سوق رأسمالية في الريف، كما كان الحال مع البرجوازيات الغربية عند نشأتها. فلم تطرح قط شعارات خاصة بالأرض، وكان محكومًا عليها نتيجة لذلك أن تظل أسيرة التخلف مزعزعة الأساس.

فهي إذن رأسمالية بلد تابع تقيم اقتصادها على هامش السوق الاستعمارية، في الصناعات الخفيفة، دون قاعدة متينة في الريف ومن المحال أن تعرف في تطورها تلك الدرجة النسبية من النمو المتوازن لقطاعاتها المختلفة.

وكانت شعاراتها القاصرة على الاستقلال والدستور انعكاسًا لطموحها إلى السيطرة على السوق وعلى السلطة وكانت تعتمد على الاستيلاء جزئيًّا وتدريجيًّا بطريقة بطيئة قاتلة البطيء، على مواقع اقتصادية وسياسية. فاشتركت في أعقاب ثورة 19في السلطة دون أن تسيطر عليها، فقد كانت عاجزة منذ البداية عن الإطاحة بالاستعمار وكبار ملاك الأراضي، وقد فرض عليها أن تقنع باقتسام الغنيمة معهما.

وعلى الرغم من نشأة هذه البرجوازية في ظروف متقدمة من الصراع الطبقي على النطاق العالمي والداخلي. إذ أن عودها بدأ يشتد بعد ثورة أكتوبر فقد كان موقفها من حركة الجماهير الشعبية موقفًا مزدوجًا فهي تحاول استخدام الشارع للضغط على العدو ومساومته. وقد حققت درجة معينة من الديمقراطية البرجوازية المحدودة لنفسها، كما كسبت الجماهير بعض الحريات السياسية النسبية، ولكن ما أكثر ما وجهت الضربات إلى أشد القوى الثورية.

وبالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لتزعزع قاعدتها الاقتصادية، كانت متواضعة المطامح، فلم تتلمظ على السوق العربية، وأحاطت مصريتها بسياج محكم كما لم تحاول أن ترتبط بالحركة الوطنية العربية، واعتبر قائد الثورة البرجوازية سنة 1919 البلاد العربية مجموعة أصفار!

ولقد نمت هذه البرجوازية القومية حتى أعقاب الحرب العالمية الثانية، حتى وصل مجموع رأس المال الذي يملكه مصريون 39 % من مجموع الاستثمارات الرأسمالية لتواجه علاقات عالمية جديدة. فالسوق الرأسمالية العالمية لم تعد السوق الوحيدة، بل برزت في مواجهتها سوق اشتراكية، وتقلص نفوذ الإمبريالية القديمة وبرز دور الاستعمار الأمريكي، وتعاظمت حركة التحرر الوطني في شتى البلاد المستعمرة والتابعة. وظهرت الجماهير الشعبية على المسرح السياسي كقوة لا يمكن إغفال وزنها. وكان نمو الرأسمالية المصرية يتناقض مع خصائص نشأتها، فكلما ازداد نموها برزت قضية العلاقات المتخلفة في الريف كعائق مهم أمام هذا النمو، وكلما اشتد خطر الجماهير الشعبية، وبدأت تستكمل وعيها وتعرف طريقها إلى الأشكال المختلفة للتنظيمات الاقتصادية، والسياسية المستقلة، برزت خطورة الأشكال البرلمانية والحريات السياسية النسبية.

وكانت حركة 23 يوليو مخرجًا لتفاقم أزمة الحكم في النظام القديم، ومحاولة لأن تستكمل البرجوازية القومية سيطرتها الكاملة على السلطة والاقتصاد، وأن تفتح الطريق أمام تطور العلاقات الرأسمالية في مواجهة أوضاع عالمية جديدة، وعلى الأخص لتوجيه الضربات إلى حركة الجماهيرية الشعبية ومكاسبها الديمقراطية.

البيروقراطية البرجوازية:

لم تكن السلطة الجديدة بقادرة على أن تقفز خارج العلاقات الطبقية التاريخية، لقد ظلت تمارس دورها الاقتصادي كحلقة من حلقة الثورة البرجوازية تتطلع إلى أفق جديد، وسقطت كل مكاسب الاستقلال في فم البرجوازية الكبيرة.
لقد بلغت أرباح الفترة من 56-1958 نسبة 38.8% في الشركات الغذائية و25.5 %في صناعة النسيج، بل بلغت الأرباح في عام 58-1959 بمفرده في 141 شركة مساهمة 35% من رأس المال و23 % من مجموع ما يملكه المساهمون، بل إن معظم الشركات التي أممت في عام 1961 كان رأسمالها قد تضاعف في الفترة التي تلت 1952.

التراكم البيروقراطي لرأس المال:

ونتيجة لتزعزع أركان البرجوازية المصرية كطبقة، ولاختلال نموها وافتقارها إلى التوازن النسبي، كانت السلطة الجديدة مدعوة منذ البداية لتحقيق التراكم الرأسمالي وهو تراكم يختلف بطبيعة الحال عن التراكم البدائي الذي نشأت على أساسه الرأسمالية. ويمكن أن نسميه التراكم البيروقراطي لرأس المال، فهو تراكم تقوم به السلطة وسط علاقات رأسمالية قائمة بالفعل لخلق القاعدة الاقتصادية لرأسمالية مستقلة.

وفي المرحلة الأولى بدأ تحقيق التراكم البيروقراطي بالإصلاح الزراعي، بأن بدأت الدولة تجمع تحت سيطرتها ما كان يحصل عليه كبار الملاك من استغلال الفلاحين. فقد بلغت إيرادات الدولة من أراضي الإصلاح الزراعي، أي الأراضي التي لم يستكمل توزيعها على الفلاحين 2.754.800 مليون جنيه عام 1955، ثم أعقب ذلك الاستيلاء على ممتلكات الشركات، والبنوك الاستعمارية، وخلق المؤسسة الاقتصادية العامة.

وفي هذه المرحلة، بدأت البراعم الجديدة للبيروقراطية البرجوازية في التفتح. فالرأسمالية القومية موزعة في الصناعات الخفيفة التي تدر أرباحًا هائلة، وبعض أجزائها وصلت إلى درجة عالية من التمركز، وحققت أوضاعًا احتكارية تسد الطريق أمام النمو الرأسمالي.

وكان من الممكن أن تستقر هذه الأوضاع كما هو الحال في الهند على سبيل المثال، ولكن الظروف المحيطة بمصر كانت تختلف كل الاختلاف، منها اضمحلال كبار الملاك، كما أن تحقيق الاستقلال وتدعيمه تم في مواجهة تحديات تدفع بالتناقضات إلى الاحتدام، كوجود إسرائيل كرأس حربة عسكريًّا واقتصاديًّا موجهة بشكل دائم إلى صدرها، ارتباط الاستقلال بالعالم العربي في مجموعة، وما يدور فيه نتيجة لسياسة الأحلاف الاستعمارية، ثم في النهاية بروز سلطة جديدة ليست مرتبطة بهذا الجزء او ذاك من البورجوازية الكبيرة القومية، ولكنها مكونة من أفراد ينحدرون من أصول طبقية تنتمى على الأغلب إلى البرجوازية الصغيرة السياسية أو الاقتصادية.

وكان دور العناصر البيروقراطية الجديدة هو إقامة رأسمالية دولة تزيل العوائق أمام تطور الرأسمالية، وتعمل على أن تصب كل مصادر التمويل في خلق قاعدة رأسمالية على أسس جديدة. وكانت هذه العناصر الجديدة تبدو كجزء متميز في الرأسمالية المصرية (أحمد فؤاد - محمد رشدي، محمد العتال، حسن إبراهيم.. إلخ. الذين كانوا يحملون الماء إلى طاحونة الرأسمالية التقليدية).. ولكن التناقضات كانت تزداد احتدامًا بين هذه العناصر وبين الرأسمالية التقليدية، وكان هناك تناقض حاد بين المتطلبات الموضوعية الموضوعية الضرورية لتطور الرأسمالية وبين المصالح الجزئية المؤقتة لأفراد الرأسمالية المصرية الكبيرة الذين نشأوا في شبكة العلاقات القديمة، واتجهت الاستثمارات بعيدًا عن الصناعة.

ففي عام 1956، على سبيل المثال. بلغت استثمارات قطاع المباني 47.3 % من مجموع الاستثمارات الخاصة، وقد أدى إحجام الرأسمالية التقليدية عن الإسهام في عملية التراكم اللازم لخلق القاعدة الرأسمالية إلى تعاظم دور عناصر البرجوازية البيروقراطية، وتزايد تمايزها وبروز مصالح لها مختلفة عن مصالح الرأسمالية التقليدية، وكانت إجراءات يوليو 61 «الاشتراكية» انفجارًا لهذا التناقض بين مصالح البيروقراطية البرجوازية وبين البرجوازية التقليدية.

لقد سيطرت هذه المجموعات التي تشكل طبقة جديدة في مرحلة التكوين على الدعامات الرئيسية للاقتصاد الرأسمالي في مصر.

الفرق بين البرجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية، وبين البيروقراطية كأداة:

وهنا يجب أن نفرق بين البرجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية وبين البيروقراطية كأداة ضرورية في كل أجهزة الدولة القائمة على الاستغلال، لديها سلطة الإدارة واتخاذ القرارات. فالجهاز البيروقراطي القديم في مصر ظل مستمرًا بعد عام 52، بعد إدخال بعض التعديلات الضرورية عليه، أما البرجوازية البيروقراطية فهي طبقة جديدة لم تنشأ وتتشكل داخل البيروقراطية خلال عمليات التحول الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي، بل نشأت وتشكلت أساسًا من خارج أفراد الجهاز البيروقراطي القديم، ولم تجند أفرادها استنادًا إلى مناصبهم في السلم التصاعدي للبيروقراطية القديمة، بل انطلاقًا من إدماج كادر جديد من قلة من السياسيين وجمهرة من الفنيين داخل الحلقة الموثوق بها من العسكريين، الذين أحاطوا بضباط يوليو منذ البداية. ويضاف إلى هؤلاء عدد لا يستهان به من منظمي شركات الرأسمالية التقليدية ومديري أعمالها.

ومن الخطأ، اعتمادًا على كلمة بيروقراطية، الوقوع في براثن الفكر البرجوازي، والقول إن هذه الفئةً الاجتماعية تتجه بحكم تركيبها المهني إلى القيادة التكنوقراطية وتقديم جداول عن نسبة الحاصلين منهم على المؤهلات الجامعية العالية، فليست الكفاءة الفنية مقياسًا لصعود أحد في هذا السلم البيروقراطي، الذي لا يقتصر دوره على اتخاذ القرارات والحصول على امتيازات، بل يعيد تشكيل طبقات المجتمع وفقًا لأهدافه.

المجموعات والأجنحة داخل الطبقة البرجوازية البيروقراطية:

لقد نشأت هذه البرجوازية البيروقراطية وهي أبعد ما تكون عن التجانس، مجموعات وأجنحة تحيط بالقمم المرتبطة مباشرة بالحلقة الداخلية من القادة السياسيين الذين كانوا بدورهم يعكسون أوجها مختلفة من نمو الرأسمالية المصرية بكل ما فيه من تناقضات.

وكان من الطبيعي أن تنزوي تلك المجموعات المحيطة بالداعين إلى أن تلعب رأسمالية الدولة دور البقرة الحلوب للقطاع الخاص، فتقوم نيابة عنه بالمشروعات، التي يعجز عن القيام بها وتفتح له مجالات اجتناء الأرباح المضمونة (بغدادي، كمال الدين حسين، حسن إبراهيم) وهؤلاء بطبيعة الحال من أصحاب الاتجاه إلى البرامج شديدة التواضع في التصنيع، كما يعملون على ألا تستفحل التناقضات مع رأس المال الاستعماري الأمريكي والألماني الغربي على وجه الخصوص، كما يدعون إلى سياسة انعزالية إلى حد ما فيما يتعلق بالسوق العربية ويحذرون من «التورط» في مشكلات العالم العربي.

بدأت المجموعات والأجنحة التي تعد بدايات تكوين البرجوازية البيروقراطية كطبقة اجتماعية تجد أرضًا مشتركة في تركيز كل ملكيات الدولة في هيكل اقتصادي واحد. ولكن هذه الأرض المشتركة كانت ميدانًا لصراع بين الكتل المختلفة داخل هذه الطبقة التي تسير في طريقها إلى التكوين، ويمكن أن نميز داخلها اتجاهين أساسيين:

1. الاتجاه المسيطر، وهو أكثر تماسكًا في اتجاهه إلى توسيع نطاق رأسمالية الدولة على حساب الرأسمالية التقليدية، وأكثر طموحًا إلى التأميم، والحد من الملكيات الكبيرة للأرض وفتح المجال أمام سيطرة الدولة على أجهزة التسويق والتعاون الريفية وعلى مزيد من الأراضي المستصلحة. ومن المنطقي أن يكون هذا الاتجاه أعلى صوتًا في مجال التناقض مع الاستعمار. نتيجة لذلك كان هذا الاتجاه هو الذي يتبنى «الاشتراكية» قومية الطراز، التي تعني سيطرة الدولة على الإنتاج، و«الدولة هي نحن».

2. والاتجاه الآخر أكثر ميلاً إلى إفساح المجال أمام النشاط الاستثماري لرأس المال الخاص والتهادن مع الملكيات الكبيرة في الريف، وهو أكثر تطلعًا إلى البحث عن انتقال الرأسمالية المتخلفة التابعة الهشة المزعزعة الأركان إلى رأسمالية جديدة مستقلة ذات قاعدة اقتصادية وطيدة، تفتح الباب أمام احتمالات متغايرة للنمو وفقًا لميزان القوى الطبقية على النطاق العالمي والمحلي.

وقد أدى هذا الوضع، الذي كان لا بد من أن يفتقر إلى التحديد، إلى بروز سياسة مراكز القوى، وتعدد المؤسسات الاقتصادية، التي تقوم بالنشاط الإنتاجي الواحد لتوزيع الغنائم وللقيام بتسويات وحلول وسطى بين المصالح المتعارضة الممثلة في عدد متضخم من المناصب الإدارية العليا.

ويمكن الوصول إلى أن ملكية الدولة لوسائل الإنتاج الرئيسية هي الشكل القانوني الذي تمارس به البرجوازية البيروقراطية سيطرتها الفعلية على وسائل الإنتاج. فالتفاوت الهائل في «الأجور» وهي ليست إلا إحدى قنوات الدخل لهذه الطبقة (الذي يصل إلى 33 ضعفًا والذي لا مثيل له في أي بلد من بلدان العالم الرأسمالي) والإلغاء الكامل لحقوق العاملين في تنظيماتهم السياسية أو النقابية المستقلة وإبعادهم الكامل عن مراكز اتخاذ القرارات يشير إلى أن علاقة العاملين بالقطاع العام بقيمه المسيطرة هي علاقة المستغلين بالذين يستغلونهم».

فوضى الإنتاج جزء جوهري من منطق رأسمالية الدولة:

لا يتم التراكم البيروقراطي لرأس المال لخدمة الجماهير الشعبية. فهناك أولاً النمو الطفيلي للجهاز الإداري، والتوسع في خلق المناصب العليا (61 % من ناحية العدد و215 % من ناحية الدخل) مقابل انخفاض عدد الوظائف العمالية في القطاع العام، في أثناء الفترة من 62 إلى 66-67، وقد زاد الاستهلاك في قطاع الدولة خلال خمس سنوات بمقدار 55،2 % مقابل17،2 % في قطاع الأفراد (القطاع الخاص) أي أن ما هللت له صحافة البيروقراطية حول ارتفاع المقدرة الشرائية وزيادة الاستهلاك كان في حقيقته امتيازًا طبقيًّا للمسيطرين على أجهزة الإدارة والتوجيه، ووضع الفائض الاقتصادي تحت تصرفهم. وعبئًا على التنمية.

ولكن إلى أي مدى أمكن للبرجوازية البيروقراطية أن تحقق هدفها في إقامة اقتصاد رأسمالي مزدهر في عالم تضمحل فيه العلاقات الرأسمالية وتزداد أزمتها، هي نفسها، استفحالاً؟

هل نجحت في إقامة القاعدة الأساسية، التي تنمو نموًا مطردًا وترتكز عليها المشروعات الإنتاجية المترابطة؟ أي هل نجحت في إقامة اقتصاد قائم على التخطيط؟

لا يمكن إنكار أن هناك درجة معينة من وضع برامج للاستثمار ومحاولة التوفيق بينها، إلا أنه لا علاقة لها بالتخطيط الشامل، الذي يدخل في حسابة الإنتاج والعمالة والاستهلاك والدخول مجتمعة.

فالإنتاج في مصر تتحكم فيه الطلبيات التي يتسع لها «السوق» وهو يتجه لإشباع الطلب الذي يخلقه التفاوت الهائل في الدخول، وذلك الطلب هو الذي يحدد الأولويات في الإنتاج، حتى إن لم تكن القاعدة الاقتصادية قد نضجت لتلبيته، مثل صناعة السيارات الخاصة، والأدوات المنزلية الكهربية، وسائر الكماليات.. مما يدفع المشروعات إلى الاعتماد على سلع وسيطة وأحيانًا أساسية مستوردة باهظة التكاليف.

ولنأخذ صناعة الأدوية على سبيل المثال لنرى نسبة ما تنتجه من أدوية للأمراض المستوطنة، وأمراض الصدر من ناحية، والفيتامينات والمقويات وأدوات التجميل من ناحية أخرى. وحتى ما ينفق على الخدمات.

ففي بلد كمصر ترتفع فيه نسبة الأمية إلى 70 % يتضاعف فيه عدد الذين يدرسون في التعليم العالي ثلاث مرات في كل عشر سنوات... بالإضافة إلى أن المبدأ الموجه للإنتاج هو «الربح» الذي تحققه الوحدة الاقتصادية وتحقق مركزًا ممتازًا للمسيطرين عليهما لا كفاءة هذه الوحدة في تطويرها لمجموع الاقتصاد القومي، وفي آثارها بالنسبة للتنمية، لذلك نجد المنافسة الحادة بين الوحدات المختلفة التي تنتج السلعة نفسها أو تؤدي الخدمة نفسها، ويتضح ذلك في مجال التجارة الخارجية على أسوأ صورة.

ولا تعكس الأرقام الإجمالية التي تقدمها البيروقراطية، عن نجاحاتها، الصورة الحقيقية للإنتاج، فقد كان تحقيق مشروع السنوات الخمس الأول بمقدار 90%، وهو بالفعل متوسط حسابي بين تجاوز أهداف الخطة في مجالات ثانوية والقصور عن تحقيقها في المجالات الرئيسية (شارل بتلهايم).

فإن العامل الموجه للاقتصاد هو «الربح» ربح البيروقراطية كطبقة من ناحية، في حصولها على نصيب الأسد من الفائض الاقتصادي، الذي لا يتجه إلى التنمية، وفي توجيه هذه التنمية إلى تحقيق متطلباتها، وربح أفرادها ومجموعاتها المختلفة من ناحية أخرى، وهناك تناقضات حادة بين مكاسب البيروقراطية كطبقة ومكاسب أفرادها ومجموعاتها كل على حدة فيما يتعلق بمعدل التنمية، ومجال الاستثمار خارج رأسمالية الدولة الذي تتجه إليه ما يتراكم من أرباح.

أن فوضى الإنتاج جزء جوهري من منطق رأسمالية الدولة، التي لا تهدف إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للجماهير الشعبية، وليس خللاً عارضًا ناشئًا عن وجود علاقات الرأسمالية الخاصة.

ويطرح نضج هذه الطبقة التي في طور التكوين واتجاهها إلى التبلور العديد من القضايا التي تؤدي إلى إعادة النظر في نقاط ابتدائها، ولأن الإنتاج من أجل الإنتاج وهو شعار الرأسمالية الطافي على السطح في فترات التراكم، لا يعود هو الشعار السائد: فالتوسع في التأميم وشد الأحزمة على البطون، والعلاقات مع السوق الرأسمالية العالمية لا تظل في الوضع نفسه داخل الأوضاع الجديدة، التي طبعت فيها هذه الطبقة المجتمع بطابعها، أو العلاقات الدولية المتغيرة.

الطبقات في ظل سلطة البرجوازية البيروقراطية:

لقد وجهت الطبقة الجديدة ضرباتها إلى رأس المال الكومبرادوري، وإلى رأس المال الاستعماري كما عملت على تصفية كبار ملاك الأراضي كطبقة، وأدى ذلك إلى الخروج من قبضة السيطرة الاستعمارية الاقتصادية. ونجد إثر ذلك في الريف، فقد فتح الباب على مصراعيه لنمو العلاقات الرأسمالية فيه وقد نمت الطبقة الرأسمالية الزراعية (من 10-50 فدان) من ناحية العدد، ومن ناحية حجم الملكية، ومن ناحية نسبة ما تمتلك من أرض إلى المجموع العام.
وعلى الرغم من أن صغار الفلاحين الذين يمتلكون من فدانين إلى خمسة قد زاد نصيبهم من الأرض. وارتفع متوسط الملكية للفرد، فإن من يمتلكون أقل من فدانين تزداد ملكيتهم تدهورًا، وتتفتت بشكل هائل، وهم لا يقلون عددًا عن مليون فلاح.

فالقوانين الرأسمالية بشكلها الكلاسيكي تؤدي دورها على أكمل وجه في الريف المصري، بالإضافة إلى أن الملكيات القزمية لا يمكن أن تستوعب نصف طاقة العمل لأسر أفرادها مما يدفعهم إلى محاولة بيع قوة عملهم موسميًّا في سوق عمل تغص بـ14 مليونًا من أفراد أسر فلاحيه (83%من الفلاحين) لا يملكون أرضًا على الإطلاق. (انظر جدول الخبير دريل).

إن جيش العمال الاحتياطي في الريف هائل، وهو مجال خصب للبطالة السافرة والمقنعة، ويتدفق الآلاف إلى المدن بحثًا عن العمل بعيدًا عن ريف يخضع للسيطرة المزدوجة من جانب البرجوازية البيروقراطية على أجهزة التمويل والإقراض والتسويق متحالفة مع الرأسمالية الزراعية سندها الاجتماعي في الريف.

إن البرجوازية البيروقراطية لم تقم بثورة زراعية في الريف على الرغم من التحولات التي أدخلتها في التركيب الطبقي له. وفي المدينة نلتقي بنصف مليون من البرجوازية المتوسطة، تعمل في الصناعة حول القطاع العام وفي التجارة بالإضافة إلى بقايا البرجوازية الكبيرة التقليدية في المقاولات والعقارات، وهم فئات اجتماعية تتقاسم فائض القيمة مع البرجوازية البيروقراطية.

وعلى الرغم من أن البرجوازية الصغيرة في مجموعها تتعرض للقهر الاقتصادي والسياسي، إلا أن مراتبها العليا يتساقط عليها فئات من مائدة التصنيع كما أن أبناءها هم الكوادر الفنية التي تدمجها الطبقة البيروقراطية في جهازها، وهم يشاركون في ثمار التطفل فالعمالة الزائدة التي لا تقوم على احتياجات فعلية للإنتاج تمثل رشوة لهذه الفئات المثقفة عالية الصوت، وهي ليست حلاً للبطالة بل جزء من سلسلة تفاقم البطالة مستقبلاً.

إن صفوة البرجوازية الصغيرة تربطها وشائج من التبعية بالبيروقراطية وتحلم بآفاق من الصعود في أجهزتها... وفي المجال العمالي ازدادت الطبقة العاملة عددًا، وهي تتعرض لتكثيف الاستغلال محرومة من كافة الأجهزة الاقتصادية والسياسية المستقلة التي تستخدمها كأسلحة في الحصول على حقوقها وقد تمكنت رأسمالية الدولة من خلق فئة اجتماعية عمالية ضئيلة العدد هي: الأرستقراطية العمالية في المجال النقابي (الذي يفتقر تمامًا إلى أبسط الحقوق الديمقراطية)، وتتنزع هذه الأرستقراطية العمالية مكاسب كبيرة وتلعب دور العميل المباشر للسلطة.

الوضع الدولي:

نشأت هذه الطبقة الجديدة مع تعاظم دور المعسكر الاشتراكي الاقتصادي والسياسي وتفاقم أزمة الرأسمالية العالمية، واشتداد عود حركات التحرر الوطني. وقد مكن ذلك الوضع المواتي هذه الطبقة من أن تسدد إلى الاستعمار ضربات قاصمة، وأن تحقق استقلالاً سياسيًّا واقتصاديًّا من الناحية الأساسية، ولكن يجب ألا نذهب بهذا الاستقلال بعيدًا.

فالعملية الإنتاجية الرأسمالية عملية مترابطة على النطاق العالمي، ويجب ألا نأخذ لحظة تاريخية ونعزلها خارج السياق، الذي تتطور فيه الرأسمالية. فهي لم تكف قط عن أن تبحث لنفسها عن عقد صلات مع السوق الرأسمالية العالمية: الولايات المتحدة وألمانيا الغربية واليابان، ولكنها ليست علاقات التبعية القديمة، بل علاقات البحث لأقدامها، التي بدأت تعرف القوة عن مواقع داخل السوق المصرية والعربية والعالمية.

ولما كانت هذه الطبقة لا تعرف الاعتماد على الجماهير في صداماتها مع الاستعمار، ولا تقوى على خوض حرب دامية مع الإمبريالية، فإن عناصر المهادنة ماثلة في صميم وضعها في أشد لحظات احتدام الصراع مع الاستعمار، مثل التسوية بعد انتصار 1956 بمرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة، والإقرار الفعلي بحدود التوسع الإسرائيلي بالموافقة على قوات طوارئ تحرس هذه الحدود، ومحاولة التفاهم مع شركات ملاحة أمريكية على توسيع القناة، بالإضافة إلى القروض والتسهيلات الائتمانية التي سعت إلى عقدها مع الغرب الاستعماري.

وحينما تنهض البرجوازية البيروقراطية المصرية بدور الحاجز القوى أمام نمو القوى اليسارية والثورات الشعبية التي يمكن أن تقودها الطبقة العاملة، وتبرز أظافرها الحادة في معاداة الشيوعية في مصر والعالم العربي، فإن ذلك يشكل أمام الاستعمار الأمريكي نقاطًا للتهادن لا يمكن إغفالها.

ومن ناحية أخرى، فإن البرجوازية البيروقراطية لا يمكن أن تقيم اقتصادها الجديد داخل الأسوار المصرية كما لا يمكن لها أن تتجاهل حفاظًا على استقلالها دور الاستعمار في العالم العربي. إن الخطة الاقتصادية لهذه الطبقة تضع في حسابها السوق العربية أول ما تضع، تطرح قضية القومية العربية بشكل ملح. وهي بالفعل تطرح قضية القومية العربية من زاوية مصالحها الأنانية الضيقة، فباعتبارها أكثر البرجوازيات العربية نموًا مدعوة للسيطرة، لذلك تقول بقومية عربية جاهزة الصنع مزقها الاستعمار، ويتحقق لها منذ مئات السنين مقومات القومية... كما تدعو إلى وحدة غير ديمقراطية تسيطر عليها.

إن البرجوازية البيروقراطية لا يمكن أن تفهم أن القومية العربية هي قومية في مرحلة التكوين، لا تتشكل من أقاليم وقطاعات وأجزاء، بل من قوميات متفاوتة النضج أو في سبيل النضج. فمصر قومية متكاملة، وكذلك العراق، وكذلك الحال مع البلاد أو مجموعات البلاد العربية على أساس تاريخي. إن كل هذه القوميات المختلفة قد خضعت لعوامل مشتركة في تكوينها وتواجه أهدافًا واحدة أمام نفس الأعداء، وهذا الأساس هو الأساس الموضوعي لا لخلق قومية برجوازية على أساس السوق الموحدة والدولة القومية الموحدة، كما كان الحال في مرحلة الثورة البرجوازية، بل لخلق قومية في مجرى الثورة الاشتراكية العربية على أساس انصهار هذه القوميات بقيادة الطبقة العاملة، انصهارًا يتيح ازدهار السمات القومية المختلفة ويتفادى تنافس البرجوازيات المختلفة، ويتم عبر مراحل تدريجية من الكفاح الشعبي المشترك لا وفق اتفاق مؤقت من أعلى بين القوى البرجوازية كما هو الحال اليوم.

إن سياسة البرجوازية المصرية إزاء حركة التحرر العربي تميزت بالأنانية القومية من ناحية والعداء للتنظيمات الشعبية والثورية والحريات الديمقراطية عمومًا.

لذلك لم تحقق في هذا المضمار نجاحا يتفق مع ما أحرزته قبل النكسة من انتصارات على الأعداد التقليديين للشعوب العربية، وهي تضطر في أغلب الأحوال إلى عقد صفقات سياسية مؤقتة مع البرجوازيات الحاكمة، وإلى التهادن في أحوال كثيرة مع القوى الرجعية. فهي سياسة لا تقوم على قوى الثورة الحقيقية في البلاد العربية.

البناء السياسي للبرجوازية البيروقراطية:

منذ البداية والبرجوازية البيروقراطية الحاكمة توجه الضربات إلى حركة الجماهير الشعبية وإلى تنظيماتها السياسية والنقابية، وإلى كل الحريات الديمقراطية التي انتزعتها هذه الجماهير.

وكانت التنظيمات السياسية التي أقامتها السلطة تجسيدًا لهذه السياسة. فهي لا تحكم بحزب سياسي جماهيري، وتنظيمها السياسي ليس جهازها الحاكم، فالسلطة واتخاذ القرارات في أيدي الحلقة الضيقة من المسؤولين يزاولونها من خلال الأجهزة العسكرية والبوليسية في المحل الأول. ويبقى للتنظيم السياسي دور سلبي من الناحية الأساسية أي تصفية التنظيمات والأفراد والاتجاهات والحركات التي تظهر في صفوف الجماهير باحتكاره العمل السياسي، وفرض الوصاية البيروقراطية على كل التنظيمات النقابية والمهنية واتحادات الطلبة والصحافة.

لذلك لم يكن من المستغرب أن تتسلل إلى تنظيم للسلطة القوى الرجعية التقليدية بحكم سيطرتها التاريخية وأن يكون من ثم نصله الحاد موجهًا إلى اليسار.

ويتبنى هذا التنظيم الأيديولوجية الرسمية الملفقة: فالاشتراكية تعني سطوة الدولة، وإبعاد الجماهير عن المشاركة، والقومية تعني الجانب المتخلف المنعزل عن التضامن الأممي، والاستفادة من التجارب الاشتراكية، واستبقاء العلاقات الرأسمالية في الزراعة اعتمادا على تراثنا القومي، والقيم الروحية تعني الاتكاء على الفكر المتخلف لإعاقة الفكر العلمي. وقد قدم ضرب البرجوازية التقليدية أساسًا موضوعيًّا للحديث عن إلغاء الاستغلال واعتبار أن هناك علاقات برجوازية غير استغلالية (الرأسمالية الوطنية غير المستغلة!).

ولما كانت البرجوازية الصغيرة طبقة غفيرة العدد، تتجه البرجوازية البيروقراطية إلى صفوفها لتجنيد كوادرها، فإن الأيديولوجية الرسمية تغازل الميول الفكرية لهذه الطبقة دون أن تتبنى الجوانب الليبرالية لديها.

الهزيمة:

لم تكن الهزيمة بالنسبة للطبقة، التي حاولنا أن نقدم الخطوط العريضة لملامحها حدثًا مستغربًا وإن مصالحها المتناقضة مع الاستعمار، والتي تدفعها في الوقت نفسه إلى قطع الطريق أمام القوى الشعبية والثورية، تضعها دائمًا في مأزق. وإن التغير في الوضع العالمي ببروز اتجاهات المراجعة في القيادة السوفيتية تسلب منها ورقة ضخمة من أوراق المناورة واللعب على الحبال.. وهكذا وضعت الهزيمة هذه الطبقة عند منعطف جديد.

إنها لا تستطيع مواصلة السير بالطريقة القديمة نفسها، وقد جاءت الهزيمة وهذه الطبقة على وشك تحقيق أهدافها الأساسية من الناحية الاقتصادية. فقد كانت بصدد استكمال فترة الانتقال، فترة خلق الحد الأدنى من هيكل رأسمالي حديث، ورسوخ أقدامها وتبلورها كطبقة. وهي الآن قد أنجزت مهمة إرساء هذا الهيكل وبدأت أمامها مشكلات جديدة، مشكلات رأسمالية نامية.

إن عناصر الأزمة التي كانت مستقرة في فترة البحث عن رؤوس أموال للتنمية، والوثوب إلى مواقع كان يحتلها رأس المال الأجنبي أو كبار الملاك أو الرأسمالية التقليدية، بدأت في البروز كمشكلات التسويق واختلال التوازن. وهي بعد أن أحكمت قبضتها على السلطة السياسية منفردة، وعلى الاقتصاد، لا بد أن تسعى جاهدة للبحث عن حرية للحركة في السوق الاستعمارية وعن المشاركة بها. فهي ليست على استعداد في حل تناقضاتها مع الاستعمار إلى إعطاء القوى الشعبية أي دور في المعركة. لأن معنى ذلك التنازل عن احتكارها للسلطة وانخفاض أرباحها.

فهي بدلاً من ذلك تبحث في شبكة العلاقات المحيطة بها عن تسويات وأنصاف حلول مع القوى المعادية. فهي قد تهادنت مع الرجعية وأطلقت يد فيصل في اليمن والخليج العربي وتحمي ظهر حسين، وتعد العدة للاعتراف الفعلي بإسرائيل وبحدودها الآمنة مقابل الانسحاب، كما بدأت في توجيه الضربات للثورة الفلسطينية التي تشكِّل بكل نواقصها منطقًا جديدًا في مواجهة الاستعمار والصهيونية، منطق الحرب الشعبية.

إنها تعتبر الاستعمار الأمريكي ليس العدو الأول في المنطقة، بل تعتبر كل وزرة قاصرًا على مساندة إسرائيل. وهي تصور تهادنها معه على أنه نوع من استخدام التناقض بينهما، إنها تتعهد للاستعمار الأمريكي بالمحافظة على مصالحه في العالم العربي مقابل أن يضغط على إسرائيل للانسحاب وأصبحت المعركة تعني الجيش النظامي فحسب، استيراد اسلحة والتدريب عليها لإعطاء مركز أقوى في مفاوضات الحل السلمي.

لا يمكن الوصول مما سبق قوله إلى أن البرجوازية البيروقراطية قد فقدت كل أساس للتناقضات مع الاستعمار الأمريكي أو الاستعمار العالمي فمصالحها ما زالت متناقضة مع الاستعمار. ولكن ما يبدو الآن جديدًا هو وزن هذا التناقض والطريقة التي تمارس بها البرجوازية المصرية حله.

هل أصبح هذا التناقض هو العامل الحاسم في توجيه سياستها وهل طريقة حله في الوضع الحالي تدفع الثورة إلى الأمام أو تضع أمامها العراقيل؟

الواقع لقد أصبح العمل من أجل عزل الخط السياسي والفكري والتنظيمي لهذه الطبقة من قيادة الجماهير شرطًا ضروريًّا لمواصلة المعركة ضد الاستعمار وإسرائيل.