هوامش
منى يسريناجورنو كاراباخ.. كيف تحاول تركيا تعزيز نفوذها في سوريا وليبيا عبر القوقاز؟
2021.03.01
ناجورنو كاراباخ.. كيف تحاول تركيا تعزيز نفوذها في سوريا وليبيا عبر القوقاز؟
مجددًا؛ اندلعت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، حول إقليم ناجورنو كاراباخ، في سبتمبر الماضي، وعلى الرغم من استمرارها لبضعة أسابيع، فإنها أسفرت عن مقتل آلاف، لتصبح بذلك أحد أكثر الحروب دموية في القرن الحالي، لكن ما آثار انتباه المراقبين خلال هذا النزاع القصير، هي كيف لمثل هذا الصراع الكامن منذ عقود، أن يجتذب كل هذه الأطراف المتنازعة في الخارج، لتدلي بدلوها في نزاع فشلت كل الجهود الأممية والإقليمية في حلّه. إذ كان الدور التركي أبرز ملامح هذا الصراع القصير، والذي حاول الالتفاف مبكرًا على الحرب وتسييرها لمصالحه الإقليمية.
نظرة تاريخية على الصراع
بين عامي 1988 / 1995، اتجهت السياسة الأرمينية، إلى قضية ناجورنو كاراباخ، باعتبارها منطقة أذرية يسكنها الأرمن، حيث يطالب كل من الأذريين والأرمن بالحق التاريخي المطلق في ناجورنو كاراباخ ويقاتلون من أجلها بشكل دوري لأجيال مضت. مع بداية هذا القرن، تفاقم الخلاف بشكل واضح وذكاء من قبل الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، والذي أدرك أنه من خلال تضمين المنطقة المتنازع عليها والتي كانت أغلبية سكانها من الأرمن، في ذلك الوقت داخل حدود جمهورية أذربيجان السوفيتية الجديدة، ستبقى إلى الأبد بقعة صراع بين الجمهوريتين، والتي من شأنها أن تضمن مكانة موسكو كوسيط للسلطة، إذ أن روسيا كانت في ذلك الوقت وراء العديد من القرارات الحدودية في هذه المنطقة، بدءًا من عشرينيات القرن الماضي، مع حكم الزعيم السوفييتي فلاديمير لينين.
يعود أحدث اندلاع للصراع إلى عام 1988، عندما ناشدت الأغلبية الأرمينية في مجلس السوفيات الأعلى، في ناجورنو كاراباخ (المجلس التشريعي للمنطقة)، في أثناء تخفيف القيود تحت حكم ميخائيل جورباتشوف، أن تنضم المنطقة إلى أرمينيا، حيث رفضت أذربيجان هذا الاستئناف بشكل قاطع، ليندلع العنف مجددًا، واتهم الجانبان بعضهما بعضًا، بأنه من بدأ العنف، والذي خلَّف مئات آلاف من اللاجئين، بعد أن فرَّ الأرمن والأذريون من أعمال العنف، وبعضهم أجبر على الخروج، وفي العام التالي، أصدر مجلس السوفيتات الأعلى لأرمينيا قرارًا أعلن فيه توحيد ناجورنو كاراباخ وأرمينيا، ولم يلغَ حتى آخر تجدد للصراع قبل أشهر قليلة مضت.
في ربيع عام 1991، اندلع قتال أكثر خطورة شاركت فيه القوات السوفيتية، بالإضافة إلى القوات الأرمينية والأذرية، أما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، رفضت منطقة ناجورنو كاراباخ، الاتحاد مع أرمينيا وأعلنت الاستقلال الكامل في أوائل عام 1992، إذ أدى تفكك الاتحاد السوفيتي إلى رفع معدل الأسلحة والذخائر المتاحة للاستخدام، في الجانبين، ما أدى إلى زيادة حدة القتال، وبحلول منتصف عام 1992، سيطر الأرمن بشكل كبير على ناجورنو كاراباخ، وفرّ من 20 إلى 25% من سكان المحيط من الأذريين. فيما تمّ إنشاء ممر لاتشين، وهو جسر بري من المنطقة المتنازع عليها إلى أرمينيا، وتمكن الأرمن من المضي قدمًا في عام 1993، عندما انتزعت قواتهم ما يقرب من 20 %، من الأراضي الأذربيجانية خارج ناجورنو كاراباخ، والذين رفضوا منذ ذلك الحين الانسحاب من هذه الأرض حتى يتم الاعتراف باستقلال ناجورنو كاراباخ وضمان أمنها، ووصولاً لعام 1994 كان الوضع مسدودًا، حتى وقِّع اتفاق وقف إطلاق النار في مايو من العام نفسه، حيث خلّفت المعارك بين الأذريين والأرمن أكثر من 15 ألف قتيل، وأضعافهم من الجرحى.
فيما حاولت روسيا وكازاخستان وإيران وتركيا وفرنسا، إطلاق مبادرات وساطة مبكرة بين الطرفين، وعلى الرغم من هذا، تمّ انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار، بعد وقت قصير للغاية من توقيعها، واستمّر ذلك حتى تسلمت الوساطة، منظمّة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1992، وذلك بعد انضمام أرمينيا وأذربيجان إلى مؤتمر المنظّمة، ولا تزال لهذه المجموعة الدور القيادي في جهود التفاوض، حيث تمّ تشكيل مجموعة فرعية من أعضاء المؤتمر، أطلق عليها اسم مجموعة "مينسك"، (أعضاء مجموعة مينسك هم أرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والسويد وتركيا والولايات المتحدة)، ويشترك في رئاسة مجموعة مينسك روسيا والولايات المتحدة وفرنسا.
تركيا.. الرقص على حبال الصراعات
وفقًا لـ "زميل فولبرايت من أرمينيا بجامعة ستانفورد" البروفيسور أرمن أيفازيان، فشلت الجهود الوطنية بشكل أساسي في التعامل مع النزاع حول ناجورنو كاراباخ، ومع ذلك، عادة ما يفسر المراقبون الغربيون هذا الفشل بشكل حصري من حيث تعنت الأطراف المتنازعة، وتصميمهم المتعمد على عدم الاستفادة من الفوائد الواضحة للتعاون الاقتصادي، لذا فإن الحلفاء الغربيين والدبلوماسيين والعلماء على حدٍ سواء، يحاولون إحالة الصراع إلى المرجعية القومية، وهي النزعة (القومية) التي تعززت عبر السنوات التي حدث فيها هذا الصراع، وكلما طال أمده، كلما أصبح الحس القومي لدى أطراف النزاع أكثر صلابة. وبحسب تحليل أيفازيان الذي شارك به في تقرير الأمم المتحدة للسلام عن صراع الإقليم عام 1998، فإن القومية لم تكن سببًا مباشرًا في تأجيج هذا النزاع، إذ يقتصر دور القومية بشكل أساسي على تعبئة وتنظيم شعبين متنازعين في كل من أرمينيا وأذربيجان، أما فيما يتعلق بأصول الصراع، فإن القومية كعامل تابع للدور المهيمن للاستراتيجية الجيوسياسية والجغرافيا السياسية؛ على وجه التحديد، تضارب المصالح الحاسمة بين الأطراف المباشرة للصراع، والتي، كما يقول أيفازيان، هي أرمينيا وناجورنو كاراباخ وأذربيجان وتركيا، وبين القوى الإقليمية والعالمية.
كان لتركيا أحد أهم أهدافها الاستراتيجية؛ بدايةً من تعزيز مواقعها في القوقاز وآسيا الوسطى، عن طريق تعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية؛ وحتى العسكرية مع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة الخمس الناطقة بالتركية: (أذربيجان وتركمانستان، كازاخستان، أوزبكستان، وقيرغيزستان)، يتمثل الهدف الاستراتيجي الأساسي لأذربيجان في تعزيز استقلالها من خلال بناء واستغلال أنابيب النفط والغاز التي تتجاوز روسيا، وتوفير الأمن الاقتصادي والعسكري لمقاطعة ناخيتشيفان (وهي منطقة صغيرة تحدها أرمينيا من ثلاث جهات)، وتتلاقى الأهداف الإستراتيجية لتركيا وأذربيجان عند نقطة الرغبة في تقليص دائرة النفوذ الروسي وإزالة التمدد الأرمني العائق لمصالحهما المشتركة.
أهداف الحرب.. وأطماع تركيا
وفقًا للرواية الأرمينية، فإنّه في صباح اليوم السابع والعشرين من سبتمبر الماضي؛ بدأت هجمات جويّة ومدفعيّة أذرية على ناجورنو كاراباخ، بينما رواية أذربيجان تفيد بأن هجماتها كانت هجومًا مضادًا ردًا على الاستفزاز العسكري، ومع احتدام القتال بين الجانبين؛ أعلنت أرمينيا الأحكام العرفيّة والتعبئة العامة، بينما أعلنت أذربيجان حالة الحرب في بعض الأقاليم. شاركت كل من تركيا وروسيا في هذا الصراع، لا سيّما تركيا التي تجمعها بأذربيجان علاقات تاريخية وثقافية وعرقيّة، فلطالما كانت تركيا داعمًا قويًّا لأذربيجان، نظرًا لتراثهما التركي المشترك، بينما تتميّز تركيا وأرمينيا بتاريخ طويل من التوترات، والتي تفاقمت بسبب رفض أنقرة الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 وكذلك نزاع ناجورنو كاراباخ، ما تركيا إلى إغلاق حدودها مع أرمينيا في عام 1993، والتي ظلت مغلقة منذ ذلك الحين، وحتّى الآن لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين. في نفس الوقت فإنّ روسيا تلعب دورًا كبيرًا، لكنه أكثر غموضًا من الدور التركي الواضح وشبه المعلن، حيث تحافظ موسكو على علاقة اقتصادية وثيقة مع أرمينيا وأذربيجان بفعل تاريخهما السوفييتي المشترك مع روسيا، التي تقيم قاعدتها العسكرية على الأراضي الأرمينية، التي تعد جزءًا أصيلاً من الاقتصاد الأوراسي بقيادة روسية.
في الوقت الذي تحاول فيه تركيا، تصوير الصراع الأذري الأرمني باعتباره صراعًا دينيًا، بين أذربيجان ذات الأغلبية المسلمة الشيعية، وأرمينيا ذات الأغلبية المسيحية الأرثوذكسية، فإنّ الواقع يشير إلى البُعد الاقتصادي / الجيوسياسي، الذي يقود هذا الصراع، المعزز بالأسلحة والمرتزقة القادمين عبر تركيا، لتأجيج النزاع، وحسمه لصالح أذربيجان الحليف الإقليمي لتركيا، حيث أنّ خطوط الأنابيب التي تربط بين أذربيجان وتركيا، هي بوابّة تصدير النفط والغاز إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تمر مباشرة بالقرب من ناجورنو كاراباخ. أثارت "الثورة المخملية" في أرمينيا عام 2018، والتي أطاحت بزعيمها القديم سيرج سركسيان، الآمال لفترة وجيزة في إمكانية استئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ عقود، لكن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، السياسي المعارض الذي صعد إلى السلطة، بعد الاحتجاجات الجماهيرية التي أطحت بسلفه، لم تختلف سياساته الخارجية عن سركسيان.
فيما كانت الانتخابات التي نظمتها الحكومة الأرمينية؛ المعلنة من جانب واحد في كاراباخ، فتيل الأزمة الجديد، والذي اعتبرته أذربيجان بمثابة استفزاز لسيادتها، وبدأ التوتر في التصاعد منذ هذا الوقت، بعد سلسلة من الاشتباكات أسفرت عن مقتل أكثر من 10 أشخاص، في يوليو الماضي، فيما اعتبر محللون أن هذا الاستفزاز دفع بآلاف من الشعب الأذري للتظاهر طلبًا للحرب مع أرمينيا، وهي فرصة استغلتها تركيا، أيّما استغلال، وتبنّت خطابًا متطرفًا في دعمه للجانب الأذري، حتى أن أنقرة نددت بمطالبات دول الإقليم الداعية إلى وقف إطلاق النار، ورفضت توقف القتال، واستمرت في شحن الأسلحة والمرتزقة إلى منطقة النزاع، وسط استنكار دولي للموقف التركي، الذي كان متمسكًا بقوله إن أرمينيا هي أكبر تهديد للسلام في المنطقة.
آفاق الصراع.. تركيا وروسيا في المقدمة
في الوقت الذي اندلع فيه الصراع الأرمني الأذري، كانت تركيا منهمكة حتى النخاع في الصراع الليبي، الذي جنَّدت فيه آلاف المرتزقة أغلبهم من سوريا، واجتذبت البقيّة من تونس، ودول أفريقيا جنوب الصحراء، بينما لم يمنعها هذا الانهماك في ليبيا وشرق المتوسط، من انتهاج نفس التدخلات في أذربيجان، فبعد أيام قليلة من اشتعال الصراع، نشرت BBC ورويترز، والجارديان والإندبنت البريطانية، تقارير حول إرسال مقاتلين سوريين لمساعدة أذربيجان في قتالها ضد الأرمن، بعد أن أجرى مراسلو هذه الصحف مقابلات حية مع قدامى المقاتلين في الجيش السوري الحر المدعوم من قِبل تركيا، الذين حكوا عن تجنيدهم من قبل شركة أمن تركية خاصة، عملت في شحن وتعبئة هؤلاء المقاتلين إلى أذربيجان، وتمّ تعيينهم وفقًا لعقود عمل ذات راتب ثابت، وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، هناك بعض المقاتلين، رفضوا التصريح بأسمائهم خوفًا من قطع رواتبهم، والذين شرحوا للمراسلين أنهم يتقاضون رواتب تتراوح بين 1200 إلى 2000 دولار شهريًا، البعض منهم يعمل على حراسة خطوط النفط والغاز في كاراباخ، ونقلت رويترز عن مقاتلين من جماعات معارضة؛ تدعمها تركيا في شمال سوريا قولهم إنهم انتشروا في أذربيجان بالتنسيق مع أنقرة، على الرغم من أن رويترز قالت إنها لا تستطيع التحقق من هذا الادعاء، لكن ما ذكرته الوكالة نقلاً عن بعض المقاتلين أنّ الكثيرين منهم لم يرغبوا في الذهاب إلى القتال، إلا أنهم ذهبوا تحت الضغط عليهم ومساومتهم بالأمن والمال لعائلاتهم من قبل الإدارة التركية.
عندما بدأ القتال، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا ستواصل دعم أذربيجان "بكل مواردها وقلبها"، وشمل ذلك ارتفاعًا في مبيعات الأسلحة: 77.1 مليون دولار في سبتمبر وحده، حسبما ذكرت وكالة رويترز، من بين الأسلحة المباعة كانت الطائرات دون طيار التركية المنتجة محليًّا، وإلى جانب التدريب والتكتيكات التركيّة، عززت هذه الأسلحة بشكل كبيرة قدرة الأذريين على تدمير مقاومة الجيش الأرمني. وبالنظر إلى النهج التركي في السياسة الخارجية عبر العقد الأخير، يمكن النظر إلى نهجها في القوقاز، المماثل لما فعلته في الملف السوري والليبي، حاولت أنقرة الاستمرار في تدخلاتها التي تتميز بالتكلفة المنخفضة والتأثير العميق، مع الأخذ في الاعتبار أنّ أذربيجان لطالما كانت حليفًا استراتيجًا أقوى من بكثير من وكلائها في ليبيا وسوريا، وذلك بفعل القومية المشتركة التي تجمع الأذريين والأتراك (القومية الطورانية)؛ والتي يتبناها أردوغان ونظامه الإسلامي الحاكم، والمتحالفين مع الأحزاب القومية واليمينية التركية، التي تشارك الإسلاميين الأتراك في الإيمان بعقيدة (الوطن الأزرق).
في العقد الماضي، أتاحت استراتيجية الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، الفرصة أمام كل من تركيا وروسيا لتكتسب نفوذًا أوسع، بدأ هذا النفوذ في التبلور خلال الأزمة السورية التي لعبت فيها روسيا وتركيا دورًا رئيسيًّا، استمر هذا الدور في ليبيا، وهو ما شكّل إطارًا جديدًا للعلاقات الروسية التركية، حاول الطرفان إعادة هيكلتها في القوقاز من جديد، حيث أتاح الصراع الأرمني الأذربيجاني لأنقرة، فرصة لتوسيع علاقتها مع روسيا إلى مسرح جديد، حيث كان لها يد أقوى، من خلال تغيير ما أسماه الباحث التركي غالب دالاي "توازن نقاط الضعف"، والذي يتجسّد في أمل أنقرة كسب نفوذ في القوقاز ضد روسيا قد تستخدمه لصالحها في سوريا، أو صراعها المستمر في شرق البحر المتوسط.
يمكننا القول؛ إن الوجود التركي في أذربيجان، حمل أكثر من وجه؛ أوله تعزيز النفوذ الجيوسياسي، وتعزيزًا لتوجهه القومي، الذي يتمكّن من خلاله كسب قاعدة تحالفات في الداخل التركي، تعزز نفوذه الداخلي الذي أصبح في حالة تدهور منذ هزائمه المتلاحقة في سوريا، وأخيرًا؛ كان مباراة سياسية وإقليمية بينه وبين الجانب الروسي، لم تكسبه الكثير كما كان يطمح. ففي حين أن أذربيجان مدينة لتركيا بهذا النصر الأخير، تحتفظ روسيا بدورها كقوة إقليمية؛ ولا يبقى لتركيا سوى الانتظار لترى إذا كانت روسيا ستكون أكثر استيعابًا للمصالح التركية في سوريا وليبيا، خاصة بعد أزمتها الاقتصادية العنيفة التي لا يجد أردوغان أمامه مخرجًا سوى الاستفادة من تدخلاته في ليبيا على الأقل، وبخاصة بعد العقوبات الأمريكية الأخيرة، والتصعيد الأوروبي المستمر ضد الرئيس التركي، الذي تجاوز كل الحدود في شرق المتوسط.