دراسات
زينب أبو المجدالليدي والدرويش: ثورة شيوعية في الصعيد – الجزء الثاني
2025.03.08
مصدر الصورة : ويكبيديا
هذه الدراسة فصل من كتاب "إمبراطوريات متخيلة – تاريخ الثورة في صعيد مصر" الصادر عن المركز القومي للترجمة، من ترجمة: أحمد زكي عثمان – وقد تم النشر بتصريح من المؤلفة.
قانون الأراضي الجديد.. ليس للفلاحين
كان الوجه الثاني لتحرير الاقتصاد الذي اصطدم به أهالي الصعيد هو القوانين الجديدة لملكية الأراضي الزراعية. وضعت بريطانيا وأوروبا الرأسمالية آنذاك حقوق "الملكية الخاصة" في الأطيان على قمة مؤشرات التحديث الجيد، وجعلتها ضامنًا رئيسيًّا للتقدم بأي دولة تسعى للخروج من ماضيها "المتخلف".
في الدولة العثمانية، التي كانت مصر ولاية فيها لقرون، يحكم الفقه الإسلامي على المذهب الحنفي وينص على أن السلطان بصفته الخليفة هو المالك الأوحد لجميع أراضي المسلمين، له وحده حق تقسيمها، ويمنح إدارتها وجمع ضرائبها للأفراد القادرين ماليًّا لمـُدَد قصيرة فقط. واستجابة للنقد الأوروبي الشديد له، قدم السلطان العثماني عبدالمجيد الأول إصلاحات قانونية أباحت حق "الملكية الخاصة" للأطيان في جميع ولايات السلطنة بشكل عام، وتبنَّاها الخديوي سعيد باشا تلك الإصلاحات - مصر الآن ولاية مستقلة عن الدولة العثمانية ولكنها لا زالت تعترف بالسلطة الشرعية للخليفة. كان هذا هو قانون الأراضي العثماني الشهير الصادر في عام 1858، وفي العام نفسه أصدر الخديوي "اللائحة السعيدية".
وصل القانون إلى مديرية قنا، وأدّى على الفور من ناحية لأن تحصل النُّخبة المحلية التي تحت يدها أراضٍ للدولة على حق ملكيتها بشكلٍ كامل للأبد، ومن ناحية أخرى يفقد الفلاحون المستأجرون لتلك الأراضي عينها للأبد حقوقهم القديمة فيها والتي كانت مُبرمة في عقود إيجار شرعية توارثتها الأجيال. أنجب القانون طبقة جديدة من أصحاب الملكيات الزراعية الكبيرة في قنا، تضُم المسؤولين الكبار والموظفين الحكوميين المحليين والقناصل والتجار الأجانب ووكلاء القناصل الأقباط ومشايخ القرى، ومعهم أيضًا علماء الفقه الذين أصدروا الفتاوى لدعم القانون الجديد وقُضاة المحاكم الشرعية التي تم فيها توثيق عقود الملكليات المُستحدثة. استحوذت هذه الفئات على الأطيان، على حساب آلاف المزارعين الذين تم تجريدهم من حقوق الإيجار لها وتحويلهم إلى مجرد عمالة موسمية أو أنفار يجري اكتراؤهم للعمل بالأجرة اليومية فيها.
في قرية السليمية، مسرح خروج الثورة، سقطت الأراضي قطعة تلو الأخرى في قبضة أفراد من الطبقة المالكة الجديدة الآخذة في الانتشار والصعود السريع، ووجد المزارعون أنفسهم بين ليلة وضحاها مُعدمين ويتم إخلاؤهم من أراضيهم قسرًا.
قبل عدة عقود، استقلّ محمد علي باشا بولاية مصر عن السلطنة العثمانية، ووضع نفسه محلَّ الخليفة في أن تمتلك الدولة التي أسسها نظريًّا أراضي جميع القرى. أنشأ محمد علي مزارع تجارية كبرى وطبق عليها سياسات مركزية لزراعة المحاصيل التي تحددها الدولة في كل منطقة، لأغراض داخلية أو بهدف التصدير للخارج والربح، ووضع إدارة تلك المزارع في يد كبار المسؤولين في الحكومة والأعيان في القُرى. ولما صدرت "اللائحة السعيدية"، بالرغم من أنها كانت في الأصل استجابة لضغوط أوروبية لأجل التحديث، كانت أيضًا تعكس خضوع الدولة للضغوط الداخلية التي مارسها عليها هؤلاء المتحكمون في الأراضي لأجل تقنين ملكياتهم لها. أثناء صياغته لنصّ القانون، استشار سعيد باشا مديري مديريات الوجهين البحري والقبلي، فضلًا عن كبار الموظفين المحليين، الذين رغبوا بالطبع في ترسيخ قبضتهم على ما تحت أيديهم من حيازات للحكومة.[1]
قام القانون الجديد بتنظيم ملكية ثلاثة أنواع كانت موجودة عندئذٍ من الأراضي. أولها الأراضي "الخراجية"، أو أراضي الفلاحين من العوام التي زرعوها ودفعوا خراجها أو ضريبتها السنوية. وثانيها أراضي "الأبعدية"، أو المزارع التجارية الكبرى التي كانت في الأصل أراضي مملوكة للدولة وغير مزروعة ثم أسندتها الدولة لموظفي الحكومة في مقابل تسديد ضرائب مخفضة عنها. وثالثها أراضي "العُهدة"، وهي أيضًا مزارع تجارية كبرى تابعة للدولة، تشكلت من الأراضي التي صادرتها الدولة من الفلاحين الهاربين من دفع الضرائب أو أعمال السخرة، أي كانت في الأصل أراضي "خراجية"، وأسندت إدارتها لكبار الموطفين الذين عملوا كنُظَّار لها.
بالنسبة لـ "الأبعديات"، منح القانون الجديد موظفي الجهاز البيرواقراطي القائمين عليها حقوق ملكية كاملة لها، كما فتح الباب لبيع المزيد من الأراضي المُصنّـفة تحت هذا البند لمسؤولين في الحكومة وأجانب أو أي شخص آخر لديه القدرة على استصلاح أبعدية ودفع ضرائبها المقررة. أصبحت المزادات العمومية لطرح الأبعديات للبيع أو التأجير تُعقَد على قدم وساق طوال العام بمديرية قنا. وفي هذه المزادات، استحوذ كبار موظفي الحكومة على آلاف الأفدنة بعد أن تفوقوا على الفلاحين في طرح الأسعار المُنافسة الأعلى. على سبيل المثال، في واحد من هذه المزادات بقرية السليمية، استولى مدير مديرية قنا على أكثر من مئتي فدان. دخل عدد من المزارعين بالقرية هذا المزاد ضد المدير، مُجمعين على أن هذه الأفدنة كانت في الأصل ملكًا لهم ويرغبون في استعادتها عبر شرائها ودفع ثمنها، إلا أنهم خسروا المزاد لصالح المسؤول الحكومي النافذ.[2]
كان الأمر أكثر خطورة بالنسبة لـ"العُهَد"، فقد منح القانون الموظفين ومشايخ القُرى حقوق الملكية الكاملة لها، وبذلك فقدها للأبد أصحابها من المزارعين "المُتـَسحِّبين" الذين هربوا منها لعجزهم عن سداد ما عليها وتمت مصادرتها منهم. نَصّت اللائحة السعيدية على أنه متى ثبَت غياب الفلاح عن أرضه لمدة ثلاث سنوات، فإنه يفقد حقوقه فيها، ويصبح من حق أي شخص استحوذ على هذه الأرض وزرعها طوال خمس سنوات أن يتمتع بملكيتها. لما عاد المزارعون "المتسحبُّون" إلى قراهم مرة أخرى، وجدوا أن أراضيهم لم تُصادر فقط، بل تم تسجيلها في المحكمة الشرعية بالفعل بأسماء مُلَّاك آخرين. على مدار العقود القليلة الماضية منذ أيام محمد علي باشا الكبير، شرعت الدولة في تحويل قُرى بأكملها إلى "عُهَد"، تُكلِّفها الحكومة بالزراعة التجارية لمحصول واحد فقط كمثل القمح أو قصب السكر بكميات كبيرة، والآن منحت اللائحة السعيدية موظفي الدولة الذين كانوا مُعينين "نُظّـارًا" عليها حقوق الملكية المطلقة لها، متضمنة حق توريثها لأبنائهم من بعدهم.[3]
يمتلك عبدالغفار أفندي، مدير مدينة إسنا، ثلاث أبعديات كبرى تحتوي كل واحدة منها على مئات الأفدنة. اشتهر عبدالغفار أفندي بنزعة التديُّن الظاهري والزُّهد في الأمور الدنيوية والسعي في أعمال البِرّ والإحسان، فقد تبرع مثلًا لبناء المسجد الكبير في مدينة قوص. في حقيقة الأمر، لم يكن الأفندي سوى موظف فاسد استغل منصبه لتشغيل الأنفار والعبيد في أراضيه دون أن يعطيهم أجورهم، وكان أيضًا دائمًا ما يتأخر في سداد ضرائبه للحكومة أو حتى لا يدفعها نهائيًّا. ذات مرة، أخذ عبدالغفار أفندي العبيد العاملين في مصنع البارود الحكومي المجاور لأحد أبعدياته، واستخدمهم في القيام بأشغال في الأبعدية بدون أجر.[4] والأهم من ذلك، كان الأفندي يعطي القروض للفلاحين المتعثرين، مقابل رهن أراضيهم له، ثم يستولي على تلك الأراضي ويطردهم منها عند عجزهم عن تسديد الدين. لما رهَن المزارعون في قرية الكرنك نحو 400 فدان له، قاموا بالفعل بتسديد جزء من الرهنية نقدًا وعينًا، وطلبوا مُهلة لسداد الباقي، ولكنه طردهم من تلك الأفدنة، واستولى عليها بدون وجه حقٍّ شرعيّ. فقاموا برفع العديد من الالتماسات إلى الحكومة في القاهرة لأجل استعادة ما قام بإخلائهم منه. لم تكن الحكومة تستجيب لكل الالتماسات ولم تقم برفع كل مظالم الأفندي، ولذلك كان بعض المزارعين يلجؤون إلى الانتقام المباشر منه خارج القانون. في حادثة طريفة، قام فلاحو فرشوط بإطلاق بهائمهم كي ترعى في أرضٍ لعبدالغفار، فأفسدت حرثه والتهمت جزءًا من محصوله.[5]
يمتلك بشارة عبيد الثري القبطي، الذي عمل لسنوات وكيلًا للقنصل الفرنسي، أبعديات من آلاف الأفدنة، مما يجعله ودون شك الشخص الأكثر ثراء في مديرية قنا قاطبة. تتمدد أبعدياته ذات المساحات المتوسطة في كل قرية من قرى قنا تقريبًا. في المزادات العلنية التي أجريت في عام واحد فقط، سنة 1862، اشترى "الخواجة" بشارة عبيد -كما اعتادت الوثائق الرسمية أن تُلقبّه- ما بلغ مجموعه 1654 فدانًا في قوص، ثم تبعها بشراء 1166 فدانًا أخرى في سبع قرى مختلفة. شعرت قرية السليمية بوطأة القدم الثقيلة للخواجة بشارة، عندما اشترى أكثر من 500 فدان فيها. حصل الخواجة بشارة على سُلطة تعيين العُمَد في القرى التي يمتلك معظم أطيانها، فقد أعطاه المسؤولون بالمديرية هذا الحق. المهمة الأولى لهؤلاء العُمَد هي إجبار المزارعين على إخلاء حيازاتهم الصغيرة لمالكها الجديد. بالعودة للسليمية، يقوم الخواجة بشارة باكتراء المزارعين الفاقدين لأملاكهم كي يعملوا في أبعدياته بيوميات زهيدة، لا تكفي طوال الوقت لدفع الضرائب التي يجب عليهم سدادها للحكومة مما يوقعهم في المشاكل معها.[6]
سعى الأجانب الذين يقيمون في مديرية قنا لشراء حيازات شاسعة من الأراضي، ويتمتعون بنفوذ هائل على الأهالي بفضل ذلك. وربما يكون الخواجة مونييه، المدير الفرنسي لمنجم الكبريت بالمديرية، هو أكبر مالك أجنبي لأرضٍ زراعية بها. في عام 1862، دخل مونييه مزادًا لشراء 3318 فدانًا في ناحية معروفة بإنتاج قصب السكر، وهو محصول نقدي شديد الربحية. اشترى الخواجة الأرض بثمنٍ بخس، دفع ثلاثة قروش فقط للفدان الواحد. كما اشترى في صفقة أصغر 11 فدانًا أخرى من فلاحين في الناحية نفسها، لكن واجهته مشكلة تلك المرة لأن البائعين اتهموه بخداعهم وإجبارهم على التنازل عن أرضهم، وقدموا الشكاوى ضده للحكومة. غضّت الحكومة الطرف عن مكاتبات الفلاحين، واعتبرت عملية الشراء قانونية وسارية.[7]
يعيش الخواجة مونييه في قصر كبير بمدينة الأقصر، يقع إلى الشمال من أبعدياته. وقام بتخصيص قطعة أرض من ممتلكاته في المدينة نفسها لبناء أشوان للغلال وإسطبلات للخيول وحديقة وساقية عليها. قام مونييه باستغلال الأنفار من عمال البناء والحرفيين في تشييد هذه المباني، بعد أن خدموا عنده لم يدفع لهم أجورهم. قام بعض أهالي الأقصر بالتنازع معه على ملكية تلك الأرض التي بنى عليها، وأكدوا أنه استولى عليها من حيازاتهم. أظهرت التحقيقات أن الخواجة مونييه قد حَصل بالفعل على تصريح رسمي باستخدامها لأغراضه الخاصة من موظفين بالمديرية. وفي وسط تلك الأزمة مع الأهالي، أصيب مونييه بالمرض وسافر شمالًا لتلقي العلاج، ربما ذهب لموطنه فرنسا للاستشفاء. فرح الناس بتلك الأخبار السعيدة بالنسبة لهم، وظنوا أنه قد عاد إلى بلده ليموت هناك. ولكنه، وسط إحباطهم، رجع مرة أخرى ليستأنف شراء المزيد من الأراضي في المديرية.[8]
تمكَّن أعيان القرى من العُمَد والمشايخ بفضل اللائحة السعيدية من الانضمام للطبقة الجديدة من ملاك الأراضي الزراعية. استحوذ هؤلاء على أراضي الفلاحين "المُتسحبين" الغائبين عن قُراهم، وشاركوا بنشاط ملحوظ في المزادات المنعقدة لبيع الأطيان، وفازوا بمزارع تجارية في الأغلب متوسطة المساحة. كما كانوا يقومون بتسليف الفلاحين، ليستخدموا الديون كوسيلة غير مباشرة للاستيلاء على أراضيهم عندما تحين الفرصة.[9] شهدت قرية السليمية واحدة من أكثر الأزمات حِدّة للصراع بشأن الأراضي المرهونة بين الدائنين من أعيان القرية من ناحية، والمزارعين المثقلين بالديون من ناحية أخرى. وضع عمدة القرية حسن عبدالعال وأبوه وأعمامه يدهم على 337 فدانًا كان المزارعون قد رهنوها لديهم، نظير دفع الرهنية لاحقًا في شكل نقدي وعيني من الغلال. وبعد عدة سنوات، حاول ورثة الأرض من مُلاكها الأصليين استعادتها بعد دفع الرهنية. ولكن رفض العمدة إعادة الأرض إليهم، بل وقَدّم أيضًا التماسًا للحكومة ليثبت فيه على الورق الرسمي أنه الحائز الفعلي لها بوضع اليد.[10]
وبالمثل، تمكّن علماء الشريعة بفضل اللائحة السعيدية من الانضمام التدريجي لطبقة جديدة من أصحاب الحيازات متوسطة المساحة. فقد كافأتهم الدولة على تعاونهم معها، بأن أصدروا الفتاوى التي تُؤَيّد نصوص القانون المدني الجديد لملكية الأراضي وتثبت أنها لا تخالف الشريعة.[11] على سبيل المثال في قنا، في العام نفسه الذي صدرت فيه "اللائحة السعيدية" أي في 1858، منح سعيد باشا الشيخ محمد أبو شنب، وهو فقيه على المذهب الحنفي الذي تتبناه الدولة رسميًّا في المحاكم الشرعية، مئات الأفدنة في المديرية. كما يمتلك عالم دين آخر هو الشيخ عثمان طه 37 فدانًا في فرشوط، ويقوم بتأجيرها للمزارعين.[12] تمت مكافأة بعض القضاة في المحاكم الشرعية في قنا على تنفيذهم لأوامر الحكومة، بعد أن تعاونوا مع الجهاز البيروقراطي بالمديرية في تسهيل عملية توثيق عقود ملكيات الأراضي الجديدة في سجلات المحاكم الشرعية، والتي لا زالت هي المكان الوحيد لتسجيل سندات الملكية الرسمية.[13] تعكس سجلات المحاكم الشرعية بالمديرية تضخم ثروات القضاة القائمين عليها في تلك الفترة، فقيود المواريث لأبنائهم عند وفياتهم تتضاعف فيها الأرقام، ويقعون في المرتبة الثانية مباشرة من حيث حجم حيازاتهم بعد موظفي الحكومة.[14]
لأنهم في النهاية في حاجة لمن يزرع لهم تلك الأبعديات، يضطر المالكون الجدد لتأجيرها لأصحابها القدامى من الفلاحين الموجودين بها، إن لم يتم إخلاؤهم. يوقِّعون معهم في الأغلب عقود "مُزارعَة"، يسدد المزارعون بموجبها نسبة محددة سلفًا من المحصول كل عام إلى صاحب الأرض، الذي يَمدّهم أحيانًا برأس المال والمكَن اللازم للزراعة.[15] ولأجل تجنب مشاكل العقود، كان أصحاب الأبعديات في الأغلب يلجؤون لاستقدام مزارعين من قرى مُجاورة في المواسم ويعطونهم يوميات هزيلة. بالرغم من احتياجهم الماسّ لليوميات التي قد يحصلون عليها منه، قام المزارعون بالقرية التي حوت أبعدية حسين بيه، نائب رئيس مدينة قوص، بمقاطعة العمل عنده في الأشغال التي طلبها منهم. قام حسين بيه عدة مرات بالاستيلاء على أشجار وسواقي وقطع أراضٍ صغيرة خاصة بهم وتقع بالقرب من أبعديته، وضمهم لها بدون وجه حق. لذلك اضطر ناظر الأبعدية لجلب الأنفار من القرى المجاورة للعمل في أرض البيه. بالإضافة لحرث وقلع الأرض، يقوم هؤلاء الأغراب أيضًا بالخدمة في معامل سكر القصب الملحقة بالأبعدية. يعمل بعضهم لموسم واحد أو موسمين فقط، وبعض آخر يخدم بالأرض طوال شهور السنة. يدفع لهم ناظر الأبعدية أجورهم في شكل أكيال من القمح والذرة والفول، مع بعض النقود التي كانوا بالتأكيد يحتاجونها لدفع الضرائب للحكومة. سواء كانوا مستأجرين بعقود أو عمالة موسمية، لم يكن ما يحصل عليه المزارع في نهاية العام كافيًا لأن ينفق منه على معيشة أهل بيته ويسدد ضرائبه ثم بعد ذاك يدخِّر المال اللازم لإعادة شراء أرضه المسلوبة.[16]
مناجم وخواجات وأنفار
أما الوجه الثالث لتحرير الاقتصاد والذي وضع أهالي الصعيد في قبضته، فهو الاستعانة "بخُبراء" أوروبيين للمساعدة بهِمّة ونشاط في التحديث. كان هذا هو عصر "الخبراء الأجانب"، الذين يزعمون أنهم يملكون القدرات الفائقة على تحقيق التقدم الاقتصادي السريع في البلاد التي ينزلونها، وبشعور مُفرط بالثقة في النفس والكفاءة فوق السكان الأصليين لتلك البلاد.[17]
ولأننا نحن الآن في أيام السفن البخارية وقطارات السكة الحديد كأحدث تكنولوجيا للمواصلات التي تعمل بالفحم، وتُضاعِف لمئات المرات من سرعة حركة التجارة الدولية، ظهر هؤلاء الخبراء في صحراء مديرية قنا بمشروع للتنقيب عن الفحم وإنتاجه. أعطتهم الدولة المصرية كل ما طلبوه لهذا المنجم لأجل تيسير عمل المشروع. كان مغامرة مُنيت في النهاية بالفشل الذريع، ولم تجلب لأهالي المديرية سوى القمع لعمال المنجم البؤساء، وانخرطوا في أعمال المقاومة ضد الظروف القاسية بل والمميتة التي وجدوا أنفسهم مُلقين دون إرادتهم فيها.
في عام 1820، اقترح العالم الفرنسي لويس ميشيل (Louis Michel)، على محمد علي باشا البحث عن معدن الفحم الحجري في صعيد مصر. عندما رافق ميشيل الحملة الفرنسية على مصر قبل عقدين من لقائه بالباشا، نمى إلى علمه حينها أن هناك احتمالات عالية لوجود مخزون من الفحم الحجري في وجه قبلي. كان محمد علي باشا وقتها يعتمد على المواشي المجلوبة من السودان لتشغيل المَكَن المستورد الحديث في مشروعاته الصناعية الطموحة، لذلك رَحَّب بفكرة العالم الفرنسي لعلها تنقل "فابريقاته" أي مصانعه لمرحلة أكثر تقدمًا لحاقًا بنظيراتها في أوروبا. قام الباشا بتعيين ميشيل على رأس بعثة استكشافية في صحاري قنا، وقدم له ما يحتاجه من مال وأدوات ليبدأ عمليات حفر المناجم والتنقيب. كان المشروع في بدايته محدودًا، حيث ذهب ميشيل إلى مواقع التنقيب برفقة مساعد واحد فقط. أخذ المشروع في التوسع، لكن لم يؤتِ ثماره طوال سنوات. ورغم ذلك استمر ميشيل في الحصول على مزيد من الأموال وعمال المناجم وأدوات الحفر من الدولة. التحق بالمشروع بعض مهندسين نمساويين، إلا أن حرارة الجو في صعيد مصر لم تشجعهم على السفر لمواقع الحفر. تعاقدت الدولة مع خبراء فرنسيين الواحد تلو الآخر، دون أن يحقق أيٌّ منهم نتائج مرضية، حتى مات الباشا دون أن يرى قطعة فحم واحدة جيدة من هذه المناجم.[18]
ثم بعث الخديوي سعيد الحياة في هذا المشروع مرة أخرى في عام 1858. ولكنه في تلك المرة لم يُعيـّن الخواجات -اللقب الذي أعطتهم إياه الأوراق الرسمية للدولة بتلك الفترة- مُديرين فقط للمنجم المرجوّ، بل قرر أن يجعلهم شركاء كاملين فيه، يشاركون الدولة أرباحها إن خرج منه منتوج طيب. استهدف المشروع البحث عن الفحم الحجري في الصحراء الشرقية بين قنا وميناء القصير على البحر الأحمر، واختار الخبراء الأجانب موقعًا محددًا للتنقيب هناك، وشرعوا في تدريب العمال على تنفيذ الحفر في هذا المكان. الخواجة دي فرنسيس (De Francis) هو الشريك الأساسي للدولة في المنجم قيد الحفر، إلا أنه يمكث في القاهرة وأرسل نائبه الخواجة بارباروس (Barbarous) ليدير الموقع. وعلى الرغم من غموض بنود عقد هذه "الشركة" في السجلات الرسمية، إلا أنه يبدو أن دي فرانسيس كان مشاركًا فقط بخبرته دون أن تكون له حصة في رأس المال. وضعت الدولة سفينة بخارية تحت إمرة دي فرنسيس حتى يتمكن من الذهاب إلى قنا للإشراف على العمل.[19]
قام الخديوي سعيد بتعيين نحو مئة شخص للخدمة بالمشروع، من موظفين إداريين وعمال وسقايين لجلب المياه وسائقي الجمال لأعمال النقل. استقدم المشروع الأنفار بالأساس من مدن ونواحي مديرية قنا، وتولى الشيخ زايد خميس، نقيب طائفة الجمَّالين، مسؤولية اكتراء الجمالين لُـيقلّوا العمال إلى مواقع التنقيب في الصحراء. كان مدير المديرية في قنا هو السلطة العليا في المشروع والمسؤول الأول رسميًّا عن تخصيص المؤن والموارد اللازمة للمنجم من أشوان المديرية.[20]
بالطبع وقع على كاهل دافعي الضرائب في قنا تحمل نفقات هذا المشروع المـُرهق والباهظ التكاليف. يتم إرسال المؤن اللازمة لمن يعمل بالمنجم من أشوان الحكومة بمدن وقرى المديرية، ويقوم المزارعون والحرفيون والتجار وغيرهم بتسليم المستحق عليهم لخزينة الحكومة عينًا أو نقدًا للإنفاق على المشروع. يطلب المنجم مؤنًا بصفة يومية من مدير قنا، ولذلك أمر باقتطاع مخصصات المنجم إما من احتياطي المخزون بالمديرية أو جمعها مباشرة من الأهالي، مع وضع مواعيد صارمة لتسليمها. شملت قائمة المؤن ما يلي: الخبز والسمن والعدس والسلال وأدوات التنقيب والخشب وقِرَب المياه والنقود لدفع الأجور وأجرة التنقلات وغيرها.[21] يتولى الجمَّالون حمل شحنات المؤن إلى المنجم في مقابل 12 قرشًا للقنطار، ولكن قَدّم مجموعة منهم التماسًا إلى مدير قنا للمطالبة بمصروف من الطعام للرحلة إضافة إلى أجرة النقل. وافق مدير المديرية على مطلبهم، إلا أنه قام بخصم ما يتلقونه من زوّادَة السفر من الأُجرة.[22]
بالرغم من أن عدد الأنفار العاملين بالمنجم لم يكن يتجاوز نحو المئة في أي وقت في الشهر، إلا أنه أثَّر في حياة آلاف العمال بقنا خلال فترة تشغيله. تم وضع نظام دوري لتغيير الأنفار الذين يصيبهم الوهن من شدة العمل فيه بآخرين، مما جعل من المستحيل على أي عامل بالمديرية تجنب الخدمة في المنجم لأنه لا محالة سيصيبه الدور. تم جلب الفواعلية وعمال البناء والحدادون والنجارون للعمل بالسخرة في المنجم. يحصلون على أجور يومية، بالإضافة إلى الطعام ومؤونة الطريق. يتوجَّب على كل منطقة في قنا أن تقدم حصتها من الأنفار، ويتولى شيوخ الطوائف الحرفية مهمة جمعهم للسخرة. فمثلًا عندما احتاج المشروع إلى نجارين جُدد، صدرت الأوامر لمشايخ النجارين في مدن ونجوع قنا بإرسال عدد من أبناء حرفتهم من المناطق التي يتولون شياختها. تم تقييد أسماء جميع الحرفيين بالمديرية في دفاتر الدولة الرسمية، حتى يسهل تتبع من خدم في المنجم ومن لم يخدم فيه بعد. يعني هذا أن الحرفي كان مطلوبًا بالاسم للعمل في المنجم عندما يجيء دوره. ووفقًا لقانون العمل المطبق آنذاك، يجب أن يجري إحلال العمال في مشروعات الدولة والأشغال العمومية بعد مرور فترة محددة، كل أسبوعين على الأغلب، قبل أن تخور قواهم ويصيروا غير قادرين على أداء المهام. يستبدل المنجم أنفاره بشكل اعتيادي، لكن على دفعات وليس في وقت واحد. وفي حقيقة الأمر، رأى بعض الحرفيين أن العمل بأجر ثابت ودائم بالمنجم يُعد فرصة طيبة لهم بدلًا من الأعمال الموسمية، وفضَّلوا البقاء فيه وأبدوا رغبتهم في الحصول على عقد دوام كامل. تم السماح لمعظم هؤلاء بالإقامة والعمل المستمر.[23]
بعد أن يُسلّمه شيخ الطائفة للجمَّال المسؤول عن نقله، يخوض عامل المنجم رحلة طويلة وخطرة للوصول إلى موقع التنقيب في قلب الصحراء بشرقي قنا، حتى يُنجز المهام الموكلة له هناك، ثم وإن حالفه الحظ يرجع إلى بيته سالمًا. ينبغي على العامل أن يحمل أدوات العمل الخاصة بمهنته، لو طُلب منه ذلك، ثم يتم تسليمه إلى حَمَد محمد، الجمّال الذي ينتمي إلى قبيلة العبابدة. يتمتّع حمد محمد بدراية كبيرة بدروب الصحراء نظرًا لخلفيته البدوية، لذلك يتولى مسؤولية توصيل الأنفار لموقع المنجم. ويحصلون أثناء الرحلة على مؤونة ضئيلة للطريق، بمقدار قنطار واحد من "البُقسماط" لكل منهم. وعلى العامل أن يوقِّع على إيصال استلام مؤونته لتُخصَم قيمتها بعد ذلك من أُجرته. وعند الوصول إلى المنجم، يُسلِّم حمد الجمَّال النفر إلى رئيس العمال، الذي يُرسل بدوره خطابًا مختومًا إلى مدير مديرية قنا يؤكد فيه وصول الوافد الجديد، ثم يقوم بعدها بتوزيع المهام عليه.[24]
هناك سيناريوهان محتملان فقط لا ثالث لهما بعد ذلك أمام النفر: إمَّا أن يبقى في المنجم حتى يُنهي فترة الخدمة بالسخرة المقررة عليه، وفي بعض الأحيان النادرة يألف العمل ويطلب تعيينه بعقد دوام كامل، وإما أن يحاول الهروب. ولو حالف النفر الحظ الكافي، يتم استبداله بعامل آخر خلال فترة زمنية معقولة قبل أن يُنهكه العمل الشاق ويستهلك جسده، ويعود إلى بيته وأهله وبيده أجرته المتواضعة. أما من تواتيه الجُرأة للهروب، فيشكِّل هذا مجازفة مميتة إن لم يكن النفر قد خطط ورتّب لها بالفعل بشكل جيد مُسبقًا، وذلك بالتنسيق مع جمَّال خبير يقدِّم له المساعدة في السِـرّ حتى يجتاز دروب الصحراء المقفرة. احتمالات أن يضلّ طريقه في متاهات الصحراء الشاسعة كبيرة، وقد يلقى حتفه أثناء المحاولة، لأنه حتى أمهر سائقي الجمال كانوا عرضة لأن يتوهوا أثناء مسيرهم من أو إلى موقع التنقيب، خاصة وإن كانوا أيضًا يحملون معهم نفرًا هاربًا ويحاولون التخفي أثناء الرحلة عن أعين السلطات.[25]
قام الأنفار ذات مرة بالاحتجاج الجماعي على عدم انتظام صرف الأجور لهم. عندما تتوقف أعمال التنقيب لأسباب ليس للعمال ذنب فيها، يتم وقف صرف اليوميات لهم. لم يكن في استطاعة عمال المنجم البحث عن أشغال إضافية جانبية كي يعوضوا الأجور الضائعة عليهم، لأنهم كانوا ببساطة في وسط الصحراء القاحلة. لذلك قاموا بتنظيم مُظاهرة وطالبوا بأن يتم صرف يومياتهم لكل أيام الأسبوع بغض النظر عن أوضاع المشروع. استجابة لمطالبهم، أكد مدير مديرية قنا أنه ينبغي على إدارة المنجم إيجاد مهام كافية للعمال كي يؤدوها يوميًّا وأن تُدفع أجورهم بشكل ثابت. ووضع المدير معايير جديدة لدفع الأجور وأرسلها إلى الخواجة مدير المنجم. نَصّت المعايير الجديدة على دفع اليوميات طوال أيام الأسبوع، بالضبط كما طلب الأنفار، فيما عدا يوم الجمعة. وفي نهاية الأمر، قررت إدارة المنجم أن تدفع للعمال أجورهم شهريًّا، وقد فعلت ذلك في الغالب لأجل الضغط على الأنفار للبقاء بالموقع ثلاثين يومًا وعدم محاولة الهرب قبل ذلك.[26]
في كل مناجم العالم في ذاك الوقت بمنتصف القرن التاسع عشر، في أوروبا وخارجها، ترتفع بشكل عام معدلات الإصابات البالغة والوفاة بين عمال التنقيب. ولذلك كانت إجراءات السلامة، أو بالأحرى عدم كفايتها، هي إحدى المشكلات المزمنة التي تعاني منها المناجم بكل الدول. وفي أحد الأيام بمنجم الفحم بقنا، كادت الكارثة تحدث عندما انهارت حوائط حفرة المنجم على الأنفار. لحسن الحظ لم يُصَب أحد بأذى، إلا أن الحادثة أزعجت سعيد باشا، فأصدر أوامره للخواجة دي فرانسيس كي يبحث عن طرق أكثر أمانًا للحفر والتنقيب. الطريف في الأمر، أنه أمر الخواجة بأن يدرس الأمر مع العمال أنفسهم، لأجل أن يتوصلوا معًا إلى أفضل تقنية للحفر تُسرع وتيرة العمل في المشروع، وفي الوقت نفسه تحافظ على سلامتهم. طلب مدير قنا من الخواجة أن يناقش مع العمال الطريقة المُثلى للتنقيب التي لا تلحق بهم الضرر ولا تؤثر على سير العمل في الوقت نفسه. وعلى ذلك، قرر مديرو المنجم بناء دعائم أسوار من الخشب تلاصق جوف الحفرة حول حوائطها، حتى تحول دون انهيار جدرانها الرملية أثناء الحفر.[27] وأكد دي فرانسيس لسعيد باشا أن تشييد هذه الحوائط هو أفضل طريقة توصَّل إليها نائبه الخواجة بارباروس، وهي تقنية اتبعتها المناجم الأوروبية خلال تلك الفترة. جرى شحن الأخشاب من القاهرة إلى أشوان قنا خصوصًا لهذا الغرض، وصحبها تعليمات الباشا الصارمة لبارباروس كي يستخدم هذه الأخشاب من أجل ضمان سلامة العمال.[28]
مَرّت الأشهر الطويلة، ولم تظهر أي نتيجة ملموسة للمشروع. أعرب سعيد باشا عن عدم رضائه عن عمل دي فرانسيس. طلب الخواجة من الخديوي أن يمنحه المزيد من الوقت والدعم الحكومي حتى يصل التنقيب إلى الفحم الحجري المأمول. وبعد أسابيع قليلة من انهيار جدران الحفرة، ودون أن ينتظر انتهاء الأعمال في هذا الموقع، بدأ الخواجة في الحفر في موقع آخر. طالبه مدير مديرية قنا بتقديم الأسباب لهذا الإهدار غير المُبرر لموارد الحكومة. وفي النهاية، لم تُسفر عمليات البحث الشاقة عن الفحم عن أي نجاح. بعد أن نفد صبره، أصدر سعيد باشا قرارًا بإعطاء دي فرانسيس موعدًا نهائيًّا لتقديم نتائج ملموسة: قبل بداية شهر رمضان في سنة 1858، ينبغي علي الخواجة إما أن يُقدم عيّنات مُرضية من خامة فحم جيدة، تصلح للاستخدام المحلي والتصدير، أو أن يُغلق المشروع تمامًا. ونص القرار على أن الحكومة سترفض أي طلب قد يقدمه دي فرانسيس لأجل الاستمرار في التنقيب على نفقة الدولة.[29]
وتم بالفعل وقف المشروع بعد ستة أشهر على حادثة انهيار حوائط المنجم. كان الخاسر الوحيد من تلك المغامرة هو أهالي مديرية قنا، الذين دفعوا جبرًا ثمن فشل الخبراء الأجانب والقرارات الخاطئة للدولة.
لم يكن منجم الفحم هو المشروع الوحيد من نوعه الذي فشل في مديرية قنا. فهناك أيضًا منجم الكبريت الذي حفرته الحكومة في الجبال القريبة من ميناء القصير. تستخدم مصانع البارود الأربعة المملوكة للدولة في المديرية الكبريت المستخرج من هذا المنجم. مرة أخرى، قامت الحكومة بتعيين خبراء أوروبيون لإدارة هذا المنجم، وعلى رأسهم الخواجة الفرنسي سيئ السمعة مونييه (Monier)، الذي يمتلك أبعديات ضخمة في قُرى قنا، بالمشاركة مع متخصصي مناجم إيطاليين. ومرة أخرى أيضًا جعلت الحكومة من الخبراء الأجانب شركاء كاملين لها في المشروع، يحصلون وفقًا لعقد الشراكة على ربع عائدات المنجم. يعتمد منجم الكبريت بالمثل على أنفار مجلوبين من نواحي قنا، يتحملون ظروفًا شاقة كمثل تلك التي يقاسيها زملاؤهم في منجم الفحم، ويجأرون بالمثل بالشكوى ويعربون عن مقتهم الشديد لظروف العمل به.[30]
وفي أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، بدا للجميع أن منتوج منجم الكبريت شديد الرداءة بالمقارنة بغيره. شن القناصل الأوروبيون أنفسهم وصحف بلادهم هجومًا شرسًا على المشروع بسبب سوء الإنتاج فيه. فما كان من رؤساء المنجم الإيطاليين إلا أن هجروا الموقع وانسحبوا عائدين إلى بلدهم واحدًا تلو الآخر.[31]
تابعوا الجزء الأخير من الدراسة...
1- See: Denis Jorgens, “A Comparative Examination of the Provisions of the Ottoman Land Code and Khedive Sa‘id’s Law of 1858,” in Roger Owen (ed.), New Perspectives on Property and Land in the Middle East (Cambridge, MA: Harvard University Press, 2000), 93–119; and Kenneth Cuno, The Pasha’s Peasants: Land, Society, and Economy in Lower Egypt, 1740–1858 (Cambridge: Cambridge University Press, 1992), ch. 10.
2- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، 1269-1270، ص 130-131، 22 شعبان 1270، وكذلك: محاكم فرشوط ونجع حمادي، سجل إشهادات 1 و2، 1273.
3- فيليب جلاد، قاموس الإدارة والقضاء (الإسكندرية: المطبعة التجارية- يني لاغوداكس، 1891-)، الجزء الأول، ص 182-190، وزين العابدين شمس الدين نجم، وثائق تاريخ مصر والعرب الحديث: دفتر مجموع إدارة وإجراءات 1825- 1863 (القاهرة: دار الفكر العربي، 2003)، ص 30.
4- دار الوثائق المصرية، مضابط مجلس الأحكام، ميكروفيلم رقم 434، القضية رقم 842، ص 77، 18 شوال 1275.
5- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا، ص 237، 21 صفر 1272، و2 صفر 1275، ص 245، 23 صفر 1272، ص 257، 28 سفر 1272، ص 1، غرة ربيع الأول 1275، ص 257، 28 سفر 1272.
6- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا، الجزء 10، ص 4-5، 25 سفر 1279، ص 75، ربيع الثاني 1275، ص 34، 27 ربيع الأول 1279، ص 83، 15 ربيع الآخر 1275، الجزء الثاني، صفر 1275، الجزء السابع، ص 72-73، وص 76، 6 ذو الحجة 1278، والجزء السابع، 19 ذو الحجة 1278.
7- دار الوثائق المصرية، أوامر كريمة، أمر رقم 1898، 23 جمادي الآخر 1278، وأمر رقم 1905، 24 ربيع الثاني 1279.
8- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا، الجزء الأول، ص 98، 21 سفر 1275، الجزء الثاني، ص 72، 25 سفر 1275، الجزء 13، 17 رمضان 1275.
9- دار الوثائق المصرية، صادر عرضحالات مفتش عموم قبلي، ص 32، 3 صفر 1273، ومحاكم فرشوط ونجع حمادي، سجل إشهادات 43، 1277-1278.
10- دار الوثائق المصرية، صادر عرضحالات مفتش عموم قبلي، ص 5، 15 محرم 1273.
11- انظر كتاب مفتي الدولة على المذهب الحنفي: الشيخ محمد العباسي المهدي، الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية، 7 أجزاء (القاهرة: المطبعة الأزهرية، 1883)، والفقيه المالكي: الشيخ حسن العدوي الحمزاوي، تبصرة القضاة والإخوان في وضع البد وما يشهد له من البرهان (القاهرة: المطبعة الأميرية، 1859).
12- دار الوثائق المصرية، أوامر كريمة، أمر رقم 1891، 18 حمادى الثاني 1275، وصادر مديريات، قنا، الجزء الأول، ص 67، 23 ربيع الآخر 1279.
13- لتفاصيل إحدى القضايا الخاصة بفساد قضاة المحاكم الشرعية، انظر: دار الوثائق المصرية، مضابط مجلس الأحكام، صادر الأقاليم القبلية، ميكروفيلم رقم 367، 1276.
14- دار الوثائق المصرية، محكمة قنا الشرعية، سجل تركات 10، السنوان 1277-1278.
15- دار الوثائق المصرية، صادر مديرية قنا، الجزء الأول، 1279.
16- دار الوثائق المصرية، محاكم فرشوط ونجع حمادي الشرعية، سجل 45، القضية رقم 1، ص 1، 28 سفر 1277، القضية رقم 4، ص 1، 28 صفر 1277، القضية 5، ص 1، 29 سفر 1277، القضية 9، ص 2، 29 سفر 1277، القضية 21، ص 3، 2 ربيع الأول 1277، وصادر مديريات قنا، الجزء الثاني، ص 73، 26 صفر 1275.
17- See: Anthony Giddens, The Consequences of Modernity (Stanford, CA: Stanford University Press, 1990), and Timothy Mitchell, Rule of Experts: Egypt, Techno-Politics, Modernity (Berkeley: University of California Press, 2002).
18- دار الوثائق المصرية، المعية السنية تركي، رقم 3، 4 ذو القعدة 1234، و18 ذو الججة 1241، رقم 67، 28 رجب 1251، والديوان الخديوي تركي، رقم 729، 28 ذو القعدة 1241، رقم 779، 5 ربيع الأول 1248، والمعية السنية عربي، رقم 63، 28 شعبان 1267.
19- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات، قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 8 وص 26، 3 صفر 1275، وص 14، 7 صفر 1275، وانظر أيضا: أوامر كريمة، سجل 1889، 10 ذو القعدة 1274.
20- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات، قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 8 وص 26، 3 صفر 1275، وص 14، 7 صفر 1275، وانظر أيضا: أوامر كريمة، سجل 1889، 10 ذو القعدة 1274.
21- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 86، 27 صفر 1275.
22- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 26، 3 صفر 1275.
23- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 1، 10، 13، 38، 42، عام 1275.
24- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 10 و14، صفر 1275، وص 21، 20 صفر 1275، ص 42، 21 صفر 1275، الجزء الرابع، ص 6، 27 ربيع الأول 1275.
25- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الأول، ص 10 و14، صفر 1275، وص 21، 20 صفر 1275، ص 42، 21 صفر 1275، الجزء الرابع، ص 6، 27 ربيع الأول 1275.
26- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الرابع، ص 6، 17 ربيع الأول 1275.
27- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الثاني، ص 14، 7 صفر 1275.
28- دار الوثائق المصرية، صادر مديريات قنا وإسنا، الجزء الثاني، ص 21، 19 صفر 1275، ص 42، 23 صفر 1275.
29- دار الوثائق المصرية، أوامر كريمة، أمر رقم 1891، 8 شعبان 1275.
30- دار الوثائق المصرية، المعية السنية تركي (ملخصات باللغة العربية)، سجل 45، 7 و19 ربيع الأول 1286، سجل 3، 7 ذو القعدة 1270، وصادر معية عربي، سجل 135، الجزء 8، 24 رجب 1270، ومضابط مجلس الأحكام، سجلات 1880-1881، 3 شعبان 1271، و16 جمادى الأول 1271، وصادر مديريات، قنا، ص 29، 4 ربيع الأول 1274، ومضابط مجلس الأحكام، ميكروفيلم رقم 434، القضية رقم 482، ص 77، 18 شوال 1275، وصادر مديريات، قنا، الجزء الثاني، ص 33، 2 ربيع الأول 1275، وصادر مديريات، قنا، ص 290، 11 ربيع الأول 1272، وصادر مديريات، قنا، 241، 22 و23 سفر 1272.
31- دار الوثائق المصرية، المعية السنية تركي (ملخصات باللغة العربية)، سجل 45، 7 و19 ربيع الأول 1286، سجل 3، 7 ذو القعدة 1270، وصادر معية عربي، سجل 135، الجزء 8، 24 رجب 1270، ومضابط مجلس الأحكام، سجلات 1880-1881، 3 شعبان 1271، و16 جمادى الأول 1271، وصادر مديريات، قنا، ص 29، 4 ربيع الأول 1274، ومضابط مجلس الأحكام، ميكروفيلم رقم 434، القضية رقم 482، ص 77، 18 شوال 1275، وصادر مديريات، قنا، الجزء الثاني، ص 33، 2 ربيع الأول 1275، وصادر مديريات، قنا، ص 290، 11 ربيع الأول 1272، وصادر مديريات، قنا، 241، 22 و23 سفر 1272.
ترشيحاتنا
