دراسات

أحمد عبد السلام

تسويغ العنف في تغيير المنكر في نظرية الحسبة

2023.11.29

مصدر الصورة :  "مؤمنون بلا حدود"

ترجمة: مها ريشة

 

تسويغ العنف في تغيير المنكر في نظرية الحسبة

في أدبيات الفقه الإسلامي يشير مصطلح "الحِسْبة" إلى واجب كل مسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويُستخدَم مصطلح "الحسبة" أيضًا للإشارة إلى وظيفة من يُفوَّض عمليًّا في أي بلد بأداء ذلك والإشراف على الحفاظ على السلوكيات الأخلاقية في الفضاء العام، بالإضافة إلى الإشراف على الأسواق. ويطلق على هذا المفوَّض اسم: المحتسِب[3]. وكان على الفقهاء حل معضلة كيفية "أداء فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بعد مأسسة وظيفة "الحسبة" كإحدى مهام الدولة/الحاكم.

ويتطرق هذا الجدال إلى وجه من أوجه الخلاف في سيطرة الدولة والفقهاء على الأنشطة الإسلامية[4]، ويبدو أن الازدواجية في معنى الحسبة قد أفضت إلى جدال جديد في الفكر الإسلامي، كان هذا الجدال مؤاتيًا خاصة بعد أن أصبح لفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤسسته الخاصة[5]، حدث هذا قبل أن يعلن الخليفة المأمون (حكم ٨١٣ - ٨٣٣م) تحريم النهي عن المنكر على العامة[6].

تبحث هذه الدراسة المختصرة المناقشات النظرية لمسألة: ما إذا كان يُرخَّص باستخدام العنف عند أداء الحسبة وتحت أي ظروف[7]، وبالتالي فإن مسائل كيفية تطبيق ذلك عمليًّا هي خارج نطاق هذه الدراسة. ورغم أن للجهاد - في جذور مفاهيمه وتاريخها - صلةً وثيقة بالمبدأ العام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمَّن في الحسبة أيضًا؛ فإنه لا يمكن بحث جميع هذه القضايا هنا.

يُجمع الفقهاء والمذاهب الإسلامية على اعتبار الحسبة فرضًا[8]، غير أنه لا يوجد إجماع على المسائل التالية[9]:

-        أي نوع من الفروض تتبعه الحسبة؟

-        من الذي يُفرَض عليه القيام بها، ومن الذي لا يجوز له ذلك؟

-        ما هي الطرق التي يمكن استخدامها لأداء هذا الفرض؟ وهل تتضمن استخدام العنف؟

قبل أن نتوسع في بحث هذه المسائل يجب علينا فهم طبيعة الحسبة. أساسًا يجب أن يُنظر إليها كمحاولة لإحداث تغيير مشروط لحماية النظام العام في المجتمع المسلم؛ لذلك يصف مايكل كوك في أعماله الحسبة بأنها "تقويم الخطأ"[10]، يقول كوك: "مع ذلك ففي كل ما نُقِلَ عنه لا يتحدث النبي عن "النهي عن الخطأ"، بل تقويمه مستخدما الفعل "غيَّر". أود هنا أن أنقح هذا التعريف فأقترح أن الحسبة تستهدف تغيير الأحوال والأوضاع التي لا تتفق والمعايير الاجتماعية[11] والدينية لطرفي الحسبة: المحتسِب وهو الطرف الفاعل للحسبة، والمحتسَب عليه وهو الممارس عليه الاحتساب. يعني هذا: أن الحسبة لا تُقَيَّد بالقواعد والأحكام الدينية فحسب، لكنها أيضًا مقيدة بعادات وممارسات المجتمع والعُرف[12].

يرى غالبية الفقهاء أن الحسبة فرض كفاية على المجتمع المسلم ككل[13]، غير أن الحسن البصري (المتوفى عام ٧٢٨ م) يعتبر الحسبة ف نافلة[14]، ويشرط الماوردي (المتوفى عام ١٠٥٨ م، شافعي) والغزالي (المتوفى عام ١١١١ م، شافعي) نوع الفرض بمقام المحتسب وقدرته وبشكل خاص بسلطته. ويميز الماوردي بين المحتسِب المفوَّض من قِبَل الحاكم والمتطوع الذي يؤدي الحسبة طوعًا وبلا أجر[15].

في المقابل يشير الماوردي إلى أن فرض المحتسب المفوَّض فرض عين، وفرض المتطوع فرض كفاية[16]. ووفقًا للماوردي يكتسب الحاكم مهامه الرسمية وسلطاته من خلال البيعة التي تنقل له قسمًا من فروض الكفاية الواجبة على الفرد المسلم، والحسبة داخلة في هذا القسم. وبتعيين الحاكم فردًا كمحتسِب فإنه يفوض السلطة الشرعية المنتقلة إليه بأداء الحسبة وواجبه في أدائها، وبالتالي فالمحتسِب المعيَّن ليس مخوَّلًا بأداء الحسبة فحسب، بل هو ملزم بها. ويترتب على ذلك أن يسقط عن الفرد المسلم بعض التزاماته والسلطة الملائمة لأداء الحسبة، ومن ثمَّ فالحسبة ف نافلة على المسلم من العامة لا غير، وليست فرض كفاية[17].

غير أن للغزالي رأيًا آخر؛ فهو يرى أن التكليف بالحسبة يعتمد على ظروف الاحتساب[18]. الحسبة فرض كفاية، لكنه فرض عين على من يدرك وجود ظرف أو وضعٍ منكر حوله، وعليه أن ينهى عنه. ويسقط عنه فرض العين هذا فور أداء الحسبة بأي وسيلة كانت؛ سواء تغيَّر موضوع المحتسَب فيه، أو غُيِّر، أو كان الفرد المكلَّف غير قادر على إحداث التغيير. فوفقًا للغزالي يُكلَّف بهذا الفرض الأفرادُ المتمتعون بقوة أو سلطة أكبر من غيرهم. وهكذا فهو يقرن نوع الفرض بقدرة الشخص والوضع الخاص. هنا يتفق الغزالي مع ابن تيمية[19].

ويتفق الجُبَّائي المعتزلي (المتوفى عام ٩١٥/٦ م) والقاضي عبد الجبار (المتوفى عام ١٠٢٥/١٠٢٦ م، شافعيّ)[20] وفقهاء أشعريون آخرون، مثل: العز بن عبد السلام (المتوفى عام ١٢٦٢ م، شافعيّ)[21] وجلال الدين البلقيني (المتوفى عام ١٤٠٣، شافعيّ) وكذلك ابن حجر الهيثمي (المتوفى عام ١٥٦٧ م، شافعيّ) في أن نوع الفرض يعتمد على موضوع المحتسَب فيه، أي: أن درجة الفرض المتعلق بالاحتساب تعتمد على موضوعه، مثلًا: يكون الاحتساب  نافلة طالما تعلق الموضوع بنافلة[22].

وبالنسبة لمسألة مَن المخوَّل لفرض الحسبة؟ فيرى الغزالي أن كل فرد مسلم مخول لذلك، وعلى كل فرد مسلم أداء هذا الفرض لو كان مكلَّفًا. هذا يعني: إن كان بالغًا عاقلًا مهما كان جنسه أو وضعه القانوني؛ أي: عبدًا كان أم حرًّا، وبغض النظر عما إذا كان عدلًا أم فاسقًا. إضافة لذلك لا يرى الغزالي وجوب كون المحتسَب مفوَّضًا من الحاكم، ولا يتطرق لمسألة ترخيص الدولة لاستخدام العنف إلا في الحالات التي لا يتم فيها التغيير المقصود إلا باستخدام العنف. ويوصي الغزالي في مثل هذه الحالات بالحصول على إذن الحاكم للحيلولة دون إثارة الفتنة[23].

ويرى الماوردي أن على كل فرد مسلم أداء الحسبة، ويقيِّد هو أيضًا احتساب المتطوع بالأغراض الظاهرة والمباشرة للاحتساب، حين يمكن تحقيق ذلك دون اللجوء إلى العنف. وفي المقابل يسمح للمحتسب المخوَّل من قبل الحاكم بأداء التزامات منصبه دون قيود طالما امتلك القدرة اللازمة لذلك[24]؛ يعني هذا: أن مسؤوليات المحتسِب قاصرة على العرف والقواعد الدينية الواضحة والمعروفة جيدًا، وإنزال العقوبة البدنية مقصور على القاضي ومساعديه[25]، وليس من الضروري للمحتسِب أن يكون مجتهدًا. ويشترط الماوردي فقط أن يكون المحتسِب فاضلًا، رزينًا، مولودًا حرًّا، وكفئًا لتمييز المنكرات الظاهرة[26].

وكما ذُكر أعلاه يربط الماوردي بين فرض الاحتساب وقدرة الشخص الذي يؤديه، أو استطاعته[27]. وهكذا على كل مسلم أداء الحسبة طالما توفرت فيه القدرة على أدائها[28]، ويتعلق تمييز موضوع الاحتساب بالقدرة أيضًا؛ فقد يُحدث المسلم العادي غير المؤهل بأدائه الاحتساب ضررًا أشد من موضوع الاحتساب نفسه[29]، وبالتالي يوصي ابن تيمية بأن يقتصر أداء الاحتساب على أولئك الذين يتمتعون بالمعرفة وثيقة الصلة به[30]، ويشير الماوردي إلى التقليد القديم المنقول عن أبي يعلى بن الفَرَّاء (المتوفى عام ١٠٦٦ م، حنبليّ) في كتابه المعتمد[31]، فيشترط ثلاث صفات فيمن يريد أداء الاحتساب: الفقه (المعرفة الدقيقة بموضوع الاحتساب)، والرفق (الاعتدال في أداء الاحتساب)، والحِلم (الصبر)[32]. غير أن ابن تيمية حذَّر في الوقت ذاته من اعتبار هذا الشرط حجة لإسقاط الفرض إذا لم تتوفر هذه الصفات[33].

لو حاولنا الآن بحث الصِّلة بين فرض الحسبة وقدرة الفرد الذي يؤديه، لوجدناهما يتفقان وسنة النبي صلى الله عليه وسلم عن "تغيير المنكر"، الحديث التالي منقول عن "صحيح مسلم"، ويفهم عادة على أنه يضع نظامًا تراتبيًّا لطرق التغيير كما أوصى بها النبي، لكن لا بد أن نذكر أن معظم الفقهاء قد عدلوا هذه التراتبية لتتفق مع مفاهيمهم عن الحسبة وأفكارهم.

رُوِي عن طارق بن شهاب: حدَّث أبو سعيد الخدري: سمعت رسول الله يقول: من رأى منكم منكَرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.

ووفقًا للحديث فإنه يجب تغيير المنكر باليد؛ أي: باللجوء إلى القهر مباشرة، بدلًا من ذلك صنَّفَ معظم الفقهاء طرُقَ ذلك فجعلوا النهي باللسان أولًا، وقسموه إلى ثلاثة أنواع، وربطوها بظروف الاحتساب وضرورياته، وكذلك بالأوضاع الاجتماعية لطرفي الحسبة[34]، وهذه الأنواع الثلاثة؛ هي:

- التعريف للمحتسب عليه بأنه يفعل أمرًا منكرًا، أو يوشك أن يُقدِم على فعله.

- النهي عن المنكر بالوعظ والكلام اللطيف.

- منع المنكر باستخدام السبِّ والتعنيف.

ووفقًا للفقهاء يجوز للمسلمين استخدام طرق الحسبة الثلاثة حسب الوضع، حتى إنهم حذروا من التشدد العشوائي في هذه الطرق. علاوةً على ذلك: أوضح الغزالي أنه لا يجوز للابن استخدام النوع الثالث ضد والديه.

ويجيز الفقهاء للمحتسِب استخدام العنف إذا لم تكن الطرق الشفهية كافيةً لمنع المنكر، غير أنهم لا يتفقون في أجوبتهم عن مسائل زمن أداء الحسبة، وكيفية أدائها، ومن يقوم به. 

 وبينما يجيز الماوردي استخدام العنف شرعًا من قِبَل المحتسب المفوض نيابة عن الحاكم، فإن الغزالي والجويني (المتوفى عام ١٠٨٥ م، شافعيّ)[35]، وشيخ زاده الحنفيَّ (المتوفى عام ١٨٨٧ م، حنفي) يجيزون لأي مسلم استخدام العنف شرعًا لمنع المنكر. وفي الوقت نفسه يوصي الغزالي والجويني بالحصول على إذن السلطان مسبقًا - وإن لم يكن هذا واجبًا شرعًا - لمنع الفتنة.

وفقًا لابن تيمية والتلمساني المالكي (متوفى عام ١٤٦٦ م، مالكي)[36] وآخرين فإن طرق الاحتساب تعتمد على قدرة المحتسب ونفوذه. لا يبدو أن ابن تيمية والحنابلة عمومًا - في الشرع على الأقل - قد أجازوا استخدام العنف أكثر من فقهاء منتسبين إلى مذاهب أخرى. وهكذا فإن ابن تيمية يحرِّم استخدام العنف ضد الحكام طالما أدوا الصلاة[37]، كما حذر من أداء الاحتساب المكروه دون معرفة متخصصة أو رفق أو صبر. بل على العكس فوفقًا له فإن الأداء المكروه للاحتساب هو السبيل الذي يمارس به الخوارج والمعتزلة والرافضة الحسبة والجهاد[38]، ويتوجب على أهل السنة والجماعة تحاشي العنف؛ حيث إن ذلك قد يثير الفتنة ويقصد بها هنا: الحرب الأهلية[39].

وفقًا لابن تيمية؛ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو المغزى الحقيقي وراء الجهاد والهدف النهائي له[40]، وهو كذلك الذي يُضفي الشرعية على أفعال الهيئات الحكومية (الولايات) ومِن ثَم يُسفِر عن سياسة شرعية[41]، في نفس الوقت يميز ابن تيمية بين أهل السنة والجماعة وبين الفئة الباغية وأهل الكفر كالمغول الذي أعلنهم مرتدين في فتواه الشهيرة عن "قتال التتار". وقد فرض على المسلمين قتالهم وقتالَ كل الجماعات المتمردة كالخوارج والشيعة لمنع الفتنة التي يذكرها الله في القرآن: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}[42]، فقتال الجماعات المرتدة فرض ما لم يتوبوا عن الردة ويعودوا إلى الإسلام، وطالما مضوا في تمردهم، فلا تُعقَد معهم معاهدة سلام أو اتفاقية أمن وفقًا لابن تيمية[43].

أعتقد أن لابن تيمية وجهتَيْ نظر حول استخدام العنف؛ فهو من ناحية يحذر من ممارسات الاعتداء واستخدام العنف في الحسبة، ويتعلق هذا بالشؤون الداخلية للمجتمع السني المسلم (وخاصة الدولة المملوكية)، ومن ناحية أخرى يؤيد استخدام العنف ضد الأخطار الخارجية من جماعات خارج العالم السني المسلم كالمغول والشيعة والخوارج وأمثالهم، فهؤلاء يهددون دين أهل السنة والجماعة ومجتمعَهم المسلم. علاوة على ذلك، يبدو أن ابن تيمية كان يسعى للتعاون مع الدولة المملوكية؛ طالبًا المساندة في كل مرة يذهب فيها إلى الحرب ضد أعداء الدين، ويتجنب في خطابه أي مواجهة مع الدولة المملوكية، ولا ينطق بأي شك في شرعية حكامهم. 

كان ابن حنبل أيضًا ضد العنف في أداء الحسبة، وضد استخدام السلاح على الأقل، وفي كتابه "الأمر بالمعروف" ينقل أبو بكر الخَلَّال (المتوفى عام ٩٢٣ م، حنبلي) الرواية التالية عن ابن حنبل: "التغيير يعني التغيير الذي يُحدَث باستخدام اليد لا بالسيف أو غيره من الأسلحة"[44]. يلاحظ كوك أن ابن حنبل والحنابلة الأوائل لم يسعوا حينها إلى مواجهة الدولة أو التعاون معها[45]، ويصف نظام الحسبة لابن حنبل بأنه لا سياسي تمامًا. لست على يقين من أن هنالك ما يمكن أن نسميه نظام الحسبة اللا سياسي[46]، فإذا كانت الحسبة تعني: "التغيير" أو "تصحيح الخطأ" فهذا يؤدي بالضرورة إلى فَهْم الحسبة كعملية اجتماعية سياسية. نظرًا لذلك أقترح دراسة نُظُم الحسبة في سياقها التاريخي دون التركيز كثيرًا على المدارس الفقهية التي كان بعض الفقهاء جزءًا منها. قد تكشف مثل هذه الدراسة أن بعض الفقهاء قد عدَّلوا مواقفهم تبعًا للأوضاع. وبالعودة إلى مجموعة الفقهاء الذين أجازوا استخدام القوة المباشرة في أداء الحسبة، أذكر الغزالي وأتباعه". باختصار، لقد ميز هؤلاء بين طريقتين ضروريتين لمنع المنكر باستخدام العنف[47]:

- المنع بالقهر بالطريق المباشر، كما في تخريب أداة الإثم (مثلًا: الآلات الموسيقية) أو حبس الآثم[48].

- تحذير الآثم وتهديده بالضرب، وكذلك ضربه حتى يكف عن ارتكاب الإثم (التخويف والتهديد بالضرب، ومباشرة الضرب له؛ حتى يمتنع عما هو عليه).

لكن الغزالي وأتباعه ليسوا الوحيدين الذين يجيزون للفرد من العامة استخدام العنف، فبعض الأحناف يرون أن منع المنكر شرعي حتى بالقتل إن احتاج الأمر. من ناحية أخرى فإنه حتى المالكية والشافعية الذين يجيزون استخدام القوة مباشرة لا يجيزون لأحد القتل دون إذن من الحاكم، إلا للحاكم نفسه، أو للمسؤولين المخوَّلين بذلك.

استنتاجًا مما سبق، لا بد أن نذكر أن لفقهاء المسلمين وجهات نظر مختلفة في الحسبة، ولا تعتمد وجهات النظر المختلفة هذه بالضرورة على الانتساب إلى مذهب أو اتجاه خاص، ولا تتأثر به، بل على العكس تمامًا، فالاختلافات داخل أي مذهب أكثر من أوجه الاتفاق. كذلك فالحقيقة أنه كان لمفهومَيِ الحسبة اللذَينِ اقترحهما الماوردي والغزالي (وكلاهما شافعيان) تأثير بالغ على التعريفات التالية للحسبة التي وضعها فقهاء المذاهب المتعددة حتى اليوم، ولا يمكننا القول بأن مذهبًا بعينه يميل إلى منع المنكر بطريق العنف أكثر من المذاهب الأخرى، لكن لا بد من التسليم بأن بعض الفقهاء تركوا الباب مفتوحًا لاستخدامه. 

 

[1] عنوان المقال بالإنجليزية: "The practice of violence in hisba theories

Published in: Iranian Studies, volume 38, number 4, December 2005". الدراسات الإيرانية، جزء 38، عدد 4، ديسمبر 2005.

[2] د. أحمد فهمي عبد السلام، أستاذ تاريخ التشريع في المجتمعات المسلمة بجامعة مونستر الألمانية سابقًا، والباحث في المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت حاليًّا. وهو مهتم بالتحولات الاجتماعية والقانونية في مجتمعات المسلمين، وقد حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة مارتن لوثر في هالة - فيتنبرغ، ألمانيا.

[3] سي إل. كاهن، م. الطالبي، مقالة الحسبة في الموسوعة الإسلامية.

"Cahen, M. Talibi, article hisba in Encyclopaedia of Islam"

[4] انظر: مساهمة دي. جي. تور في هذا الكتاب حول الخطوط العريضة للإطار العام لهذا النزاع.

[5] انظر: أحمد عبد السلام، مؤسسة المحتسب المملوكي - مؤسسة إسلامية في إطار التغير الاجتماعي - السياسي (رسالة ماجستير غير منشورة، هالة، ٢٠٠٤)، ٢١ - ٣٥. "Ahmed Abd-Elsalam, Das mamlukische muh_tasib-Amt—Eine islamische Institution im Kontext sozio-politischen Wandels (Unpublished MA thesis, Halle, 2004"

[6] انظر: سي إل. كاهن، م. الطالبي، مقالة الحسبة في الموسوعة الإسلامية؛ قارن مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ١٠٧. "Michael Cook, Commanding Right and Forbidding Wrong in Islamic Thought (Cambridge), 2000".

[7] تقدم أعمال مايكل كوك عن الأمر بالمعروف والنهي عرضًا شاملًا عن تطور الخطاب الديني حول الحسبة داخل المدارس الفقهية المتعددة.

لملخصٍ عن التطور التاريخي للحسبة كمؤسسة، انظر: آر. بي. بكلي، "المحتسب" بالعربية، ج٣ (١٩٩٢): ٥٩ – ١١٧.

"R. P. Buckley, “The Muhtasib” in Arabica, vol. 39 (1992)".

انظر أيضًا: كلوديا كيكينجر، الأسواق الحضرية في الشرق الأوسط (فرانكفورت، ١٩٩٧). "

 Claudia Kickinger, Städtische Märkte des Nahen Ostens (Frankfurt, 1997)".

[8] مايكل كوك، النهي عن المنكر في الإسلام (كامبردج، ٢٠٠٣)، ١١.

"Michael Cook, Forbidding Wrong in Islam (Cambridge, 2003)."

[9] مايكل كوك، النهي عن المنكر في الإسلام (كامبردج، ٢٠٠٣) ٢٧ وما يتلوها.

[10] مايكل كوك، النهي عن المنكر في الإسلام (كامبردج، ٢٠٠٣)، ٤، وانظر: مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ٣٤ وما يتلوها.

[11] مايكل كوك، النهي عن المنكر في الإسلام (كامبردج، ٢٠٠٣)، ٤.

[12] لشرح مفصل، انظر: أحمد عبد السلام، مكتب المحتسب المملوكي - مؤسسة إسلامية في إطار التغير الاجتماعي - السياسي (رسالة ماجستير غير منشورة، هالة ٢٠٠٤)، ١١ وما يتلوها، ١٥ وما يتلوها، ٦٧ وما يتلوها.

[13] انظر: محمد كمال الدين إمام، أصول الحسبة في الإسلام (الإسكندرية، ١٩٨٦)، ٥٤ وما يتلوها.

[14] انظر: محمد كمال الدين إمام، أصول الحسبة في الإسلام (الإسكندرية، ١٩٨٦)، ٤٩. انظر أيضًا: أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلّال، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بيروت، ١٩٨٦)، ٣٨.

[15] انظر: أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية (بيروت ١٩٩٢)، ٢٩٩ وما يتلوها.

[16] أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية (بيروت ١٩٩٢)، ٢٩٩ وما يتلوها.

[17] انظر: أحمد عبد السلام، مكتب المحتسب المملوكي - مؤسسة إسلامية في إطار التغير الاجتماعي - السياسي (رسالة ماجستير غير منشورة، هالة ٢٠٠٤)، ١٥-٢١.

[18] انظر: أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين (القاهرة ١٩٩٢)، ٢: ٢٣٩- ٣٤٣.

[19] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ١٠ - ٢٤.

[20] انظر: مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ٢٠٢ وما يتلوها.

[21] انظر: مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ٣٥٢، انظر: عز الدين بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام (القاهرة، ١٩٨٠)، ١: ١٠٩.

[22] انظر: محمد كمال الدين إمام، أصول الحسبة في الإسلام (الإسكندرية، ١٩٨٦)، ٤٩، انظر أيضًا: مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ٢٠٢ وما يتلوها.

[23] انظر: أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين (القاهرة ١٩٩٢)، ٢: ٣٣٩ - ٣٤٢. ترمز الفتنة لأوضاع كثيرة مكروهة من الإغواء سرًّا، مرورًا بالإخلال بالنظام العام، حتى نشوب الحرب الأهلية.

[24] انظر: أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية (بيروت، ١٩٩٢)، ٢٩٩-٣٠١.

[25] لم تظهر في الممارسة، أو الإطار النظري للحسبة؛ كما تجلت في كتاب الشيرازي، وكتاب محمد بن أحمد القرشي ابن الأخوة: للقيود التي تفرضها مسؤوليات المحتسب على العرف والقواعد الدينية الجلية والمعروفة جدًّا.

[26] أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية (بيروت، ١٩٩٢)، ٣٠٠.

[27] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ١٠.

[28] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٢٥.

[29] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٥٨-٧١.

[30] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٧٠.

[31] المصدر الذي يذكره ابن تيمية مجهول عندي. انظر: أبو يعلى بن الفرَّاء، الأحكام السلطانية (القاهرة، ١٩٦٦)، ٢٨٥.

[32] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٧٠.

[33] انظر: أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٧٠ وما يتلوها.

[34] انظر: أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين (القاهرة، ١٩٩٢)، ج ٢: ٣٤٣ وما يتلوها، مايكل كوك، النهي عن المنكر في الإسلام (كامبردج، ٢٠٠٣)، ٢٧ وما يتلوها، عبد الله محمد عبد الله، ولاية الحسبة في الإسلام (القاهرة، ١٩٩٦)، ١٤٣ و٢٢٩ وما يتلوها.

[35] أبو المعالي الجويني، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، (القاهرة، غير محدد): ٣٦٨.

[36] أبو عبد الله بن محمد العقباني التلمساني المالكي، تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر، في نشرة الدراسات الشرقية المعهد الفرنسي بدمشق، الجزء ١٩، ١٩٦٥-١٩٦٦ (دمشق، ١٩٦٧): ٦.

[37] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٦٣ وما يتلوها.

[38] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٦٣.

[39] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٦٣.

[40] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ٦٢

[41] أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام (بيروت، ١٩٩٢)، ١٠.

[42]  البقرة/٢ آية ١٩٣.م. ه. شاكر، ترجمة القرآن الكريم (طبعة أونلاين، ١٩٨٣)، ٢: ١٩٣، انظر أيضًا: أحمد بن تيمية، الفتاوى الكبرى (بيروت، ١٩٨٨) ٤: ٢٧٩-٢٩٥.

[43] سورة النساء/٤: ٢٧٩-٢٨٣ و٢٩٥-٢٩٩.

 انظر: م. ه. شاكر، ترجمة القرآن الكريم (طبعة أونلاين، ١٩٨٣) ٤: ٢٧٩-٢٨٣ و٢٩٥-٢٩٩.

[44] أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخَلَّال، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بيروت، ١٩٨٦)، ٤٤.

[45] مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ١٠١.

[46] مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي (كامبردج، ٢٠٠٠)، ١٠٦.

[47] انظر: أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين (القاهرة، ١٩٩٢)، ج٢: ٣٤٣، انظر: محمد كمال الدين إمام، أصول الحسبة في الإسلام (الإسكندرية، ١٩٨٦)، ١٠٦ وما يتلوها.

[48] انظر: محمد كمال الدين إمام، أصول الحسبة في الإسلام (الإسكندرية، ١٩٨٦)، ١٠٧.