مشاهير قالو لا!
راشدة رجبسوزان سارندون مناصرة الفلسطينيين وحقوق الإنسان
2024.04.19
مصدر الصورة : آخرون
سوزان سارندون مناصرة الفلسطينيين وحقوق الإنسان
هي واحدة من المشاهير القلائل الذين استطاعوا أن يقولوا: لا، ويقفوا في وجه الظلم مناصرةً لأي شخص أو فئة تحتاج إلى المساندة ليس في المجتمع الأمريكي فقط بل في العالم أجمع، سواء كان موقفها ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، أو العدوان الأمريكي على العراق أو غيرهما.
إنها الممثلة الأمريكية سوزان سارندون التي تميزت بمبادئ أخلاقية وإنسانية منذ الصغر؛ إذ التحقت بفرقة موسيقى ورقص وهي في السادسة عشرة من عمرها؛ لتسلية الأطفال المرضى في أحد مستشفيات إعادة التأهيل القريبة من مدينة إديسون في نيويورك حيث كانت تعيش.
وليس بغريب أن تحصل سارندون على جائزة أوسكار أفضل ممثلة، التي رُشِّحت لها أربع مرات من قبل، عن دورها في فيلم "مسيرة رجل ميت " (Dead Man Walking) (1995) إخراج: تيم روبينز. فقد لعبت دورًا يشبه شخصيتها الحقيقية التي تتميز بدفء المشاعر والتعاطف الإنساني؛ فهي هنا الأخت هيلين بريجيان، التي تناصر إلغاء عقوبة الإعدام، وهي الواعظة التي تسدي النصح لماثيو بونسليت (شون بين) الذي قام باغتصاب وقتل مراهقين، وينتظر تنفيذ العقوبة، وقد رُشِّحت سارندون للجائزة عن أدوارها في أفلام: أتلانتيك سيتي (Atlantic City) (1981)، وثيلما ولويز (Thelma and Louise) (1991)، وزيت لورنزو (Lorenzo's oil) (1992)، وفيلم العميل (The Client) (1994)، ولكنها لم تنلها، بالإضافة لتسعة ترشيحات لجائزة الجولدن جلوب عن أدوار مختلفة.
ولم يقتصر عمل سارندون الفني على أداء أدوار مهمة في عشرات الأفلام الروائية، التي نالت عن أحدها جائزة الأوسكار كما سبق القول، بالإضافة لحصولها على جائزة الأكاديمية البريطانية للفيلم، وتتويجها بنجمة في ممشى المشاهير أو ممر الشهرة في هوليوود وغيرها، بل إنها قامت بالتعليق على عشرين فيلمًا وثائقيًّا، كثير منها تناول قضايا اجتماعية وسياسية. وقد دعمت سارندون القضايا اليسارية بدءًا من التبرع لمنظمات، مثل: (Emily's List) التي تدعم مرشحات الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى عضوية وفد إلى نيكاراجوا بدعم من (Madre) وهي منظمة تدعم العدل الاجتماعي والبيئي والاقتصادي عام 1983، وتم اختيارها سفيرة لليونيسيف للنوايا الحسنة عام 1999، وحصلت على جائزة المنظمة العالمية "العمل ضد الجوع" عام 2006، كما تم اختيارها كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الفاو عام 2010، وأصبحت سفيرة لمنظمة هالو تراست (Halo Trust) لإزالة الألغام عام 2022.
ولم تكتف سارندون بمساندة القضايا الإنسانية الخاصة بالغرب، بل انتقل اهتمامها وتركيزها إلى العالم العربي؛ ففي تغريدة على تويتر، في 27 مايو عام 2021، قالت: إنها تدعم الفلسطينيين الذين يحاربون حكومة التمييز العنصري لنتنياهو، وإنها تدعو أن يستمتع الإسرائيليون أيضًا بالسلام. كما أنها تساند عارضة الأزياء الفلسطينية الأمريكية بيلا حديد لشجاعتها في التضامن مع شعبها؛ كما اشتركت في توقيع رسالة تنتقد إسرائيل لتصنيفها ست منظمات حقوق إنسان فلسطينية كمنظمات إرهابية، واقتبست كلمة ديزموند توتو، كبير أساقفة جنوب أفريقيا السابق والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1984، عن الصراع العربي الإسرائيلي "السلام الحقيقي لا يمكن بناؤه في نهاية المطاف إلا على العدالة". ولم تكتف سارندون بالدعم اللفظي، بل أيضًا شاركت بالفعل، فكانت المنتجة المنفذة للفيلم التسجيلي "سفرة" الذي يتناول تطور عربة طعام في معسكر برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت؛ حيث قامت "مريم الشعار" وهي لاجئة فلسطينية بمساعدة أخريات بتنفيذ هذه الفكرة لمشروع مطعم متنقل، وقد فاز الفيلم بجائزة منتور العربية لأفضل فيلم تسجيلي في مهرجان الجونة عام 2017.
وفي تغريدة على تويتر في يوم السكان الأصليين في الولايات المتحدة، نشرت سارندون صورة تقارن بين مساحة الأرض التي استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي من فلسطين بين 1918 و2021 وأرض أخرى في الولايات المتحدة انتُزِعت من سكانها الأصليين بين 1492 و2021.
وقد أعادت المنظمة الحقوقية "الصوت اليهودي من أجل السلام" نشر التغريدة على حسابها الرسمي، وشكرت سارندون على "دعمها لحملة إعادة الأرض للسكان الأصليين، حق العودة، وتقرير المصير في وطنهم".
وفي 17 نوفمبر 2023، هاجمت سارندون ما قامت به إسرائيل في حربها مع حماس، فقالت في مظاهرة دعم للفلسطينيين في يونيون سكوير في نيويورك: هناك كثير من الناس يخشون كونهم يهودًا هذه الأيام، ويذوقون طعم أن يكونوا مثل المسلمين في هذا البلد؛ إذ إنهم كثيرًا ما يتعرضون للعنف.
وردًّا على ذلك، أسقطت وكالة المواهب المتحدة عضوية سارندون، فاعتذرت الفنانة عن صياغة جملتها وأعادت شرحها دون أن تتنازل عن موقفها قائلة: إنها تعني أنه حتى وقت قريب لم يكن اليهود يعرفون الاضطهاد، بينما العكس صحيح الآن. فالعبارة تعني: أن اليهود يخشون هذه الأيام من تعرضهم للعنف بسبب تصاعد تيار الكراهية ضد السامية. وأضافت: كما نعرف جميعًا، من عصور القمع والإبادة الجماعية في أوروبا إلى الهجوم الإرهابي المعادي للسامية على المعبد اليهودي في بتسبرغ بولاية بنسلفانيا الأمريكية، اعتاد اليهود التمييز والعنف الديني المستمر حتى اليوم.
وقد شاركت سارندون في سلسلة فيديوهات نشرها مهرجان احتفالية فلسطين للأدب دعمًا لتحرك جنوب أفريقيا، في محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بالإبادة الجماعية في الحرب.
وفي تغريدة على تويتر، كتبت سارندون: إن إسرائيل قامت بسجن مدرس عبر عن قلقه بشأن قتل البشر في غزة؛ إذ فقد وظيفته وأُلقى به في الحبس الانفرادي.
وتذكرنا تغريدة سارندون بجملة "ميلاني بروير"، الشخصية التي لعبتها في فيلم "موسم أبيض جاف" (A Dry White Season) (1989) إخراج أوزهان بالسي، والذي يتناول نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا: عندما يتعرض النظام للتهديد، سيقومون بأي شيء للدفاع عنه.
ولا تتوقف سارندون، وهي في السابعة والسبعين من العمر، عن المشاركة في المظاهرات وحث الجميع على مساندة الفلسطينيين والدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار؛ ففي الأيام الأخيرة نشرت فيديو قصيرًا لمسيرة احتجاجية دعمًا للفلسطينيين في واشنطن، وظهر في الفيديو حشد كبير من المتظاهرين، يحملون الأعلام الفلسطينية، وبعضهم يرتدي الكوفية الفلسطينية باللونين الأبيض والأسود، التي أصبحت رمزًا عالميًّا للمقاومة الفلسطينية.
وأكدت سارندون تزايد أعداد الشهداء بسبب الوحشية الإسرائيلية والحاجة لأن يدعم الجميع تحرير فلسطين، وقالت: يجب أن نكون شهودًا حتى يتم تحرير فلسطين. أكثر من 23,357 قتلوا منهم 10 آلاف طفلٍ على الأقل، أوقِفوا إطلاق النار الآن.
وفي بوست على تويتر في الشهور الماضية كتبت سارندون: لا يجب بالضرورة أن تكون فلسطينيًّا لتهتم بما يحدث في غزة، أنا أدعم فلسطين، لا أحد حر حتى يصبح الجميع أحرارًا.
وتُعد مواقف وآراء سارندون السابقة امتدادًا لمبادئها التي عبرت عنها من قبل مناصرة لحقوق الإنسان؛ فقد أخذت سارندون وشريك حياتها السابق الممثل والمخرج تيم روبينز موقفًا مبكرًا ضد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، حيث أعلنا أنهما ضد الحرب كضربة استباقية أو وقائية. وقبل المظاهرة التي دعمها تحالف "متحدون من أجل السلام والعدالة" عام 2003، قالت: كثير من الأمريكيين لا يريدون تعريض أطفالهم أو أطفال العراق للخطر.
وكانت سارندون من أوائل من ظهروا في سلسلة إعلانات سياسية تمولها (True Majority)، وهي منظمة أسسها رجل الأعمال بين كوهن، مالك محلات آيس كريم بن وجيري. واشتركت مع سيندي شاهين الناشطة ضد الحرب، التي فقدت ابنها في حرب العراق، في مظاهرة عيد الأم عام 2006 التي مولتها منظمة (Code Pink) المرأة من أجل السلام.
وفي عام 2007، ظهرت سارندون مع تيم روبينز وجين فوندا في مظاهرة ضد الحرب في واشنطن، تدعو لاتخاذ الكونجرس خطوة لسحب القوات الأمريكية من العراق.
وهكذا فإن سارندون استمرت في الدفاع عن حقوق الإنسان، ولم تأبه بما تواجهه من استنكار أو معارضة في سبيل نصرتها.