هوامش
دار المراياصاحب الحوت! هشام سلام.. ابن الفقراء الذي وضع مصر على الخريطة العلمية
2021.12.01
مصدر الصورة : موقع الجامعة الامريكية
كتب : محمد الخولي
صاحب الحوت! هشام سلام.. ابن الفقراء الذي وضع مصر على الخريطة العلمية
التسعينيات؛ موجة الصحوة الإسلامية مرتفعة جدًا، ومصطلح "الإعجاز العلمي في القرآن" يتسيد، ومحاضرات زغلول النجار ومصطفى محمود، مسجلة على شرائط كاسيت يتناقلها الشباب بينهم، ومشايخ السلفية، يحتلون أكبر المساجد، وسوق الكاسيت، كان هناك أيضًا الشاب هشام سلام يدرس علم الجيولوجيا في كلية العلوم جامعة المنصورة.
وقع هشام كغالبية الطلبة تحت تأثير هذه الموجة، لكنه لم يغرق فيها، تمكن في اللحظة المناسبة أن يرى المشهد بصورة مختلفة، ويخلق عالمه الخاص، كأول عالم مصري في مجال الحفريات الفقارية، تنشر أبحاثه في كبرى الإصدارات العلمية في العالم، ويتحدث العالم عن اكتشافاته المهمة على رأسها "منصوراسورس".
لا يعرف هشام سلام أنه يملك ما لا يملكه الكثير غيره، يقول إنه "مصري عادي"، لكنها نصف الحقيقة فقط، مصري صحيح لكنه ليس عاديًّا.
مصري قادم من إحدى قرى الدلتا المهملة، تتبع مركز "مشتول السوق" في محافظة الشرقية، لأسرة تحاول ألا تسقط في بئر الفقر، يعيشون في تلك المساحة الرمادية التي يسميها المصريون "الستر".
يقول هشام سلام "كنا نأكل نصف كيلو لحمة كل أسبوع، وأحيانًا كل أسبوعين.. تخيل هذه الكمية كانت تكفي 8 أشخاص". وهشام هو الطفل الثاني بين ستة أخوة مقسمين؛ ثلاثة إناث ومثلهم ذكور، هو الذكر الأكبر في الأبناء، فكان الابن المدلل لوالدته، "كان أبويا يقول دائما: هشام دا ابن أمه، وكنت فعلا كذلك".
يتغير صوت هشام وهو يتحدث عن والدته، يُرجع إليها الفضل في كل ما وصل إليه الآن، "كانت تعمل ممرضة في القرية، وكانوا يسمون الممرضة حكيمة… وأمي كانت حكيمة في الوظيفة وحكيمة في الحياة"، تلخصت حكمة الست "الحكيمة" في أن التعليم الجيد هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ أبنائها من الفقر، فسعت إلى أن يحصل أبناؤها على تعليم عالي، وبالفعل حدث.
في سنة 1993 انتقل هشام إلى مدينة المنصورة ليلتحق بكلية العلوم، ويسكن في المدينة الجامعية، "كنت كأي طالب منتقل من الثانوية العامة إلى الجامعة، أحاول اكتشاف عالمي الجديد"، التزم سلام في حضور المحاضرات و"السكاشن"، لكنه لم يكن يذاكر إلا في الشهر الأخير قبل الامتحانات، "أقيم في المدينة الجامعة الشهر الأخير قبل الامتحانات وأذاكر لساعات طويلة، ونجحت بتفوق وكنت الأول على الدفعة"، استمر هذا الوضع طوال سنوات الدراسة، ليتخرج في الجامعة بتقدير عام "جيد جدًا مع مرتبة الشرف"، عام 1997، وتقرر إدارة الكلية تعيينه معيدا في قسم الحفريات، "لم أكن أعرف شيئا عن هذا العلم.. درست مادة الحفريات الفقارية مرة واحدة في العام الثاني من الجامعة.. لكني في النهاية لن أرفض وظيفة معيد لأن القسم لا يعجبني".
لم يكن هشام هذا الفتى المدلل بالمعنى الذي توحي به الكلمة، إذ نزل إلى سوق العمل في سن مبكرة، تلك المهن التي يلجأ إليها أبناء الفقراء للمساعدة على تسيير الحال، عمل في مهن كثيرة؛ في شركة لمنتجات الألبان والأغذية، ومحطة وقود، وفي صيدلية، وعامل في مزرعة دواجن، ومنجد كراسي، وفي ورشة لحام، ونقاش، وحداد، وعامل يغسل الأطباق فى قرية سياحية في نويبع، وعامل في مزرعة مانجو.
يقول "آخر شغلانة قبل استلام وظيفة المعيد، كنت بشيل رمل وزلط مع عامل بناء، حصلت منه على أجرة عشرة جنيه هي نفسها التي سافرت بيها إلى المنصورة لاستلام الوظيفة الجديدة".
في قسم الحفريات هناك فرعين للدراسة؛ الأول المعروف للجميع وهو الحفريات اللافقارية، (القواقع والأصداف والمرجان وحبوب اللقاح)، والثاني فرع الحفريات الفقارية، (الديناصورات غيرها من الكائنات الحية) لا يدرسه أحد "المصري الوحيد الذي حصل على درجة الدكتوراه في هذا الفرع، وله بعض الاكتشافات الحفرية في منطقة الفيوم، هو الدكتور يوسف شوقي مصطفى في الخمسينيات، لكنه لم يكمل الطريق واتجه نحو الموسيقى.
ترك يوسف شوقي مصطفى علم الحفريات، في ستينيات القرن الماضي، واحترف التلحين والتأريخ الموسيقي وأجاد العزف على العود، وانتقل للحياة في سلطنة عمان إلى أن توفي ودفن هناك في عام 1987.
يقول هشام إن المشكلة الحقيقية في ترك الدكتور شوقي علم الحفريات الفقارية، أنه لم يترك بعده مدرسة تكمل من بدأه، لذلك كان هذا أحد أهدافه بعدما بدأ دراسة الحفريات الفقارية.
حصل سلام على درجة الماجستير في 2003، وفشلت كل محاولته للمشاركة في الرحلات الاستكشافية، رغم أن هذه الرحلات جزء أصيل في هذا العلم، "كانت هذه الرحلات للأجانب فقط"، يقول هشام وهو يحكي عن العقبات الكثيرة التي واجهته في بداية عمله، ويضيف "طردت من مكتب مسؤول لأنني طلب المشاركة في رحلة استكشافية.. قال لي الأجانب مبيحبوش المصريين في المعسكرات الاستكشافية… قلت له اعتبرني طباخ أو سواق فطردني من مكتبه"، لم ييأس هشام وذهب إلى رئيس هذا المسؤول وأخبره أنه المصري الوحيد الذي يدرس هذا العلم، ويجب أن يشارك في هذه الرحلات، ونجحت محاولة هشام وسمح له بالمشاركة.
تمكن هشام من الحصول على منحة لدراسة الدكتوراة في جامعة أكسفورد، وانتقل إلى هناك حيث المجتمع المنفتح، والثقافات المختلفة "في البداية صنعت لنفسي قوقعة أعيش داخلها.. صحيح في انجلترا لكني أعيش بنفس العقلية التي جئت بها، أعتقد أن المصري أفضل من غيره، وأننا الأذكى وأؤمن بأن نظرية التطور كفر"، لكن هذا الوضع لم يستمر كثيرًا. قرر هشام أن يندمج في المجتمع الجديد. يشارك في الحفلات والرحلات الاستكشافية، "تغيرت كثيرًا، وأصبح لدي وجهة نظر مختلفة عن تلك التي جئت بها من مصر".
أنهى هشام الدكتوراة وقرر العودة إلى مصر، تعجب زملاؤه في الجامعة من القرار، لكنه كان أحد أهدافه التي وضعها لنفسه، "أجيب العلم دا لمصر". عندما يتحدث هشام سلام عن مصر تتزاحم تلك الشعارات الرنانة التي يرددها البعض، لكن هشام يقولها بنبرة صادقة "أنا بحب البلد دي وهدفي أعمل فيها حاجة تستمر طول العمر".
لكن الحياة في مصر ليست وردية كما يعتقد محبوها، اصطدم هشام بواقع بيروقراطي يحاول إيقافه عن التقدم، لكنه قرر ألا ييأس، بدأ في تكوين نواة لفريق عمل، يضم مجموعة من الطلاب "يلعبون علم"، تمكن هشام من الحصول على غرفة صغيرة داخل معمل الجيولوجيا بجامعة المنصورة، وجعلها نقطة الانطلاق لمشروع كبير يحلم به، مشروع "سلام لاب": "كان المشرف على المعمل يطرد الطلبة، ورأيت اليأس يتمكن منهم، فاقترحت عليهم جائزة لأكثر طالب يطرد من المعمل"، تبدو الفكرة مضحكة، لكن تأثيرها كان رائعا، "تعلمنا أن نواجه البيروقراطية بالسخرية.. وأيضًا سنواجه بها كل العقبات التي ستواجهنا بعد ذلك".
والد هشام كان موظفًا مدنيًّا في مركز الشرطة، لكنه يرى أن والدته كانت "فارسًا حقيقيًّا" تمكنت من إدارة البيت بعبقرية "صحيح كنت ابنها المدلل، لكن أيضًا أخوتي كانوا يعتقدون أن كل واحد منهم هو الابن المدلل، وهذا جزء من حكمتها".
استدعى هشام طريقة والدته في تربية أبنائها ليطبقها مع فريق عمله، فنجح هشام في خلق حالة تتجاوز حالة المعلم الأكاديمي، لتصل لمرحلة الصداقة والأبوة، يقول هشام "طريقة أمي جعلت كل واحد فينا يفكر أنه هو المدلل ودا كان له تأثير كبير في ثقتنا بنفسنا، طبقت هذه الطريقة مع الطلاب فنجحت.. عندي حكايات مع كل طالب في الفريق، وكل واحد فيهم يعتقد أنه الأقرب إليّ".
رغم هذا القرب لا يتنازل هشام سلام عن مجموعة من الشروط في فريقه، "الحفريات الموجودة في الصحراء دي ملك التراث الطبيعي المصري، ويجب أن أضع عليها حراس من الطراز الرفيع يكتشفوها ويعرفوا العالم بها.. يعتقد الكثير أن شروطي قاسية لكني أراها ضرورية".
وضع هشام سلام مجموعة من الشروط في اختياره لأعضاء الفريق على رأسها الشغف، وامتلاك الطالب عقل علمي منفتح، ويحب هذا المجال "ويجي يقعد معايا سنة في القسم عشان أعرف هل هذا الشخص يتمتع بروح الفريق والتعاون ولا هيجي يخرب الفريق.. احنا بنقعد مع بعض بالأيام في الصحراء ولازم نبقى متوافقين".
يضم فريق هشام سلام تنوعًا كبيرًا، من محافظات مختلفة، ومستويات اجتماعية مختلفة، وكذلك طلابًا من الشباب والإناث. وفكرة إقامة الفتيات في معسكر في الصحراء، أمر غير مألوف خاصة مع أن هؤلاء الفتيات القادمات من بيئات ترى أنه لا يجوز للبنت النوم خارج المنزل بشكل عام، وعلى مضض يسمح لهن الإقامة في المدن الجامعية، "أنا أول واحد يدرب بنات على الحفريات الفقارية ونجحت جدًا، لكن عانيت كثيرًا مع أهالي الطالبات، لكن لما شافوا النجاح في عيون بناتهم، الآن يفخروا بهن".
يرى هشام إنه إنسان "شبعان علم"، فلا ينسب كل شيء لنفسه، وإنما يعطي كل طالب حقه في النجاح، "بستمتع بلمعة النجاح في عيون الطلاب"، يقول هشام، ويضيف "دا انتصار في حد ذاته، عمري ما أخدت حق حد، أنا بس بحاول ابني الطلاب"، يفضل هشام أن يشبه نفسه بـ"المايسترو" الذي يختار أفضل العازفين وهو من يدير المجموعة لكن تميز أحد العازفين هو نجاح للعازف نفسه في الأساس ونجاح لـ"المايسترو" الذي اختاره ووضعه ضمن هذا الفريق.
تكللت جهود فرقة العازفين في مقطوعة تحدث عنها العالم كله؛ اكتشاف "منصوراصورس"، أحد أهم الاكتشافات الحفرية في العالم، يقول هشام، "وضعنا كفريق قبل منصوراصورس اختلف 360 درجة بعد الاكتشاف".
يرى هشام أن منصوراصورس هو "الاكتشاف الأعظم"، فهذا الديناصور هو الأول من نوعه في أفريقيا الذي يوثق آخر 30 مليون سنة من العصر الطباشيري (منذ 135 إلى 65 مليون سنة)، ويضيف "جميع الديناصورات المكتشفة من قبل كانت تنتمي إلى عصر ما قبل السينوماني، (أول مرحلة من فترة الطباشيري المتأخر، تعود إلى أكثر من 95 مليون سنة).
يشير هشام، الذي قاد الفريق البحثي، إلى أن "منصوراصورس"، أكمل ديناصور مكتشف في أفريقيا لهذه الفترة، طوله 10 أمتار، وعمره نحو 75 مليون سنة ووزنه نحو 5 أطنان، وهو وزن منخفض نسبيًّا، بالمقارنة بالديناصورات النباتية العملاقة من نفس نوعه، التي عاشت في العصر الطباشيري، والتي كان وزنها يصل إلى 70 طنًا.
وتمكن هذا الكشف من إيجاد أول دليل في تاريخ العلم يثبت وجود اتصال جيولوجي بين قارتي أفريقيا وأوروبا في هذه الفترة الزمنية، وتؤكد على أن الفقاريات الأرضية تشتتت وانتشرت بين أوراسيا وشمال أفريقيا بعد انفصال أفريقيا عن أمريكا الجنوبية قبل 100 مليون سنة.
أرسل هشام بيانات كشفه إلى الجهات الرسمية، لكن لم يهتم أحد "لم يكن لنا سابقة أعمال فكيف يثقون بنا"، لكن الدوريات العلمية العالمية، تناولت الحدث، وبدأ العالم كله يتحدث عن الكشف الجديد، "وجدنا بعد ذلك اهتماما كبير بعملنا، على سبيل المثال في الكشف الأخير فيوميسيتس أنوبيس".
نشر الكشف في دورية "وقائع الجمعية الملكية للعلوم البيولوجية" المرموقة في العلوم، وكذلك صدر به بيان من وزارة التعليم العالي، يؤكد هشام على أن تناول الحكومة مع الاكتشاف الأخير اختلف تمامًا "صدر بيان رسمي من وزارة التعليم العالي ونشره مجلس الوزراء على فيسبوك.. وهذا يحدث للمرة الأولى".
يمثل "فيوميسيتس - أنوبيس" أهمية علمية كبيرة، إذ يتمكن من سد فجوة زمنية كبيرة كان العلم حائرا فيها، وتمد البشرية بمعلومات وبيانات عن تلك الفترة من الزمن، فالعلماء يقسمون تطور الحيتان إلى خمس عائلات، تنتهي بالحيتان الموجودة بالمحيطات حاليًا، وتبدأ قبل نحو 56 مليون سنة، عندما كانت هناك حيوانات تشبه الذئاب، تعيش في المنطقة التي تعرف حاليا بباكستان، تتغذى على اللحوم، وأحيانًا الأسماك، وعندما شح الطعام على اليابسة نزل هذا الحيوان إلى البحر بحثًا عن الطعام، وانتقل نوعا ما من اليابسة إلى الماء.
في عام 1981 اكتشفت حفرية هذا الحيوان وأطلق عليها اسم " الباكيسيتس" وأظهرت خصائصه التشريحية ارتباطه بـ"الحيتانيات الحديثة"، يملك جسم حيوان بري، لكن جمجمته طويلة قريبة الشبه بجمجمة لحوت.
توالت الاكتشافات الحفرية بعد ذلك لتكشف عن سلسلة تحورات في جسد هذا الحيوان، وجدت في العائلة الثانية والثالثة، للتكيف أكثر على المعيشة في الماء، حيث استطال الذيل وتحورت عظام الحوض والأطراف، واستمرت التحورات وبدأت أطرافها الأربعة تتحول إلى زعانف تساعدها على السباحة بكفاءة، والسير على اليابسة أيضًا تشبه التماسيح التي نعرفها حاليًا، ثم تطورت أكثر لتصل إلى ما عليه الآن.
يقول هشام سلام إن الحوت المصري المكتشف مؤخرا هو من العائلة الرابعة التي تعرف باسم "بروتوستيدي"، وهذه العائلة ذاتها مقسمة إلى ثلاثة مراحل، "هي عائلة كبيرة، وبها تحورات كثيرة.. القسم الأول من هذه العائلة كانت برمائية ومنه فيوميسيتس - أنوبيس، ويسد الفجوة بين العائلة الثالثة والرابعة".
يرى هشام أن كشف "فيوميسيتس أنوبيس"، له أهمية علمية كبيرة لكنه أيضًا له أهمية شخصية لفريق "سلام لاب"، (الذي أسسه في جامعة المنصورة لدراسة الحفريات الفقارية)، فبينما كان هشام هو المؤلف الرئيسي لاكتشاف "منصوراصورس"، قاد الكشف الأخير الباحث عبد الله جوهر، أحد طلاب سلام لاب، وبذلك يرى هشام أنه يخطو خطوات جادة نحو هدفه بنقل هذا العلم إلى مصر، وخلق أجيال من العلماء يحملون المهمة ذاتها بعده، لإنارة الطريق الذي حرمت مصر منه لسنوات. يقول هشام "هذه هي الثمرة الأولى للمدرسة التي عملنا على تأسيسها.. احنا بنحتفل بفيوميسيتس على أنه جنس ونوع جديد من الكائنات الحية التي عاشت في مصر من 43 مليون سنة واحتفال بالعلماء المصريين من هذا الجيل الجديد".
ويؤمن هشام سلام أن العلم وحده هو القادر على أن يعيش للأبد "لا يزعجني الهجوم عليّ على فيسبوك، ولا أشخصن الأمور أبدًا"، بل يرى أن من واجبه أن يستمر في التأكيد على أن العلم هو علم، وما دونه شيء آخر، لا يريد أن يدخل في مواجهة مع الأديان في أي مسألة علمية، "لن نحدث أي تقدم لو فعلنا ذلك"، يقول هشام ويضيف "العلم له مقصلة، فمن أراد أن يدخل في مواجهة العلم عليه أن ينتظر المقصلة في أي لحظة، وهذه المقصلة لا ترحم أحدا مهما كان شأنه أو وضعه".
يجيب هشام على السؤال التقليدي "لماذا نبحث عن حفريات من ملايين السنين، وماذا نستفيد من ذلك"، فيقول: "في البداية المعرفة في حد ذاتها لا تقدر بمال، وعلم الحفريات الفقارية يمنحنا تلك المعرفة التي تجعلنا أكثر قدرة على التخطيط".
ويتساءل هشام؛ هل يمكن أن نسأل الآن لماذا يبحث علماء الآثار عن ملوك مصر القديمة، أو كيف كانت حياتهم؟ ويجيب على نفسه، "بالتأكيد هناك أهمية كبيرة لهذا العلم، فنحن هنا نعرف تاريخنا كبشر، وفي الحفريات الفقارية فنحن نبحث عن تاريخ الكون وهذا يجعلنا نمتلك رؤية أعظم وأشمل للكون الذي نعيش عليه".
يقول هشام إن هذا العلم أيضًا يساعد في تشكيل العقل العلمي، فعلى سبيل المثال اهتمام الأطفال بهذا العلم، يخلق لديهم عقل علمي يجعلهم ينظرون إلى الأمور بشكل مختلف، وبالتالي، حتى لو لم يعملوا في هذا المجال مستقبلا، يكون لديهم قدرة على تقييم الأمور بشكل علمي، يضيف "في دول كثيرة حول العالم نرى متاحف حفريات فقارية تذهب إليها الأطفال، بل ويشاركون في رحلات استكشافية أيضًا".
على عكس ما يعتقد البعض، يتعاطف هشام سلام مع من ينتقدونه بسبب حديثه عن "نظرية التطور"، ويرى أن المشكلة في أنهم لا يعرفون، والإنسان عدو ما يجهل بشكل عام "كنت مثلهم في يوم من الأيام وعندما اطلعت وانفتحت على العلم تغيرت أفكاري.. وأراهن على أنه إذا عرفوا تغيروا، أو على الأقل أراهن على أبنائهم، ربما يكون بينهم ألف هشام سلام".