هوامش

سيبيل دايفيس وخيمينا فيرجارا

لا هاريس ولا ترامب!

2024.11.02

تصوير آخرون

ترجمة: عمرو جمال

 

المقال الأصلي منشور على موقع Leftvoice  في تاريخ 25 أكتوبر 2024[1]

 

الطبقة العاملة فقط هي القادرة على مقاومة التحول نحو اليمين.


قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات، أصبح ترامب وهاريس في منافسة محتدمة. من الأهمية أن ننظم صفوفنا
 كأمريكيين لمقاومة فوز أي منهم.

 

مع استمرار سباق الانتخابات، فقدت حملة هاريس بعض زخمها. كان الحماس الشعبي في السابق سببًا في دفع الحملة إلى آفاق جديدة وساعد في جمع أكثر من مليار دولار. ولكن الآن تكافح هاريس لكسب أصوات المواطنين الذين لم يحسموا أمورهم بعد. وتفقد الدعم بين القطاعات التي دعمت الديمقراطيين بقوة قبل ذلك مثل الرجال السود واللاتينيين. وبعد أن اكتسبت قدرًا كبيرًا من التأييد بعد أن حلت محل بايدن وأثارت موجة ضخمة من الحماس، فشلت هاريس في طرح رؤية مقنعة لبلد يواجه التضخم والكوارث الطبيعية والوضع الدولي غير المستقر على نحو متزايد والذي يشمل صراعات خارجية لا يرغب عديد من الأميركيين في الانخراط فيها.

في هذا السياق، أعاد ترامب تموضعه ليتمكن من الفوز بالانتخابات. وتُظهِر كل استطلاعات الرأي سباقًا متقاربًا بشكل لا يصدق حيث يمكن لأي من المرشحين أن يخرج فائزًا. وسوف يتم تحديد كل شيء في حفنة من الولايات المتأرجحة. وفي هذا السياق، يتعين علينا أن نجري تحليلًا دقيقًا قدر الإمكان للموقف وأن نفكر فيما قد يحدث بعد الانتخابات وما يجب أن يكون رد فعلنا للموقف.

"شهر عسل" فاشل لهاريس

اقتحمت كاميلا هاريس السباق بعد أن أجبرت أزمة بايدن على انسحابه من الترشح. إن تغيير المرشح الرئاسي في هذا الوقت المتأخر من العملية الانتخابية يشكل شذوذًا كبيرًا جعل حملتها بأكملها تجريبية إلى حد ما. لقد حظيت بـ"شهر عسل" رائع بلغ ذروته مباشرة بعد المناظرة الرئاسية. فقد جمعت لجنة حملة هاريس الرئيسية، Harris For President، 221.8 مليون دولار في سبتمبر. ولديها 187.5 مليون دولار أخرى نقدًا في متناول اليد. ولا تشمل هذه الأرقام الأموال التي جمعتها لجان العمل السياسي المؤيدة لهاريس. وقد حافظ أداء هاريس القوي في المناظرة على زخم الحادث، حتى أنها حصلت على تأييد من تايلور سويفت وشخصيات بارزة أخرى، بما في ذلك عديد من الجمهوريين البارزين مثل ديك تشيني.
لكن بعد بضعة أسابيع، خفت الحماسة مع ظهور عيوب هاريس والديمقراطيين في الواجهة. فالديمقراطيون يخوضون الانتخابات وهم فاقدون مصداقيتهم، ويواجهون ناخبين سئموا من تدهور ظروف المعيشة، وتقدم اليمين المتطرف، وتجريد الناس من حقوقهم الديمقراطية. ويثقل على أكتاف هاريس إرث بايدن، الذي يُعرَف بأنه رئيس التضخم المرتفع، حيث هناك تضخم أسعار السلع بنسبة 25% لا يزال يسحق الطبقة العاملة. كما أشرف بايدن على الخروج الفوضوي من أفغانستان وأيضًا على الإبادة الجماعية في غزة، وهذه ملفات لا تجعله أكثر شعبية.

في الأيام الأولى من الحملة الرئاسية لهاريس، كان كثيرون متحمسين لأنها قد تنأى بنفسها عن بايدن وبالتالي تبث توقعات بالتغيير الحقيقي. ولكن في المقابلات، لم تستطِع هاريس بما فيه الكفاية تمييز نفسها عن بايدن، فقد أخبرت مضيفي برنامج View، على سبيل المثال، بأنها لم تستطِع التفكير في أي شيء كانت ستفعله مختلفًا عن إدارة بايدن. وعلى الرغم من تأكيدها أن إدارتها لن تكون مجرد أربع سنوات أخرى من حكم بايدن، فإن عبء إدارته يخفض فرصها في النجاح.

هناك تحدٍ آخر يواجه الديمقراطيين يتمثل في معارضة الإبادة الجماعية في فلسطين، والتي يلقي كثيرون باللوم فيها على إدارة بايدن. ومع استمرار الإبادة الجماعية وتوسيع إسرائيل لعدوانها على لبنان، فمن الواضح أن الديمقراطيين، بما في ذلك هاريس، على استعداد للوقوف بجانب الكيان وراء هذه المذبحة ومواصلة تسليح إسرائيل، حتى لو قالوا إنهم يريدون وقف إطلاق النار. وقد أثار هذا قدرًا كبيرًا من الغضب بين الأميركيين العرب والشباب. وقد يمتنع هؤلاء الناخبون عن المشاركة في الانتخابات أو يدلون بأصوات احتجاجية ضد هاريس.

وهذا يشكل خطرًا خاصة في ميشيغان، إحدى الولايات المتأرجحة الرئيسية، وكذلك في ولايات أخرى حيث يعتمد الديمقراطيون على الإقبال الكبير على التصويت. فضلًا عن ذلك، أصبح الديمقراطيون الحزب الذي يدعم بقوة استمرار تمويل الحرب في أوكرانيا، وهي القضية التي تثير الانقسام بين عامة الناس في الولايات المتحدة.
في الواقع، ابتعدت هاريس عن بايدن واتجهت أكثر يمينًا، ولم تنجرف يسارًا. وعلى النقيض من حملة بايدن الانتخابية، لا تريد كاميلا أن تقدم نائب الرئيس باستمرار بأنه صديق للنقابات والبيئة. لقد تبنت أيضًا برنامج ترامب بشأن الهجرة وتجنبت أي إيماءات "Woke" (مثل الدعم الصريح لحقوق المتحولين جنسيًّا) التي قد يستخدمها ترامب ضدها. تكمن قوة هاريس في الدعم الكبير الذي تحظى به من قِبَل كبار رجال الأعمال، وقد وعدت بتشريع حقوق الإجهاض إذا فازت، وهذا أحد الأسباب التي تجعل عدد النساء اللواتي يدعمنها أكبر من عدد الرجال.

سلطوية ترامب وتوسيع قاعدته الجماهيرية

من ناحية أخرى، يتمتع ترامب بدعم قوي جدًّا من الرجال. وهناك بعض التفسيرات النفسية لهذا (مثل شخصية ترامب الذكورية) وتفسيرات اجتماعية وسياسية (رد فعل عنيف على حركة Me Too). لكن بودكاست صحيفة نيويورك تايمز "The Daily" طرح تحليلًا مختلفًا في حلقة حديثة. في مقابلات مع شباب يصوتون لترامب -وهو انفصال تاريخي عن الطريقة التي يصوت بها الناخبون الشباب بشكل عام تقليديًّا- يكتشف المحاورون أسباب أخرى لانتخاب ترامب، مثل القلق بشأن قدرتهم على أن يكونوا معيلين لأسرهم. هذه المخاوف الاقتصادية تدفع دعمهم لترامب. والواقع أن الفكرة السائدة على نطاق واسع بأن ترامب أفضل من هاريس في الاقتصاد تكسب حصة جيدة من الناخبين لترامب.

إن هذا التصور، وإن بدا غير صحيح من منظور اقتصادي تقليدي، أمر مفهوم في ضوء الخبرة التي اكتسبتها الجماهير مع إدارة بايدن، لأنهم عرفوا معه زيادة التضخم وركود الأجور. لا يملك أي من المرشحين خطة للتخفيف من حدة هذه المشاكل، ولكن بصفتها عضوًا في الإدارة الحالية، تواجه هاريس مزيدًا من التدقيق والنقد. أما ترامب، فهو يستطيع أن يجتذب الناخبين بالتحدث عن السنوات الأكثر ازدهارًا نسبيًّا تحت قيادته.

وهناك قضية أخرى مهمة تتمثل في انجراف إدارة بايدن إلى اليمين في مسألة الهجرة. ويرجع هذا جزئيًّا إلى تطبيع الحزب الديمقراطي وتبنيه للخطاب والسياسات المناهضة للهجرة. فقد تكيف الحزب مع فكرة ترامب عن الحد من الهجرة بشدة. ويشكل "قانون الحدود الأكثر صرامة في التاريخ" الذي تعرب هاريس باستمرار عن دعمها إياه مثالًا على هذا التحول. وفي سياق التضخم، يشكل المهاجرون كبش فداء فعالًا لمشاكل مثل ارتفاع تكاليف الإسكان. والآن بعد أن يحاول كلا الحزبين الظهور بمظهر المتشدد في التعامل مع الهجرة، فمن المنطقي أن ينجرف الناخبون الحذرون بشكل متزايد من الهجرة إلى المرشح الذي راهن في الأساس على شيطنة المهاجرين طوال حياته السياسية.

وفي المعركة من أجل الطبقة العاملة في هذه الانتخابات، بذل تعاون ترامب وفانس جهودًا جبارة حيث قدم فانس نفسه -في المناظرة وفي أماكن أخرى- باعتباره ابنًا للطبقة العاملة. فبحسب فانس، هو يفهم مخاوفهم بشكل أفضل من الساسة الذين لا يدركون ما يحدث. وقد انضم ترامب إلى هذه الحملة، وسعى إلى جذب الطبقة العاملة من خلال حيلته الأخيرة حيث ظهر "يعمل" في ماكدونالدز، واقترح "عدم فرض ضرائب على الإكراميات" لمساعدة العمال غير المستقرين. وكانت هذه الإستراتيجية أساسية لحملة ترامب، حيث يحاول كسب أصوات الناخبين من الطبقة العاملة، سواء من النقابيين أو غير النقابيين.

وعلاوة على ذلك، تم استخدام خطاب ترامب السطحي المناهض للحرب كحجة قوية للناخبين الذين سئموا من التدخلات الخارجية للولايات المتحدة، وخاصة في أوكرانيا. إنه يعيد الآن استغلال الصورة التي له في عام 2016، حيث يصور نفسه بأنه الرجل الذي يمكن حل كل هذه المشاكل، وأنه "صانع الصفقات العظيمة"، وأنه من خارج المؤسسات السياسية، وهي تعمل ضده، وأن سياساته القائمة على مبدأ "أميركا أولًا" سوف تحل كل المشاكل. عن طريق هذه الدعاية، ظل ترامب وحلفاؤه ملتزمين برسالتهم، وألقوا باللوم على المهاجرين وإدارة بايدن بكل ما في وسعهم. حتى الدمار الأخير الذي خلفه إعصار هيلين في غرب ولاية كارولينا الشمالية تحول إلى فرصة لاتهام المهاجرين. قال ترامب مثلًا في مناسبة في ولاية كارولينا الشمالية: "لم تحصلوا على الدعم المناسب من هذه الإدارة، لأنها قد أنفقت أموالها على المهاجرين غير الشرعيين".
يأتي انجراف الناخبين يمينًا في التعامل مع قضية الهجرة جنبًا إلى جنب مع توسع قاعدة ترامب الشعبية. ويمكننا أن نرى هذا في ولايات مثل نيويورك، حيث ترامب متخلف بنصف ما خسره أمام بايدن في عام 2020. وبعد أربع سنوات من حكم بايدن، لم تعد الترامبية كلمة بذيئة. الواقع أن عديدًا من المترددين الذين لا ينتمون إلى أي حزب بدئوا تأييد ترامب. كما بدأت تنضم قطاعات من مجتمعات السود واللاتينيين -وخاصة الرجال- إلى ائتلاف ترامب. هذا يعني أن ترامب يتمتع بقاعدة أقوى وأكثر اتساعًا مما كان عليه في عام 2020. وقد حدث هذا جزئيًّا لأن بايدن والديمقراطيين ليس لديهم ما يقدمونه إلى الطبقة العاملة، ولم يتمكنوا من حل الاستقطاب، وانجرفوا يمينًا بأنفسهم، بل وحتى عززوا أقصى اليمين داخل الحزب الجمهوري. وبالتالي، فإن هذا الانجراف العام اليميني ليس نتيجة لجاذبية ترامب فحسب، بل وأيضًا لإخفاقات الديمقراطيين وتحولاتهم. وهذا الانجراف اليميني مقلق جدًّا ويتطلب استجابة من الطبقة العاملة والمضطهدين الذين سيتضررون بشدة من سياسات ترامب الرجعية والعنصرية.

الواقع أن ترامب أصبح أكثر تطرفًا في خطابه حول المهاجرين واليسار. فهو تحدث مثلًا عن استخدام الجيش الأميركي ضد: "العدو الداخلي". وأخيرًا، قال رئيس أركان ترامب السابق جون كيلي إن: "الرئيس السابق ينتمي إلى أقصى اليمين، وهو بالتأكيد سلطوي، ويعجب بالأشخاص الدكتاتوريين، ولقد قال ذلك بالفعل. لذا فهو بالتأكيد يندرج ضمن التعريف العام للفاشي، بكل تأكيد". ما إذا كان ترامب فاشيًّا بالتعريف السياسي والاقتصادي هو سؤال معقد أكبر من أن نناقشه هنا. ولكن ما يمكننا قوله هو أن كيلي محق في أن ترامب يميني متطرف ويريد اتخاذ تدابير أكثر استبدادية. ولكن دعونا لا ننسى أن الأشخاص الذين أرسلوا رجال الشرطة لفض المخيمات وتعاملوا مع الطلاب بوحشية كانوا في العادة ديمقراطيين. فهم أيضًا ينجرفون نحو استبداد متزايد (وإن لم يكن بشكل صارخ وسريع مثل ترامب). وذلك لأن الدولة تحتاج إلى الاستبداد للسيطرة على التناقضات العنيفة في اللحظة الحالية. وكما أظهرت الحركة من أجل فلسطين، فقد أصبح استخدام العصا أكثر من استخدام الجزرة، ويعمل الديمقراطيون الآن مع سلطات الجامعات لقمع الحركة الطلابية بشدة.

لا هاريس ولا ترامب: تقلبات الانتخابات والنضال من أجل جبهة موحدة

من المستحيل التنبؤ بنتيجة الانتخابات، لأن عديدًا من العوامل تلعب دورًا، والوضع الدولي والمحلي متشابك وسط اضطرابات عالمية. أظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث اخيرًا أن 75٪ من الناخبين يعتقدون أنه إذا فاز ترامب في الانتخابات، فإن هاريس والديمقراطيين سيعترفون بالهزيمة، وأنه إذا فازت هاريس في الانتخابات، فإن ترامب سيعترض. ووفقًا لمركز بيو، ما يقرب من ضعف عدد مؤيدي هاريس (61٪) مقارنة بأنصار ترامب (32٪)، يرون أنه إذا خسر مرشحهم الشهر المقبل فمن المهم جدًّا بالنسبة إليهم الاعتراف بالمرشح المنافس كرئيس شرعي.

ورغم أن إحدى إستراتيجيات الديمقراطيين تتمثل في تخويف الناخبين من شبح السادس من يناير، فإن الشعور العام هو أن هذه الانتخابات قد تؤدي إلى عنف سياسي. ووفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث، فإن 60% من الناخبين يقولون إن التهديد بالعنف ضد القيادات السياسية وأسرهم يشكل مشكلة كبرى. لقد فتحت الاحتجاجات الترامبية "أوقفوا السرقة"، والتي بلغت ذروتها بالهجوم على مبنى الكابيتول، أزمة مؤسسية وسياسية تاريخية للنظام الثنائي الحزبي. ومع ذلك، تمكن بايدن من بناء جبهة موحدة ضد التهديد الذي تتعرض له "الديمقراطية" الأمريكية. لكن يخشى المحللون أن يكون هذا العام مختلفًا.

وكما تقول ريبيكا بالهاوس وماريا تيمز من صحيفة وول ستريت جورنال: "من المرجح أن يكون الشهر المقبل مختلفًا إذا خسر ترامب مرة أخرى. فقد بذل الرئيس السابق وحلفاؤه في السنوات الأربع الماضية مجهودًا كبيرًا ليصبحوا أكثر تنظيمًا وأفضل تمويلًا وأوسع نطاقًا بكثير للطعن في النتيجة -ومن الممكن أن تكون حملة شبيهة لـ"أوقفوا السرقة"- إذا لم ينجح في الانتخابات."

لقد غذت شبكة سرية من المتبرعين من الحزب الجمهوري والمليارديرات المحافظين هذا الجهد، حيث أعطوا أكثر من 140 مليون دولار لنحو 50 مجموعة غير مترابطة تعمل على ما يسمى بنزاهة الانتخابات، وفقًا لمراجعة وول ستريت جورنال لملفات لجنة الانتخابات الفيدرالية والملفات الضريبية وغيرها من السجلات. ومن بين المتبرعين منظمات مرتبطة بمليارديرات ولاية ويسكونسن ريتشارد وإليزابيث أويهلين ومؤسس Hobby Lobby ديفيد جرين.

 كل هذا يعني أنه إذا فازت كاميلا هاريس في الانتخابات، فمن المرجح أن يتم الطعن في نتيجة الانتخابات أمام المحكمة، جنبًا إلى جنب مع المظاهرات في الشوارع التي لا يمكننا التنبؤ بطابعها. في يوم الانتخابات، قد يحاول أنصار ترامب ترهيب الناخبين من الأقليات ومنعهم من التصويت. إذا فاز ترامب، فمن المرجح أن يستسلم الحزب الديمقراطي. إذا حدث ذلك، فسوف يعاني الحزب الديمقراطي من هزيمة عميقة سيلقي باللوم فيها على جناحه التقدمي، حركة فلسطين، أو جيل شتاين. ولكن اللوم عن أي هزيمة سوف يقع على عاتق الديمقراطيين وحدهم. فالحزب أصبح مقبرة المطالب الاجتماعية التقدمية، والآن تدرك قطاعات واسعة من الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة والمضطهدين هذا.

نحن في فترة انتقالية غير مستقرة، ولكن لا ينبغي لنا أن نجلس مكتوفي الأيدي، نقرأ استطلاعات الرأي ونشعر بالقلق. بل يتعين علينا أن نبدأ في بناء قواتنا الآن للتنظيم ضد من يفوز في الانتخابات. فقد وعد كلا المرشحين بمزيد من تمويل الإبادة الجماعية في غزة، ومزيد من الهجمات على المهاجرين، ومزيد من الانحناء أمام رأس المال. كما وعد ترامب بمزيد من القمع -علينا فقط أن ننظر إلى تعليقاته المروعة عن "العدو الداخلي" وتهديداته باستخدام الجيش ضد "اليساريين المتطرفين"- ومزيد من الهجمات على المضطهدين والعمال بشكل خاص. لا يجوز لنا أن نكون غير مستعدين لهذه الهجمات. على سبيل المثال، تظل الحاجة إلى النضال من أجل حماية المهاجرين ملحة، بغض النظر عمَّن يتولى السلطة في يناير، ونحن في حاجة إلى الاستعداد لمقاومة هذه الهجمات بكل قوتنا.

إنها لحظة صعبة على مستوى الوطن. لقد تم الكشف عن نفاق الحزب الديمقراطي ومصالحه الحقيقية أمام الجميع، ويواصل اليمين المتطرف المؤيد لترامب مسيرته. يجب أن نقاوم الديمقراطيين بينما نكافح بكل قوتنا صعود ترامب واليمين المتطرف. للقيام بذلك، نحتاج إلى جبهة موحدة تتألف من نقاباتنا ومنظمات الحركة الاجتماعية التي تنظم بشكل مستقل عن الحزب الديمقراطي. نحن في حاجة إلى الجمع بين حركة فلسطين وحركة العمل الجديدة وغيرها من الحركات الاجتماعية المهمة لمحاربة ترامب وهاريس بيد واحدة، بغض النظر عمن يفوز. لن يكون تشكيل هذه الجبهة الموحدة أمرًا سهلًا بالضرورة، ومن المرجح أن نضطر إلى استخدام التنظيم الذاتي من الأسفل لفرض جبهة موحدة على قادة النقابات ومنظمات الحركة الاجتماعية.

يجب تنظيم هذه الجبهة الموحدة من القاعدة الشعبية من خلال الجمعيات المفتوحة للمشاركين من أي اتجاه، حتى تتمكن الأجنحة السياسية والمنظمات المختلفة داخل الجبهة الموحدة، جنبًا إلى جنب مع المستقلين، مشاركة وجهات نظرهم والدفاع عن الخط السياسي الذي يبدو صحيحًا.

لا يمكننا أن نمنح الحزب الديمقراطي دعمنا، ولا ينبغي لنا أن نتجاهل التهديدات الحقيقية التي يشكلها ترامب. أيًّا كان الفائز، فسوف نحتاج إلى النضال لحماية حقوقنا والفوز بمطالبنا. ونأمل أن ينشأ من هذه الجبهة الموحدة حزب سياسي جديد، حزب العمال والمضطهدين الذي يناضل من أجل الاشتراكية. إن الحاجة إلى بناء بديل سياسي للأحزاب الحالية أمر بالغ الأهمية، ولكن النضال في الحاضر لا يقل أهمية. لذا يتعين علينا أن نجمع بين هذين الهدفين معًا ونبني الجبهة الموحدة بسياساتنا المفتوحة وشعاراتنا الواضحة. ويتعين على الطليعة واليسار الاشتراكي تبني برنامجًا ثوريًّا والانضمام معًا لوضع الأساس لحزب سياسي جديد للطبقة العاملة، حزب يرفع عاليًا راية الاشتراكية.


1- https://www.leftvoice.org/neither-harris-nor-trump-only-the-working-class-can-fight-the-rightward-shift/