الأقباط والعمل الأهلي

دينا عزت

الأقباط خارج أسوار الكنيسة – الجزء الأول

2024.07.27

مصدر الصورة : آخرون

أين يقف أقباط مصر اليوم من السياسة؟

 

لم تتجاوز أعداد المختارين لحقائب وزارية في الحكومة التي أعلن عنها في الثالث من يوليو 2024 العدد المعتاد من المسيحين، كما هو مستقر منذ وصول النظام الحالي إلى الحكم في صيف 2013 بعد أن أطاحت تظاهرات 30 يونيو بحكم محمد مرسي الرئيس القادم للحكم من صفوف جماعة الإخوان المسلمين في أعقاب ثورة يناير 2011. وفعليًّا لم يتجاوز هذا العدد، وكذلك بالنسبة إلى المحافظين، العدد الذي كان قائمًا خلال حكم حسني مبارك الرئيس الذي فتح أبوابًا كانت أغلقت بدرجة واضحة، منذ بداية حكم نظام يوليو 1952، نحو وصول المسيحيين إلى مناصب رفيعة في البيروقراطية المصرية، مع استثناء مناصب كانت وبقيت متاحة قطعيًّا لمسلمي الديانة. 

لا يعبأ مينا، الطالب الجامعي الذي يدرس علوم الكمبيوتر في إحدى الجامعات الخاصة، بالأمر في المجمل. "الموضوع كله مش مهم، هو مين يعرف الناس اللي في الحكومة دي أصلًا". ويقول الشاب الذي يعيش في أحد أحياء شرق القاهرة التي تعرف تجمعًا سكانيًّا متماسكًا للأقباط بالقرب من كنيسة العذراء في حي الزيتون، إن المساحة الممنوحة للمسيحيين في المناصب العليا للجهاز البيروقراطي المصري لا تعنيه ولا تؤثر فيه بأي شكل. "المسيحي موجود في القطاع الخاص وبيحقق نجاحات وبيسافر وبيحقق نجاحات، ومين عايز يكون في الحكومة ولا في الوزارة". 

أما والد مينا، عدلي، الرجل الخمسيني الذي انتقل إلى القاهرة، من الدلتا، في مطلع ثمانينيات القرن الماضي للالتحاق بكلية التجارة، ثم جاء استقراره وزواجه في العاصمة، فينظر إلى الأمر بصورة مختلفة لأنه يعتقد أن استوزار المسيحيين وتعيينهم في مناصب رفيعة هو أمر مهم لأن الدولة بذلك "بتأكد على على إن المسيحي له حق في كل حاجة في البلد، وطبعًا مفروض يكون العدد أكبر من كده، على الأقل بالنسبة إلى عدد المسيحيين في مصر". 

لا يوجد عدد حصري لسكان مصر من الأقباط وغيرهم من المسيحيين وتتراوح النسبة كثيرًا ما بين خمسة إلى عشرين في المئة من مجمل التعداد المصري للسكان المتجاوز 100 مليون. لكن في كل الأحوال فإن أقباط مصر هم التجمع المسيحي الأكبر، ربما في كل البلدان الشرق أوسطية، بعد تراجع عدد المسيحيين المقيمين في هذه البلدان لأسباب الهجرة بحثًا عن حياة أيسر، كما أن وجود كنائس تتبع طوائف مسيحية متعددة في القاهرة وغيرها من المحافظات يذكِّر بتاريخ وجود مسيحي متنوع يشمل الكاثوليكي والبروتستانتي بجانب المكون القبطي الأرثوذوكسي، وهو الأكثر شيوعًا. 

الكنائس أولًا؟ 

الجدل، المستتر دومًا، حول حقيقة عدد المسيحيين المصريين مرتبط بسؤال أكثر جوهرية وحساسية من نسبة المختارين للوظائف الرفيعة في البيروقراطية المصرية أو حتى في الجامعات أو المستشفيات الحكومية، لأنه يرتبط فعليًّا بعدد الكنائس المسموح بإنشائها وأماكن إنشاء هذه الكنائس. وبحسب عدلي، فإن "الشيء الذي يحسب فعليًّا" لنظام الحكم الحالي "إللي طبعًا كان مدعوم بشدة من المسيحيين، وما زال الحقيقة رغم الضجر من الاقتصاد واحوال المعيشة" إنه حقق "طفرة في بناء الكنائس وترميمها". 

ويقر عدد من الناشطين المعنيين بتتبع حقوق المسيحيين في مصر بأنه خلال الأحد عشر عامًا الماضية، بأنه أصبح من المستقر أن المدن والأحياء الجديدة التي يتم بناؤها يتاح فيها بصورة تلقائية إقامة كنيسة، عادة ما تكون أرثوذكسية بالنظر إلى الغلبة الطائفية للأقباط الأرثوذكس، كما أنه تم السماح بتقنين أوضاع عدد غير قليل من الكنائس في الدلتا والصعيد إلى جانب رفع المعوقات التقليدية حول ترميم الكنائس وذلك من خلال لجنة مخصصة لهذا الغرض تم إنشاؤها مع نظام الحكم الحالي وتعمل بالإشراف المباشر لرئيس الوزراء. 

لكن مينا، الذي يستعد خلال عامين للانتهاء من دراسته الأكاديمية وطرق آفاق الهجرة خارج مصر للبحث عن "شغل وعن حياة"، غير مهتم أيضًا بالتوسع الذي سمح به النظام الحالي في بناء وترميم الكنائس في مصر ولا يرى فيه ميزة مهمة ولا يعتقد أنه منحة، "عادي يعني إن الناس يكون لها مكان تصلي فيه، لو كان ده مش بيحصل قبل كده وأصبح بيحصل فده تصليح خطأ مش أكتر". ويضيف بأنه لا يقبل أن يكون مسألة بناء الكنائس محل "دعاية سياسية"، "مش مفروض، دي حاجة لازم تتعمل فعادي يعني". 

لكن كارولين كامل، الكاتبة والناشطة المصرية، تقول إن الكنائس بالنسبة إلى المجتمع المسيحي لا تعبر بالضرورة عن الارتباط الديني، أوعلى الأقل ليس بصورة حصرية. فالتواجد في أيام الأعياد، على سبيل المثال، بحسب كامل، سواء جاء متبوعًا أو مسبوقًا أو حتى موازيًا للمشاركة الأسرية في القداس الخاص بالعيد هو في جانب كبير منه نشاط اجتماعي من الأساس، "الموضوع مرتبط بالتواجد الجماعي الذي يعزز شيء في النفس، مش بالضرورة بالصلاة". 

وتروي كامل عن والدها قصة ما كان في عقود المنتصف من القرن العشرين، عندما كان أبناء المجتمع المسيحي في إحدى مدن الدلتا، وفي قراها أيضًا، يذهبون إلى قداس عيد الغطاس -الذي يحل بعد نحو أسبوعين من احتفال الأقباط المصريين بعيد الميلاد في السابع من يناير- وهم يحملون الفوانيس المحفورة في قلب مفرغ للبرتقال ليضيء ظلمة الطريق وسط الطرق أو وسط الحقول في اتجاه الكنيسة. وتقول: "هذا فعل اجتماعي جمعي تلعب فيه الكنيسة دورًا هامًّا من حيث كونها المقصد أو مقر التجمع، وهي في هذه الحالة جزء من صورة شاعرية لناس يحملون فوانيس لها رائحة جميلة يسيرون في الظلام باتجاه جهة مضيئة، هذا ليس فعل ديني، هذا فعل اجتماعي بالأساس". 

وكانت الوجوه القبطية السياسية المعروفة مثل الراحل أمين إسكندر السياسي المصري الناصري المعروف يحذر دومًا في مقالته من الانزلاق في نقاش بناء الكنائس وتأمينها ويرى أن هذا الأمر في ذاته هو خيار غير موفق من الأقباط الذين يجب في رأيه أن يكون حديثهم عن استحقاقات المواطنة الكاملة وليس عن استحقاق بناء كنيسة هنا أو هناك، لأن "مسألة الكنائس"، في رأيه، يجب أن توضع في الإطار الأوسع الذي يتم التعامل معه جنبًا إلى جنب مع أشكال من التمييز المتعمد التي من بينها تجاوز الكفاءة الأكاديمية للعمل في مجالات متعددة بسبب الديانة أو حرمان غير معلن لليافعين من الأقباط من فرصة الانضمام إلى فرق كرة القدم بسبب الديانة. 

وفي مسعي لتجاوز هذا الحرمان قامت الكنيسة المصرية القبطية قبل عامين بإطلاق مشروع نادي يحمل اسم "عيون مصر" يتيح الفرصة للعب كرة القدم للأقباط، لكن المشروع لم يذهب بعيدًا بعد ما أثاره من حساسية سياسية ومن انتقادات كان جزء مهم منها من قلب السياق القبطي. ولم يكن المشروع فعليًّا محل تقدير من القيادات البارزة في المجتمع القبطي لأنهم كانوا يرون فيه بداية لتموضع قبطي على هامش المجتمع، حتى لو أن المشاركة في هذا الفريق كانت ستكون متاحة للمسلمين. 

 لكن سميرة، الثلاثينية التي تعيش في حي المنيب بمحافظة الجيزة، كان لها رأي آخر من واقع التجربة حيث أضنتها محاولات متكررة ومتعددة من أجل إلحاق ابنها المولع بكرة القدم بفريق أي من الأندية، لأن كرة القدم في رأيها هي مساحة قاصرة على مسلمي الديانة، "نصحته يلعب حاجة تانية، سباحة ولا جودو، قلت له هاخده يتمرن في أي مركز أو أي مكان لكن هو بيحب محمد صلاح ونفسه يبقى زيه". 

 لم يفكر بيشوي، تلميذ الصف الإعدادي، ابن سميرة، في ديانة محمد صلاح عندما قرر وضع صورته على الحائط في غرفة نومه جنبًا إلى جنب مع صورة يسوع المسيح التي وضعتها جدته نرجس عند والدته. لكن حسب سميرة، فإن ديانة بيشوي كانت حتى الآن عائقًا أن يسير بيشوي على طريق محمد صلاح. 

وفي حين أن نادي عيون مصر وصف في العديد من الدوائر بأنه تأكيد للنفي القبطي داخل المجتمع وفتح الباب أمام جيتوهات رياضية، إلى جانب التخوف من تحزبات طائفية مثيرة في حال المواجهة بين فريق عيون مصر وفريق آخر يغيب عن لاعبيه أي من أبناء الديانة المسيحية. وبالرغم من الوعود الرسمية التي أطلقها في حينه عدد من المسؤولين بشأن إزالة العوائق غير المرئية حول التحاق الفتية من الأقباط بفرق كرة القدم عمومًا، فإن عام 2022 وما تلاه من عام 2023 لم يشهدا التغيير الموعود. 

 وتقول سميرة إن الأمر لا يتعلق فقط بإلحاق الأولاد مثل ابنها بفريق جاد لكرة القدم للناشئين ولكن أيضًا بأن يكون له مشاركة فعالة وأن "يلعبوه بجد مش يحطوه وخلاص والولد يكتئب". وتقول سميرة إن ابنها سألها يومًا في بداية مسعى الانضمام إلى أحد الفرق المهمة لو كان الأمر سيختلف لو لم يكن اسمه واضح المسيحية، "قال لي هو علشان اسمي بيشوي ما انفعش". وتضيف أن بيشوي كان ينظر أحيانًا بأسى إلى الصليب الموشوم على يده اليمني في إدراك أن ديانته تقف عائقًا بين حلمه لسبب لا يفهمه بالتحديد ولا تجد هي الوسيلة لشرحه. 

الكاهن والصليب 

في كتابه "كنت طفلًا قبطيًّا في المنيا"، يصف مينا عادل جيد -الذي ولد في الصعيد في الثمانينيات من القرن الماضي لأسرة متوسطة- الحرص المتزايد لدى الأقباط على وشم الصليب على اليد اليمني لأبنائهم وبناتهم، و"يرسم على الرسغ لأبناء المدن وعلى ظهر اليد اليمنى في القرى". 

لم يكن والد مينا، كما جاء في كتابه، راغبًا في وشم الصليب على يد ابنه اليمنى لأنه كان يخشى التلوث الناجم عن هذه الممارسة والتي عادة ما كانت تتم في مناسبات جماعية مثل الاحتفال بمولد العذراء أو أحد القديسين. لكن مينا، بحسب ما يقول، أصرَّ على أن يرسم الصليب على يده لأنه خشى أن ينظر إليه نظرة دونية في المجتمع القبطي لو لم يفعل ذلك حيث كان يخشى أن ينظر إليه على أنه لا يحترم عقيدته المسيحية. 

 تقول فاطمة، مدرسة سابقة في إحدي المدارس الإعدادية بالقاهرة، فإن الثمانينيات شهدت "نقلة كبيرة في موضوع أسماء الأولاد والبنات المسيحين"، "لغاية السبعينيات الأسماء كانت عادي للكل، أماني وأيمن، ونهي وكامل، طبعًا كان في أسماء مميزة لكل ديانة زي محمد أو عبدالمسيح، لكن الأصل إن عادة الأسامي ماكنتش بتكون مميزة"، حسب ما تتذكر. 

 وتضيف المدرسة التي بدأت عملها في منتصف السبعينيات بأن ظاهرة الأسماء الدالة على الديانة بين المسيحيين انتشرت بشدة بعد أزمات الفتنة الطائفية قبل اغتيال أنور السادات في أكتوبر ١٩٨١ وبعدها مباشرة. وبعد ذلك في التسعينيات، كما تضيف، أصبح هناك زيادة في استخدام أسماء لم تكن مألوفة في المجتمع المصري من صحابة الرسول. 

 وتقول سميرة إنها اختارت اسم بيشوي لابنها تيمنًا بكاهن كنيستها الذي كان يرعاها. وتضيف بأن انتشار الأسماء ذات المدلول الديني بين المسيحيين، وهي في الأغلب الأعم أسماء لقديسين، "بالفعل" جاءت رد فعل لما شعر به الأقباط بأنهم مستهدفون بشكل أو آخر مع أحداث الفتنة الطائفية التي بدأت في أواخر عهد السادات واستمرت طوال عقد التسعينيات خاصة في الصعيد. 

 وتضيف فاطمة إن العقد الماضي شهد منحى جديدًا في أسماء التلاميذ المسيحيين، ليتم استخدام المنطوق الإنجليزي للأسماء المسيحية بحيث أصبح هناك توجه نحو جورج ومايكل بدلًا من جرجس وميخائيل وكذلك نحو أسماء فتيات أجنبية أكثر منها مسيحية صرفة مثل فيفيان وكارولين. 

وتقول كارولين كامل إن اللجوء إلى هذه الأسماء يبدو معبرًا عن نية أو رغبة، ربما لا تكون واضحة تمامًا في ذهن الأهل، إن أبناءهم سيحتاجون يومًا إلى الهجرة خارج مصر وبالتالي فإن أسماء مثل كارولين وفيكتوريا -اسم بطلة روايتها الأولى التي حازت اهتمامًا واسعًا وجائزة أدبية- ومايكل وجون ميسرة لأفق ما في لحظة ما من المستقبل. 

وتقول كارولين كامل فإن مثل هذا الاختيار ربما يعبر في داخله عن الخوف من عدم الاندماج الذي يسيطر على الذهنية القبطية في مساحات غير قليلة من المجتمع المصري، خاصة في الأرياف مثلًا. 

 ولا يمثل حديث كارولين كامل عن عدم الاندماج، خاصة على مستوي الأطفال، مبالغة، فإلى جانب تعثر انضمام الأولاد إلى فرق كرة القدم، فالأرياف تعرف بالتأكيد ما يعرف بفصل المسيحيين، حيث يجمع كل الأطفال المسيحيين أثناء حصة الدين الإسلامي في حال عدم وجود مدرس للديانة المسيحية، أو في سيناريو أسوأ يتم تجميع التلاميذ المسيحيين من صف بعينه إذا كان عددهم كبيرًا بما يكفي ليكونوا بمعزل عن الاختلاط بالمسلمين من التلاميذ. 

سؤال المواطنة

حزن بيشوي على عدم قدرته تحقيق حلمه هو أطول من حزن شنودة، الطفل الذي تبنته أسرة مسيحية بعد أن وجدته وليدًا متروكًا في باحة إحدى الكنائس وأسمته شنودة قبل أن تتحرك الأجهزة المعنية في الحكومة لإبعاد الطفل عن أسرته بالتبني، بسبب عدم وجود أوراق تبني رسمية، ولتغير ديانته إلى الإسلام الديانة الرسمية للدولة التي يتم تمريرها لكل الأطفال الذين لا يتم التعرف على هوية ابويهما أو أحدهما ثم تغير اسمه من شنودة إلى يوسف. 

وكثيرًا ما كان يرجع أقطاب الناشطين الأقباط السياسيين، مثل الراحلين أمين إسكندر وجورج إسحاق، على تباين توجهاتهم السياسية بين الناصري والليبرالي، الحال الراهن من أشكال التمايز الطائفي إلى تراكمات إطلاق "سياسي متعمد" للفكر الطائفي منذ حكم الرئيس الأسبق أنور السادات، أسهم فيه ارتياح الكنيسة لتكتل قبطي خلف أسوار الكنيسة وارتياح الدولة إلى أن يكون الأقباط كلًّا واحدًا تتم مخاطبته من خلال التخاطب مع رأس الكنيسة. 

 وبالنسبة إلى هذا الجيل من أقطاب السياسة فإن بناء كنائس جديدة أو تقنين كنائس قديمة لم يكن يمثل الحل المبتغى للتعامل مع سؤال الأقليات، وكان هؤلاء يصرون على أن السعي القبطي الجاد إلى المواطنة هو الحل وهو ما يستوجب أن يتحرك كل من يتعرض لغبن إلى القضاء أو إلى النقاش العام لشرح وإنهاء التمييز الواقع عليه. ويلوم على من يطالب الكنيسة بالتحرك لفعل هذا أو فعل ذاك للمطالبة بحقوق الأقباط على صعيد أو آخر "الناس هي اللي تتكلم مش الكنيسة" لأن "الكنيسة مكان للصلاة وليست مكان لأسئلة المواطنة". كما وأنهم يتفقون على أن استقرار المواطنة المتساوية ليس بالأمر الممكن تحقيقه في جولة واحدة. 

 وبحسب الدساتير المصرية المتتالية فإن المصريين كلهم متساوون في الحقوق والواجبات، غير أن المادة الثانية من الدستور، وهي مادة مستقرة تمامًا، تقول بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وذلك منذ التعديل الذي أدخله الرئيس الراحل أنور السادات على المادة التي كانت تقول بأن الشريعة الإسلامية هي أحد المصادر الرئيسية للتشريع. 

 تشير مي مجيب، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إلى أن سؤال المنطوق الدستوري أو منطوق القوانين ليس بالسؤال الأساسي مقارنة بالثقافة السائدة، وتقول إن الحديث عن حقوق الأقباط هو حديث خاطئ لأن الأصل في الأمر بالنسبة إلى المجتمعات المستقرة أن تكون الحقوق للمواطنين كونهم مواطنين بعيدًا عن انتمائهم الديني. 

ومر السعي القبطي إلى المواطنة المتساوية بمحطات متتالية عبر القرنين الماضيين، منها رفع الجزية والمساواة في التجنيد، في منتصف القرن التاسع عشر، حيث كان دفع الأقباط للجزية منذ حكم العرب لمصر في القرن السابع يعفيهم من التجنيد، ليلي ذلك تحرك متشارك بين المسلمين والمسيحيين في مظاهرات ثورة 1919 وما تلا ذلك من رفض قيادات قبطية أن يتضمن دستور 1923 ضمانات للأقليات. 

 لكن في عام 1934 قام وزير الداخلية في حينه عبد الفتاح يحيى باشا بوضع عشرة شروط لبناء الكنائس رأى كثير من القيادات السياسية والدينية القبطية في حينها أنها شروط بالغة الصعوبة. مع هذا لم يعرقل هذا الأمر استمرار التواجد المسيحي بشكل أو آخر في السياسة، بما في ذلك تشكيل الحزب الديمقراطي المسيحي في أواخر الاربعينيات، وكان حزبًا مناهضًا للوفد ومواليًا للسراي. 

.....

للحديث بقية