فنون

شيماء ياسر

المحرِّر الأدبي.. ما له وما عليه

2024.06.01

مصدر الصورة : آخرون

عين النقد المحايدة على النص

تعتبر مهنة المحرر الأدبي في مصر والعالم العربي مهنة حديثة نسبيًّا، فلم يتجاوز عمرها بشكلها الشائع أكثر من 20 سنة. وما بين الصحيح والفصيح والمُجاز، تدور عملية تحرير النص بشكل عام، والأدبي بشكل خاص. فاختيار اللفظ والتركيب وصياغة الجملة، من أساسيات النظر في العملية التحريرية. وتعتبر عملية التدقيق والتصحيح اللغوي عملية ذات صلة قوية بعملية التحرير، وإن كانت منفصلة عنها بشكل مباشر. 

ولكن هل تقتصر عملية التحرير على ضبط اللغة فحسب، أم أن هناك مسؤولية حقيقية تقع على عاتق من يقوم بالتحرير؟ حول دور المحرر الأدبي وما يجب أن تتوفر له من مهارات وما يجب أن يمتلكه من أدوات، كان حواري مع طرفي الموضوع، الكاتب والمحرر. دعّم هذه الحوارات رؤية نقدية وتجربة لمحررة أحد كبار كتاب العصر الحديث، ساراماجو. 

لنبدأ بعرض رؤية الطرف الأول الذي يبدأ هذه العملية التفاعلية، مع الكاتب والناقد محمود عبدالشكور، الذي عمل على مدار 10 سنين في مهنة التحرير الصحفي، فحمل خبرة مختلفة أثناء خوضه تجربة النشر الأولى ككاتب سيتعامل مع عملية التحرير، ولكنها هذه المرة ستكون مع التحرير الأدبي. يقول: "عملت كمحرر صحفي بالعالم اليوم لمدة عشر سنوات، حيث عمليات الحذف والترتيب واختيار العناوين، جعلتني أقدر وأعرف قيمة وأهمية عمل المحرر الأدبي. ظهر ذلك من خلال أول تجربة لي في النشر مع دار الكرمة وكتاب "كنت صبيًّا في السبعينات"، وكان اللقاء الأول لي مع سمر أبو زيد كمحرر أدبي وكان لها دور كبير في الصورة النهائية للكتاب. 

منطق الكتاب كان مبنيًّا على التدفق الحر وما يحمله من تفاصيل وصدق، فكان الحفاظ على ذلك من المطالب الأساسية لإتمام العمل. ومن خلال الحوار المستمر، كان العمل على إعادة ترتيب بعض الفقرات والفصول. ولأن الكتاب موجه إلى القارئ العربي وليس المصري فحسب، كان النظر إلى النص بعين القارئ العربي يتطلب مراجعة بعض المفردات شديدة المحلية التي قد يجهلها غير المصري، فعمل التحرير على تضمين بعض الشروح والتفاصيل، وكان ذلك صيغة ممتازة للشروع في العمل."

محمود عبد الشكور

عن مدى احتياج الكاتب إلى دور المحرر، يجيبنا عبدالشكور بأن عملية التحرير صعبة، خاصة وأن التحرير الحقيقي يتم على مستوى الكلمة. ككاتب أحتاج هذه العين الأخرى على النص خاصة أني بعد جهد الكتابة والمعايشة للنص يصعب عليَّ الاقتراب منه. فالكاتب هو أسوأ من يمكنه مراجعة نصه، فأنا لا أقرأ المكتوب بل أقرأ ما في رأسي. نحن لا نراجع بشكل حقيقي وإنما نكرر ما في عقلنا عن النص ومن هنا تأتي ضرورة وأهمية وجود هذه العين الأخرى والمراجعة اللغوية والتحريرية للنص. فالكاتب داخل معمل الكتابة قد لا يرى جيدًا وقد يصعب عليه التخلي عن بعض ما كتب في حين يمكنه استثمار ما يقتطعه في نصوص أخرى فتنفتح له آفاق أوسع.

عن علاقة الكاتب بالمحرر يؤكد عبدالشكور: لا بد أن تجمعهما مساحة قريبة تسمح للمحرر بمعرفة جيدة لمزايا عمل هذا الكاتب فيعمل على إبرازها، وكذلك معرفة بالعيوب فيعمل على التقليل من ظهورها. وكلما كان المحرر على درجة عالية من القرب من الكاتب ومعرفته ودرجة عالية من الثقافة والحرفية والحرص على عمل الكاتب، زاد النجاح. 

ولكن درجة التوافق بين المحرر والكاتب لا تمنع من مراجعة الكاتب لعمل المحرر في النص سواء الروائي أو المقالي. وفي النهاية الكاتب هو صاحب النص، وهو صاحب الكلمة الأخيرة فيه.

العمل على تحرير النص الأدبي أوسع من عملية التحرير الصحفي، حيث يتضمن أيضًا كثيرًا من الاختصار والحذف والتكثيف واختيار العناوين أو تغييرها بالاتفاق مع الكاتب. ويأتي عمل التدقيق اللغوي كخطوة أخيرة بعد عملية التحرير ويقوم به شخص آخر ينحصر عمله في اللغة.

وعن تداخل مجالي العمل في التدقيق اللغوي والتحرير الأدبي في مصر، يرى عبدالشكور أن كِلا المجالين، يعاني ضعفًا شديدًا في وسط النشر المصري. تكمن المشكلة في مستوى الكفاءة مع طبيعة وصعوبة المهنة نفسها. فالمحرر الأدبي في الخارج هو بمثابة مخرج وشريك إبداع، وغالبًا ما يتخصص مع كاتب بعينه وهو أمر شائع ومتكرر، على سبيل المثال، حالة ماركيز أو ساراماجو وغيرهما.

يرى محمود عبدالشكور أن التحرير الأدبي لا يحتاج إلى تعلم فحسب، بل هو ثقافة من الأساس. يمكن لمن يريد، تعلم الجانب التقني بسهولة، لكن المشكلة في الثقافة والوعي. كيف تقرأ رواية من دون أن تفهم ما هو فن الرواية؟! بل إن قراءة المحرر يجب ألا تنحصر في الأعمال الروائية فحسب، بل هناك أنواع مختلفة من الكتابات.

في الستينيات وما قبلها لم يكن هناك تحرير بالمعنى المعروف الآن. لكن كانت هناك قراءات للنص وتسجيل ملاحظات عليه. أو التوجه بالنص إلى أحد الأساتذة لقراءاته وكتابة مقدمة، فهي نوع من التحرير أو المشاركة في تدقيق النص. كذلك كانت هناك مراجعة للترجمة دون الاقتصار على عمل المترجم فحسب، مهما بلغ هذا المترجم من حِرْفية.

العامل الاقتصادي في دفع تكاليف عمليات المراجعة والتحرير والتدقيق، قد يكون له دخل كبير في تدهور الوضع الآن، خاصة مع انخفاض عدد الكفاءات في هذه المجالات، فتكون الموازنة بين دفع مصاريف إضافية في مقابل خروج كتاب يتضمن أخطاء.

التحرير ملكة وموهبة وتحتاج صبرًا كبيرًا، وليس مجرد عين مدققة أمينة أو صنعة، وإنما عين مثقفة في الدرجة الأولى. أصعب شيء في عملية التحرير سواء الصحفي أو الأدبي هو الحذف، هي مهنة "مينفعش فيها الفهلوة".

دور المحرر أن يعد هذا النص للقارئ في أفضل صورة ممكنة. وصاحب الحق الأساسي هو الكاتب ولا يمكن أن يتم شيء في النص إلا بموافقته. من ناحية أخرى، هناك كاتب متربص بالمحرر وبدخوله على النص ويعامله كأنه مفتش على النص، كأن ما كتبه نص مقدس لا يجوز الاقتراب منه. في النهاية هذا الرأي الآخر غير ملزم للكاتب. المحرر خادم للنص وليس في موقف عدائي أو ضد للكاتب، والتحرير الأدبي إبداع حقيقي ولا يمكن تعويضه أو مبادلته بتدخل من الذكاء الاصطناعي. 

من داخل مطبخ التحرير

وننتقل الآن إلى طرف الخيط الآخر ومحور موضوعنا، المحرر الأدبي. فبعد تخرجه في كلية الآداب قسم اللغة العربية في 2013، عمل أحمد مدره، في مجال التدقيق اللغوي والتحرير الإخباري لمدة 11 سنة، قبل أن يبدأ بالعمل في مجال التحرير الأدبي في 2017 مع كثير من كتّاب القصة والرواية في مصر والعالم العربي. 

أحمد مدره

يرى مدره أن التحرير الأدبي لا يعد مهنة معترفًا بها إلى الآن سواء من بعض الكتاب أو حتى على مستوى القراء. فهناك بعض الخلط أو عدم الفهم لمهنة المحرر الأدبي. فالمحرر لا يعيد كتابة النص وإنما مهمته معالجة الأخطاء الأسلوبية في النص بما لا يطغى على أسلوب الكاتب. إلا أن غياب معايير واضحة ومتفقًا عليها لمهنة التحرير الأدبي وعدم وجود حدود واضحة للمحرر كما هو الحال بالنسبة إلى التدقيق اللغوي، يجعل أحيانًا التدخلات غير محسوبة من بعض المحررين. 

ويقول: "جزء من عدم النظر إلى هذه الحرفة بعين الاعتبار، هو عدم وجود قواعد وعدم وجود موجه أو دليل يساعد على ضبط بوصلة العمل، وبالتالي فالجميع يعمل ويجتهد وفق رؤيته الخاصة. ونظرًا لذلك فقد ظهرت مؤخرًا ورش لتعليم التحرير الأدبي وهي بالتأكيد خطوة جيدة في إطار أن يكون الغرض منها معرفة أصول التحرير الأدبي وحدود المحرر ودوره. وهذا يصب بدوره في مصلحة الكاتب أولًا حتى لا يقع النص في يد محرر يقوم بإعادة كتابة تطمس معها صورة وروح الكاتب، خاصة أن التحرير الأدبي يتبع الذائقة بنسبة كبيرة."

يؤكد مدره أن هناك شعرة بين إعادة كتابة جملة وبين المشاركة في تحسينها أسلوبيًّا، سواء جملة أو سياق كامل. المعيار الأكبر ألا يطمس أسلوب المحرر أسلوب الكاتب، والنص في نهاية الأمر يحمل اسم كاتبه وهو في النهاية مالك النص ودوره كمحرر دور مساعد سواء في التدقيق أو في التحرير. 

أما عن حجم تنازلات المحرر والمدقق اللغوي لإنجاز العمل، يقول مدره إن الاهتمام بالفصيح أكثر من الصحيح، والاهتمام بالصحيح أكثر من المجاز، قد يعتبره البعض نوعًا من التزمت. الأمر في النهاية عائد إلى الكاتب بشكل كامل، وينتهي دوري عند توضيح المجاز من الصحيح. 

"يحدث بالفعل الاعتذار عن قبول بعض النصوص إذا كانت فارغة لا تقول شيئًا، فليست مهمتي إعادة الكتابة إذا كان صاحب النص كاتبًا لم يكتب شيئًا. أعتبر ذلك جريمة أرفض الاشتراك فيها. لكن فيما يتعلق بضعف الأسلوب، فيكون النص نفسه حينها هو الحاكم. فالكاتب الذي يملك فكرة وموضوعًا ولكن مشكلته في ضعف الأسلوب، فهنا قد يكون مجالًا مناسبًا للتعاون، في حالة أن يملك هذا الكاتب القابلية للتطور، وإن كان يصعب قياس ذلك من خلال العمل الأول."

التحرير ذائقة أكثر من كونه حرفة، وهذا يجعل الاهتمام منصبًّا في كثير من الأحيان على أن يكون النص مقبولًا أو جيدًا شكلًا، دون طمس لشخصية الكاتب. وهنا يظهر دور الكاتب ومسؤوليته تجاه شخصيته الأدبية أن يحافظ عليها ويحافظ على روحه في النص.

من جانب آخر، نجد أن سهولة واتساع مجال النشر والكتابة حاليًّا، جعل الانتشار هو الهم الأكبر للكتاب المبتدئين، دون الاهتمام بظهور بصمتهم في أعمالهم الأولى، واللائمة هنا تكون على الكاتب بشكل أساسي ثم على دار النشر التي توفر محررًا يمحو بصمة الكاتب من النص.

على جانب آخر، أتاحت سهولة النشر حاليًّا الفرصة لكثير من الكتاب لعرض أعمالهم وطرحها للقراءة. لكن المؤسف أن يكون الغرض السائد هو التربح في المقام الأول وأدى ذلك إلى أن أصبحت الثقافة مجرد سلعة وأصبح الحاكم في هذه العملية هي أرقام المبيعات. تكون النتيجة في النهاية أن يحصل شخص ليس لديه ما يقدمه فنيًّا وفكريًّا على ما لا يستحقه سواء لقب كاتب أو أي استفادة أدبية أو مادية. لكن في المجمل نجد أن أهمية حركة النشر بشكل خاص هي للموهوبين الباحثين عن فرصة حقيقية ويبقى الرهان على الذائقة والزمن في فرز الغث من الثمين.

تحديد أدوار كلٍّ المحرر والكاتب هو الفيصل في فض النزاع حول عملية التحرير. واحترام المحرر لمكانه كعين أخرى تنظر إلى النص من الناحية الأسلوبية على الأقل. فالتحرير كمهنة قد تكون دخيلة ومستوردة لكن الفعل نفسه قديم وغير دخيل، حيث كان يتم قراءة النص من دائرة المعارف لكاتب النص، ذات ثقة وذائقة وإبداء ملاحظاتهم عليه. 

مع الوقت لا بد ألا يعتمد الكاتب على نفس المستوى من الحاجة إلى تدخلات المحرر، بل لا بد للكاتب أن يصل إلى مرحلة من التطور يفهم من خلالها كيفية التعبير عن فكرته بأسلوبه الشخصي دون الحاجة إلى تدخل كبير من المحرر الذي عليه أن يبقى في دور المساعد والعين المساعدة فحسب. التحرير ببساطة هو مرحلة تكون فيها الجملة معبرة بشكل جيد عن الفكرة ومتسقة مع أسلوب الكاتب.

نعاني منذ فترة تهميشًا لقيمة ودور اللغة العربية، وصولًا إلى ضعف كتابة جملة صحيحة أو تركيب صحيح. وبالتالي فالحاجة إلى المحرر أكبر حاليًّا لأن كثيرًا من الكتاب لديهم مشاكل أسلوبية، خاصة المبتدئين، وهذا ليس من باب القسوة وإنما هو تقرير واقع. فوصول الكاتب إلى البصمة الأسلوبية الخاصة به يأتي بعد فترة من الخبرة والفن، بطبيعته يبدأ من التقليد حتى الإبداع.

يختم أحمد مدره حديثه عن أهم ما يلزم المحرر الأدبي، وهو أن يكون مطلعًا على الألوان الأدبية بشكل كبير وحقيقي وكذلك على المدارس النقدية لتوسيع مداركه وإخراجها من الذائقة إلى الشكل الأكاديمي المعتدل. 

عين النقد المحايدة على النص

تأتي الرؤية النقدية من خارج هذه العملية التفاعلية بين الكاتب والمحرر، فيرى الباحث والناقد الأدبي إيهاب الملاح، أننا إلى هذه اللحظة لا نملك مفهومًا واضحًا للتحرير. هناك من يتعامل معه على أنه إعادة للصياغة. أو مجرد تصحيح أخطاء. أو تعديل في ترتيب الفقرات فحسب. كل ذلك ما هو إلا تصورات منقوصة وساذجة وغير مكتملة. ببساطة نحن نفتقر إلى التأسيس الثقافي سواء لثقافة الكاتب أو لثقافة المحرر أو لثقافة الناشر. 

إيهاب الملاح

يضع الملاح المسؤولية الأكبر على الكاتب، فيؤكد على أنه عندما تسبق الرغبة في الكتابة التحضير لها، تكون النتيجة الفوضى والعشوائية. قد يكون هناك قدر من الموهبة عند الكاتب، لكنها تحتاج إلى صقل وثقافة وذائقة لا تظهر من مجرد الاقتصار على قراءة بعض الأعمال والحكم عليها بدون مراكمة القراءة وتدعيمها بقراءات نظرية حول هذا الفن وجمالياته وطريقة التعامل معه. 

هناك هجوم على كتابة الرواية والقصة من مجرد قراءة مجموعة نصوص قليلة قد تكون نوعيًّا محدودة في اتجاهها الفني أو تيارها. وهناك الآن من الكتاب من يكتبون رواية واحدة ثم نفاجأ بهم يعلنون عن ورش لكتابة الرواية. لدينا مشكلة كبيرة في التكوين الثقافي أو ما أسميه ثقافة الكتّاب التي تحتاج قراءات منظمة في التلقي وتأسيس الذائقة وترسيخها وامتلاك ثقافة النوع الأدبي، وهذا ما يتفق عليه كبار الكتاب في العالم قديمًا وحديثًا. 

من جانب آخر، إنْ لم يمتلك الكاتب اللغة ويفقد آلية الفهم عنها، كيف له أن يبدع بها. تذوق اللغة لا يعني أن يتحول الكاتب إلى نحوي، بل أن يفهم صياغة الجملة ببدايتها ونهايتها، وإلا فلا إفهام ولا تفهيم ولا كتابة ولا إبداع، خاصة وأننا في عالمنا العربي نجد من "يستخسر" أن يحذف، فتظهر نصوص متخمة بما ما ليس له ضرورة، بل مجرد رغبة في الثرثرة والإدلاء بلا رابط ولا ضابط.

في ملف بعنوان المحرر الغائب عن الثقافة العربية، تم نشره في الملحق الثقافي بجريدة الاتحاد الإماراتية منذ ما يقارب عشر سنوات، أعدّه وشارك فيه إيهاب الملاح، ضمّن فيه أسئلته لمحررة ساراماجو، التي عملت معه لمدة عشرين سنة كقارئة ومحررة لأعماله. يحكي عنها الملاح ما كان لها من حرية كمحرر أدبي في مناقشته حول هذه النصوص وحدود عملها لغويًّا وفنيًّا، حيث مساحة النقاش في دور شخصية معينة أو اقتراح ظهور شخصية، واقتراح تعديل مساحات لشخصية أخرى، بما يساعد على الوصول إلى صيغة تجمعهما في إطار متفق عليه. وبالتالي فهناك دائمًا مساحة لإعادة الكتابة. فلا يوجد ما يسمى أن النص قد انتهى بكتابة صاحبه. بل هناك دائمًا ذهاب وإياب للنص بين مؤلفه ومحرره وصولًا إلى صيغته النهائية.

يختم إيهاب الملاح حديثه بأن رأي المحرر ليس ملزِمًا للكاتب لكن من الضروري وجود مساحة ثقة وعلاقة متبادلة. وكلما امتلك الكاتب ثقافة وأرضية صلبة من الوعي بالنوع الأدبي الذي يمارسه، كان من الضروري أن يكون المحرر على نفس المستوى. وبالتالي فالمحرر لا بد أن يكون قارئًا ممتازًا، ويمتلك أيضًا ثقافة نقدية تسمح له باكتشاف الثغرات ليرى مساحات الترهل والثرثرة وما يجب تشذيبه وتهذيبه وتنقيحه وحذف كل ما ليس له ضرورة في النص بما لا يؤثر في بنائه الكليّ.