مراجعات
زكريا صادق الرفاعيبريطانيا في العالم الإسلامي.. العلاقات الاستعمارية وما بعدها
2025.12.14
مصدر الصورة : آخرون
بريطانيا في العالم الإسلامي.. العلاقات الاستعمارية وما بعدها
كانت بريطانيا من أكثر الدول التي حكمت شعوبًا إسلامية، بل كان نصف سكان العالم الإسلامي خاضعًا للسيطرة البريطانية عند بداية الحرب العالمية الأولى، ويُعد هذا الكتاب، الذي حرّره جاستن كوينان أولمستيد، والصادر عن دار "بالجريف" عام 2019، بمشاركة عدد كبير من الباحثين، من أهم الأعمال المعنية برصد حصاد ومجمل العلاقات البريطانية بالعالم الإسلامي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، عبر أربعة أقسام تضمنت كثيرًا من الفصول المتنوعة التي تناولت تلك العلاقات من عالم الدبلوماسية والسياسة إلى ميادين الاقتصاد والتجارة والملاحة والثقافة والدعاية، ولم يقتصر الكتاب على استعراض الإرث البريطاني وحده وتداعياته، بل تناول بالقدر نفسه أثر العالم الإسلامي داخل بريطانيا، وما تركته الجاليات الإسلامية من بصمات على بناء السياسات والهوية فيها، ونعرض في هذه المقالة لصفحة من العمل الدعائي.
الدعاية البريطانية في العالم العربي
نجحت بريطانيا في تثبيت أقدامها في الشرق الأوسط بالتنسيق مع حلفائها في مؤتمر القاهرة في عام 1921، كما استوعبت درس الدعاية خلال الحرب العالمية الأولى، ولا سيما دعوة الدولة العثمانية وألمانيا لرفع راية الجهاد وقد لعب البارون "فون أوبهايم" دورًا مهمًّا في هذا الصدد، وعشية الصراع الدولى الجديد انطلقت الدعاية البريطانية والدعاية الألمانية مجددًا، وادّعت كل منهما أنها الحامية للإسلام وتراثه، وفي يوليو من عام 1939 رأى القائمون على الدعاية البريطانية ضرورة تقسيم العالم الإسلامي إلى مناطق دعائية وفقًا لتعداد السكان في المستعمرات البريطانية من مالي وإفريقيا إلى الهند وجنوب آسيا والشرق الأوسط لتسهيل مهمتهم.
وبطبيعة الحال فإن الدعاية في جوهرها هى نموذج لرسالة تُقدم خدمة لأغراض بعينها سلبًا أو إيجابًا، فهي ليست معنية بتوصيف الواقع على نحو دقيق، وإنما المستهدف الأول لها هو الرأي العام ومن ثم فهي لا تتورع عن استخدام كل الوسائل المتاحة لها وتقديمها في إطار عاطفي النبرة وبصورة مؤثرة للوصول إلى أفضل أثر ممكن، وباختصار فإنه مع تقدم وسائل الإعلام والاتصال صارت الدعاية تمارس على نطاق غير محدود وفي جميع المجالات بدءًا من الرياضة والرحلات والمعارض الفنية والمطبوعات ومرورًا بمختلف البرامج المسموعة والمرئية وحتى الكتاب والعلماء والفنانين، غدا كل أولئك في كثير من الأحيان جزءًا من منظومة الدعاية بشكل أو بآخر خدمة لأهداف بعينها سواء في الداخل أو في الخارج.
واعتمدت دول المحور في خطابها الدعائي على أنها ضد الإمبريالية وضد الصهيونية، واستقطبت بعض الزعامات العربية، ومنها الحاج أمين الحسيني (1895–1974) مفتي القدس، بينما سعت بريطانيا إلى مواجهة دعاية المحور عبر الاستشراق وخبراء الإمبراطورية، والإلحاح على وجود توافق فكري بين مبادئ الحلفاء والإسلام وقد اصطدمت تلك الرؤية بطبيعة الحال مع تصاعد المدّ القومي الرافض للوجود البريطاني في العالم العربي والهند، وطالب السفير البريطاني في في مصر عند قيام الحرب بسرعة البدء في العمل الدعائي لأن الصمت سيكون جنونًا مطبقًا أمام سيل الدعاية الإيطالية والألمانية بعد أن صارت القاهرة مركزًا مهمًّا لهم ونسجوا علاقات وثيقة مع بعض القوى السياسية المحلية.
ولم تعتمد الدعاية البريطانية على المنشورات والمطبوعات ووسائل الإعلام المسموعة فحسب خاصة إذاعة "B.B.C."، بل حرصت أيضًا على بث دعايتها على ألسنة المسلمين لتحظى بالقبول والمصداقية، وسعت كذلك إلى استغلال وتوظيف مناسك الحج إلى مكة، وكذلك الزيارات المقدسة إلى النجف وكربلاء لتمرير رسالتها الدعائية عبر شبكة كبيرة من العملاء.
هاملتون جب 1895–1971
وقد كشفت الوثائق المحفوظة والدراسات الحديثة عن طبيعة الدعاية البريطانية والقائمين عليها، ومنهم "هاملتون جب" المستشرق المعروف والأستاذ بأكسفورد، وهو من مواليد مدينة الإسكندرية بمصر وأكمل دراسته بجامعة إدنبرة، ولعل أهم أعماله: مشاركته مع "هارولد بوين" في تأليف كتاب المجتمع الإسلامي والغرب في جزأين، وقد عُيّن جب رئيسًا للجنة المعنية بالدعاية في وزارة الإعلام البريطانية، وهو من صاغ المسودة الأولى لملامح الدعاية البريطانية، وقد وصفه عبد الرحمن بدوي في موسوعته المستشرقون عن حق بأن "شهرته فاقت بكثير قيمته العلمية لأسباب لا تتصل بالعلم".
وعندما قدّم "جب" رؤيته، حدد التحديات التي تنتظر الدعاية البريطانية، وأولها التباينات الجغرافية في العالم الإسلامي، لكنه اعتبر أن منطقة الشرق الأدنى هى حجر الزاوية في العالم الإسلامي، وأن زعماء المسلمين والصحافة في مصر وسوريا لهم أثر واسع يمتد من سنغافورة إلى مراكش، ومن ثم فإن الخطاب الدعائي يجب أن يوجَّه أولًا إلى الشرق الأدنى، ثم تُكرّر الإستراتيجية ذاتها في المناطق الأخرى، مع ضرورة استشارة الخبراء الإقليميين في كل خطوة، ونبّه إلى أن الدعاية في العالم العربي ذات طابع محلي ودولي في آن واحد، ومن ثمّ وجب اتباع نهج متوازن يراعي الاعتبارات الإثنية والعرقية، مع مخاطبة الصفوة الاجتماعية وكبار شيوخ الأزهر ونظرائهم، والتواصل مع العناصر المتحمسة في الجماعات الإسلامية ذات القواعد الجماهيرية الواسعة.
وأشار "جب" إلى أن المشكلة الثانية التي تواجه بريطانيا في معظم أجزاء العالم الإسلامي هي الرفض العام لمجمل سياساتها، ما أتاح فرصة واسعة لدعاية دول المحور التي سعت إلى تعميق هذا الرفض، ونصح "جب" السلطات البريطانية بإحكام السيطرة على مستعمراتها وعدم إبداء أي قدر من التساهل مع القوى الأوروبية الأخرى، كما دعا بريطانيا إلى تجنب التدخل المباشر في القضايا الدينية، وضرب مثالًا بقضية الخلافة التي كانت محل اهتمام النظام الملكي في مصر وغيرها من الدول آنذاك، معتبرًا إياها شأنًا داخليًّا يخص المسلمين وحدهم.
واعتبر "جب" أن القضية الفلسطينية هي التحدي الأهم للسياسة البريطانية في العالم العربى، إذ قدّم المحور دعاية ضخمة ضد الانتداب البريطاني على فلسطين، واصفًا الحرب العالمية الثانية بأنها "حرب اليهود وحلفائهم"، ولم تقتصر هذه الدعاية على العالم العربي، بل امتدت إلى مسلمي الهند، فقد لاحظ المندوب السامي البريطاني في الهند في إبريل من عام 1939 أن الرأي العام لدى مسلمي الهند، رغم ولائهم النسبي للتاج البريطاني، لا يتفهمون مسلك السياسة البريطانية في فلسطين والمنطقة الحدودية الشمالية الغربية، واعتبر مراقبون في الإدارة البريطانية أن فعالية الدعاية البريطانية ستظل محدودة بسبب تداعيات القضية الفلسطينية.
ووقع الاختيار على "لورنس روبروك ويليامز" ليكمل عمل "جب"، وأصبح المسؤول عن محاور الدعاية البريطانية وتنفيذها فبعد حياة أكاديمية حافلة ومناصب عدة تولاها في حكومة الهند وخبرته الطويلة في الإسلام والصوفية، أُوكلت إليه مهمة تنظيم الدعاية الخاصة بفلسطين في وزارة المستعمرات، وشهدت تلك الفترة تنافسًا بين منظمات تابعة لوزارة الإعلام وأخرى تابعة للخارجية، وفي سبتمبر من عام 1939 وُضعت التوصيات الدعائية المكتوبة موضع التنفيذ.
وكانت مناسك الحج من بين النقاط التي ركزت فيها خطة "جب" قبل الحرب لخدمة الدعاية البريطانية، فلم تؤثر ظروف الحرب فقط في الأمن، بل مست جوانب أخرى، منها النواحي المالية وتغيير العملات النقدية والنقل والإمدادات، وأكدت الخطة على أهمية التركيز في الرسالة التي يجب أن تترسخ في أذهان الحجاج عند عودتهم إلى ديارهم وهي أن بريطانيا لم تألُ جهدًا في تيسير سبل الحج لرعاياها المسلمين، كما حرصت على توزيع كثير من المنشورات على السفن البريطانية الناقلة للحجاج، وبثّت نفس الرؤية في الصحافة البريطانية.
وكان نجاح موسم الحج يعنى انتعاشًا لاقتصاديات الدولة السعودية التي اعتمدت على عوائد الحج، بل رأى بعض المراقبين أن منع الحج أو توقفه كان سيؤدي إلى زيادة المجاعة في الحجاز، وبذلت الدولة السعودية ما وسعها لمنع بث الدعاية السياسية خلال الحج، وقد وجّه "حافظ وهبة" السفير السعودي في لندن في عام 1940 شكره للإجراءات التي اتخذتها السلطات البريطانية لتسهيل سفر الوفد الهندي، وفي المقابل حاولت دول المحور استغلال موسم الحج فأرسلت اليابان وفدًا إلى المملكة السعودية معربة عن تقديرها للمناسك المقدسة وطالبت بفتح قنصلية لها بجدة، وأكدت على صداقتها للعالم الإسلامي ودفاعها عن المسلمين في الصين، بينما سعى الطلاب المسلمون الصينيون في الأزهر إلى إرسال وفدًا منهم لنفي تلك الدعاية في عام 1939.
الدعاية السوداء
عندما دخلت إيطاليا الحرب ضد بريطانيا وفرنسا في يونيو من عام 1940 تغيّرت موازين القوى بسبب أطماعها في البحر المتوسط ووجودها في ليبيا وشرق إفريقيا وتهديدها لمصر والبحر الأحمر وادعى "موسوليني" أنه حامي الإسلام، فردّت الصحافة البريطانية ونشرت صحيفة التايمز في سبتمبر في عام 1940 أن الزعامات الإسلامية تنادت لرفع راية الجهاد ضد إيطاليا.
ورغم نجاح الدعاية خلال مواسم الحج، رأى الخبراء أن الدعاية البيضاء-أي الصادرة عن جهة معلنة ومعروفة غير كافية، ولا بد من استخدام "الدعاية السوداء"- وهي الدعاية الصادرة عن جهة تبدو صديقة بينما تقف وراءها في الخفاء جهة معادية ومرتبطة بوقت الأزمات، كما أنها تعتمد على أساليب "غسل الأدمغة" بين الشعوب المستهدفة وأُنشئت في لندن لجنة مختصة دعت إلى استغلال ما سمّي بـ"الإسلام الشعبي" وتوظيف النبوءات الفلكية وبثّها في المجتمعات المحلية.
وفي صيف عام 1940 تأسست منظمات عسكرية للدعاية السوداء، وكان "روبروك ويليامز" حلقة الوصل بين صناع القرار في لندن ورجالهم على الأرض، وقد استخدم الحلفاء ودول المحور الأسلوب نفسه، فمثلًا استغلت السفارة الألمانية في طهران الطقوس الشيعية وربطت بين عودة الإمام الثاني عشر وصعود هتلر وكان راديو برلين يردد: «إن الله أرسل الأمة الألمانية العظيمة لمعاقبة الإمبريالية وحماية العرب».
وفى الفترة نفسها طرحت الدعاية الأمريكية فكرة السعي لتكوين ما سمي بـ"التحالف الأخلاقي" لجمع الإسلام والمسيحية في مواجهة الشيوعية باعتبارها عدوًّا مشتركًا للطرفين، ففي رسالة خاصة من وليم إيدي المقيم بمقر شركة "أرامكو" بالظهران أرسل إلى نيويورك تفاصيل عن الجهد المتواصل في هذا الصدد، ولعل أهمية رسالة "إيدي" نابعة من كونه أول وزير مقيم لدى المملكة العربية السعودية منذ أغسطس في عام 1944 و كان من قبل عضوًا بالبعثات الدينية الأمريكية في الشرق الأوسط وأجاد العربية وسبق له التدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد أشار في رسالته إلى ما بذله من جهد لدعم هذا التوجه من جانب بعض الشخصيات العربية البارزة مثل عبد الرحمن عزام باشا (1893-1976) الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأوضح أن الأمين العام التقى كبار المسؤولين في الجيش والبحرية الأمريكية في واشنطن وأبدى تأييده لتلك الدعوة، كما التقى بابا الفاتيكان وناقش معه نفس الفكرة وقد رحب البابا من جانبه بوجود تمثيل دبلوماسي للدول الإسلامية في الفاتيكان.
هيوراث دن (1902–1974) في القاهرة
كانت السلطات البريطانية على قناعة بأن نجاح دعايتها مرهون بالاستعانة بخبراء محليين من المسلمين، خاصة في مصر والهند ومن بين من تمت الاستعانة بهم "هيوراث دن" المستشرق المعروف والخبير في الدراسات العربية بجامعة لندن، وقد درس الأدب العربي على يد هاملتون جب، وعمل بجامعة لندن ما بين عامي (1928–1948) ونشر بإشرافه كتاب الأوراق لأبي بكر الصولي وكان دائم التردد على مصر، ودرس في الأزهر وأعلن إسلامه وتسمى بـ"جمال الدين"، وتزوج بمصرية، وظهرت في الآونة الأخيرة ترجمة أحمد الهواري لكتابه المهم الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة، كما يُعد كتابه مقدمة في تاريخ التعليم في مصر من المصادر الرئيسة في تاريخ مصر الحديث، وإلى جانب خبرته امتلك "دن" علاقات شخصية واسعة النطاق كانت مختلفة -كما لاحظ السفير البريطاني "مايلز لامبسون"- عن الصلات الرسمية للموظفين البريطانيين، وقد لفت "دن" من قبل انتباه السلطات البريطانية إلى تنامي صعود حركة الإخوان المسلمين في تقريره المؤرخ في فبراير عام 1940، وفي مايو من العام نفسه غادر إلى القاهرة ليباشر عمله الدعائي تحت إشراف البريجادير "ألتيد كلايتون".
ورأى "دن" أن الدعاية الرسمية غير مجدية وأن الأفضل هو استخدام "سلاح الإثارة"، وهو أسلوب عرفه العالم الإسلامي منذ قرون، وقد برع الإخوان المسلمون في رأيه في توظيفه، وأكد على صعوبة تمرير الدعاية عبر مؤسسات رسمية مثل الأزهر، واعتبر أن البديل هو الاعتماد على شيوخ الطرق الصوفية وشيوخ المساجد الصغيرة الذين وصفهم بأنهم "بارعون في التأثير في أتباعهم"، ولهم حضور كبير في كل أنحاء البلاد، وأشار إلى أنه على تواصل مع أكثر من مئتين من الشيوخ المستعدين للمشاركة في هذا العمل، كما نسج "دن" بنجاح شبكة من العلاقات مع المنجِّمين، الذين كانوا حسب رأيه قادرين على تحويل الرسائل الدعائية إلى "نبوءات دينية" يتم تداولها في الصحافة ثم تنتشر في أرجاء العالم الإسلامي.
وتفاخر "دن" بتوزيع منشور طبع منه سبع مئة ألف نسخة في العالم العربي عن "برج وطالع هتلر" وكانت الحملة الفلكية ممزوجة بإثارة نبوءات بقرب وفاة هتلر وسقوطه وفقًا لحديث العرافين في مصر والسنغال وفي يونيو من عام 1941 أطلق الشيخ يوسف عفيفي نبوءته في مصر، ونقلتها الصحافة المصرية والنيجيرية ونقلها مراسلون إلى الصحافة الأمريكية ومن ثم صار ما عرف بـ"الإسلام الشعبي" أداة فعالة في الدعاية السياسية.
ومن الأهمية بمكان التنويه في هذا الصدد بالتنسيق الكبير بين بريطانيا والولايات المتحدة في العمل الدعائي في تلك الفترة، فعملا معًا في إدارة مركز إمداد وتموين الشرق الأوسط، وأبرمت الولايات المتحدة خلال تلك الفترة عديدًا من الاتفاقيات مع دول المنطقة للأمن المتبادل والمعونة الفنية والعسكرية وتطبيق مشروع النقطة الرابعة، وقد غلب الطابع الثقافي في كثير من الأحيان على الدعاية، ولعبت الجامعات والمكتبات والمؤسسات العامة دورًا مهمًّا في هذا الصدد وبرز ذلك على سبيل المثال في المؤتمر الثامن عشر بجامعة شيكاغو في يوليو عام 1942 بعنوان: "الشرق الأدنى: المشكلات والاتجاهات"، وشارك فيه أبرز المستشرقين مثل هاملتون جب وكونت كارلو وفيليب حتى، وطُرحت في المؤتمر مبادرات دعت إلى تجاوز قضايا الاستشراق الكلاسيكي والتوسع في دراسة الجوانب السياسية والاجتماعية المعاصرة في العالم الإسلامي.
ورغم أهمية "هيوراث دن" للدعاية البريطانية فقد كان صعب المراس معتزًّا بخبرته، وساخطًا على القيادات العليا في لندن، التي كان يرى أنها تتخذ قرارات سريعة دون معرفة كافية بالواقع المحلي، وقد أقرّت الدوائر الرسمية بأهمية دوره في الدعاية السوداء، لكنها كانت تخشى مغامراته الزائدة وكتب السفير لامبسون بعد تجربة العمل معه: "إنه رغم خبرته الواسعة فإن حماسته تسبق حكمته أحيانًا"، وما زالت أوراق "هيوراث دن" المحفوظة بالعربية والفارسية والتركية في معهد "هوفر" التابع لجامعة ستانفورد تنتظر من يقوم بدراستها على نحو موسع.