عربة التسوق

عربة التسوق فارغة.

رؤى

جيمس دراوت

حرائق لوس أنجلوس الهائلة

2025.02.14

مصدر الصورة : آخرون

ترجمة: عمرو جمال صدقي
المقال الأصلي منشور على موقع    Révolution Permanent في تاريخ 10 يناير 2025[1]

 

حرائق لوس أنجلوس الهائلة: الصناعة الزراعية والرأسمالية هما المسؤولان

 

عانت ولاية كاليفورنيا من حرائق غابات عنيفة. إنها كارثة مرتبطة بالاحتباس الحراري الذي تتحمل الرأسمالية مسؤوليته، والذي تفاقم بسبب شح المياه وسياسة التقشف في الخدمات العامة.

لقد شهدت ولاية كاليفورنيا حرائق ضخمة انتشرت بسرعة مع هبات رياح سانتا آنا الساخنة، التي وصلت سرعتها إلى 160 كيلومترًا في الساعة في بعض المناطق. وبسبب ذلك، احترق أكثر من 10 آلاف هكتار في عديد من الأحياء والمناطق المحيطة بمدينة لوس أنجلوس، ولا سيما في الحي الراقي: باسيفيك باليساديس في الغرب، وكذلك بالقرب من مدينة سان فرناندو في الشمال وبالقرب من مدينة باسادينا في الشرق.
وانتشرت الحرائق، التي خرجت عن السيطرة بشكل كامل، بسرعة كبيرة في مقاطعتي لوس أنجلوس وفينتورا. وتشير الحصيلة الأولية إلى مقتل 10 أشخاص وإجلاء 130 ألف ساكن وتدمير أكثر من 1500 منزل[2]، وتقدر الأضرار المادية بأكثر من 50 مليار دولار. تشبه هذه الحرائق مشاهد نهاية العالم، وتثبت مرة أخرى مسؤولية الرأسمالية عن الكارثة البيئية.

الحرائق هي نتيجة مباشرة للأزمة البيئية

تعتبر هذه الحرائق في المقام الأول كوارث مرتبطة بالأزمة البيئية. في الواقع، غالبًا ما تكون المنطقة ضحية لنوبات متعددة من الجفاف. على سبيل المثال، سقط 4 ملم فقط من الأمطار في جنوب كاليفورنيا في النصف الثاني من عام 2024، ما أدى إلى جفاف نباتي وانخفاض احتياطيات المياه بشكل كبير. يتحد هذا المناخ الجاف بشكل خاص مع رياح سانتا الجافة القادمة من عديد من المناطق الصحراوية في يوتا ونيفادا.
وبشكل عام، تشير التقديرات إلى أن الانحباس الحراري العالمي أدى إلى زيادة خطر انتشار حرائق الغابات سريعة الانتشار في كاليفورنيا بنسبة 25%، كما أن النشاط البشري مسؤول عن زيادة المساحة المحترقة بنسبة 172% منذ سبعينيات القرن العشرين. لقد تضاعف عدد الحرائق في غضون ثلاثين عامًا، ما أدى إلى دمار كبير، مثل الحرائق الأكثر عنفًا في كاليفورنيا في عام 2018، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 88 شخصًا في الجزء الشمالي من المنطقة.

للتهرب من التكاليف، هربت سبع شركات تأمين عقاري كبرى من أصل اثنتي عشرة في الولايات المتحدة لتجنب دفع التعويضات في حالة الخسارة. واستغلت الشركات المتبقية زيادة الرسوم لزيادة أرباحهم. ويترتب على هذا عواقب دراماتيكية شديدة بالنسبة إلى السكان الأفقر الذين يجدون أنفسهم بدون تأمين كافٍ لإصلاح الأضرار التي لحقت بمنازلهم. وكما توضح صحيفة لوفيجارو: "نظرًا إلى عدم قدرتهم على العثور على شركة تأمين، لجأ أغنى سكان كاليفورنيا إلى التأمين الذاتي، وبناء صناديق التأمين الخاصة بهم."، ولكن السكان الأقل حظًّا اضطروا إلى الحصول على تأمين من الدولة، التي لديها صناديق تعويض أقل بكثير.

الزوجان ريسنيك: رمز التكالب على مصادر المياه من أجل تحقيق أرباح في مجال الصناعة الزراعية

يعتبر التكالب على مصادر المياه سببًا إضافيًّا للدمار المستمر. ولحماية نفسه، اتهم دونالد ترامب حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي بأنه السبب في الأزمة، قائلًا على موقع Truth Social إن الأخير: "أراد حماية نوع لا قيمة له من الأسماك، الـDelta Smelt، من خلال تقليل تدفق المياه، دون الاهتمام بشعب كاليفورنيا." ولكن تكمن المشكلة في استحواذ الصناعات المحلية على المياه، وخصوصًا أن مصدر المياه الرئيسي في كاليفورنيا، وهو نهر كولورادو، قد تم خصخصته بنسبة 80% من أجل مصالح الصناعة الزراعية.

على نحو مماثل، يحتكر الزوجان المليارديران ستيوارت وليندا ريسنيك، اللذان يديران الشركة الزراعية العملاقة "The Wonderful Company"، وهي ثاني أكبر منتج للغذاء في الولايات المتحدة، كمية من المياه تفوق ما يملكه سكان لوس أنجلوس ومنطقة خليج سان فرانسيسكو مجتمعين في بعض السنوات. ووفقًا لتحقيق أجرته مجلة Mother Jones الاستقصائية: "لدينا طلب هائل على شبكتنا في Palisades. [...] كان أعلى بأربع مرات لمدة 15 ساعة متواصلة، ما أدى إلى انخفاض ضغط المياه." يؤدي هذا الانخفاض في الضغط إلى منع وصول المياه إلى مناطق مرتفعة معينة، ما يؤدي إلى انخفاض أو انعدام المياه داخل صنابير مكافحة الحرائق، ما يجعل إطفاء النيران مستحيلًا.

وبالإضافة إلى الجفاف، يوضح هذا الوضع أن تخزين المياه من قِبَل عدد قليل من أصحاب المصانع هو سياسة إجرامية تعرض المجتمع بأكمله للخطر.

فشل التحذيرات وخفض الميزانية في خدمات الإطفاء: إدارة إجرامية للحرائق

بالإضافة إلى مشاكل المياه، فضحت حرائق كاليفورنيا أيضًا مدى سوء الخدمات العامة. لذا، وعلى الرغم من تحذيرات الطقس في الأيام السابقة، أُرسلت التنبيهات إلى المدينة بعد اندلاع الحرائق الأولى. بالإضافة إلى ذلك، ففي ليلة الخميس، أُرسلت أيضًا إشعارات إخلاء عن طريق الخطأ إلى جميع سكان لوس أنجلوس، ما ساهم في الفوضى.

علاوة على ذلك، كشفت إدارة الحرائق عن نقص في عدد رجال الإطفاء. في وقت مبكر من شهر يوليو، بدأت التقارير تُظهِر أن هناك انخفاضًا إقليميًّا في عدد الإطفائيين بما لا يقل عن 1000 إطفائي منذ عام 2020. هذا نراه مع قرارات رئيسة بلدية لوس أنجلوس الديمقراطية كارين باس، التي أجرت تخفيضات في ميزانية إدارة إطفاء المدينة (LAFD) بقيمة 18 مليون دولار في نهاية العام.

تكلمت كريستين كرولي، رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس، عن هذه الإجراءات التقشفية في مذكرة بتاريخ 4 ديسمبر: "لقد أدت التخفيضات إلى تقليل الاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ القصوى بشكل كبير، بما في ذلك الحرائق."

لمعالجة هذه الضغوط الاقتصادية، لدى إدارة إطفاء المدينة حل، وهو توظيف السجناء بما يعادل 30% من إجمالي القوة العاملة، مع تدريبهم بشكل سطحي. وقد حُشد بالفعل 800 سجينإنه استغلال همجي منخفض التكلفة، يعتمد على القانون لحشد السجناء والتضحية بهم، مع زيادة معدل الإصابة مقارنة برجال الإطفاء المدربين. إنه دليل آخر على الإدارة الإجرامية للمؤسسات، خاصة في أوقات الأزمات.

كارثة أخرى تسببت فيها الرأسمالية وفاقمتها

لقد أثارت هذه الكارثة وإدارتها الرأسمالية غضبًا على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تجاه توظيف الأثرياء لرجال إطفاء يعملون في القطاع الخاص لحماية ڨيلاتهم، وغضب الناس أيضًا من الانتقادات البرجوازية المنافقة تلك أمام نقص الخدمات العامة.

يذكِّرنا هذا بالغضب الذي انفجر أثناء الفيضانات القاتلة في فالنسيا، حيث تحول هذا الشعور إلى موجة من التضامن العفوي والمستقل عن السلطات الإسبانية، لمساعدة ضحايا الكارثة. من التكالب على مصادر المياه إلى إدارة الحرائق، تذكرنا حرائق الغابات في كاليفورنيا بأن الرأسماليين مسؤولون عن أزمة المناخ وغير قادرين على إدارة الكوارث التي يخلقونها.

ونحن نرى، أكثر من أي وقت مضى، أن النضال لإيقاف لا عقلانية هذا النظام هو نضال بيئي، يجب أن تقوده الطبقة العاملة بالتحالف مع كل الشباب والطبقات العاملة ومع الذين يرون أنه من المُلِح وضع حد للرأسمالية.


1- https://www.revolutionpermanente.fr/Incendies-monstres-a-Los-Angeles-l-agro-industrie-et-le-capitalisme-sont-responsables

2- ارتفع عدد الضحايا منذ كتابة المقالة بالطبع.