عربة التسوق

عربة التسوق فارغة.

هوامش

ديفيد أدلر

قضيتُ خمسة أيام في سجن إسرائيل الصحراوي

2025.10.12

قضيتُ خمسة أيام في سجن إسرائيل الصحراوي

 

أنا ديفيد أدلر، أكتب الآن من عمّان في الأردن، بعد أن تحررتُ أخيرًا من معسكر اعتقال في صحراء النقب، حيث احتُجزتُ مع مئات من المشاركين في «أسطول الصمود العالمي» لمدة خمسة أيام، في ظروف مروّعة لم يُكشف عنها بعد.

لقد اعترضتنا القوات البحرية الإسرائيلية بشكل غير قانوني وعنيف. وثّقت بعض كاميرات المراقبة هذه الاعتراضات، بينما لم توثّق أخرى، مثل ما حدث لقاربنا «أوهويلا»، الذي استُهدف من بارجة حاولت تدميره وإغراقه. سُرقت منا ممتلكاتنا وقواربنا، وتعرّضنا للاختطاف، جُرّدنا من ملابسنا، وكُبّلت أيدينا وعُصبت أعيننا، ثم نُقلنا في شاحنات الشرطة إلى معسكر اعتقال، من دون طعام أو ماء أو أي دعم قانوني. وخلال الأيام الخمسة التالية، تعرّضنا لتعذيب نفسي متواصل.

كان يُؤخذ المعتقلون فرادى من زنازينهم ويُعتدى عليهم بالضرب بانتظام، وتُقيّد أيديهم وأقدامهم، ويُتركون في حبسٍ انفرادي. تكرّر ذلك مرارًا على مدى أيام. وحُرمنا من أبسط الحقوق، بما في ذلك الحصول على الإنسولين للمحتجزين المصابين بالسكري ضمن القافلة. باختصار، عوملنا كإرهابيين، تمامًا كما وعد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

منذ اللحظة الأولى لوصولنا إلى المدرج بعد الاعتراض، أُجبرنا بعنف على الركوع في أوضاع مهينة. أما العضوان اليهوديان في القافلة فاقتيدَا من الخلف وانتُزعا من المجموعة لالتقاط صور مع بن غفير، أمام علم دولة إسرائيل، وسط سخرية أعوانه. هكذا بدأ كابوس الأيام الخمسة: سلسلة منظمة ومنهجية من انتهاك حقوقنا الأساسية.

تفاوتت الروايات بين الزنازين، لكن ما كان ثابتًا هو حرمان الجميع من الطعام والماء. وفي كل الأوقات، كان السماح بالحصول على الأدوية مرهونًا بمزاج الضباط المناوبين. أي طلبٍ لرعاية طبية كان يُرفض أو يُؤجَّل إلى أجلٍ غير معلوم. لم نُمنح أي حق في التواصل مع محامين أو الحصول على تمثيل قانوني، ولم تتمكن الخدمات القنصلية من إيصال أي معلومة عن أوضاعنا. وكان واضحًا أن أدوات الحرب النفسية استُخدمت ضدنا بشكل متعمد.

لم يُنقل العاملون الإنسانيون المشاركون في القافلة إلى سجن عادي، بل إلى عمق صحراء النقب قرب الحدود المصرية. كنا نسمع كل ليلة طائرات «إف-16» و«إف-35» في طريقها لقصف غزة، ونسمع نباح الكلاب التي كانت تُستخدم لترويعنا يوميًّا. وكان عناصر الشغب يقتحمون الزنازين يوميًّا بالغاز المسيل للدموع، وعتاد مكافحة الشغب، وكلاب الجرمن شيبرد لترهيبنا.

تلك لم تكن بأي حال ظروف احتجاز عادية. ومع ذلك، فإن ما عانيناه لا يقارن بما يتعرض له الفلسطينيون يوميًّا. هناك الآن نحو أحد عشر ألف فلسطيني محتجزون في اعتقالٍ إداري غير محدد المدة، بعضهم في المعسكر نفسه الذي احتُجزنا فيه باعتبارنا «إرهابيين» في نظر إسرائيل.

لكن ما لم يُكشف حتى الآن هو الطريقة التي عومل بها العاملون الإنسانيون. لم يُبلّغنا أحد أننا ارتكبنا جريمة، ولم نُعرض على أي محكمة بمعنى الكلمة. رأينا قاضيًا واحدًا سألنا: «هل تريدون العودة إلى دياركم؟» فأجبنا: «بالطبع نريد العودة، لم نأتِ إلى هنا بإرادتنا، لقد اختُطفنا وأُرسلنا إلى هنا بشكل غير قانوني».

من المهم النظر في طبيعة هذا المعسكر: من يُحتجز فيه عادة؟ ولماذا نُقلنا إليه تحديدًا؟ وماذا يواجه الناس الذين يُسجنون هناك؟ إن ما حدث لنا يكشف إلى أي مدى تحوّلت دولة إسرائيل إلى كيان خارج عن القانون الدولي الإنساني، الذي كان من المفترض أن يحمينا.

وهذا جوهر الرسالة التي نحاول الآن إيصالها نحن أعضاء الوفد الأمريكي، وغيرنا ممن أُفرج عنهم حديثًا، رغم أن الوفد الأمريكي لم يتلقَّ أي دعم قنصلي على الإطلاق. فعندما وصلنا إلى الحدود الأردنية، قال لنا القنصل العام الأمريكي: «لسنا مربّياتكم. لا طعام، لا ماء، لا مال، لا هواتف، لا طائرات، لا تأشيرات. سنأخذكم مباشرة إلى المطار، وبعدها أنتم وحدكم. لسنا مربّياتكم». كرّر هذه العبارة أربع أو خمس مرات، وكأنه يريد ترسيخها في أذهاننا.

تلك هي الكابوسية «البن-غفيرية-الترامبية» التي عشناها في الأيام الماضية. وفي النهاية، حصل بن غفير على ما أراد: مجموعة من الناشطين والمعلمين والممرضين والعاملين الصحيين، جاؤوا من مختلف أنحاء العالم لمحاولة إيصال المساعدات الإنسانية، فعوملوا جميعًا كإرهابيين.