الحركة النسوية المصرية
شيماء حمديالجدل حول قوانين الأحوال الشخصية
2024.04.12
تصوير آخرون
الأحوال الشخصية منظومة متهالكة تقود المجتمع
خلال السنوات الأخيرة، أثار قانون الأحوال الشخصية الكثير من الجدل، وتوالت المطالبات بضرورة إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية ينظم الحياة الأسرية في مصر، ورغم الحديث مرارًا وتكرارًا عن اقتراب إصدار القانون، فلم يصدر حتى الآن، دون أسباب معلنة.
قبل العشرينيات القرن الماضي، كانت مصر دون قانون للأحوال الشخصية، وتستند المحاكم الشرعية إلى مذاهب الشريعة الإسلامية الأربعة، وهو ما تسبب في هذا صدور أحكام من المحاكم مختلفة عن بعضها في نفس المسألة.
ثم شهدت مصر أول قانون للأحوال الشخصية عام 1920؛ مر أكثر من مئة عام على صدوره، وقد شهد العديد من التعديلات على فترات زمنية مختلفة، لكن حتى الآن لم تنجح تلك التعديلات في حل مشكلات الأسرة المصرية؛ إذ يرى قانونيون وحقوقيون أن القانون قد عفا عليه الزمن، وأن البلاد في حاجة إلى قانون يواكب العصر الحالي اجتماعيًّا واقتصاديًّا.
وحتى الآن لا زالت قوانين الأحوال الشخصية المصرية في أحكامها الإجرائية والموضوعية متفرقة بين عدة قوانين، ولا يوجد قانون مُوحَّد يجمع كافة قواعدها، وذلك فيما يخص قانون الأحوال الشخصية للمسلمين المستمد من الشريعة الإسلامية، والتي يعتبرها المشرعون شريعة دين الأغلبية، وبالتالي الشريعة العامة فيما يخص الأحوال الشخصية.
لماذا قانون للأحوال الشخصية؟
يعتبر قانون الأحوال الشخصية من القوانين المهمة والحساسة؛ نظرًا لدوره المهم في تحديد العلاقات الاجتماعية، باعتباره القانون الأشد صلة بالحياة اليومية للمواطنين والمواطنات؛ فهو القانون الذي يحكم شؤون الأسرة والعلاقة بين أطرافها، ويحدد حقوق وواجبات كل أفراد الأسرة وعلاقاتهم. وينظم القانون أمور الزواج والطلاق، ورعاية الأطفال، والأمور المالية، سواء أثناء العلاقة الزوجية، أو الناتجة عن الطلاق، كما أنه يعتبر البوصلة التي يتحدد من خلالها وضع المرأة في التراتبية الاجتماعية.
صدر أول قانون للأسرة المصرية عام 1920، مُستمِدًّا أحكامه من المذهب الحنفي، قبل أن يُعدَّل عام 1929 فاتحًا المجال لانتقاء أحكام من المذاهب الأخرى. وتنظم مسائل اﻷحوال الشخصية في مصر أربعة قوانين، هي: 25 لسنة 1920 وتعديلاته، و25 لسنة 1929 وتعديلاته، إضافة إلى القانون رقم 1 لسنة 2000، والذي أدخل التعديلات الخاصة بالخلع وعرف إعلاميًّا باسم: "قانون الخلع"، والقانون 10 لسنة 2014 الخاص بإنشاء محاكم الأسرة. وتنظم تلك القوانين مسائل: الزواج والطلاق والخلع والنفقة والحضانة والإرث والوصية للمسلمين.
أما بالنسبة للمسيحيين فالأمر أكثر تعقيدًا؛ إذ إنه لا يوجد قانون موحد لهم، وهناك أزمة فراغ تشريعي مستمرة منذ أكثر من 85 عامًا تسببت في تعدد الأحكام والجهات التي تطبق الأمور الخاصة بأحوالهم الشخصية كالزواج والطلاق والحضانة والولاية والميراث؛ فبعضها يطبق عليه اللوائح الخاصة بهم، مثل: لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938، وبعضها تطبق عليه الشريعة الإسلامية، فضلًا عن أحكام محاكم النقض والدستورية العليا، مما يجعل هناك تضاربًا فيما يخص القانون، والأحكام القضائية التي تفصل في شؤونهم الأسرية.
محطات تعطل القانون:
تزايد الحديث عن ضرورة تشريع قانون جديد للأحوال الشخصية منذ العام 2017، وفي فبراير 2021، أحال مجلس الوزراء إلى البرلمان مقترحًا متكاملًا لقانون الأحوال الشخصية، لكن المقترح أثار عاصفة من الجدل والغضب من مؤسسات حقوق المرأة، وكذلك بعض التيارات الدينية بعد تسريب مسودته لوسائل الإعلام، وهو ما دفع الجهات الرسمية للتبرؤ من مسودة القانون وسحبه، ووعد الرئيس المصري بتقديم قانون جديد "متوازن". وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وفي فبراير عام 2022 تقدمت النائبة نشوى الديب بمشروع قانون متكامل أعدته مؤسسة قضايا المرأة، لكنه لم يناقش حتى الآن رغم مرور عامين، وذلك دون أسباب واضحة. وفي يونيو من نفس العام أصدر المستشار عمر مروان وزير العدل القرار الوزاري رقم 3805 لسنة 2022، بتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة بقضايا ومحاكم الأسرة؛ لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، وفقًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحتى الآن لم تخرج مسودة القانون للنور، ولم يُحَل للبرلمان للمناقشة.
في هذا تقول النائبة نشوى الديب: "لا أعرف لماذا لم يناقش القانون حتى الآن، ورئيس مجلس النواب هو من يحيل مشاريع القوانين للجان المختصة للمناقشة، ومن ثم يحال إلى الجلسة العامة للتصويت، لكن حتى الآن لم يُحَل قانون الأحوال الشخصية ولا قانون العنف الموحد ضد المرأة رغم أهميتهما".
وتفسر الديب تأخير مناقشة مسودة قانون الأحوال الشخصية الذي تقدمت به بتأخر صدور مسودة قانون الحكومة (وزارة العدل)، وتقول: "من الممكن أن يكون رئيس المجلس منتظرًا مشروع قانون الحكومة؛ حتى تتم مناقشة المشروعين في وقت واحد". وتضيف: "أنا كلمت رئيس المجلس أكتر من مرة، يقول: حاضر، وإنه هو بنفسه بيقرأ القانون. لكن حتى الآن لا توجد خطوات فعلية".
وتؤكد النائبة نشوى الديب على أن القانون الحالي لا يمكن استمرار العمل به؛ لأنه معرقل للكثير من الحقوق، ولا ييسر أزمات الأسرة، بل بالعكس هو يسبب الكثير من المشكلات الأسرية، ويعرقل وصول الحقوق لأصحابها.
قانون أسرة أكثر عدالة:
عملت مؤسسة قضايا المرأة المصرية منذ عام ۲۰۰۳ على الخروج بمقترح قانون أحوال شخصية أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة، وقد تم هذا بالفعل، وقامت المؤسسة بجمع عدد من التوقيعات على مسودة القانون من المؤسسات والمبادرات والأحزاب، وكذلك من أعضاء وعضوات البرلمان والأفراد، وذلك قبل تقديمه إلى البرلمان.
وتقوم فلسفة قانون المؤسسة على عدد من النقاط هي: "الاستناد إلى مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، وإلى حقوق النساء والأطفال بشكل خاص، داخل الدستور والاتفاقيات الدولية التي وقَّعت وصدَّقت مصر عليها، والأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية القائمة على العدل والمساواة والإنصاف، وكذلك الآراء الفقهية المستنيرة". كما تتضمن فلسفة القانون: "المسؤولية المشتركة للأسرة بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية، وكذلك بعد انفصالها عن طريق المسؤولية المشتركة على الأطفال، جعل الولاية حقًّا للمرأة الرشيدة تمارسه وفقًا لاختيارها ومصلحتها".
"حاولنا من خلال المقترح إيجاد قانون أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة المصرية؛ سواء للنساء أو للأطفال والرجال أيضًا، قائم على مبادئ العدل والمساواة والإنصاف"، هكذا وصفت ندا نشأت مديرة برنامج المشاركة العامة للنساء في مؤسسة قضايا المرأة فلسفة القانون المقدم من المؤسسة.
وعن تأخر النظر في مشروع القانون تقول نشأت: "ما زال مشروع القانون في البرلمان، لقد تقدمنا بنفس المشروع مرتين في البرلمان في الدورة الحالية والسابقة، من خلال النائبة نشوى الديب، وحتى هذه اللحظة لم نر أي حراك داخل البرلمان، بالرغم من أنه مع نهايات عام 2023 كثر الحديث عن ملامح القانون في الصحف الإخبارية، ومعظم ما نشر عن القانون مقتبس من المشروع المقدم من المؤسسة، لكن دون الحديث عن موعد مناقشته أو عرضه على الجمهور".
وأضافت أن الأزمة تكمن في عدم النظر إلى القانون كأولوية في مقابل القوانين الاقتصادية، أو قوانين الاستثمار أو الإرهاب، مع أن قانون الأحوال الشخصية أيضًا يمس أمن البلد، فالمجال الخاص لا يُنظر له بأهمية المجال العام رغم أهميته وقدرته على تفجير الوضع الاجتماعي.
وتشير مديرة برنامج المشاركة العامة للنساء في قضايا المرأة إلى أن المؤسسة لم تتم دعوتها إلى اللجنة التي شكلتها وزارة العدل وفقًا لتوجيهات الرئيس للمناقشة حول مسودة القانون، رغم مطالبتنا بالاجتماع معهم لتقديم مقترحاتنا، ورغم ذلك أرسلنا المقترح القانوني والإجرائي دون رد أو استجابة".
وترى نشأت أن القانون الحالي أصبح لا يلبي احتياجات المجتمع، بل إنه أصبح مؤذيًا لجميع الأطراف، وإن المجتمع يحتاج إلى فلسفة تشريعية تضع قيم المساواة والعدالة في التشريع.
لماذا التأخر في إصدار القانون؟
"قانون الأحوال الشخصية يمس المجتمع ككل، وتحدثنا كنساء وأحزاب وقوى مدنية عن ضرورة إقرار هذا القانون؛ فهذا التعطيل غير مبرر، ويساهم في تصاعد الأزمات الأسرية التي عجز القانون الحالي عن حلها". هكذا بدأت الكاتبة الصحفية كريمة الحفناوي حديثها عن أهمية إقرار قانون الأحوال الشخصية.
وأضافت الحفناوي، التي شاركت في جلسات الحوار لقانون أكثر عدالة للأسرة المقدم من مؤسسة قضايا المرأة، أن تأخير إقرار القانون رغم أنه غير مبرر، لكنه قد يكون ناتجًا عن حساسيته. وتضيف قائلة: "إن قانون الأحوال الشخصية من القوانين التي ما إن نبدأ في التحدث عن تغييرها، حتى نجد سدًّا مانعًا من ثقافة مجتمعية ذكورية تميز ضد المرأة، وترى أن الرجل هو الأساس، وأن أي تعديل في القانون سيكون على حساب الرجل وعلى حساب حقه، هذه هي الثقافة التي تعطل القوانين الخاصة بالمرأة، مثل: قانون الأحوال الشخصية، والقانون الموحد للعنف ضد المرأة".
وطالبت الحفناوي بضرورة مناقشة القانون في البرلمان وإقراره قبل انتهاء المدة القانونية للمجلس التشريعي الحالي، والذي لم يتبقَّ له سوى دورتين فقط وينتهي. مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يصدر هذا القانون ومعه عدد من القوانين منذ عام 2014 مع صدور الدستور الذي أصبح وكأنه معطل بمبادئه لمدة عشر سنوات.
بينما ترى الناشطة النسوية إلهام عيدروس وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، أن التأخير في إصدار القانون سببه أن الدولة أو السلطة السياسية غير حاسمة بالنسبة لتوجه التعديلات، فأغلب التعديلات التي طرأت على القانون منذ الستينيات حتى الآن لا تتناول تقسيم الأدوار بين النساء والرجال داخل الأسرة، وهي قائمة على الفكرة التقليدية، وهي أن الرجال عليهم الإعالة، والنساء عليهن الطاعة والرعاية، وبالتالي في المهام الرجل له الولاية، والمرأة لها الحضانة، وهذا التقسيم الجامد مستمر منذ العشرينيات حتى الآن على أساس أنه التقسيم الشرعي".
وأضافت عيدروس أن تدخل الدولة منذ السبعينيات حتى الآن قائم على فكرة تسهيل قيام النساء بدور الأمومة، مثل: رفع سن الحضانة، وتوفير مسكن للحاضنة، والولاية التعليمية مؤخرًا والقائم على فكرة الأخذ من صلاحيات الأب ما له علاقة مباشرة بالتربية، مثل: التعليم، فالدولة تعطي للنساء صلاحيات تسهل من منظورها القيام بدور الأمومة، من منطلق تخفيف العبء على الدولة.
وأكدت وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية أن هذا المنهج أصبح غير صالح للاستمرار فيه لأنه محدود، والمطلوب أو ما يمكن فعله لإخراج قانون يواكب العصر هو الضرب في أساس هذا التقسيم الجامد بين مهمة الولاية، ومهمة الحضانة، وهو ما يُغضِب الرجال.
الجانب الثاني: هو أن الدولة لا تريد الإنفاق، وعمل منظومات جديدة معناه تكلفة على الدولة. على سبيل المثال: تعديل نظام محاكم الأسرة لنظام الملف الواحد للأسرة الواحدة، معناه: احتياج الدولة لعمل منظومة جديدة، وهو بالطبع مكلف. فعدم الحسم في توجه التعديلات، ورفض السلطة تحمل أي تكلفة، عاملان أساسيان في تأخر إصدار هذا القانون - بحسب عيدروس.
وترى عيدروس أن العهد الحالي هو استكمال للعهود السابقة، وهناك تصور عن تمكين المرأة، لكنه تصور أبوي وسلطوي إلى حد ما، حيث إنه لا يغير من التصور التقليدي عن دور المرأة في المجتمع، ويريد أن يقلل من معاناتها في إطار نفس المنظومة، وسلطوي بمعنى: أنه ينحو لاستخدام الأداة القمعية أو الأداة العقابية للدولة، على سبيل المثال: لجأت الحكومة إلى تغليظ العقوبة في تهرب الآباء من دفع النفقات؛ لأن الدولة نفسها سياستها تقشفية، ولا تريد صرف أي جنيه للمجتمع.
وطالبت وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية بسرعة إصدار قانون للأحوال الشخصية، يصلح للواقع والمتغيرات الاجتماعية؛ كما طالبت بضرورة أن يقر القانون بالولاية المشتركة بين الأب والأم، وبالتساوي الكامل في المراكز القانونية حال الحياة المشتركة، أو بعد انتهائها سواء بالانفصال أو الوفاة.
أما فيما يتعلق بعلاقة الزوجين ببعضهما البعض، فترى عيدروس أن مفهوم الطاعة الذي يقره قانون الأحوال الشخصية المطبق حاليًّا مفهوم خطر، وعفا عليه الزمن، وغير واقعي: "لا بد أن يكون هناك نوعين من الطلاق: للضرر، أو غير الضرر، إلى جانب ضرورة أن تكون النفقة التي تحصل عليها المرأة مقابل ما بذلته من مجهود أثناء الزواج، وليس مقابل عيشتها في منزل الزوج".
المواطنة ومنظومة الأحوال الشخصية:
وفقًا لورقة بحثية صادرة عن مؤسسة "الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية" بعنوان: "معضلات قوانين الأحوال الشخصية المصرية"، يندرج تحت مفهوم الأحوال الشخصية أحكام الزواج والطلاق والنفقة والطاعة والعدة والولاية على النفس (الحضانة) والمال والمواريث وغيرها. وتستمد تلك القوانين أحكامها من الشريعة الإسلامية، وفقًا للدساتير السابقة والدستور الحالي، كما تطبق الكثير من تلك الأحكام على المسلمين وغير المسلمين على حد سواء؛ فتطبق الأحكام الخاصة بالتزامات الزوجين من الطاعة والنسب على المسلمين وغير المسلمين، ذلك بالإضافة إلى انطباق قانون المواريث كقاعدة عامة على كل المصريين باختلاف دياناتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تُتخذ الشريعة الإسلامية كنقطة انطلاق لتحديد مدى تطبيق شرائع غير المسلمين عليهم ونطاق انطباقها؛ كما تتخذ أيضًا كنقطة انطلاق لتحديد ما هي الطوائف غير المسلمة المعترف بها ابتداءً؛ وذلك لمنحها الحق في ممارسة شعائرها بشكل قانوني، مع الاحتكام لشرائعها في الأحوال الشخصية. والقاعدة هنا هي الاعتراف بالمسيحيين واليهود فقط، دون الاعتراف بكل الطوائف المسيحية في تطبيق
شرائع غير المسلمين. يعترف فقط الطوائف التي كان يُنظِّم أحوالها مجلس ملي تأسس قبل عام 1955. ولذلك هناك طوائف من المسيحيين واليهود غير معترف بها، ومجموعات خارج الاعتراف تمامًا كالبهائيين مثلا. فتحديد الأديان المعترف بها يكون طبقًا لمعيار السماوية بالنسبة للإسلام، وترسخ هذا المفهوم بشكل أكبر بمقتضى دستور عام 2014، الذي قرر في مادته الثالثة أن المسيحيين واليهود فقط لهم حق الالتجاء لشرائعهم.
ولهذا ترى إلهام عيدروس وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، أن منظومة الأحوال الشخصية، الممثلة في القانون العام للمسلمين، ولوائح الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية، أصبحت منافية للواقع الحالي سواء اقتصاديًّا أو ثقافيًّا أو اجتماعيًّا؛ وذلك لأن المجتمع المصري أصبح متنوعًا جدًّا وتغيرت الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، كما تغيرت أوضاع الرجال والنساء، وبالتالي المنظومة أصبحت غير ملائمة.
وأضافت عيدروس: "الحل من وجهة نظري هو في استكمال المهمة التي تأخرت فيها مصر 75 عامًا تقريبًا، وهي استكمال القانون المدني المصري الصادر عام 1948، وهو يعتبر تأسيسًا للدولة الحديثة".
وأوضحت الناشطة النسوية أن القانون بصدد الإصدار، وينقصه فصل واحد، وكان ينظم جميع الجوانب المدنية للمصريين ما عدا الأحوال الشخصية، على أساس أن قوانين المسلمين والمسيحيين للأحوال الشخصية صدرت قبله بعشرين عامًا أو أكثر.
إذن فهناك ضرورة أن يستكمل القانون المدني المصري، ولتكن منظومة اختيارية لمن يرغب؛ لأن هناك فئاتٍ في مصر لا يوجد قانون ينظم حيواتهم الخاصة، مثل: البهائيين على سبيل المثال – تقول عيدروس.
وأوصت الورقة البحثية المشار إليها بأنه ينبغي إعادة النظر في منظومة الأحوال الشخصية بشكل عام لكافة الأديان الموجودة في مصر، ولكن في ضوء التمييز والعنف الذي تواجهه النساء في مصر، وفي ظل التغيرات المجتمعية التي طرأت على النساء اقتصاديًّا واجتماعيًّا منذ نشأة تلك القوانين التي ترجع أعمارها إلى ما يقارب القرن من الزمان، تلك المراجعة يمكن أن تشمل عدة مستويات، أولًا: الخلفية لتلك القوانين، فينبغي أن تكون قوانين الأحوال الشخصية مقررة لكل المواطنين بغض النظر عن دينهم؛ أي: استنادًا إلى مبدأ المواطنة.
كما أشارت الورقة إلى أهمية أن تكون القوانين المنظمة للأحوال الشخصية؛ سواء للمسلمين أو للمسيحيين، منظمة في قانون واحد كقواعد موضوعية، وأخرى إجرائية، فهذا التشتت القانوني وتعدد القواعد التي تحكم نفس المسألة، يحرم المواطنين من التيقن القانوني، ومعرفة الحقوق المقررة لهم على وجه الدقة.
فقد يؤدي تناثر القوانين بين القوانين والأحكام القضائية المختلفة، إلى تضارب الأحكام القضائية التي تحكم في نفس نوع النزاع، كميراث المسيحيين على سبيل المثال.
وختامًا: أكدت الورقة على ضرورة الالتفات لوجود أفراد منتمين لطوائف دينية أخرى غير الإسلام والمسيحية، كالبهائيين، واللادينيين، وحتى الطوائف الصغيرة داخل المسيحية كشهود يهوه، وأن من دور الدولة الاعتراف بحقوق هؤلاء الأفراد في الاستناد إلى قانون مدني ينظم أحوالهم الشخصية؛ لأنه من غير العادل تمامًا تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم في ظل عدم اعتناقهم لها؛ لأن ذلك يتنافى مع حرية العقيدة
المقررة دستوريًّا.