غزة تقاوم

إيفيزا لوبين

الحرب ضد معاداة السامية في ألمانيا - الجزء الثاني

2024.05.18

مصدر الصورة : الجزيرة

تمت الترجمة بواسطة: حماية الحياة اليهودية أم إسكات الأصوات المؤيدة للفلسطينيين؟

حماية الحياة اليهودية أم إسكات الأصوات المؤيدة للفلسطينيين؟

ترجمة: نهى مصطفى

في التاسع من نوفمبر، ذكرى "ليلة الزجاج المكسور" -كما يطلق على مذابح نوفمبر 1938، التي كانت بمثابة بداية المحرقة- قدم الائتلاف الحاكم للحزب الديمقراطي الاشتراكي والليبراليين (SPD) ، والحزب الديمقراطي الحر (FDP)، وحزب الخضر اقتراحًا شاملًا لإصدار قرار بعنوان "تحمل المسؤولية التاريخية، حماية الحياة اليهودية في ألمانيا"، والذي هو قيد المناقشة حاليًّا في اللجان الفرعية للبوندستاج. 

وتحت ذريعة مكافحة معاداة السامية في ألمانيا، يتضمن هذا الاقتراح 51 إجراءً مقترحًا ومبادرة تشريعية "للمطالبة بشكل فعال وبشكل لا لبس فيه بحق إسرائيل في الوجود على جميع المستويات، في جميع أنحاء المجتمع، وللدفاع بحزم عن أمن إسرائيل". والأمر اللافت للنظر هو حقيقة أن الإجراءات المعلنة ليست موجهة ضد شبكات النازيين الجدد، التي كانت مسؤولة عن معظم الجرائم المعادية للسامية، بل ضد يسار ما بعد الاستعمار ومجتمعات المهاجرين، وخاصة من الدول العربية والإسلامية الأخرى. 

تمثل التدابير قيد المناقشة تعديًا غير مسبوق على حرية التعبير والتنظيم والتجمع. وتحت ذريعة مكافحة معاداة السامية، تشهد ألمانيا تحولًا جذريًّا نحو اليمين وتراجعًا عنصريًّا؛ فالقيود المفروضة على حقوق المهاجرين أو طالبي اللجوء -والتي كانت في السابق مواقف معزولة لليمين المتطرف- أصبحت فجأة مقبولة لدى التيار السياسي السائد.

ونتيجة لهذا القرار، سيصبح عمل التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست أساسًا لسلطات تنفيذ القانون، ومعيارًا لتوجيهات المنح والتمويل. ويدعو إلى مراجعة القانون الجنائي وقانون التجمع لتحديد الثغرات المحتملة في المسؤولية الجنائية. بالإضافة إلى ذلك، تتم دراسة فرض حظر على أنشطة حركة المقاطعة و/أو المنظمات التي تروج لمقاطعة إسرائيل. سيُطلب من جميع المستفيدين من تمويل الدولة الاشتراك في تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية، وخاصة ما يسمى "معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل"، وسيتم تطبيق ذلك على المشاريع الثقافية والتعليمية داخل ألمانيا، وكذلك على شركاء التعاون مع المؤسسات الألمانية في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الدول العربية والعالم الإسلامي الأوسع.

في ديسمبر 2023، قطعت ألمانيا تمويل برنامج مكافحة الاتجار بالبشر الذي يديره مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية، بعد أن انتقدت مديرة المركز، عزة سليمان، إسرائيل، ودعت إلى وقف الهجوم على غزة. كما ألغت ألمانيا التعاون مع العديد من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية المعنية بحقوق الإنسان ، ويتم بالفعل فحص المزيد من المنظمات. تُستخدم تعريفات IHRA أيضًا لتأديب موظفي الخدمة المدنية. وكان أحد الأهداف البارزة هي مرجم صمد زادة، وزيرة الدولة لشؤون الاندماج في ولاية شليسفيج هولشتاين الفيدرالية، وفي أكتوبر الماضي، تمت إقالة صمد زادة من قبل الوزيرة المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية أميناتا توري (حزب الخضر). جريمتها: قامت بإعادة نشر والإعجاب بمنشور على حسابها الخاص على موقع إنستجرام ينتقد الهجوم الإسرائيلي على غزة.

منذ 7 أكتوبر، أصبح الفلسطينيون وغيرهم من العرب، وكذلك المجتمعات الإسلامية في ألمانيا، تحت الشكوك العامة الجماعية بشأن معاداة السامية، وهو ما يسمى "معاداة السامية المستوردة". ووفقًا للبوندستاج، فإن الالتزام الواضح بحق إسرائيل في الوجود سيكون شرطًا أساسيًّا للحصول على الجنسية الألمانية. بالنسبة لأولئك الذين يقيمون بشكل قانوني في ألمانيا، يتم التخطيط لمجموعة كاملة من التدابير لإعادة التعليم. سيتم دمج ثقافة الذكرى الألمانية وتاريخ وثقافة إسرائيل في مناهج دورات الاندماج، وكذلك في اختبار التجنس الإلزامي. مطلوب من جمعيات المساجد أن تلعب دورًا نشطًا في مكافحة معاداة السامية والعداء تجاه إسرائيل، وفي حالات الشك، سيتم معاقبة المواطنين الأجانب المتهمين بارتكاب جرائم معادية للسامية بعقوبات استثنائية: قد يواجهون الترحيل، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، فقد يتعرضون لقيود الإقامة، أو حظر العمل، أو تخفيض المزايا الاجتماعية، أو رفض لم شمل الأسرة. خلال الأشهر الأخيرة، سارع الائتلاف الحاكم إلى تمرير القوانين التي تقيد الحق في اللجوء، والتي واجهت في الماضي مقاومة من المعسكر الديمقراطي الليبرالي والاجتماعي.

ينتشر جوُّ المكارثية على نطاق واسع في ألمانيا. لقد اعتاد مفوضو معاداة السامية ومجموعات العمل المؤيدة للصهيونية ومراكز الفكر وكذلك بعض وسائل الإعلام الرئيسة على التدقيق في السيرة الذاتية لكل فنان عالمي أو أكاديمي تتم دعوته إلى ألمانيا؛ من أجل التحقق مما إذا كان قد قام/ قامت بإبداء أي انتقاد لإسرائيل. ونتيجة لذلك، تعزل ألمانيا نفسها بشكل متزايد عن المشهد الثقافي الدولي، الأمر الذي لم يمر دون أن يلاحظه أحد من قبل الصحافة الدولية. في أوائل يناير 2024، لاحظت مجلة الإيكونوميست ساخرة: "ما هو الشيء المشترك بين شاعر هندي، وعالم سياسة أسترالي، وفرقة شعبية أيرلندية، ومعماري بريطاني، ومصور بنجلادشي، ومؤرخ أمريكي للمحرقة، وملحن تشيلي، وكاتب مسرحي إسرائيلي- نمساوي، لاعب كرة قدم هولندي، وصحفي ألماني- نيجيري، وروائي فلسطيني، وفنان من جنوب إفريقيا، وبيرني ساندرز، السيناتور الأمريكي؟".

وجد جميعهم -وكثيرون غيرهم أيضًا- أنفسهم مرفوضين في ألمانيا في الأشهر الثلاثة الماضية، والسبب ربما قال أحد هؤلاء الأشخاص الذين تم رفضهم شيئًا قد يعتبره شخص ما معاديًا للسامية. حتى مؤسسة روزا لوكسمبورج اليسارية اضطرت إلى إلغاء دعوة زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين المعروف بمواقفه المؤيدة للفلسطينيين، والذي تمت دعوته لحضور ندوة لمدة ثلاثة أيام حول الإصلاحات الاجتماعية الجذرية في أوروبا، بعد أن اعترض على حضوره المكان الذي ستعقد فيه الندوة ، مسرح برلين فولكسبونه الشهير.

حتى الأحداث غير السياسية تمامًا وقعت ضحية للرقابة والرقابة الذاتية. أزالت القناة التلفزيونية الأولى الفيلم الكوميدي "واجب" للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر من جدول العرض، وألغَى معرض بيكسلجرين في برلين معرض المصور رافائيل مالك المقيم في برلين حول حياة المسلمين "بسبب الوضع الحالي في الشرق الأوسط"، وبتبرير غامض مفاده أنه بدون أن يقوم المصور -على سبيل المثال- بتصوير الحياة اليهودية في برلين أيضًا، فإن المعرض لن يتم إقامته.

لا يوجد دليل أفضل على أن الحكومة الألمانية أقل اهتمامًا بحماية اليهود، ولكن بالدفاع عن روايتها المؤيدة للصهيونية من النسبة العالية من الفنانين والأكاديميين اليهود، الذين تم إلغاء حضورهم خلال الأشهر الماضية. بعد إعلان حركة "الصوت اليهودي من أجل السلام العادل في الشرق الأوسط" عن حدث بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه في مركز عيون الثقافي في منطقة نويكولن في برلين، قام مجلس الشيوخ (الحكومة الفيدرالية) في برلين على الفور بسحب التمويل الحكومي من المركز. ألغت الوكالة الفيدرالية للتربية المدنية ندوة للباحث الأمريكي مايكل روثبرج، والفنانة اليهودية الجنوب إفريقية كانديس بريتز حول "الذاكرة متعددة الاتجاهات"، وهو مفهوم طوره روثبرج، يضع الصدمات الجماعية مثل المحرقة والاستعمار وأشكال الإبادة الجماعية الأخرى فيما يتعلق بعلاقة الأحداث ببعضها، بدعوى "إضفاء طابع نسبي على المحرقة"، كما يقول صناع القرار الألمان.

رفضت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ساسكيا إسكين، مقابلة بيرني ساندرز، الذي كان في برلين لتقديم كتابه الجديد. كما تدعو حملة إلى تجريد مؤسِّسة نظريات النوع الاجتماعي جوديث بتلر من جائزة أدورنو المرموقة في مدينة فرانكفورت. القائمة يمكن أن تطول وتطول، وأحدث مثال: سحبت جامعة كولونيا عرض الأستاذية الزائرة للفيلسوفة اليهودية الأمريكية ذات الشهرة العالمية نانسي فريزر؛ لأنها -إلى جانب 400 أكاديمي آخر، بما في ذلك أسماء بارزة، مثل: أنجيلا ديفيس، وإتيان باليبار، وأليكس كالينيكوس، وجوديث بتلر- وقعت في نوفمبر 2023 على رسالة مفتوحة بعنوان: "الفلسفة من أجل فلسطين"، والتي -بحسب مدير الجامعة- كانت ستقلل من مسؤولية حماس عن أحداث 7 أكتوبر. كتبت الكاتبة الألمانية الأمريكية المقيمة في برلين ديبورا فيلدمان في تعليق ساخر نشرته صحيفة الجارديان البريطانية: "ألمانيا مكان جيد لتكون يهوديًّا إلا إذا كنت مثلي يهوديًّا ينتقد إسرائيل". وقد شهدت فيلدمان أيضًا إلغاء العديد من محاضراتها.

هذه مجرد أمثلة على حالات من المشاهير الذين تصدروا عناوين الصحف، وهناك المئات من الفنانين الشباب المستقلين والصحفيين والمقدمين والقيمين من خلفيات عائلية عربية أو مسلمة يجدون صعوبات في الحصول على أي عقد أو مهمة عمل، وتوقف آخرون عن الحديث علنًا خوفًا من الطرد من وظائفهم. أي تكريم لحنظلة ناجي علي على حساب شخصي على إنستجرام، أو أي منشور على فيسبوك يطالب بالحرية للفلسطينيين "بين النهر والبحر" يمكن أن يؤدي إلى تهم جنائية. ولم يمر هذا دون أن يلاحظه أحد حتى في وسائل الإعلام الغربية الرئيسة، على سبيل المثال: تتحدث صحيفة نيويورك تايمز عن "مناخ من الخوف والاتهامات العشوائية" سيطر على العاصمة الألمانية، التي كانت حتى وقت قريب تفتخر بعالميتها ومشهدها الفني التعددي والإبداعي.

ضرب ألمانيا، وطنيًّا ودوليًّا: 

ومع ذلك، هناك أيضًا مقاومة متزايدة، داخليًّا ودوليًّا. وعلى الرغم من كل محاولات الترهيب، هناك عشرات المظاهرات كل أسبوع في جميع أنحاء ألمانيا ضد الإبادة الجماعية في غزة ودعم ألمانيا غير المحدود لإسرائيل. يتزايد انتقاد الجمهور الألماني لإسرائيل، أقلية من 18% فقط تؤيد العمليات الإسرائيلية في غزة، يتحدى معظم الألمان السرد المؤيد للصهيونية في وسائل الإعلام الرئيسة.

"ضرب ألمانيا" Strikegermany هو اسم النداء الذي أطلقه 1500 فنان وأكاديمي عالمي يدعو إلى مقاطعة المؤسسات التعليمية والثقافية الألمانية، يستنكرون أجواء الرقابة الشبيهة بالمكارثية، حيث "تقوم المؤسسات الثقافية بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، والالتماسات، والرسائل المفتوحة، والبيانات العامة، أو التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين". احتجاجًا على "دعم ألمانيا المطلق وغير المشروط" للتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، أعاد الفنان المصري محمد عبلة جائزة جوته، التي كانت قد مُنحت له في عام 2022 لدوره كوسيط بين مصر وأوروبا. تحت ضغط المشهد الثقافي في برلين -الذي يخشى العزلة دوليًّا- اضطر عضو مجلس الشيوخ عن الثقافة في برلين جو تشيالو (CDU) إلى سحب مؤقت لبند يجعل تمويل الفنون يعتمد على الاعتراف الصريح بتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست. برر تشيالو الانسحاب بمخاوف قانونية. وفي الواقع، اضطرت الهيئات الإدارية والشرطة في العديد من الولايات الفيدرالية إلى إلغاء الحظر المفروض على شعارات، مثل: "من النهر إلى البحر فلسطين ستتحرر" أو "إسرائيل فصل عنصري" بعد أحكام المحكمة.

تواجه الحكومة الألمانية الفيدرالية عدة محاكمات. رفع خمسة فلسطينيين من غزة، بدعم من فريق دولي من المحامين، دعوى قضائية ضد الحكومة الألمانية في المحكمة الإدارية في برلين؛ مدَّعِين أنه من خلال السماح بتصدير 3000 صاروخ مضاد للدبابات لاستخدامها في عمليات القتل والتفجيرات الجماعية، تكون ألمانيا قد انتهكت القانون الدولي، وكذلك قوانين تصدير الأسلحة الخاصة بها. وفي خلال ذلك، يتعين على ألمانيا أيضًا الرد على محكمة العدل الدولية في أعقاب لائحة الاتهام التي وجهتها نيكاراجوا، وتتهم نيكاراجوا ألمانيا بدعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة من خلال صادرات الأسلحة، وبالتالي انتهاك الاتفاقية الدولية للإبادة الجماعية التي تلزم كل دولة عضو في الاتفاقية بمنع الإبادة الجماعية بشكل فعال.

إسرائيل وبناء الهوية الألمانية: 

ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تتفاعل قطاعات سياسية وقطاعات واسعة من النخبة الأكاديمية والإعلامية، وصولًا إلى قطاعات واسعة من اليسار السياسي، بشكل هستيري تجاه أي انتقاد لإسرائيل؟ أحد العوامل التي سبق ذكرها، ولكنها ليست كافية، هو تبرير المصالح الاقتصادية والإستراتيجية. لكن هذه ليست الصورة كاملة، فمنذ إعادة توحيدها، تقدم ألمانيا نفسها كقوة دولية رائدة داخل أوروبا، ألمانيا هي الدولة الأكثر سكانًا والأقوى اقتصاديًّا داخل الاتحاد الأوروبي وعلى المسرح الدولي، بما في ذلك الطموحات الألمانية للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد أثار هذا مخاوف من إعادة تنشيط الإمبراطورية الألمانية بين العديد من الدول المجاورة، فما زالوا يتذكرون أن ألمانيا تتحمل مسؤولية حربين عالميتين دمرتا أجزاء كبيرة من أوروبا، وتسببتا في مقتل ما يقرب من 80 مليون أوروبي. وتحاول ألمانيا مواجهة هذه المخاوف من خلال الانخراط النقدي المكثف مع تاريخها، مدعية أنها تعلمت الدرس من ماضيها.

واليوم تصور البلاد نفسها على أنها رائدة سياسة تسترشد بالأخلاق، وتحمل -بحماسة تبشيرية تقريبًا- مفاهيمها الخاصة بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق المرأة إلى العالم. ركزت ثقافة التذكر الألمانية على إحياء ذكرى مقتل اليهود الأوروبيين. لقد أفسحت معاداة السامية الألمانية الطريق لتتحول 180 درجة إلى محبة السامية المنتشرة، والتي تحمل في حد ذاتها سمات معادية للسامية من خلال تصويرها النمطي لليهود. يسير هذا جنبًا إلى جنب مع النزعة التحريفية التاريخية، التي تدعي وجود حضارة أوروبية يهودية مسيحية مشتركة، على الرغم من تاريخ يمتد لأكثر من ألف عام من اضطهاد اليهود من قبل الكنيستين الأوروبيتين الرئيستين. واليوم تقترح ألمانيا أن ذنب جيل الآباء والأجداد يمكن التعويض عنه من خلال الدعم غير المحدود لإسرائيل، والذي يتم تأطيره باعتباره تجسيدًا جماعيًّا لليهود الذين اضطهدهم النازيون. وقد علق الكاتب الألماني المولود في إسرائيل، تومر توتان دريفوس، بشكل مناسب على هذه الطريقة الألمانية المحددة للتعويض عن الذنب التاريخي بقوله: "الألمان جيدون جدًّا في التذكر وتقديم التعويضات، طالما أنهم لن يدفعوا ثمن ذلك، ليس هناك من يجب أن يتنازل عن أرضه من أجل ذلك، هناك من يقدمون أنفسهم كأبطال عالميين في مجال الذاكرة وثقافة الذاكرة. ومن ناحية أخرى، فقد حولوا ثقافة الذاكرة إلى عوالم يمكنهم من خلالها العثور على قوميتهم مرة أخرى. القومية الألمانية اليوم تتمحور حول دعم إسرائيل". إن أي تذكير بأن إعلان وتاريخ إسرائيل قد سارا جنبًا إلى جنب مع المجازر والتطهير العرقي لفلسطين، وما زالا يفعلان ذلك حتى اليوم، يقوض هذه الصورة الذاتية للنخبة الألمانية، التي تشير اليوم إلى أنها تقف في الجانب الجيد دون قيد أو شرط. 

وتختتم ديبورا فيلدمان بالقول: "كانت ألمانيا بحاجة إلى إسرائيل؛ لبناء هوية جديدة".