الأقباط والعمل الأهلي
إسحاق عزيزالملك فؤاد وأزمة اختيار البابا يؤانس – الجزء الثاني
2024.12.21
مصدر الصورة : ويكيبديا
انتخاب يؤانس بطريركًا
اُتخذت الخطوة الأخيرة التي جلس بها يؤانس على كرسي الرئاسة عندما أعد توفيق دوس مشروعًا سريعًا للائحة مؤقتة صدر بها الأمر الملكي في أول ديسمبر 1928. وتضمنت اللائحة وجوب الإسراع بانتخاب البطريرك وأن تؤلف جمعية الانتخاب من جميع المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة (24 شخصًا)، وأعضاء المجلس الملي ونوابه (24 شخصًا)، وأعيان من الطائفة حُددوا بالاسم منهم وزراء سابقون وأعضاء في البرلمان ووجوه معروفة. ومن ثم حصر توفيق دوس ومن ورائه الملك الناخبين في ثلاث فئات فقط: الوزراء السابقين والحاليين، أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب السابقين والحاليين، أعضاء المجلس الملي العام دون المجالس الفرعية بالإضافة إلى أعضاء المجمع المقدس وبعض العلمانيين تخيرهم الملك بنفسه أيضًا. وتحدد 7 ديسمبر موعدًا لإجراء الانتخابات[1].
جرت انتخابات البطريرك بعد أن حضر 85 نائبًا من أصل مئة لهم حق الانتخاب، وتمت بين خمسة مرشحين منهم القمص يوحنا سلامة -الذي سبق له الزواج- وكانت النتائج كالتالي: يوأنس 70 صوتًا، ويوحنا سلامة تسعة أصوات وحبيب جرجس (علماني) مدير الكلية الإكليركية صوتين، وحنا الأنطوني (راهب) صوتين، والأنبا بطرس (مطران أخميم) صوتًا واحدًا. ويقول المستشار جندي عبدالملك إن الانتخابات تمت في جو من التوتر، وشكوك في سرية الاقتراع، إلا أن الأمر الملكي بتنصيب يوأنس بطريركًا صدر بالفعل في 9 ديسمبر 1928[2].
لقد كان الملك فؤاد يميل إلى أن يفوز الأنبا يؤانس بالسدة المرقسية بأي شكل حتى لو بالتحايل على القانون والخروج على التقاليد الكنسية ومنع أي معارضة قبطية في تعيينه بطريركًا[3]. ومن المعروف أن الملك عندما كان يعمل في أمر كهذا لم يكن يظهر مباشرة کطرف سافر، إنما يعمل من خلال وسطاء. وكانت الشواهد تشير إلى رجلين معروفين بنشاطهما في تأييد يؤأنس. أولهما الأمير عمر طوسون والآخر هو توفیق دوس الذي عرف عنه نشاطه الواسع انتصارًا ليؤانس[4]. وكان دوس محاميًا كبيرًا وعلى علاقة قوية بالبطريركية والأديرة إذ كان وكيلًا عن أوقاف الأديرة، وقد عرف أن أسقف الدير المحرق أنفق من أموال الدير ألفين من الجنيهات في حملات انتخاب توفيق دوس للبرلمان سنة 1926. ويقول راغب إسكندر وراغب مفتاح إن دوس كان يستفيد كثيرًا من وكالته من هذه الأوقاف ويتقاضى منها مبالغ كبيرة، لذلك مكنته علاقته المزدوجة بالملك والبطريركية من أن يلعب دوره الكبير، وكان يحضر اجتماعات المطارنة ورؤساء الأديرة، كما عُرف أنه حضر اجتماع المجلس الملي عشية صدور الأمر الملكي بتشكيل جماعة الناخبين للبطريرك، وهو الاجتماع الذي انقسم فيه المجلس حول إنشاء لجنة أوقاف الأديرة ما أدى ببعض الأعضاء إلى تقديم استقالاتهم[5].
أما سبب مؤازرة الملك ليؤانس، فالملاحظ بشكل عام سعي الملك الدائم إلى السيطرة على المؤسسات الدينية، وإذا كان الوفد خصم الملك قد كسب جمهرة الأقباط بدعمه لمبدأ الجامعة الوطنية، فلم يكن الملك بنزوعه إلى الغطاء السياسي الديني ليتجه إلى القبط إلا من خلال كنيستهم، كما يتجه إلى المسلمين من خلال الأزهر. فمن المنطقي عندما يلحظ الملك نزاعًا بين الكنيسة كهيئة دينية وبين المجلس الملي كهيئة علمانية منتخبة أن ينحاز إلى الهيئة الأولى. كما كانت حكومات الأقليات دائمًا تمالئ رجال الدين، وكان الملك يصدر في تعامله مع الكنيسة عن مثل ما يصدر عنه مع الأزهر من الانتصار للاتجاه المحافظ، وكانت اللوائح التي تصدر في عهود الأقليات تميل إلى التوسعة في سلطات رجال الدين والتضييق مع المجلس الملي. هكذا كان تأييد السراي ليؤانس وحرصها على نجاحه وتنظيم لائحة الانتخاب بما يكفل ذلك، كما كانت ميول البطريرك بالطبع تميل نحو السراي[6].
وثمة مشكلة يُظهرها هذا السياق، عندما يؤيد الإنجليز مرشحًا، ويؤيد الملك مرشحًا آخر، ويبدو من الوهلة الأولى أن كل هذا الصراع الذي احتدم، كان وراءه هذان الظهيران. لكن الحاصل أن السياستين الملكية والإنجليزية بعد فترة من التباعد النسبي -في نطاق حلفهما المضروب- في نهايات حكم زيور وحكم الائتلاف، قد سارتا إلى التلاقي بعد وفاة سعد زغلول. وتلاقت السياستان قبل أن ينتصف عام 1928 مع إقالة وزارة النحاس ووقف البرلمان وقيام حكم الأحرار مستندًا إلى سلطة الملك، وجاءت انتخابات البطريرك في هذه الفترة عينها، وعُرف علنًا تدخل الملك فيها من منتصف 1928 تقريبًا.
وإذا قيل إن مسألة البطريركية من المسائل الجانبية التي يمكن الخلاف بشأنها بغير أن يتأثر أو يتهدد السياق السياسي العام، فإن الصراع وصل فيها إلى درجة عالية من الاحتدام، وأن كلًّا من الظهيرين قد ظهر موقفه للعيان بحيث بات من المنطقي أن ينظر كل من السراي والإنجليز إلى نتيجة الصراع على أنها مجال لوزن القوة وقياس النفوذ، وما يحتاج إلى نظر هنا، أنه في نطاق العلاقات الإنجليزية الملكية، كان الأقوى هو الطرف الخاسر في هذه المسألة، لذلك فإن أغلب الظن إما أن رغبة الإنجليز لم تكن رغبة حقة، وإما أنهم لم يستعملوا كل سلطانهم لإنفاذ رغبتهم لسبب ما.
ويذكر الأستاذ إبراهيم فرج في لقائه أن يوحنا كان ذا ثقافة إنجليزية وعاش كثيرًا في جو الحكم الثنائي في السودان وكان عمله يقتضيه الاتصال بالجهات الرسمية، فعلقت به تلك الصفة وصارت في غير صالحه. وبدأ المعارضون لترشيح القمص يوحنا سلامة توجيه حملاتهم ضده واتهموه بتهمة التودد إلى الإنجليز، ووصلت هذه الاتهامات إلى مسامع الملك فؤاد حاكم مصر فاستدعى توفيق دوس وزير المواصلات واستوضح حقيقة ما سمع، أجابه الوزير: "أنتم تعرفون يا مولانا أن الدعايات لا تعرف التعفف. وتعرفون كذلك من قراءاتكم الكثيرة أن باباوات القبط أوفياء لوطنهم وحكومتهم على مدى الأجيال". فقال الملك: "نحن الآن في موقف شديد التوتر مع الإنجليز فلا داعي إلى انتخابات قد تأتي بشخص يقال عنه إنه مشايع للإنجليز وأنا أعرف الأنبا يؤانس شخصيًّا وأقدره ويهمني أن يكون على رأس الكنيسة في الوقت الحاضر". اعترض توفيق قائلًا: "إن القانون الكنسي القبطي لا يجيز للمطران أن يعتلي الكرسي البابوى". ولكن مع إصرار الملك وافق توفيق دوس وبدأت الترتيبات لتحقيق رغبة الملك[7]. ومن ثم كان من صالح رجال السراي في تأييدهم ليؤانس أن يصوروا الأمر على أساس أن سبب تأييدهم ليؤانس هو الاعتبار الوطني المتعلق بصلة يوحنا بالإنجليز.
ويذكر الأستاذ راغب مفتاح الذي عاصر تلك الفترة، وساهم بقسط وافر في المعركة الانتخابية، وكان أكثر احتكاكًا بالتيارات المختلفة داخل الكنيسة من احتكاك رجال السياسة بها، وكان من المتحمسين للإصلاح وأيد يوحنا سلامة ضد يؤانس، أن الملك فؤاد كان يميل إلى يؤانس، وأن من أعضاء المجمع المقدس ذاته من أيد يوحنا بسبب ضغط الحكومة تحقيقًا لرغبة الملك فضلًا عن المصالح الذاتية، ولم يكن لهذا البعض أن يخضع لضغط اللورد لويد غير الظاهر ظهور ضغط الملك، وأن المندوب السامي من جهة أخرى وعد حزب الإصلاح بمساعدته ليوحنا واستمر يؤكد وعده لأكثر من عام، وكان للمندوب السامي سلطان قوي على الملك فؤاد. وتوالت الأيام حتى صدر الأمر الملكي باختيار جماعة الناخبين في أول ديسمبر، فعرف الجميع من أسماء الناخبين أن الفوز معقود ليؤانس، فسارع المحيطون بيوحنا يتصلون ساخطين بلويد -من خلال جاردنر- فطمأنهم الأخير وأكد وعده أن يوحنا هو من سينتخب، ولكن انتخب يؤانس بعد ذلك بأسبوع واحد[8].
وذكر الأستاذ مفتاح أنه أدرك فيما بعد حقيقة سياسة لويد ذات الوجهين في هذه المسألة، إذ استمر يشجع أنصار يوحنا سلامة ويظهر تأييده لهم ويعدهم بالفوز، وفي الوقت نفسه يشجع الملك خفية على تأييد يؤانس، وأن لويد كان يقصد بهذا النشاط المزدوج إحداث انقسام بالكنيسة عن طريق فصل المستنيرين ومجموعة الإصلاح عنها. وذكر أن الأحداث التي تلت تعيين يؤانس تكشف عن هذا المعنى، فلم يكد يؤانس يظفر بالمنصب ويهزم جماعة الإصلاح وخاصة جماعة إبراهيم لوقا، حتى أرسل لويد رسالة عن طريق جاردنر يقترح فيها على لوقا أن ينضم أنصاره إلى الكنيسة الأسقفية، فلما استلم لوقا الرسالة -وكان غاضبًا من الفشل- عقد اجتماعًا حضره نحو خمسين شخصًا منهم الأستاذ مفتاح، وطلب لوقا إليهم الانفصال عن الكنيسة الأرثوذكسية، فاعترض عليه راغب مفتاح، واستجاب جمهور الحاضرين لراغب مفتاح في هذا الموقف، وأكد مفتاح أن هذه كانت رسالة موجهة من لويد رأسًا، وذكر أنه قاطع لوقا نحو ستة أشهر ثم حاول لوقا أن يسترضيه فشرط عليه راغب ألا يدخل السياسة في الدين فوعده لوقا بقطع علاقته بالإنجليز ولكنه لم يفِ بالوعد، فعادت القطيعة[9].
وكان مما يشير إلى الاجتماع الذي عقده لوقا للانفصال عن الكنيسة، أن صحيفة مصر نشرت في 10 ديسمبر 1928 بعد تعيين يؤانس، برقية أرسلها راغب مفتاح إلى يؤانس قال فيها: "لن أعترف بك بطريركًا ولن أنفصل عن كنيستي وأعدك أنت منفصلًا عنها بحكم قوانينها"، وخلال انتخابات المجلس الملي في 1939 أصدر راغب مفتاح بيانًا حكى فيه عن مطالبة لوقا الانفصال عن الكنيسة ومعارضة راغب له، وتحدى إبراهيم لوقا في صحة هذه الحكاية، وأن طلب الانفصال كان بناء على طلب "جهة أجنبية"، وأن راغب حذر لوقا بعدم مزج الدين بالسياسة وأن مفاوضات جرت بين لوقا وبين إرسالية أجنبية، لتعيينه قسيسًا بها، وصدر بيان آخر آنذاك حكى أن لوقا ذكر في الاجتماع الذي عقده بمنزله عقب انتخاب يؤانس: "أنه حان الوقت للانفصال عن الكنيسة القبطية وتأسيس كنيسة مستقلة". وما يشير أيضًا إلى هذا الجانب، أنه منذ عهد كيرلس الخامس كانت ثمة محاولات لإرسال بعثات دينية قبطية إلى إنجلترا رحب بها أعضاء المجلس الملي، لكن لقيت معارضة من رجال الدين والمجمع المقدس في عام 1928، لأن ارسال هذه البعثة الدينية من شأنه إن تم أن يحقق رغبة الكنيسة الأسقفية التي ترمي دائمًا إلى إخضاع الكنيسة القبطية[10].
وفي ضوء فشل محاولات الكنيسة الأسقفية استيعاب الكنيسة القبطية، وانضمام الأقباط کشأن غيرهم من المصريين إلى الحركة الوطنية بقيادة الوفد ورفضوا حماية الإنجليز كدعوى رغب الاحتلال فيها لتبرير بقاءه في مصر، ورفض أغلبيتهم فكرة التمثيل النسبي عند وضع دستور 1923، وإذا كانت الكنيسة قد ظاهرت القبط في موقفهم الوطني على عهد كيرلس الخامس، فلعله يكون من المنطقي أن يفكر راسمو السياسة الإنجليزية بمعونة المبشرين الأسقفيين، في العمل على شق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لاستخراج فريق من الأقباط منها، وإذا لم تتمكن من ضم هذا الفريق إلى الكنيسة الأسقفية فسيكون على الأقل أقلية من أقلية تؤيد من الاحتلال. وكان أنجح الطرق لتحقيق هذا هو دعم الخلاف بين الأقباط ومظاهرة كلا الفريقين فيما يفرق بينهما، وليس خيرًا من تنصيب يؤانس عاملًا يظهر به المنشقون أمام جمهور القبط بمظهر الإصلاح والاستنارة.
وقد لا يكون لويد حرض الملك فؤاد على تأیید يؤانس، ولكن يكفي في ذلك أن يكون عالمًا بمظاهرة فؤاد ليؤانس وأن يتركه يفعل ويوحي له من بعيد بعدم الاهتمام أو عدم الممانعة، وهو أسلوب معروف من أساليب إدارة الصراع، بتشجيع أحد الجانبين وترك ردود الفعل المحسوبة تعمل عملها، وإن في هذه الصورة ما يجيب على التحفظ الذي أبداه المنقبادي وقت اشتداد الحركة الانتخابية، عندما قال إنه كان يلزم أن يختار رجال الإصلاح شخصًا لا يستطيع الإكليروس تجريحه[11].
والجواب أن الصراع بين يوحنا ويؤانس كان مما يرجى من ورائه النجاح لسياسة الاحتلال، فإذا فاز يوحنا فخيرًا، وإن فاز يؤانس المحافظ العنيد المشاكس للجماهير والإصلاح فقد أوجد فوزه المناخ الملائم لاستقطاب الموقف بين الطرفين واحتدام الخصومة ثم تحقيق الانفصال باسم الإصلاح. ولعل هذا يمكن أن يفسر اجتماع الكونتيننتال الذي عقد في 16 ديسمبر 1937، فالظاهر أن إبراهيم لوقا كان من المنظمين والموجهين الأساسيين، والظاهر أن البعض حضره على أساس أنه اجتماع لترشيح البطريرك ثم فوجئوا بأنه اجتماع لانتخابه، والظاهر أن هذا الخروج السافر عن نطاق الشرعية الكنسية بعقد اجتماع أهلي ينتخب فيه البطريرك وإعلان انتخاب يوحنا سلامة بطريركًا صراحة، كل ذلك كان ينطوي على ممارسة للانفصال أو ينطوي على الأقل على التمهيد لتلك الممارسة بإنشاء كيان موازٍ للمؤسسة القائمة يضفي عليه بعد ذلك نوعًا من الشرعية، لذلك غضب بعض الحضور وانصرفوا مقاطعين الاجتماع.
وتبقى الحقيقة أن وصول الأنبا يؤانس إلى السدة المرقسية جاء تحقيقًا لإرادة ملكية، حتى لو كانت هذه الإرادة تكسر التقاليد الكنسية وتأتي ببطريرك لا ترضاه جموع الأقباط. فقد كانت الضرورات السياسية تفرض نفسها وتبيح حتى إغفال التقاليد الكنسية، ليكون هذا الاختيار السياسي للبطريرك يؤانس خطوة أخرى نحو المزيد من التوافق والتماهي بين الكنيسة والدولة.
1- جرجس فيلوثاؤس، عثرة الكنيسة في القرن العشرين، ج1، القاهرة، 1930، ص 116، إيريس حبيب، مرجع سابق، ص 20، 25-26.
2- سليمان شفيق، الأقباط بين الحرمان الكنسي والوطني، ص 75.
3- جرجس فيلوثاؤس، مرجع سابق، ص 119-120، إيريس حبيب، مرجع سابق، ص 20، الأنبا سرابيون، مرجع سابق ص 7.
4- كان توفيق دوس من مؤسسي الأحرار الدستوريين. وكان عضوًا بلجنة الثلاثين التي وضعت دستور 1923 وعرف دفاعه فيها عن التمثيل النسبي للأقباط وانضمام يؤانس إليه في موقفه. طارق البشري، مرجع سابق، ص ص 429-430.
5- صحيفة مصر، 9،10،15، 16، نوفمبر 1928، جرجس فيلوثاؤس، مرجع سابق، ص 213.
6- طارق البشري، مرجع سابق، ص 430.
7- إيريس حبيب، مرجع سابق، ص 20 ، الأنبا سرابيون، مرجع سابق، ص 7.
8- طارق البشري، مرجع سابق، ص 431- 432، سميرة بحر: الأقباط في الحياة السياسية المصرية، مكتبة الأنجلو، 1979، ص 31.
9- طارق البشري، مرجع سابق، ص 432، إيريس حبيب، مرجع سابق، ص 38، سميرة بحر، مرجع سابق، ص 31.
10- طارق البشري، مرجع سابق، ص ص 432-433.
11- صحيفة مصر 17 ديسمبر 1927.