عربة التسوق

عربة التسوق فارغة.

هوامش

كوري روبن

حزب ديمقراطي جديد فوق أنقاض القديم

2025.10.27

مصدر الصورة : آخرون

حزب ديمقراطي جديد فوق أنقاض القديم

 

تشكّل قضية فلسطين محورًا يجمع بين طيف واسع من القواعد التي يسعى زهران مامداني إلى توحيدها في ائتلاف جديد، لكنها في الوقت ذاته تفتح صدعًا واضحًا بينه وبين قيادات الحزب الديمقراطي التقليدية مثل أندرو كومو وتشاك شومر.

كنت قد تمكنت أخيرًا من قراءة الملف الطويل الذي كتبه أستد هيرندون عن زهران كوامي مامداني في صحيفة نيويورك تايمز، وأُوصي بقراءته. وقد لفتني على وجه الخصوص هذا المقطع:

«التقى جاسبارد بـ مامداني أول مرة في جنوب إفريقيا عام 2016، خلال العرض الأول لفيلم ديزني ملكة كاتوي، الذي تدور أحداثه في أوغندا وأخرجته والدته، ميرا ناير. قال جاسبارد إن الشاب البالغ آنذاك 24 عامًا أظهر ومضات من الكاريزما التي ستخدمه لاحقًا في دخوله عالم السياسة. وقارن فضوله وأسلوبه -نعم- بـ باراك أوباما نفسه. لكن قصة مامداني، شأنها شأن كثير من قصص أبناء المهاجرين من الجيل الأول، لا تنسجم بسهولة مع القوالب السياسية الأمريكية التقليدية مثل نظام الحزبين أو الإطار العرقي القائم على ثنائية الأسود والأبيض. إنه مزيج من عوالم متعددة: هندي، وأوغندي، وأمريكي، ومسلم، ونيويوركي في آن واحد».

قبل سنوات طويلة، عقب الحملة الأولى لبرني ساندرز، كتبتُ في نيويورك تايمز مقالة عن صعود الاشتراكية الديمقراطية في أمريكا. ما لفت انتباهي حينها هو ما يشدد عليه هيرندون الآن: الكيفية التي ينفصل بها الجيل الجديد من الاشتراكيين الديمقراطيين -في صور دقيقة ومتعددة- عن الدولة القومية، على المستويين المحلي والعالمي. وكتبتُ آنذاك: «المرشحون الشباب في اليسار اليوم يروون قصة صراع شخصي تتناغم مع رؤيتهم السياسية. فعل أوباما ذلك أيضًا، غير أن قصته عززت أسطورة الهوية الوطنية والاحتواء، بينما تحكي قصص الاشتراكيين عن الرأسمالية والإقصاء: كيف حُرم جيلهم، كجيل الألفية الذي يعاني من تدني الأجور وارتفاع الإيجارات وتراكم الديون، من وعد الحرية».

«قصص هؤلاء المرشحين اشتراكية لسبب آخر: أنها تنكسر عن الدولة القومية. فالإشارات الجغرافية عند ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز أو رشيدة طليب -المرشحة عن الدائرة الثالثة عشرة في ميشيجان- محلية لا وطنية، تستدعي ذاكرة الاستعمار الأمريكي والأوروبي بدلًا من وعد الحلم الأمريكي».

«رشيدة طليب تتحدث عن أصولها الفلسطينية وقضية فلسطين من خلال نضال الأمريكيين الأفارقة من أجل الحقوق المدنية في ديترويت، فيما ترسم أوكاسيو-كورتيز دوائر ديون تربط بين بورتو ريكو، حيث وُلدت والدتها، والبرونكس، حيث تعيش. أما قصة أوباما، التي شملت فصولًا من هاواي وإندونيسيا وكينيا، فقد انتهت بنغمة الانتماء - العائد الكوزموبوليتاني إلى أمريكا. في حين أن طليب وأوكاسيو-كورتيز لا تبديان اهتمامًا بتلك الخاتمة، ورفضهما لذلك الانتماء هو بدوره جزء من التراث الاشتراكي».

عندما أعود إلى تلك المرحلة، أرى الآن أنني كنت أكتب ما هو أقرب إلى الأمل أو الرغبة أكثر من كونه واقعًا متحققًا، لكنني لا أعتقد أنني كنت مخطئًا تمامًا، إذ يبدو أن مامداني يحقق اليوم تلك الرؤية.

وهذا ما يجعل موقفه من فلسطين على درجة خاصة من الأهمية والتأثير. يقول هيرندون:

«"لن ينجح أي من هذا لولا حديثه الصريح عن غزة"، يقول جاسبارد، المسؤول السابق في إدارة أوباما، الذي شبّه موقف مامداني بمعارضة باراك أوباما لحرب العراق قبل انتخابات 2008. وأضاف أن جاسبارد لعب دورًا محوريًّا في ربط مامداني بعدد من الشخصيات النافذة في المدينة منذ الانتخابات التمهيدية، من بينهم الكاردينال تيموثي دولان، رئيس أساقفة نيويورك».

«بالنسبة إلى الناس العاديين، في حفلات الشواء أو على عتبات بيوتهم، فإن قضية غزة تمثل بوابة لمعرفة ما إذا كان في إمكانهم الترحيب بهذا السياسي في منازلهم للحديث عن السكن الميسّر أو التعليم أو الرعاية الصحية»، قال جاسبارد، مشيرًا إلى استطلاعات جديدة تظهر تراجع التأييد لإسرائيل بين الديمقراطيين. وأضاف: «لا يمكنك أن تبدأ النقاش في القضايا الأخرى إن لم تتخذ موقفك الواضح من غزة أولًا».

ليست فلسطين بالنسبة إلى مامداني مجرّد قضية عابرة أو شعار جيل جديد. فكما يوضح هيرندون، هي قضية تتقاطع مع القاعدة الانتخابية الجديدة التي يسعى إلى بنائها من المهاجرين والطبقة العاملة وكثير منهم من جنوب آسيا، ومن المسلمين والطلاب والمستأجرين وأصحاب الديون وغيرهم. لا توحّد فلسطين كل هذه الفئات، ولا تعبّر بالضرورة عن كل همومها، لكنها تخاطبها جميعًا، وفي مخاطبتها هذه تمثّل خطًّا فاصلًا بين نوع الحزب الجديد الذي يحاول مامداني تأسيسه، وذلك القديم الذي يحاول أندرو كومو وبيل أكمَن وهيلاري كلينتون وتشاك شومر وحكيم جيفريز التمسك به.